البوابة نيوز:
2025-04-30@01:06:37 GMT

وحدة الإنسانية وانشطار العالم

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

اختار وفد وزراء خارجية القمة العربية - الإسلامية المنعقدة بالرياض لإغاثة غزة وفلسطين أن يبدأ زياراته للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بزيارة الصين فروسيا فبريطانيا ففرنسا فالولايات المتحدة. وهذا عكس ما كان يجري سابقًا عندما كان سائر المطالبين أو المحتجين يبدأون بالولايات المتحدة بصفتها "زعيمة العالم الحر، والمؤتمنة على المبادئ والقيم المستقرة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

طالب وزراء الخارجية العرب والمسلمون ومعهم وزير الخارجية الصيني بثلاثة أمور رئيسية: وقف الحرب على غزة، والإمداد غير المحدود بالمساعدات لقطاع غزة المنكوب بالاجتياح الإسرائيلي، والسير باتجاه حل الدولتين ليحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة فتنتهي حالة النزاع المستعرة على فلسطين منذ مائة عام.

تتحدث سائر الأطراف هذه الأيام عن حل الدولتين بوصفه السبيل لإنهاء النزاع الرئيسي في الشرق الأوسط. لكنّ مبادرة القمة العربية - الإسلامية هي الرئيسية، لأنها تمثّل تصور أهل المنطقة والقضية. ولا يضاهيها في علوّ الصوت غير صرخات المنظمات الدولية والإنسانية المروَّعة بأحداث غزة، التي تبهظ كواهلها الكارثة الإنسانية بالقطاع. والجهتان: العرب والمسلمون، والمنظمات الإنسانية ما يزالون منتظمين تحت مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإنما يشكون من أمرين: ازدواجية المعايير، وتوقف المعايير عن التوجيه والنفاذ بسبب الصراع الدولي، والرؤية بالعين الواحدة!.

وما افتقدت المبادرة العربية - الإسلامية للتوازن. فبتقديم زيارة الصين (على الولايات المتحدة)، والالتزام بالقوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية في الوقت نفسه، احتجت على الانحياز الأمريكي والغربي مرتين، وراعت تحولات القوة في النظام الدولي. فالمعايير التي وضعها الغرب في ميثاق الأُمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا يراعيها ولا يحترمها الغرب نفسه؛ في حين تقول القوة العالمية الجديدة، ويقول أصحاب القضية إنهم يريدون إعادة احترام النظام الدولي من أجل الحق السياسي والإنساني، ومن أجل منع الحروب، وهي المهمة التي عجز مجلس الأمن عن القيام بها بسبب تبادل تعطيله من جانب القوى الكبرى.

هل تنجح المبادرة العربية - الإسلامية في وقف الحرب لاقترانها بالمبادرات الإنسانية الشاملة، وبالرأي العام العالمي؟ هناك إضافةً لذلك مبادرة جديدة من جانب جنوب أفريقيا، التي دعت لاجتماعٍ افتراضي للبريكس، وهو تحالفٌ بين اقتصادات كبرى غير غربية. في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وقد شارف الاستعمار على الزوال، ما عادت هناك غير مشكلتين: نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا حيث تحكم أقلية بيضاء كثرةً من السود، ومشكلة الاستعمار الصهيوني في فلسطين. لقد صار مانديلا رمزًا للنضال ضد الاستعمار والتفرقة العنصرية، يضاهي نموذجه نموذج غاندي وحركة اللاعنف بالهند. بالنضال سقط نظام التفرقة وزال، وصارت دولة جنوب أفريقيا إحدى أبرز الدول الحرة والجديدة في أفريقيا. وبهذا الميراث للتحرر الإنساني تنهض جنوب أفريقيا الآن من خلال البريكس لتتحدى استعمار الاستيطان والتفرقة والحرب في غزة وفلسطين. رئيس جنوب أفريقيا ما تحدى بمبادرته من أجل السلام في غزة وفلسطين الحرب على المدنيين فقط؛ بل تحدى أيضًا الاستثناء المتمثل في الحالة الإسرائيلية على حساب الشعب الفلسطيني. جدعون ليفي المسؤول السياسي والعسكري السابق في النظام الصهيوني، قال إنّ لهذا الاستثناء ثلاثة أركان: اعتبار كثرة في إسرائيل أنهم شعبٌ مختار لا يخضع للمقاييس الدولية والإنسانية - وتعدُّ تلك الكثرة أنّ الفلسطينيين أقلّ قيمةً منهم من الناحية الإنسانية - واستناد الإسرائيليين في تفوقهم المطمئن إلى الولايات المتحدة. جدعون ليفي رأى أنّ إسرائيل ضائعة لناحية الروح الإنساني ويطلب من الولايات المتحدة إنقاذها (!). رئيس جنوب أفريقيا في مخاطبته للبريكس رأى وجوب إسقاط الاستثناء، ولا يضع آماله في الولايات المتحدة المستسلمة. لإسرائيل من زمان؛ بل في المقاييس الإنسانية الدولية التي ينبغي إعادتها للعمل والنفاذ.

