لجريدة عمان:
2024-10-05@16:05:25 GMT

صعوبة أن يفي بايدن بوعوده لأوكرانيا وإسرائيل

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

منذ اللحظة التي ضمن فيها ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2020، أوضح جو بايدن أنه ملتزم بالدفاع عن الديمقراطية، في الداخل والخارج، مهما تكن المخاطر. والآن، في العام الأخير من ولايته الأولى، فإن الخطر الحقيقي الذي يواجه الرئيس بايدن هو ما سيحدث في حال عجز الولايات المتحدة عن الوفاء بالالتزامات التي تعهد بها لحليفتين ـ هما إسرائيل وأوكرانيا ـ متورطتين في حربين تخصاهما، ولا تبدو لهما من نهاية في الأفق.

في كلا الصراعين، يحاول بايدن أن يوضح للبلد وللعالم أن التزام أمريكا أكبر من محض الدعم المالي والعسكري، ولكنه يمتد أيضا إلى الثقل الدبلوماسي والسياسي الكامل للولايات المتحدة الكامن وراء الدعم المالي والعسكري. ويبدو أن إرادة بايدن السياسية تتضاءل، حيث قررت الولايات المتحدة عدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الداعي إلى وقف القتال في غزة، برغم عدم إدانة القرار لحماس بسبب بدئها هذه الحرب.

غير أن بايدن لم يحسن إلى نفسه بالتقليل من هذه المخاطر. ففيما يتعلق بأوكرانيا، كثيرا ما تحدث بقوة لكنه تصرف بتردد، كما فعل في حالة الموافقة على نقل الأسلحة المتقدمة التي تشتد الحاجة إليها، من قبيل طائرات إف-16 والصواريخ بعيدة المدى، فلم يوافق عليها إلا بعد أشهر، مما أهدر وقتا ثمينا.

وفيما يتعلق بإسرائيل، تردد بايدن بالقدر نفسه. ففي البداية أعرب عن دعمه الخالص لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والرد على هجوم حماس، لتتغير نبرته ويبدأ في الضغط على إسرائيل لحملها على تقديم المزيد والمزيد من التنازلات لغزة الخاضعة لسيطرة حماس.

وتحريا للوضوح نقول إنه إذا لم يتمكن بايدن من الوفاء بهذه الالتزامات، فلن تكون هناك مخاطر مادية فقط على حلفائنا. فهو نفسه قد يواجه مخاطر سياسية حادة أيضا. فمن شأن ما يشيع عنه من ضعف أن يسمح لمنافسه المحتمل في عام 2024، أي الرئيس السابق دونالد ترامب، أن يقول إن الديمقراطيين ضعفاء، انتخبوني، ويمكنني إنهاء كلا الصراعين في يوم واحد.

وليس من قبيل الصدفة أن نقطة التحول بالنسبة لبايدن من حيث استحسان الأمريكيين لأدائه الوظيفي جاءت في صيف عام 2021 مع الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، الذي ـ برغم ضرورته عسكريا وسياسيا ـ تم تنفيذه بطريقة جعلته يعزز التصورات عن تراجع قوة أمريكا واستعدادها للتخلي عن حلفائها.

قبل الانسحاب من أفغانستان، كانت معدلات استحسان أداء بايدن ثابتة عند 50% أو أعلى، ولكن في أكثر من عامين منذ ذلك الحين، لم يتجاوز بايدن مستوى الأربعينيات المنخفض، حيث تبلغ نسبة استحسان أداء الرئيس حاليا 37%. بحسب استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة جالوب. هناك بالطبع أسباب عديدة لانخفاض معدلات استحسان أداء بايدن. فقد تفشى التضخم في كامل رئاسته تقريبا، وهناك تشاؤم مستمر إزاء حالة الاقتصاد، ولم تزل الحدود الجنوبية تشكل أزمة.

ولكن من الخطأ تجاهل تأثير البيئة الجيوسياسية على مكانة بايدن المحلية، وهو تأثير يثير القلق على نحو متزايد.

واقع الأمر هو أنه برغم اعتقاد بايدن أن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دورا نشطا في الدفاع عن القيم الليبرالية في كل مكان تتعرض فيه للتهديد، فقد جاءت نتائج سياسات بايدن مختلطة في أحسن الأحوال، واستمرت المعارضة في التنامي، مما زاد من الخطر على وضع بايدن.

وبعبارة أخرى، وسط تنامي الاستياء الداخلي بشأن الأمن الوطني والاقتصاد والهجرة وقضايا أخرى، فضلا عن المخاطر السياسية التي تهدد رئاسة بايدن، يبقى السؤال مفتوحا حول ما إذا كان بايدن سيتمكن من الحفاظ على الالتزامات التي تعهد بها تجاه حلفائنا أم لا؟ لم يعد هذا محض سؤال افتراضي. فلم تزل أكثر من 100 مليار دولار من مساعدات زمن الحرب لأوكرانيا وإسرائيل متوقفة في مجلس النواب، حيث يعارض الجمهوريون زيادة الإنفاق لأوكرانيا مع دخول تلك الحرب عامها الثالث. وهناك أيضا إحباطات متزايدة بشأن وضعنا المالي.

ولا نعرف بعد إن كان بايدن يمتلك رأس المال السياسي للدفع بهذه الحزم من المساعدات، خاصة مع المعارضة العامة الراسخة في اليمين لتمويل أوكرانيا ومطالب اليسار متزايدة القوة بتعليق المساعدات لإسرائيل إذ تقاتل حماس.

وفي السياق نفسه، في حين يميل الأمريكيون إلى دعم إسرائيل أكثر من أوكرانيا بسبب العلاقات التاريخية بين إسرائيل والولايات المتحدة، فهناك فرصة كبيرة جدا لأن يتبدد الدعم الشعبي لكلتا الحربين مع طول أمد الحملة الإسرائيلية ضد حماس.

ومن المفارقات أن الشيء الوحيد الذي يوحد الجناح اليميني في الحزب الجمهوري والجناح اليساري في الحزب الديمقراطي هو المعارضة الشديدة لالتزام بايدن بمساعدة أوكرانيا وإسرائيل في خوض حربين لم ترغب أي من الدولتين في خوضهما ولكنهما خاضتاها مرغمتين.

علاوة على ذلك، فإن معارضة «الحزبين» للمساعدة المقترحة من بايدن لأوكرانيا وإسرائيل هي على وجه التحديد التي تهدد بتقويض الإدارة في أسوأ وقت ممكن: أي قبيل انتخابات عام 2024.

في غضون أقل من عام واحد، من المرجح أن يجد بايدن نفسه في مواجهة دونالد ترامب، الذي روَّج بقدر من النجاح فكرة أن العالم كان أكثر أمانا في ظل وجوده في المكتب البيضاوي، وهي حجة لم يزل الأمريكيون يجدونها مقنعة في ضوء حالة العالم اليوم.

تحقيقا لهذه الغاية، يقول 53% من الناخبين المسجلين إنهم يثقون في قدرة ترامب على القيام بعمل أفضل فيما يتعلق بالأمن الوطني، مقارنة بـ 41% فقط يقولون إنهم أكثر ثقة في بايدن، وفقا لاستطلاع نيويورك تايمز/سيينا.

ومع ذلك، فإن الأكثر خطورة على بايدن هو الانقسامات المتزايدة داخل حزبه نفسه، بين اليسار التقدمي والديمقراطيين الأكثر اعتدالا بشأن دعم إسرائيل. ويزداد نقص دعم إسرائيل حدة بصفة خاصة في أوساط الشباب وفي بعض المنظمات التقدمية الأمريكية الإفريقية. فقد روجت إحدى النائبات التقدميات، وهي النائبة رشيدة طليب (الديمقراطية عن ولاية ميشيجن)، للغة التي تستخدمها حماس بانتظام.

وبينما واجهت تلك النائبة التدقيق المناسب من الديمقراطيين المعتدلين، ومنهم الأعضاء الاثنان والعشرون الذين صوتوا لتوجيه اللوم إليها، فمن المثير للقلق بالنسبة لمستقبل الحزب الديمقراطي بأكمله أن البعض في الجناح الأعلى صوتا في الحزب لم يدينوا حماس إدانة لا لبس فيها، وهي المنظمة التي أدرجتها وزارة الخارجية في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

في النهاية، العالم كما يراه بايدن هو عالم عالق في معركة بين قوى الديمقراطية والمستبدين الداعين والعازمين على مراجعة وتمزيق النظام العالمي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة. ولقد بات إرث بايدن السياسي مرتبطا بشكل لا ينفصم بدور أمريكا باعتبارها ترسانة للديمقراطية.

ومع ذلك، فإن طول فترة العجز عن تمرير أي حزم تمويلية في الكونجرس ينطوي على خطر كبير يتمثل في دعم هجمات الجمهوريين بقولهم إن بايدن رئيس ضعيف وغير فعّال، ويجب أن يحل ترامب الأقوى محله. فقد يؤدي هذا حقا إلى تحطيم آمال بايدن في إعادة انتخابه.

لو أن بايدن يرجو اجتناب مصير جيمي كارتر، الذي نجمت هزيمته الساحقة في عام 1980 إلى حد كبير عن التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المشابهة للتي تواجه بايدن، فيجب عليه أن يجد طريقة لضمان وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها التي قطعناها على أنفسنا لحلفائنا، وللعالم.

دوجلاس إي شوين هو مستشار سياسي عمل مع الرئيس كلينتن ومع حملة مايكل بلومبرج الرئاسية لعام 2020. كتابه الجديد هو «نهاية الديمقراطية؟ روسيا والصين في صعود وأمريكا في تراجع».

شاول مانجيل هو أحد كبار الاستراتيجيين في شركة شوين كوبرمان للأبحاث.

عن ذي هيل

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة

قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة

مقالات مشابهة

  • فورين بوليسي: حرب غزة أبرزت حجم ومحدودية تأثير واشنطن على إسرائيل
  • "فورين بوليسي": حرب غزة أبرزت حجم ومحدودية تأثير واشنطن على "إسرائيل"
  • نقطة اشتعال.. بايدن على الهامش وإسرائيل تُعيّد تشكيل الشرق الأوسط
  • صحيفة أمريكية: بايدن متفرج في ظل إعادة إسرائيل تشكيل المنطقة
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟
  • هكذا يرى خبراء غربيون نقاط القوة والضعف لدى حماس وإسرائيل
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • من هو روحي مشتهى الذي أعلنت إسرائيل مقتله واثنين آخرين من قادة حماس ؟
  • محلل: بايدن لا يملك السيطرة على نتنياهو.. وإسرائيل لا تملك إلا خيار الرد