تكنولوجيا جديدة تعمل بالطاقة البشرية لتتبّع ضربات القلب والتنفس
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
طور باحثون من «جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا» في أبوظبي، تكنولوجيا جديدة يمكن ارتداؤها تعمل بالطاقة البشرية، حيث لجأوا إلى عالم المحاكاة الحيوية والمواد المشتقة حيوياً، لتطوير مولد نانوي متوافق حيوياً، يتكهرب بالاحتكاك، وتستمد المولدات النانوية المتكهربة بالاحتكاك المدمجة في الملابس أو اللصقات القابلة للارتداء، الطاقة الميكانيكية من حركات الجسم، ما يسمح باستمرارية تزويد أجهزة استشعار مراقبة الصحة بالطاقة، التي تتتبع معدل ضربات القلب أو التنفس أو المؤشرات الحيوية الأخرى.
وأوضحوا أن الطلب يتزايد على الأجهزة الإلكترونية الذاتية التشغيل، مع زيادة الأجهزة القابلة للارتداء والقابلة للزرع، حيث تعتمد الأجهزة الحالية المثبتة على الجلد أو القابلة للزرع في الأغلب على طاقة البطارية القابلة لإعادة الشحن وغير القابلة لإعادة الشحن، ولكن هذا خيار غير مستدام، فالبطاريات ترتبط بمخاوف بيئية، نظراً لسميتها والتحديات المتعلقة بما يلي مرحلة إعادة التدوير، كما أن القيود المتعلقة بالحجم والحاجة إلى استبدالها بشكل دوري يستدعي الحاجة إلى تطوير بدائل.
والباحثون: الدكتورة بشارة فاطمة، زميلة ما بعد الدكتوراه، والدكتور شارالامبوس بيتساليديس، دكتور مساعد في الفيزياء، مع باحثين من المعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور، لإنشاء حصّادة للطاقة صديقة للبيئة باستخدام السليولوز البكتيري لإنشاء مولدات للطاقة يمكن استخدامها في الأجهزة القابلة للارتداء المعنية بالرعاية الصحية.
وبينوا أنه يمكن للمولدات النانوية المتوافقة حيوياً وتتكهرب بالاحتكاك، لاسيما التي تتميز بسهولة تصنيعها وانخفاض كلفتها وكفاءتها العالية، أن تقدم حلاً سحرياً لمعضلة الأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المزروعة التي تعمل بالبطارية. إلّا أنه لا تزال الكثير من المولدات من هذا النوع، تستخدم مواد غير صديقة للبيئة يمكن أن تسبب انزعاجاً أو حتى التهابات جلدية.
وذكر الفريق أنه يمكن للسليلوز البكتيري أن ؤدي دوراً حيوياً في المولد النانوي والتفاعل المتكهرب بالاحتكاك، حيث تنتج البكتيريا السليلوز البكتيري في ظل الأوضاع المناسبة، ويتخذ هو شكلاً يشبه الشبكة ويتميز بقوة ميكانيكية جيدة نفاذية الهواء ومساحة سطحية عالية، وغيرها من السمات المفيدة الأخرى. كما أنه غير مكلف وصديق للبيئة.
تمكّن الباحثون من الضبط الدقيق للخصائص الكهربائية الاحتكاكية للسليولوز البكتيري بتعديله كيميائياً باستخدام الطلاء النانوي، ما يمهد الطريق للحصول على مولدات نانوية متكهربة بالاحتكاك عالية الأداء وصديقة للبيئة.
وقالوا إن تطوير نسخة فعالة من المولدات النانوية المتكهربة بالاحتكاك، ما هو إلا الجزء الأول من العملية، فمن أجل اندماج المواد مع جسم الإنسان، يجب أن تجتاز الاختبارات الصارمة للتوافق الحيوي والامتصاص الحيوي، وتشير النتائج الأولية إلى أن الأجهزة الكهربائية الاحتكاكية البكتيرية القائمة على السليلوز تلبي هذه المعايير، مما يمهد الطريق أمام إمكانية استخدامها كأجهزة مزروعة.
وأوضحوا أن السليلوز البكتيري يتميز أيضاً بثباته في البيئات المائية، وهو مطلب حيوي للأجهزة المزروعة ولإظهار تعددية استخداماته، طور فريق البحث جهازًا قادرًا على حصاد الطاقة من حركات القدم المختلفة.
وقال الدكتور بيتساليديس "تجمع هذه التكنولوجيا عدداً من الخصائص الفريدة، كما يمكن تطبيقها في الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء وفي تطبيقات الجسم الحي. نحن نعمل حاليًا على كثير من المواد القائمة على السليولوز والتي تُدمج مع مواد ثنائية الأبعاد مثل الغرافين للحصول على مولدات نانوية متكهربة بالاحتكاك عالية الأداء، ونهدف على المدى الطويل إلى تطبيق هذه التكنولوجيا في الأجهزة الإلكترونية الذكية القابلة للارتداء للمراقبة الصحية وكلاصقات للجروح.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات القابلة للارتداء
إقرأ أيضاً:
المذنب الضيف 3آي/أطلس.. لم لا يمكن اعتباره مركبة فضائية؟
مع اكتشاف المذنب المسافر بين النجوم 3آي/أطلس في يوليو/تموز 2025، بدأت وسائل التواصل وبعض المواقع بالحديث عن احتمال كونه مركبة فضائية أو مسبارا أرسلته حضارة مجهولة.
يرجع ذلك الادعاء إلى سببين أساسيين، الأول أنه ثالث جرم قادم من عالم ما بين النجوم ليمر داخل مجموعتنا الشمسية، مما يعطيه هالة من الغموض، والثاني أنه يمتلك خواصّ غير مألوفة مقارنة بالمذنبات المعتادة، وهي خواص فسّرها البعض كدلائل "اصطناعية"
لكن، ما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وما الأدلة العلمية التي تثبت أن 3آي/أطلس ليس مركبة فضائية، بل مذنبا طبيعيا؟
أول شيء، فإن 3آي/أطلس هو جرم ذو مدار مفتوح، أي أنه لا يتخذ مسارا حول الشمس، ما يدل على أنه ليس من "عائلة" أجرام النظام الشمسي، بل من مكان آخر في مجرّة درب التبانة.
من خصائصه الأساسية أن له غلافا غازيا وينتج غازات مثل ثاني أكسيد الكربون والماء، وتوهجات مذنبية واضحة، وجميعها سمات طبيعية جدا للمذنبات، حسبما نقلت مجلة "سكاي آت نايت" الفلكية.
أضف لذلك أن أرصاد العلماء أوضحت أن المذنب طور غلافا غازيا نتيجة تسامي الجليد، هذا الغلاف لا يمكن أن يظهر في جسم مصنوع من معدن أو سيراميك أو مركب صناعي.
من جانب آخر فإن الدراسات الطيفية المدققة من جيمس ويب ووكالة الفضاء الأوروبية لم تجد أي هيكل معدني أو أي سبائك صناعية أو أي نمط تصنيع، بل وجدت مواد طبيعية جدا في المذنّبات، كما أسلفنا، وإن كانت بنسب مختلفة عما هو معتاد، وهو أمر سنفصّل فيه بعد قليل.
كما أن المركبات الفضائية لا تصنع ذيولا غازية ممتدة مئات الآلاف من الكيلومترات، هذه علامة واضحة أنه مادة جليدية تتسخن تحت أشعة الشمس وتتسامى، وهذا أساسي في تعريف المذنب.
إلى جانب ذلك، أظهر العلماء مع دراسة متفحصة أن هذا الجرم يتصرف بديناميكية مذنب، لا مركبة، بمعنى أنه يتخذ مسارا يمكن اعتباره طبيعيا غير متحكم به، حيث لم ترصد أي حركة دفع أو مناورة ولم يظهر أي انحراف غير طبيعي.
إعلانوكما صرّح عالم المذنبات تشيتشنغ تشانغ من مرصد لويل في أريزونا لمنصة لايف ساينس: "جميع الصور التي رأيتها تظهر مذنبا عاديا".
من جانب آخر، لم ترصد من 3آي/أطلس أي إشارة راديوية أو ترددية اصطناعية، لم يلتقط العلماء أي نبضات أو اشارات توجيه منتظمة أو أي نشاط اتصالات؛ ولو كان مسبارا فضائيا، لظهر منه ولو "تسريب" راديوي بسيط.
وعلى ذكر الإشارات، فإن علماء الفلك استخدموا تلسكوب "ميركات" الراديوي بجنوب أفريقيا مؤخرا لرصد 3آي/أطلس، ووجدوا إشارات راديوية تتمثّل في خطوط امتصاص لمُركّب الهيدروكسيل عند ترددات محددة.
ومن المعروف أن هذا النوع من الإشارات ناتج عن عملية طبيعية تسمى "التبخّر"، حيث يتحول جليد الماء الموجود في المذنب إلى غاز عند اقترابه من الشمس، ويتحلل إلى مركب الهيدروكسيل وغيره.
هذا الاكتشاف يعزز فكرة أن 3آي/أطلس مذنّب طبيعي وليس مركبة فضائية. بمعنى آخر، إذا كانت هناك "إشارة راديوية" فهي لا تشير إلى نظام اتصالات أو تكنولوجيا، بل إلى سلوك مذنّبي معتاد.
إلا أنه غريب لا شكلكن على الرغم من ذلك، يظل 3آي/أطلس غريبا عما نعرفه عن المذنبات، حيث تكشف الملاحظات باستخدام التلسكوبات الكبيرة أنه يحتوي نسبة من النيكل أعلى من المتوقع، ونسبة أكبر من المعتاد من ثاني أكسيد الكربون، وقلة من جزيئات سلسلة الكربون الشائعة.
كما أنه أحمر اللون ومغبر، مما يشير إلى أنه قضى وقتا طويلا غارقا في الأشعة الكونية أثناء انتقاله عبر الفضاء، كما أنه يتحرك بسرعة كبيرة، وتشير تقديرات أولية مبنية على النمذجة الحركية المبكرة إلى أنه ربما يكون قد تشكل منذ ما يصل إلى 11 مليار سنة.
