بوابة الوفد:
2025-02-22@22:37:04 GMT

الآباء لا يموتون!

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب

جامعة المنصورة

المكان: أحد المراكز الطبية، حجرة ١٠٦

الزمان: ١٠/٦/ ٢٠٢٢ الساعة ١٢ ظهراً

الابن: مش عايز حاجة أجبهالك معايا يا بابا وأنا جاى؟

الأب: لا يبنى انزل بس ما تتأخرش.

الابن: هتبرع بالدم واطلع على طول علشان العملية خلاص كمان كام ساعة، أعمل لك أى حاجة قبل منزل؟

الأب: لا يا بنى مبروك.

الابن: (فى حديث داخلى مع الذات) مبروك ليه؟! أكيد يقصد العملية، ربنا يقومك بالسلامة يا بابا.

«يعود الابن بعد مرور ٢٠ دقيقة تقريباً»

الممرضة: جهزى أوضة العناية بسرعة يا صفاء التنفس وقف.

الابن: فى إيه.. إيه حصل.. مهو كان كويس؟!!!

الممرضة: لازم يروح العناية بسرعة ادعى له.

وتمر الساعات لتخرج الممرضة وتخبر الابن بوفاة الوالد!!

تتوقف الحياة وتنحبس الأنفاس وتنهمر الدموع ويظن الجميع أن الأب قد مات، إلا أن الآباء لا يموتون، بل يعيشون فى قلوب أبنائهم، يراهم الجميع ويشعرون بهم، فالأب الجيد لا يموت أبداً ويظل عالقاً فى ذاكرة أبنائه، فى أفعالهم، فى أقوالهم، فى عاطفتهم، وفى سلوكهم.

الأب هو أعظم رجل وهو السند والقدوة والمعلم والصاحب فى الحياة، وهو أمان الأسرة، وظهر العائلة، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى ببر الآباء، وجعل الإحسان إليهم مفتاحاً للجنة، وجعل رضاه مقروناً برضاهم، وقد ورد فى الكتاب والسنة، العديد من الآيات والأحاديث التى تحث على بر الآباء وإكرامهم، فطاعتهم فرض على الأبناء، فقال الله تعالى فى سورة النساء: «وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، وبذلك فقد قرن الله -تعالى- عبادته وحده دون الشّرك به بالإحسان للوالدين، وقال تعالى فى سورة الإسراء: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا».

ولا يكون البرّ بالأب فى حياته فقط؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنه: أن رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إذا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِم، وبذلك فإن واجب الأبناء بر الأب حتى بعد موته، بالدعاء له بالغفران، وطلب الرحمة له من الله تعالى، وإحياء ذكره الحسن، والسير على خطى الخير من بعده لينال الأجر، وإكرام أصدقائه وزيارتهم، وتنفيذ وصاياه، وتجنب عمل كل ما يكره، والالتزام بما كان يحب ويرضى، فالولد الصالح يرفع الله به درجة أبيه وأمه فى الجنة، ويدخل النور والسرور إلى قبريهما.

والأب هو السند الحقيقى لأبنائه، ففى حياته يسعى فى تربيتهم وتحقيق سبل النجاح لهم، يضعهم فى مقدمة أولوياته، ويفضلهم على نفسه، وحتى بعد مماته، يحتمى الأبناء بسيرة الأب الحسنة، ويجنون ثمار صلاح والدهم، ليكون جزاء الأب فى ابتغاء مرضاة الله هو البركة فى أبنائه، فقال الله تعالى فى سورة الكهف: «وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أبواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا.. فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا».

لا يعرف قيمة الأب تمامًا إلا من فقده، وسيظل أبى – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته– فى قلبى وذاكرتى إلى الأبد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد أحمد عثمان الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة الممرضة الله تعالى

إقرأ أيضاً:

حاجة المؤمنين إلى مغفرة رب العالمين

 

أ.عدنان الجنيد

ما من أمة من الأمم السابقة استغنت عن مغفرة الله، ووقفت ضد كل من دعاها إلى طلب المغفرة من الله تعالى من الرسل والأنبياء إلا حلَّ فيهم غضب الله وعقابه في الدنيا قبل الآخرة، مثل قوم ثمود، وعاد، وقوم لوط، وبني إسرائيل، وفرعون، وغيرهم من الطغاة والمستكبرين الذين حكى الله لنا عنهم في كتابه الكريم وعن أخبارهم والعقوبات التي حلَّت عليهم .

فالأمة إذا طلبت المغفرة من الله تعالى وعملت بأسبابها، فلا شك أنها ستحظى بتأييد الله تعالى ونصره ورضاه، وسوف يسودها العدل والأمان والتراحم والتكافل فيما بينها، وستكون مهابة عند أعدائها، أما إذا كانت مستغنية عن مغفرة الله ولم تعمل بأسباب المغفرة ووقعت في مستنقع المعاصي والغفلة، فإنها قطعاً سيكون حالها كما هو اليوم في ذيل القافلة، أبناؤها في تمزق وشقاق واختلاف ونفاق، قد أعمتهم المذهبية وفرقتهم الطائفية، يعبدون العجول والأعجال وينتظرون خروج الدجال ، في شدة من الخصام والجدال ..

لقد أصبحت الأمة اليوم ذليلةً خاضعةً لأعدائها؛ لأنها لم تسارع إلى مغفرة الرحمن ولهذا باتت لعبةً بين أيدي الصهاينة والأمريكان، وعالةً في معاشها على بني الإنسان..

إن الكثير من ‏أبناء هذه الأمة باعوا دينهم ومبادئهم وكل ما يوصلهم إلى مغفرة الله ورحمته ورضوانه بحفنة من المال السعودي والدولارات الأمريكية، وهم بهذا يأخذون مقابل بيعهم ذلك عذاب الله ونقمته، فما أخسرها من صفقة!‏ فهؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ [البقرة :175]‏.