ما عاد أحدٌ يشكّك في وحدة الإنسانية، وإنما المشكلة في «انشطار العالم». وهو انشطارٌ يتجاوز مسائل الصراع بين الكبار، إلى قضايا القيم الحاكمة. كان إدوارد سعيد في الاستشراق، يرى أنّ المشكلة مع المستشرقين أنهم تجاوزوا قيم التنوير وخانوها في تعقيدات علائق السلطة بالمعرفة. بيد أنّ مدرسة التابع Subaltern ذهبت إلى أن المشكلة هي في قيم التنوير بالذات، التي صارت في أزمنة الاستعمار وما بعد حكرًا على الغرب المتألّه، الذي تصرف ويتصرف بمقتضى التفوق في علائق القوة، ويتحكم في مسائل الحق الإنساني بما يتجاوز حتى ازدواجية معايير. إنّ انشطار العالم حتى في مسائل شمولية القيم، الذي كشفت عنه الحرب على غزة التي صارت حربًا على المستشفيات والنازحين والأطفال، تمضي إلى أعمق أعماق الإنسان. هناك افتقاد شاسع للثقة ليس في النظام الدولي وحسب، بل وفي اعتبارات الخير والشر والصالح والطالح، والمساواة بين الناس. ولأنّ الأطفال يُقتلون من دون حساب، هناك كثيرون يحملون على التأملات الفلسفية وعلى الجدالات في الحق والباطل. إنّ لدينا هذه الرؤية لدى رئيس جنوب أفريقيا الذى يتحدث عن إسقاط الاستثناء، والعودة إلى المبادئ العامة للمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات، وفي ذهنه نظام التفرقة العنصرية القديم والذي كان سائدًا في جنوب أفريقيا، وأجزاء مختلفة من القارة الشقية. فلا بد من إنهاء الحرب على أطفال غزة كما تفرضه إنسانية الإنسان، ويفرضه القانون الدولي والدولي الإنساني. وولي العهد السعودي عاد فأكّد منطلقًا من مقررات القمة العربية - الإسلامية، ومن الشرعية الدولية وقراراتها، على ضرورة وقف الحرب على غزة، وإطلاق المساعدات الدولية في الغذاء والدواء والوقود، والسير باتجاه السلام العادل والدائم من حل خلال الدولتين.

يستطيع الفلاسفة أن يتابعوا تأملاتهم في الواجبات والضرورات، وفي مقاييس الفضائل والرذائل، وهي مفيدةٌ في النهاية، وليست تمرينًا لسانيًا وحسب. لكنّ المطلوب الآن إيقاف القتل وإيقاف التهجير وإيقاف العدوان على الإنسان والعمران.

كيف الخروج من «انشطار العالم»، الذي يقسم الناس إلى أبناء سيدةٍ وأبناء جارية، فلا تسري قيم وفضائل الإنسانية إلّا على السيدة وأبنائها!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: القمة العربية الإسلامية الصين الولایات المتحدة جنوب أفریقیا الحرب على

إقرأ أيضاً:

عاجل - محكمة العدل الدولية تبدأ جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين

تفتتح محكمة العدل الدولية اليوم الاثنين، أسبوعًا من جلسات الاستماع المخصصة لمناقشة التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، وذلك بعد أكثر من 50 يومًا من فرضها حصارًا شاملًا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، الذي يعاني من آثار الحرب المستمرة.

