حكاية تونسي تغلب على عمى الألوان بألوان ترصد تفاصيل الحياة الشعبية
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
رغم أنه ولد مصابا بعمى الألوان، فإنه اختار "الألوان" كأسلوب حياة، وقام بدراسة الفنون الجميلة في تونس وألمانيا، إنه التونسي رشيد العلاّقي، يرصد دقائق الحياة اليومية والشعبية في تونس، ويعتبر ما يراه في أسفاره "كنزا" يظل في داخله.
ورغم أنه يقطن الآن في حي ميتوال فيل الراقي بالعاصمة تونس، فإنه يحتفظ بورشته الخاصة في حي باب الفلة الشعبي جنوب المدينة العتيقة حيث ولد عام 1940، إضافة لرواق دائم بمدينة كولونيا الألمانية على مقربة من نهر الراين، التي ذهب إليها عام 1961 لمواصلة دراسة فن الرسم في أكاديمية الفنون الجميلة.
وعلى جدران بيته لوحات ترصد دقائق الحياة اليومية في تونس مثل: لوحة بيع السمك بالطريقة التقليدية في جزيرة جربة، جنوب شرقي تونس، ولوحة العروس الشابة في موكبها التقليدي (من مدينة تابعة لولاية المهدية على شاطئ المتوسط شرق تونس)، وأخرى ترصد امرأة تحمل على رأسها قصعة كسكسي (من ضابط شرطة للولي الصالح سيدي بلحسن الشاذلي على الهضبة الجنوبية التي تطل على مدينة تونس العتيقة).
ويعود العلاقي إلى الحفر في الجذور بالرجوع إلى حي باب الفلة وأثره في اختياراته الفنية بالقول:" فعلا تأثرت بباب الفلة وأنا ابن باب الفلة، وفي صغري في حيّنا كانوا يبيعون التين الشوكي بالصندوق ويبيعونه مقشرا، وهذا لا يزال إلى الآن، وكذلك يبيعون البسيسة (أكلة شعبية تونسية تتكون من دقيق خليط من القمح والبقول المحمصة والمكسرات) والنساء تعد الخبز في البيت ويحملنه في أطباق للفرن الشعبي في الحي".
ويضيف بصوت يعكس الحنين إلى تلك الأيام "هذه الحياة الشعبية والأصالة الشعبية سيطرت عليّ وتركتني فنانا لا ينجز الطبيعة والبورتري ولا باقة الزهور ولا منظر البحر بل يبدع أعمالا حول ما يعيشه الناس توًّا وليس في القرون السابقة".
ويقول العلاّقي، "كان شغلي هو رصد ما يقع في الحياة اليومية، وبعد تفكير في أي اتجاه فني أختار بين الاتجاهات الفنية التي برزت للوجود منذ العصر الحجري إلى القرن الـ21، اخترت وأنا دارس الفن والعارف بأصوله وأسبابه وكل مدارسه، أن أصبح شاعرا ليس بالكتابة بل بالريشة".
ويبين أن اللوحة عندما تُرسم قد تبقى سنوات حتى تنجز، والفن التشكيلي يختلف عن الكتاب لان الكتاب يجب قراءته كله لفهمه ولكن اللوحة عندما يرسمها الفنان وحين تشاهدها في دقائق قليلة تفهمها.
ويعود الفنان العلاّقي إلى مرحلة البدايات في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بالقول: "أنا كنت العربي الأول الذي درس بمدرسة الفنون الجميلة بتونس، وكل زملائي كانوا فرنسيين وأجانب، مديرها بيار بورجون هو الذي جعلني شغوفا بالفن وأحبني كثيرا".
وأضاف "مدير المدرسة أعطاني دفترا صغيرا وقلما فحميا، وأمرني برسم أي شيء يعترضني، وبقيت على تلك العادة إلى اليوم عندما أجلس في مقهى أشكل تجسيما أوليا للوحة التي سأرسمها فيما بعد وتخلد المشهد".
وذكر العلاّقي أستاذه بمدرسة الفنون الجميلة هنري سعادة تونسي من قابس (جنوب شرق) كأحد الذين غرسوا فيه حب الرسم والبحث عن مواضيع حياتية يومية، وتابع "عند نجاحي في دراستي عام 1958 أهداني "فيسبا" (دراجة نارية إيطالية شهيرة) فذهبت إلى روما وتجولت بها في كامل أوروبا.
ويقول العلاقي عن مدرسة الفنون الجميلة بتونس، التي دخلها بتشجيع من شقيقه المهندس المعماري خميس العلاقي وتخرج منها عام 1958، ثم ذهب إلى ألمانيا عام 1961 لمواصلة دراسته لفن الرسم في أكاديمية الفنون الجميلة في كولونيا.
يقول "وجدت أساتذة شجعوني وأخذت فيها كل التقنيات العلمية للرسم، وبعد تخرجي اشتغلت أستاذا للرسم في عدة معاهد دولية، ثم اخترت إنشاء رواق خاص بي أشتغل فيه في كولونيا بألمانيا". إضافة لورشته في تونس.
وأضاف العلاّقي "ولدت مصابا بعمى الألوان ولكن المهنة والموهبة في القلب، وليست في العينين تغلبت على هذه الإصابة واخترت طريق الفنون الجميلة".
ويوضح العلاقي "أنا عندي مشكلة في ألوان لا أراها مثل الأحمر والأزرق وبين الأكحل (الكحلي) والأحمر وفي ألمانيا صعب وضع الأصفر بجانب الأكحل أو الأحمر بجانب الأزرق أنا تشجعت ووضعتها مع بعض وهذا أعطاني صبغة خاصة في ألمانيا".