وهؤلاء – أيضاً – هم من يدعون إلى نار التطبيع بشكل وسيع، كما قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة :221].

فالله يدعو إلى ما يوصل إلى المغفرة وهذا الأسلوب إغراء المؤمنين بالتمسك بدينهم و بتعاليم نبيهم صلوات الله عليه وآله وسلم .

إذاً ‏لا سعادة ولا فلاح ولا رقي ‏لهذه الأمة إلا إذا سعت ‏إلى تطبيق ما جاء به القرآن لتحصل من الله على الغفران والرضوان الذي فيه سعادتها في كل وقت وشأن ..

وحتى على المستوى الفردي، فالمسلم المؤمن في هذا الوجود بحاجة ماسة إلى مغفرة الإله المعبود، ‏بل حتى الأنبياء والمرسلون الذين اصطفاهم ‏الله تعالى واجتباهم وقرّبهم وأدناهم وجعلهم محلاً لنظرته ورعايته وسددهم بعصمته حتى نالوا مرتبة الكمال الإنساني، ومع ذلك نجدهم مفتقرين إلى مغفرته تعالى ..

فهذا نبي الله آدم ومعه زوجته-عليهما السلام- فقد التمسا من ربهما الصفح والمغفرة، فقد حكى الله عنهما قائلاً: ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف :23].

وهذا نبي الله موسى-عليه السلام- فقد طلب من الله المغفرة في مواقف كثيرة منها: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [القصص :16].

وهذا نبي الله ‏سليمان -عليه السلام- حيث قال _ كما حكى الله عنه: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾ [ص :35] .

وهذا نبي الله نوح – سلام الله عليه – فقد طلب المغفرة له ولوالديه ولمن دخل بيته مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ، قال تعالى _ كما حكى عنه: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾[البقرة :28].

وهذا نبي الله يونس -عليه السلام- فقد نادى ربه في الظلمات _ كما حكى الله عنه _: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء :87]، فهو يقول : يا إلهي إني اعترف بخطئي فتقبل توبتي واغفر ذنبي واغسل حوبتي ..

وهكذا، ما من نبي من الأنبياء إلا وقد طلب المغفرة من الله تعالى مع أن ذنوبهم ليست كذنوبنا بل هي خلاف الأولى، أو من باب “سيئات المقربين حسنات الأبرار” ..

ومعلوم أن أنبياء الله ورسوله – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – هم قدوة البشرية في كل حركاتهم وسكناتهم ..

فإذا كان هذا حال الأنبياء في افتقارهم إلى مغفرة الله تعالى، فكيف بمن دونهم من المسلمين ؟! ..

لا شك أن المغفرة بها نجاة المسلمين، وهي هدف المؤمنين وبغية الصالحين وسعادة الأولياء العارفين، ولهذا أمر الله تعالى الجميع بالإسراع والمسابقة إلى طلبها، حيث قال:﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:133-135]، وقال:﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾[الحديد :21] ، ولاحظ أن التعبير بهذين اللفظين : (وسارعوا) و(سابقوا) لإلهاب الحماس وشحذ الهمم وشد العزائم، وكذلك حض النفوس وحثها إلى الاستجابة الإلهية وعدم التباطؤ والتخاذل والكسل، فالمسابقة بأي أمر ما تقتضي الحرص على أن يسبق أحدهما الآخر، ولهذا جاء التعبير بهذين اللفظين تنبيهاً للأمة إلى أن المغفرة من الله تعالى شيء يستحق التسابق عليه، ونلاحظ أيضاً- ‏إن المغفرة جاءت في هاتين الآيتين مُنَكَّرَة ، وهذا دليل على تفخيم أمرها، وإنها من الله تعالى خالق الخلق بقدرته الذي أغدق عليهم بنعمته وربّاهم برعايته..

هذا ولتعلم أن الحض على طلب المغفرة إنما هو العمل بأسبابها، فلا يمكن للمسلم أن ينال مغفرة الله تعالى دون أن يسعى إلى أداء وسائلها وأسبابها، فالأسباب التي تؤدي إلى الفوز بمغفرة الله تعالى هي الائتمار بأوامر الله والاجتناب عن نواهيه، وهي حقيقة التقوى، فالله تعالى بعد أن أمر بالمسابقة والمسارعة إلى نيل مغفرة الله وجنة عرضها السموات والأرض -كما في الآيتين السابقتين- نجده أوقف المغفرة ودخول الجنة على المتقين؛ لأنهم أهل للمبادرة والمسارعة إلى الله تعالى..

ففي الآية الأولى قال : (أُعدت للمتقين)، ثم ذكر بعض صفاتهم وهي : (الذين ينفقون… -إلى- وهم يعلمون)..

‏وفي الآية الثانية قال تعالى: (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله …) وهم -أيضاً – المتقون .

مقالات مشابهة

  • أعظم ثلاث دعوات فى القرآن.. داوم عليها كل يوم
  • المفتي: القرآن الكريم شدد على ضرورة الإحسان إلى الوالدين
  • بمناسبة شهر رمضان.. محمد بن راشد يطلق وقف الأب
  • محمد بن راشد يطلق "وقف الأب" صدقة جارية عن جميع الآباء في الإمارات
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إلهي، سيدي ومولاي
  • حاجة المؤمنين إلى مغفرة رب العالمين
  • متى أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟.. بدأ منذ ساعات
  • أفضل الأعمال المستحبة يوم الجمعة.. اغتنمها
  • «الأعلى للأمومة والطفولة» يناقش دور الأسرة في تنمية عقول الأبناء
  • سورة تقرأ في العشر الأواخر من شعبان.. تغير حياتك 180 درجة للأفضل