جلسات استماع من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي

ستبدأ الجلسات اليوم في محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في مدينة لاهاي الهولندية، حيث سيمثل ممثلو الأمم المتحدة في هذا الماراثون القانوني الذي يستمر لمدة خمسة أيام أمام هيئة قضائية مكونة من 15 قاضيًا.

المنظمات الأهلية الفلسطينية: قطاع غزة يعيش مجاعة حقيقية جراء حصار الاحتلال (فيديو) عاجل - قصف إسرائيلي يستهدف بلدة عبسان الكبيرة ويوقع 4 مصابين في قطاع غزة


وستكون دولة فلسطين أول من يدلي بمرافعته خلال معظم جلسات اليوم.

مرافعات 38 دولة على مدار الأسبوع

هذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها أمام المحكمة، من بينها الولايات المتحدة، الصين، فرنسا، روسيا، المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي.

الدعوة إلى اتخاذ تدابير إنسانية عاجلة

في ديسمبر الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا قدمته النرويج، يطلب من محكمة العدل إصدار رأي استشاري بشأن ما يتعين على إسرائيل القيام به لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.


القرار يدعو إلى تسهيل وصول الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء المدنيين الفلسطينيين دون عوائق من خلال وجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة.

الحصار الإسرائيلي وقطع المساعدات

تتحكم إسرائيل بشكل كامل في تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية لحياة 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة. 

ومنذ بداية الحصار في 2 مارس، قطعت إسرائيل المساعدات الإنسانية قبيل انهيار وقف إطلاق النار الهش في الثاني من الشهر نفسه.

محنة إنسانية تتفاقم في غزة

تعتبر الأمم المتحدة أن قطاع غزة يعاني من "أسوأ" أزمة إنسانية منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، خاصة بعد استئناف الهجمات الإسرائيلية في 18 مارس.
 

وقد أكد المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليبي لازاريني، في تصريحات سابقة أن الوضع في غزة يعد "مجاعة من صنع الإنسان وذات دوافع سياسية"، مشيرًا إلى أن نحو 500 ألف فلسطيني نزحوا منذ توقف وقف إطلاق النار.

الضغط الدبلوماسي على إسرائيل

على الرغم من أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونًا، إلا أن هذا الرأي من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل. في السابق، دعت محكمة العدل إسرائيل في يناير 2024 إلى منع أي أعمال إبادة جماعية وفتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في يوليو/تموز الماضي رأيًا استشاريًا اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "غير قانوني"، داعية إلى إنهائه في أقرب وقت ممكن.

مقالات مشابهة

  • أمام محكمة العدل الدولية جنوب أفريقيا: يجب محاسبة “إسرائيل” على جرائمها في قطاع غزة
  • جنوب أفريقيا للعدل الدولية: "غزة تحوّلت إلى جحيم مفتوح" وتدعو لمحاسبة إسرائيل
  • جنوب أفريقيا أمام العدل الدولية: يجب محاسبة “إسرائيل” على جرائمها في قطاع غزة
  • جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل: غزة تحولت إلى جحيم ويجب محاسبة إسرائيل
  • جنوب أفريقيا أمام «العدل الدولية»: غزة تحولت لجحيم ويجب محاسبة إسرائيل على جرائمها
  • عاجل - محكمة العدل الدولية تبدأ جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين
  • جلسات استماع في العدل الدولية عن التزامات إسرائيل الإنسانية بغزة
  • محكمة العدل الدولية تفتتح جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية
  • جلسات استماع بـ”العدل الدولية” حول التزامات إسرائيل الإنسانية بغزة
  • يا أحرار العالم، إن لِجنوب أفريقيا يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