هذه الغرائب تتحد لتشكل مذنبا لا مثيل له في النظام الشمسي، وهو مثير للغاية لعلماء الكواكب وأي شخص آخر يحب الفضاء.
لكن هناك نقطة هامة في هذا السياق، وهي أن هذه الغرائب ممكنة جدا من ناحية علمية، فهذا المذنب ليس من المجموعة الشمسية، ومن ثم فمن المفهوم أن تختلف تركيبته بحسب مصدره.
كل ما درسه العلماء عن تركيب المذنبات قادم فقط من دراسة أجرام قادمة من داخل النظام الشمسي، وقد نشأت جميعها من نفس السحابة النجمية قبل نحو 4.5 مليارات سنة، ومن ثم فمن المقبول أن تختلف عن مذنبات نشأت في سحابة نجمية أخرى.
يتزعم آفي لوِب، أستاذ الفيزياء المعروف من جامعة هارفرد، الادعاء بأن 3آي/أطلس مركبة فضائية، ويقول إن هناك احتمالا قدره 40%، غير أن هذا الادعاء، رغم انتشاره الإعلامي، لا يستند إلى أدلة علمية صلبة، ولم يلقَ أي قبول لدى علماء الكواكب المتخصصين في دراسة المذنّبات، ويأتي على رأسهم جيسون رايت، عالم الفلك من جامعة بنسلفانيا الأميركية.
يوضح رايت، في مقال نشره على مدونته الفلكية، أن ما يسمى "الشذوذات" ليس إلا نتائج طبيعية لتنوع المذنبات، خاصة تلك القادمة من خارج النظام الشمسي، ويتفق غالبية علماء هذا النطاق مع رايت، وهم من المختصين بدراسة الكواكب والمذنبات على خلاف لوب الذي يختص في الفيزياء الفلكية.
إعلانبل إن المتوقع، بحسب رايت، أن يكون 3آي/أطلس مختلفا أصلا، لأنه تكونت حول نجم آخر ببيئة مختلفة، وتعرض لإشعاعات مختلفة في الفضاء بين النجوم، كما أنه قد يكون أقدم أو أصغر عمرا من مذنّباتنا، وهذا يؤثر لا شك على تركيبه وسلوكه.
كذلك من المقبول أن تتحرك المذنبات القادمة من خارج النظام الشمسي بسرعات عالية، هذا يتعلق بمصدرها، وهذه السرعة هي ما يجعل سلوك هذه المذنبات قرب الشمس مختلفا عن المذنّبات المحلية.
ويوضح رايت أنه من بين 10 نقاط طرحها لوب كدليل على أنه مركبة فضائية، 4 فقط مثيرة حقا لعلماء الكواكب، وهي:
زيادة نسبة النيكل إلى الحديد: قيمة متطرفة لكنها ضمن نطاق تنوع المذنبات، ويمكن تفسيرها بطبيعة كيمياء الغبار على مسافات بعيدة عن الشمس. استقطاب ضوئي سالب وقوي: الاستقطاب السالب هو أن ينعكس ضوء الشمس عن غبار المذنب، وهو شائع في المذنّبات، وكون الحالة أكثر شدة لا يعني شيئا غير طبيعي، فقد يتعلق بالسرعة أو الطبيعة المختلفة للمذنب. زيادة اللمعان بسرعة كبيرة: متوقعة بسبب سرعته الهائلة، القادم بها من خارج النظام الشمسي، وليس هناك أي سبب يجعل "مركبة فضائية" تزداد لمعانا بهذا الشكل الماء بنسبة 4% فقط: نسبة غير معتادة، لكنها ليست خارج حدود ما هو معروف في المذنّبات، خاصة البين-نجمية.هل هذه السمات غريبة؟ نعم بالطبع، لكن هل تعد دليل مركبة فضائية؟ لا إطلاقا، فكلها أشياء متوقعة بسبب تنوع المذنبات بشكل عام، وبشكل خاص بسبب أن 3آي/أطلس قادم من خارج النظام الشمسي.
غريب في نطاق الطبيعيعلى سبيل المثال، أظهرت صور تلسكوب جيمس ويب أن المذنب يمتلك تركيبة غازية غير مألوفة مقارنة بمعظم مذنّبات نظامنا الشمسي، إذ وجد العلماء أن غلافه الغازي يحتوي على نسبة مرتفعة للغاية من ثاني أكسيد الكربون مقابل نسبة منخفضة من الماء.
لكن هذا التفاوت الكبير يشير إلى أن الجسم قد يكون قد تشكّل في منطقة مختلفة تماما داخل القرص الكوكبي لنجم آخر، أو أنه مر عبر بيئات بين-نجمية غنية بالإشعاع غيّرت تركيب جليده على مدار ملايين أو مليارات السنين.
بعبارة أخرى، غرابة تركيب 3آي/أطلس هي علامة على أصله البعيد، لا على كونه جسما اصطناعيا، وهذا ما أكدته الدراسات في هذا النطاق إلى الآن.