و(عادةً ما يكون عمى الألوان موروثًا. والرجال على الأرجح يولدون مصابين بهذه الحالة من عمى الألوان).
ويعتبر أن موقع تونس أثر في اختياراته للألوان رغم إصابته بعمى الالوان يقول "أنا من مواليد البحر المتوسط، وفيه ألوان البرتقال والياسمين، والألوان الأولية الأبيض والأكحل (الكحلي) والأحمر والأزرق والأصفر".
وبين أن لكل لون لغة، فالأبيض للفرح، الأزرق للأمل، والأصفر للقطيعة، والأحمر للحب، والأسود للغضب.
وتابع "نحن بلد الشمس أكثر من 300 يوم مشمس بتونس في السنة أما في ألمانيا فكل شيء رمادي، الناس والمباني والسحاب رمادي وكنت أعمل على توليفة كيف أصل لأجد موضوعا يربط بين الاثنين تونس وألمانيا".
وحول تجربته في ألمانيا يقول العلاقي، "في ألمانيا هناك مزاحمة قوية بين الفنانين، فكان المطروح ما الموضوع الذي أختاره وما اللون الذي أختاره وكانت معركة بين الحضارة الفنية الأوروبية وجذوري التونسية، فاخترت أن أجسد مواضيع من صميم الحياة، وما يقع فيها وكيف يعيش الناس".
وتابع "ألمانيا لها تاريخها وأصولها وتقاليدها، في كولونيا يقام مهرجان وكرنفال يحضره نحو 3 ملايين شخص ونرى كيف الناس يرتبطون بمهرجان عمره أكثر من قرن والناس تتنافس في كيفية البروز بالزينة اليومية، وهذا يلفت انتباهي وأجسده في لوحات".
ويعتبر ما يراه في أسفاره "كنزا" يظل في داخله، فهو لا ينسى ما رآه في إيطاليا وتركيا وبخاصة جامع السلطان أحمد، وأسواق إسطنبول، مستذكرا أسواق تونس، والمأكولات في المطاعم لها طابع خاص إذ يأتونك بطبق واحد فيه كل شيء.
حياة الأتراك في ألمانيا لفتت انتباه العلاّقي وخاصة تمسك النساء بالتقاليد إلى حد الآن يستعملن التقريطة (غطاء رأس تقليدي)، رغم أنهن يلبسن لباسا عصريا ولكن التقريطة حاضرة وكانت موضوعا لبعض لوحاته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفنون الجمیلة الحیاة الیومیة فی ألمانیا فی تونس
إقرأ أيضاً:
صرف ولا مصرفش.. حكاية تحويل بـ 10 ملايين جنيه من شيرين لحسام حبيب
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن كشفت الفنانة شيرين عبد الوهاب عن وثائق بنكية تثبت تحويلها مبلغًا ماليًا كبيرًا لطليقها الفنان حسام حبيب، وذلك ردًا على تصريحاته الاخيرة والتي زعم فيها أنه كان ينفق عليها بالملايين. وجاءت هذه التطورات في سياق أزمة مشتعلة بين الطرفين، تخللها تبادل للاتهامات حول المال والديون والتهديدات.
الحقيقة التي يجب ذكرها ان هناك صورة متداولة لمستند بنكي، يُظهر قيام شيرين عبد الوهاب بتحويل مبلغ بقيمة 200 ألف دولار اي ما يوازي اكثر من ١٠ ملايين جنيه. هذه الوثائق دفعت الجمهور للتساؤل: هل كان حسام حبيب هو من يصرف على شيرين، أم العكس؟
في ظل هذه المعركة الإعلامية، قالت شيرين إنها تعرضت للتهديد من قبل طليقها، وإنها اضطرت لتحويل هذا المبلغ الضخم له.
وأكدت أنها تعيش حالة من الخوف، مطالبةً بالمساعدة والحماية من التهديدات التي تشعر بها.
من جانبه، لم يصمت حسام حبيب أمام هذه الاتهامات، حيث خرج عن صمته خلال ظهوره في برنامج (العرافة) عبر قناة (النهار)، لينفي تمامًا صحة ما يتردد حول استغلاله المالي لشيرين.
وقال حبيب في تصريحاته المثيرة: "أنا متربي في بيت لم أكن بحاجة إلى أموال أحد، فاجدي هو من أنشأ مشروع الصناعات الحربية القاهر والظافر، وعائلتي لا تحتاج إلى أموال شيرين". وأضاف: "شيرين دمرتني أمام أهلي وأصدقائي، لم أعد أستطيع حتى الجلوس معهم، أنا جبتهم الأرض".
كما أشار إلى أنه لم يكن لديه أعمال كثيرة قبل زواجه من شيرين، ولم يتساءل أحد وقتها عن مصدر أمواله، مؤكدًا أنه باع بعض أملاكه ليصرف على نفسه.
لكنه في المقابل قال إن شيرين مديونة له بمبلغ 60 مليون جنيه.
ويبدوا أن هذه المعركة الإعلامية ستشتعل قريبًا، خاصة مع تسريب مزيد من المعلومات والتصريحات من الطرفين، مما يجعل الجميع في حالة ترقّب لمعرفة ما إذا كان النزاع سينتهي بالمصالحة أم سيأخذ منحى أكثر تصعيدًا. في كل الأحوال، تبقى هذه القصة واحدة من أكثر القضايا الفنية إثارةً للجدل في الفترة الأخيرة، في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة.