أطفال غزة.. ضحايا الحرب الإسرائيلية ومجازرها
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
نزح محمود الطالب في الثانوية العامة برفقة أهله الى جنوب قطاع غزة منذ أكثر من أربعين يومًا، كان يحلم أن يحصل على معدل مُرتفع ليؤهلة لدخول كلية الطب التى يحلم بدخولها منذ طفولته، شخصيته الهادئه وقامته الطويله وذكاءه الواضح وتقاسيم وجهه الجميل كانت تشير إلى طبيب جميل الهيئة وناجح في عمله، بدأ تجهيز نفسه للدراسة منذ أن بدأت الإجازة، حصل على كُتب المرحلة الثانوية من أحد الأقارب، وضع الجدول المخصص للمذاكرة، لكل مادة ساعه يوميًا مع ترك بعض فترات للراحة والصلاة وتناول الطعام، طاولة الدراسه في مكانها المخصص، الأوراق مرتبة بطريقه معينه، لا يعبث أحد من الأسرة بأي من الأوراق فالكل يعلم بأن لديه وقت مخصص لترتيب الغرفه بنفسه.
بدأت المدرسه ومنذ اليوم الأول للدراسة وهو ينفذ الخطة بحذافيرها دون كلل أو ملل، ينتظر انتهاء العام الدراسي بشغف.
استيقظ صباحا كعادته، صلى الصبح، تناول الإفطار، ارتدى ملابس المدرسة، حمل حقيبته وتوجه إلى مدرسته، أصوات انفجارات شديدة جاءت على غير الموعد والعادة، الكل عاد للمنزل، أعلنت وزارة التربية والتعليم كغيرها من الوزارات بقطاع غزة عن اغلاق المدارس والجامعات والكليات بسبب الأوضاع الأمنية التى حدتث في السابع من أكتوبر.
بدأت الحرب على غزة.. قصف متواصل ليل نهار يستهدف المدنيين، منشورات تُطلق من قبل الطائرات تطالب سكان شمال قطاع غزة للنزوح الى الجنوب، لم يكن سهلًا على المواطنين ترك منازلهم بشكل مفاجيء لكن ارتفاع عدد الشهداء الذي استهدف بيوت الآمنين جعل القرار سريعًا، خرج محمود برفقة أهله وبعضًا من أقاربه بإتجاه شارع صلاح الدين الذي يربط الشمال بالجنوب يقصدون جنوب قطاع غزة، طوابير من السيارت المختلفة الأنواع والاشكال والألوان، العربات التي تقلها الحيوانات بسبب نفاذ الوقود كانت الأكثر انتشارًا واستخدامًا، طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تجوب سماء غزة تستغول من أجل أهداف غير محددة، قبل لحظات من وصول المكان الآمن قامت طائرات الاحتلال الاسرائيلى من نوع F16 بالقاء حممها فوق سيارات المدنيين دون سابق انذار أو سبب، تحول موكب النزوح إلى مجزرة، أشلاء النساء والأطفال والشيوخ في كل مكان، سيارات الإسعاف تقل المصابين والشهداء إلى مستشفيات قطاع غزة، وصل محمود الى قسم الاستقبال بمستشفى الشفاء، كان هو الناجي الوحيد من العائلة، يصرخ بأعلى صوته من هول ما حدث، كانت الكلمات الأخيرة التى سمعها من الطبيب للممرض، جهزوا غرفة العمليات بسرعة، غاب عن الوعي ليفيق بعد يوم كامل، لم يرَ أحدا من أهله، كان عمه يقف بجواره يبكى ويربت على كتفه، فقد محمود قدمه بعد أن تم بترها بالكامل، ليخرج بعد أسبوع من المستشفى على كرسيه المتحرك، مكث في بيت عمه يعاني ظروفا نفسية وصحية صعبة.. لقد فقد عائلته وحلمه وطموحه، بعد أسبوعين توجه على كرسيه المتحرك إلى جنوب القطاع من خلال الممر الأمن الذي حدده الاحتلال مرة أخرى، ولكن بكرسي متحرك هذه المرة، آلاف من المدنيين يسيرون بإتجاه الجنوب لمسافه لا تقل عن 15 كيلو متر مربع.
وصل مدينة خان يونس حيث مدارس الأونروا.
جلس يبكى عندما شاهد الفصل الدراسي الذي تحول الى مأوى للنازحين، تذكر أمنيته، ومدرسته وأهله وزملاءه، لقد تغير كل شيء في لمح البصر، ضاع حلمه في أن يصبح طبيبًا، بقيت الحرب مستمرة حتى هذه اللحظه، وتوقفت العملية التعليميه، وقصفت المدارس والجامعات والكليات.
