ترامب الهولندي.. يُثير القلق من صعود اليمين المتطرف في أوروبا
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
يكشف الانتصار الانتخابي لزعيم الحزب المعادي للإسلام خيرت فيلدرز في هولندا الكثير عن الحالة التي تعيشها أوروبا، ولكن المخاوف من سيطرة اليمين المتطرف لا تشكل سبباً للذعر حتى الآن.
وذكر تقرير لماري ديغيفسك في "إندبندنت" البريطانية، عن المخاوف من صعود اليمين المتطرف في هولندا ومنها إلى أوروبا، أنه في حين يعتقد البعض أن من الآمن الابتعاد عن تقلبات الانتخابات في أوروبا، والتركيز بدل ذلك على العديد من القضايا الأخرى التي تزعج القارة اليوم، فقد أصبح الناخبون في هولندا أحدث الذين أججوا المخاوف من صعود اليمين المتطرف.How scared should we be of the rise of the ‘Dutch Trump’? | Mary Dejevsky https://t.co/V6WJ3vOF1w
— Independent Premium (@indypremium) November 25, 2023 من اليمين إلى اليمينتصدر حزب الحرية الذي يتزعمه السياسي القومي المتطرف خيرت فيلدرز، استطلاعات الرأي هذا الأسبوع، بسهولة، بحصوله على 37 مقعداً برلمانياً من أصل 150، أما الحزب الثاني، الذي حصل على ما بين 25 و 24 مقعداً على التوالي، فكان تحالفاً يسارياً برئاسة سياسي مخضرم آخر، فرانس تيمرمانز، وحزب يمين الوسط، يليه ذيل طويل من الأحزاب الأصغر حجماً التي تمتد عبر سلسلة كاملة من السياسات من اليمين إلى اليمين.
كان فيلدرز عنصراً أساسياً في السياسة الهولندية لفترة طويلة، ودخل البرلمان منذ ربع قرن من الزمان، وأسس حزب الحرية في 2006. ورغم أنه خفف بعض الشيء لهجته المناهضة للمسلمين هذه المرة، لكنه وقف على برنامجه المألوف المتمثل في عدائه للهجرة، ومقاومة ما يعتبره "تمييع" الهوية الوطنية الهولندية، والخروج من الاتحاد الأوروبي.
لكن هذه المرة، في أحد النواحي الرئيسية، كان يطرق الباب المفتوح، حيث انهار الائتلاف الذي حكم هولندا عامين تقريباً ومكّن المحافظ، مارك روته، من البقاء رئيساً للوزراء مدة قياسية بلغت 13 عاماً، بسبب نزاع على الهجرة ولم يكن ذلك مفاجئاً.
حاولت حكومة روته، وفشلت، في فرض قيود أكثر صرامة على طلبات اللجوء، استجابة للقلق العام من الأعداد غير المسبوقة والمخيمات المكتظة.
اليمين على عتبة السلطةاعترض الحزب المسيحي الصغير على تقسيم العائلات إذا كان عدد المُعالين محدوداً، وكما هو الحال مع الأحزاب الدينية الصغيرة، لم يكن هناك أي حل وسط. ولم يكن ممكناً إعادة تشكيل الائتلاف، وسنحت الفرصة أمام فيلدرز للتقدم، حسب المقال.
Far-right leader Geert Wilders wins a surprise victory in the Dutch election. Here’s everything you need to know: https://t.co/x6vmB0Sk0y
— Bloomberg (@business) November 23, 2023والعجيب في الأمر لم يكن أن أداء حزبه كان على ما يرام بقدر ما كان في حجم انتصاره المفاجئ في الانتخابات.
وتقول الكاتبة: "من المهم ألا ننجرف في فكرة مفادها أن اليمين المتطرف أصبح على عتبة السلطة في هولندا، أو أن شيئاً مثل النازية الجديدة، أو الليبرالية، أو أي شكل آخر ،يجتاح مختلف أنحاء أوروبا".
والنمط ليس موحداً، والحقيقة هي أن قوة اليمين المتطرف، إن لم يكن نفوذه دائماً، تظل مقيدة غالباً من نفس المؤسسات الديمقراطية التي تسمح لمرشحيها بالترشح للانتخابات.
في الأشهر الأخيرة، سارت أوروبا في الاتجاهين، ففي أكتوبر (تشرين الأول)، منحت سلوفاكيا، وهي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 5.5 ملايين نسمة، حزب سمير الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو القومي الشعبوي على غرار فيكتور أوربان في المجر، المركز الأول بـ23% من الأصوات.
وبعد بضعة أسابيع فقط، منحت بولندا، 38 مليون نسمة، النصر لحزب الائتلاف المدني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق ورئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، الوسطي المؤيد للاتحاد الأوروبي، ما زاح حزب القانون والعدالة القومي المحافظ. دون الاتفاق حتى الآن على تشكيل أي حكومة ائتلافية، لكن من المرجح أن يرأسها تاسك.
Italy elections: Far-right Giorgia Meloni set to win prime minister leadership race https://t.co/tgqZZkZm7j
— The Independent (@Independent) September 26, 2022 مكاسب اليمين المتطرفوالآن، تقول الكاتبة، من الممكن القول إن بولندا خالفت الاتجاه الأكبر، فإذا نظرت إلى الماضي القريب، فستجد أن أحزاب اليمين المتطرف حققت مكاسب. لكن جيورجيا ميلوني كانت استثناءً في اكتساح صناديق الاقتراع بنسبة مشاركة منخفضة، لتصبح أول رئيسة وزراء لإيطاليا.
وحتى لو تصدرت أحزاب اليمين المتطرف استطلاعات الرأي، فقد لا ترأس الحكومة الجديدة أو حتى تدخل الحكومة على الإطلاق وهو ما قد يحدث في هولندا.
وتجتمع الأحزاب الأخرى لعرقلة طريقها إلى السلطة، أو يضمها لائتلاف حكومي. وحتى عندما يكون لها نصيب في السلطة، فإن هذه السلطة تكون مقيدة.
فاز المحافظون في الانتخابات في فنلندا في أبريل (نيسان) الماضي، ويشارك حزب الفنلنديين القومي في الائتلاف الذي تشكل بعد ذلك.
وفي السويد في العام الماضي، تصدر الديمقراطيون الاشتراكيون استطلاعات الرأي، لكن أولف كريسترسون من الحزب المعتدل من يمين الوسط أصبح رئيساً لوزراء حكومة أقلية تعتمد على حزب الديمقراطيين السويديين اليميني.
ولا يمكن استبعاد أسباب أخرى غير التحول الحتمي نحو اليمين المتطرف لتفسير نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة، قد يكون أحدهما مسؤولية شغل المناصب، والتي يمكن تفسيرها جزئياً بدورها بما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الأداء غير الكافي للعديد من الحكومات من ليمين أو اليسار، خلال جائحة كورونا، وانعدام الثقة العامة، والمتزايدة على ما يبدو، في الحكومة بشكل متزايد.
الهجرة واليمين المتطرفولا بد من القول أيضاً إن القضية الكبرى في يومنا هذا هي الهجرة، خاصة ما يسمى بالهجرة غير النظامية التي توفر تربة خصبة لأي حزب يميني متطرف.
German police arrest two men accused of smuggling as many as 200 migrants into the European Union. https://t.co/gRrZlYy1jA
— ABC News (@ABC) November 25, 2023ولكن، تتساءل الكاتبة: "هل هو القلق العام من الهجرة، والإحباط من عجز الأحزاب الرئيسية عن خفض الأعداد أثناء وجودها في السلطة، أم أن اليمين المتطرف يعمل على تأجيج نيران كراهية الأجانب لتحقيق أهدافه؟ هناك فرق. ولعل الغزو الروسي لأوكرانيا ساعد أيضاً في دفع الرأي العام في دول الشمال بشكل خاص، نحو اليمين ذي التوجهات الأمنية.
وقد تلعب تجزئة العديد من الأنظمة الحزبية دوراً أيضاً، ومن المرجح أن يكون هناك 16 حزباً ممثلاً في البرلمان الهولندي الجديد.
وفي ظل هذا الاختيار الواسع، فإن الحزب الذي يفوز، على سبيل المثال، بـ37 مقعداً في المجلس التشريعي المؤلف من 150 مقعداً، مثل حزب حرية فيلدرز، قد يبدو وكأنه حصل على قدر كبير من الدعم، في حين أنه لا يملك سوى 25% من المقاعد.
وقد يكمن الخطر الأعظم في استبعاد حزب الحرية الهولندي وغيره من الأحزاب الأخرى من التيار الرئيسي أو نفيها، وهنا على الأقل، ونتيجة لانتخابات ديمقراطية، أصبحت هولندا وبقية أوروبا تعرف النتيجة.
ومن المؤكد أن الاستجابة المنطقية، كما قد يقول الأطباء، هي "الانتظار اليقظ" قبل أن تصوت دول الاتحاد الأوروبي في الانتخابات البرلمانية، في العام المقبل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة هولندا الیمین المتطرف فی هولندا
إقرأ أيضاً:
المستقبل الإقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٨- ١٠)
تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الإقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتى انخرطت فى صراعات مدتها 231 عاما من أصل 248 عاماً من وجودها، واستنادًا على شعار ترامب «أمريكا أولًا»، والذى أكده خلال حفل تنصيبه ٢٠ يناير الحالى، فإن توجهاته تعكس هذا الشعار، وفى هذا السلسلة من المقالات سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الاقتصادى على دول المغرب العربى (تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا)، خطاب التنصيب لترامب يؤكد أن ولاية ترامب الثانية ستشهد تركيزًا على تعزيز المصالح الوطنية الأمريكية، ما قد يؤدى إلى تقليل التدخلات الدولية. ومع ذلك، فإن هذا النهج يحمل مخاطر تصعيد التوترات مع خصوم الولايات المتحدة خاصة الصين، ويقوض التحالفات التقليدية، ويجعل مستقبل السياسة العالمية أكثر تعقيدًا. ولكن منذ نشأة اتحاد المغرب العربى عام 1989 إلى الآن لم يتحقق أى إنجاز، ولا شىء يذكر يحقق التكامل الإقتصادى، والتوافق السياسى. إذ لا يوجد مخطط لوجستى للنقل عبر مد خط حديد موحد يجمع بين تلك الدول أو تنمية مشتركة أو عملة نقدية موحدة أو سوق مغاربية مشتركة، وبالتالى فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه دول المغرب العربى تنبنى على أساسين: الأول اقتصادى، والثانى أمنى وسياسى. فالهدف الاقتصادى يتمثل فى إقناع دول المغرب العربى بضرورة بناء سوق موحدة تمكن المستثمرين الأمريكيين من الاستفادة من هذه السوق. أما الهدف السياسى، فأساسه تذويب الخلافات السياسية الحادة بين دول المغرب العربى، ومنها على الخصوص أزمة الصحراء بين الجزائر والمغرب، وهى سبب أساسى لمشاكل المغرب العربى، فالجدل اليوم يطرح نفسه حول مدى جدية تواجد هذا الإتحاد على أرض الواقع، وإيجاد تسوية عادلة وشاملة تحقق وحدته وتطلعاته إلى مستقبل تكتل إقليمى يكون موازياً للاتحاد الإفريقى، والاتحاد الأوروبى، وانطلاقا من مفهوم الاختلاف فى تأسيس القاعدة الأساسية للإقتصادات الوطنية لدول المغرب العربى يعتبر ذلك التكامل مفقود، فإنغلاق كل دولة على ذاتها وتأسيس نظام اقتصادى خاص بها يتعارض مع فلسفة الاتحاد، فإتحاد المغرب العربى يعتبر اليوم من المنظور الدولى هو عبارة عن تجمع فارغ المحتوى. وما نود أن نشير إليه أنه رغم ما حققه الرئيس ترامب من فوز ساحق فى الانتخابات الرئاسية، لكن العالم اليوم مختلف تمامًا عن العالم الذى تركه ترامب فى يناير عام 2021، لأنه يواجه مشهدًا عالميًا يتميز بعدد من النقاط المشتعلة بكثافة، والتى أكدها ترامب خلال خطاب التنصيب يوم الاثنين الماضى، ويؤكد الخطاب أن عام 2025 سوف يكون عام زيادة التحديات الجيوسياسية، حيث أكد تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، وضم قناة بنما التى تسيطر عليها الصين رغم الدعم الأمريكى لها، وهى أمور تنذر بزيادة حدة النزاعات العسكرية، وهو ما يتفق مع تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى بدافوس، من أن الصراعات المسلحة هى أكبر خطر عام 2025، وأن العالم الآن يتسم بأنه عالم يتميز بالانقسامات العميقة، والمخاطر المتعاقبة، وبالتالى فإن الاختيار بين تعزيز التعاون والمرونة أو مواجهه تفاقم عدم الإستقرار سوف تكون هى الاختيار الوحيد فى الفترة القادمة. خاصة بعد إدراك واشنطن الأهمية الإستراتيجية لمنطقة المغرب العربى منذ الحرب العالمية الثانية، وللحديث بقية إن شاء الله.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام