ما هو القرض الحسن وشروطه؟ .. دار الإفتاء تكشف ضابطه
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول ما هو القرض الحسن؟ وما هو ضابطه؟ وما كيفية سداده؟
القرض الحسن حلال أم حرام.. ضوابطه وكيفية سداده ومتى يكون ربا؟ القرض الحسن وشروطه.. ماذا يحدث عند انهيار القيمة؟وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن القرضُ الحسنُ: هو ما يُعطيهِ الشخصُ المُقرِضُ مِنَ المالِ ونحوِهِ قُرْبةً وإرْفَاقًا للشَّخصِ المقترِضِ دونَ اشتراطِ زيادة، لِيَرُدَّ إليْهِ مِثلهُ.
وقد عبَّر عن حقيقته الإمام الطاهر ابن عاشور بقوله في "التحرير والتنوير" (27/ 377، ط. الدار التونسية): [القرض الحسن: هو القرض المُسْتَكْمِلُ محاسِنَ نَوْعِهِ من كَوْنِهِ عن طِيب نفسٍ وبشاشةٍ في وجه الْمُسْتَقْرِضِ، وخُلُوٍّ عن كل ما يُعَرِّضُ بالْمِنَّةِ أو بتضييق أجل القضاء] اهـ.
وذكرت دار الإفتاء، أن إقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب.
واستشهدت دار الإفتاء بقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].
وقالت أنه إذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القَرْضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقْرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائج الناس وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربُّح؛ لأنَّه من عقود التبرعات لا المعاوضات.
سداد القرض الحسنوأكدت أن الأصل أن يتم سداد القرض بمثله؛ فإنه من المقرر شرعًا وفاء القرض بمثلهِ قدرًا وصفةً بالنسبة للنقود الورقية، لأنها من الأموال المثلية، وتُرد بمثلها طالما لم ينقطع التعامل بها، ولا أثر لغلائها أو رخصها في سداد القرض ما دامت صالحة للتعامل ولم يحصل لها انهيار في القيمة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395) في شرائط القرض: [أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين؛ فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.
وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 162، ط. دار الفكر): [(وإن كان) مثليًا (مما يوزن أو يكال) أو يعد (فليرد مثله..)] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(ويرد) في القرض (المثل في المثلي)؛ لأنه أقرب إلى حقِّه] اهـ.
وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 242- 243، ط. المكتب الإسلامي): [(ويجب) على مقترض (رد مثل فلوس) اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها.. قَالَ الْمُوَفَّقُ: إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت؛ رد مثلها؛ كما لو اقترض عرْضًا مثليًّا؛ كبُرٍّ وشعير وحديد ونحاس، فإنه يرد مثله وإن غلا أو رخص؛ لأن غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض] اهـ.
معنى القرض الحسنوقال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن القرض مشروع بكتاب الله تعالى وسُنة رسوله وإجماع الأمة، وإن سد حاجة المحتاجين والذين يريدون المال لحاجة عندهم من الأمور الحسنة بل هو أفضل من الصدقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضاف "علام"، فى إجابته عن سؤال مضمونه «حكم من كان عليه دين هل يجوز له أن يأخذ من الزكاة ليسدد دينه؟»، أنه عندما يكون المدين فى ذمته قرض عليه أن يرده فى الوقت المحدد لأن الدائن فى هذه الحالة فى حاجة إلى السداد وفى حاجة إلى ماله الذى أعطاه قرضًا لغيره.
وأشار إلى أن السائل لا يقصد أن لديه من الأموال ما تجب فيه الزكاة وإلا فإنه لا يكون عاجزا عن السداد، وإنما المقصود أن يسدد هذا الدين من الغير إليه وأن يعطى من أموال الزكاة، حيث حدد الله تعالى مصارف الزكاة فى قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } فهنا لفظ الغارمين الذى ورد فى الآية الكريمة يتعلق بهؤلاء المدينين الذين لا قدرة لهم على الوفاء بديونهم، ومن ثم فإنه يجوز لهذا السائل أن يسدد دينه من مال الزكاة بل هو من المصارف الثمانية المنصوص عليها فى الآية القرآنية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرض الحسن دار الإفتاء القرض الحسن دار الإفتاء أن یکون
إقرأ أيضاً:
حكم تخصيص رجب بالصدقة اعتقادا بفضله.. الإفتاء توضح
حكم تخصيص رجب بالصدقة اعتقادا بفضله.. أمر بينته دار الإفتاء حيث يتساءل الكثيرون عن فضل الصدقة وإخراجها في هذا الشهر الحرام.
حكم تخصيص رجب بالصدقة اعتقادا بفضلهتخصيص رجب بالصدقة لاعتقاد فضله، الصدقة مشروعة في كل وقت، واعتقاد فضيلتها في رجب بذاته اعتقاد خاطئ، وفقا لما جاء في (أعجب العجب في بدع شهر رجب) للشيخ علي أحمد عبد العال الطهطاوي.