الاف من طلاب الجامعات كانوا على وشك الاحتفال بالتخرج لكن قصف الجامعات بشكل كلي وكامل سيقف حائلًا أمام تحقيق أحلامهم، وربما، سيحتاج إعادة بناء الجامعات والكليات والمدارس المهدمة إلى سنوات عديدة حتى تعود المياه رلى مجاريها وتستأنف الدراسة.
بلغ عدد الأطفال دون (18) عاماً في دولة فلسطين نحو (2.35) مليون؛ منهم مليون طفل يعيشون في قطاع غزة في ظروف أقل ما توصف بكونها كارثية فمعظم الأطفال يعيشون الآن تجربة النزوح القسري عن منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي من أصل مليون وسبعمائة ألف نازح نصفهم أطفال يعانون من نقص وشح المياة والأدوية والغداء ومعظمهم مصاب بأمراض تنفسية وجلدية جراء نقص المياه والغداء والأدوية وفي أجواء الترويع والإرهاب وغياب الأمان بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عدا عن نقص الأغطية والفرشات وغياب الملابس الشتويه للنازحين الذي خرجوا من بيوتهم بملابسهم فقط وفي ظل تكدس واكتظاظ سواء في مدراس وكالة الغوث التي بات يعيش فيها قرابة 914 ألف نازح أو في المستشفيات والمساجد والكنائس وبيوت الأقارب والأصدقاء، وتعرض بعضهم للاستهداف والملاحقة بالقتل والإصابة والتهجير في مراكز الايواء والمستشفيات التي خرجت معظمها عن العمل جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي ما يعني عدم توفر الخدمات الصحية لكل الأطفال والسكان في شمال غزة، فيما باقي المستشفيات تعمل بشكل جزئي بعشرة أضعاف طاقتها الاستيعابية وفي ظل نقص الوقود والمستلزمات الطبية عدد المجازر بلغ 1350 مجزرة، فيما بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة 14128 بينهم أكثر من 5840 طفلًا و3920 امرأةً بما يُقدر بنسبة 70 % ومازال اكثر من 6000 شخص في عداد المفقودين.
وبحسب تقرير نشرته "الأونروا" إن حوالي 300 ألف طفل في غزة محرومون من التعليم بسبب الحرب التي يشنها الاحتلال على القطاع وأن حوالي 50 من مباني الوكالة، بينها مدارس، تضررت بسبب الحرب وأصبحت المدارس أماكن إيواء الآن، ويطلب التلاميذ شربة ماء ورغيف خبز، وكلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة زادت صعوبة متابعة دروسهم.
أما احصائية المكتب الإعلامي الحكومي فقد اوضحت أن عدد مقرات المدارس المدمرة (262) مدرسة منها (65) مدرسة خرجت عن الخدمة وأن اكثر 2510 طالب من مختلف المراحل التعليمية استشهدوا في القصف الإسرائيلي الوحدات السكنية المدمرة اكثر من 250 الف وحدة سكنية مما يوضح ان عودة الأطفال الفلسطينيين عمومًا وأطفال غزة للحياة الطبيعية التى كانت قبل الحرب ستكون شبه مستحيلة لعدة سنوات.
بالتأكيد تتحمل حكومة الاحتلال والدول التي تدعمها وتوفر لها الحماية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج استهدافها للمدنيين الفلسطينيين خصوصًا الأطفال منهم، والضغط الكبير الذي تفرضه على حياتهم خلال حربها وعدوانها الظالم على قطاع غزة ولا بد من العمل على تفعيل قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس حتى لا يبقي أطفال غزة بين مطرقة الحرب وسندان الحصار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
يونيسف: لا تزال هناك خسائر كبيرة في صفوف أطفال غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد جيمس إلدر المتحدث باسم منظمة يونيسف، أنه لا تزال هناك خسائر كبيرة في صفوف أطفال قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ نحو 13 شهرا، وذلك في تصريحات مع فضائية القاهرة الإخبارية، اليوم الجمعة.
واضاف المتحدث باسم منظمة يونيسف، انهم يحاولون بذل كل الجهود الممكنة للحد من تداعيات الكارثة على الأطفال في قطاع غزة، موضحا أن موظفي يونيسف لم يتمكنوا من تقديم الدعم الكافي للأطفال في غزة بسبب ضراوة الحرب.
وتابع المتحدث باسم منظمة يونيسف، “نحن في حاجة ماسة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة”، مشيرا الى ان هناك العديد من العراقيل لتنفيذ العمليات الإنسانية في قطاع غزة ولبنان.
وأوضح أنه لا بد من انخراط الجميع لتهدئة الأوضاع في غزة ولبنان.