كما بينت دار الإفتاء، فضل شهر رجب وتعظيمه وأنه ثابت بقطع النظر عن درجة الأحاديث الواردة في فضائله، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة أو موضوعة؛ وذلك لكونه أحد الأشهر الحرم التي عظمها الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، وعيَّنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث "الصحيحين" في حجة الوداع بأنها ثلاثة سَرْد -أي متتالية-: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد: وهو رجب مضر الذي بين جمادى الآخرة وشعبان.
وذكر الإمام الطبري في "تفسيره" عن قتادة أنه قال: "إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حالٍ عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء"، وروى عنه أيضًا قال: "إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه؛ اصطفى من الملائكة رسُلًا، ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلةَ القدر، فعظِّموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل".
وأكدت الإفتاء أن من تعظيم هذا الشهر: كثرة التقرب إلى الله تعالى بالعبادات الصالحة؛ من صلاة، وصيام، وصدقة، وعمرة، وذكر، وغيرها، فالعمل الصالح في شهر رجب كالأشهر الحرم له ثوابه العظيم.
وأوضحت الإفتاء، ثم إنه ليس هناك ما يمنع من إيقاع العبادة في أي وقت من السنة إلا ما نص الشرع عليه؛ كصيام يومي العيد الفطر والأضحى وأيام التشريق.
بينما قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إنه لم يثبت خبر صحيح في عبادة بعينها في شهر رجب، منوها أن شهر رجب من الأشهر الحرم وفيه تزيد الحسنات عن الأعمال الصالحة والعبادات فيه.
وأضاف أحمد كريمة، في لقائه على الفضائية المصرية، أنه لا يوجد اختصاص شهر رجب بصيام أو صلاة أو قيام أو ذبائح، وقد تكون هذه الأمور كانت في الجاهلية قبل الإسلام، فقد كان العرب يعظمون شهر رجب.
وتابع: جرى المصريون في فقههم على أن شهر رجب من المواسم الإسلامية ومواسم الطاعات والاحتفال فيه بمعجزة الإسراء والمعراج، ولكن لم يختص شهر رجب بعبادة معينة.
وأوضح، أن هناك قاعدة لابد للناس أن ينتبهوا إليها، وهي أن الزيادة في الدين مثل النقص في الدين، فكلاهما في الذنب سواء، فالنبي ترك لنا المحاجة البيضاء وعلينا أن نقف عند مورد النص.
الصيام في شهر رجبأكدت دار الإفتاء المصرية، أن الصيام في شهر رجب مستحب؛ لعموم النصوص الشرعية التي تندب الصوم مطلقًا، وما ورد في صيامه حديث ضعيف، لكنه يُعمل به في فضائل الأعمال.
وقالت دار الإفتاء، إنه لا مانع شرعًا من الفرح والتهنئة بحلول شهر رجب؛ فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل رجب قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ».
من جانبه، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن شهر رجب، يسمى بـ«الأصم، والفرد»؛ لأنه انفرد عن بقية الأشهر الحرم، حيث جاءت متواليات وجاء هو منفردًا، كما يسمى برجب مُضَر؛ لأن قبيلة مُضر كانت تعظمه.
وأكد أن شهر رجب من الأشهر الحُرُم التي عظمها الله سبحانه وشرّفها وفضّلها على سائر الشهور، والتي يُحسن المسلم فيها استقبال شهر رمضان المبارك.
وردًّا على ما يُثار بأنَّ صيام شهر رجب من البدع، قال مفتي الجمهورية، إن هذه من الشبهات الموسمية التي تتكرَّر في كل موسم، فالبدعة المذمومة هي ما يبطل الدين، وما كان على خلاف الشرع الشريف، والمردِّدون لهذه الشبهات يستدلون في كلِّ موضع بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمد، وشر الأمور محدَثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".
وأوضح مفتي الجمهورية أن العلماء المعتبرين تحدثوا كثيرًا عن أقسام البدعة، فتحريم الأمور المبتدعة ليس على إطلاقه، وعندما نقرأ النصوص الشرعية مجموعة نخرج بأن البدعة المحرمة هي تلك البدعة التي تبطل أحكام الإسلام، أما ما تتوافق معها فتدخل في دائرة السنة الحسنة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"؛ ولذلك ينبغي أن نقرأ النصوص قراءة متكاملة.
واختتم المفتي حواره بحسم اللغط الدائر حول الصوم في شهر رجب قائلًا: إن الصحيح -وهو قول جمهور الفقهاء- استحباب التنفل بالصيام في شهر رجب كما هو مستحب طوال العام، والصوم في رجب بخصوصه وإن لم يصح في استحبابه حديثٌ بخصوصه، إلا أنه داخلٌ في العمومات الشرعية التي تندب للصوم مطلقًا.