جاء فجر اليوم السَّابع من تشرين الثاني/أكتوبر 2023، كصاعقة على رأس صنَّاع القرار في «إسرائيل»، على المستويات السِّياسيَّة والأمنيَّة والعسكريَّة، وكذلك الولايات المُتَّحدة وإدارة الرئيس الأميركي جو بادين، والبعض في عواصم الغرب الأوروبي. فالعمليَّة العسكريَّة الَّتي انطلقت من القِطاع كانت ذات وقعٍ كبير من حيث «الخدعة العسكريَّة» الَّتي ضلَّلت كُلَّ أجهزة الأمن في «إسرائيل» وغيرها.

ومن حيث الإنجاز الميداني الَّذي حقَّقته بعد ساعاتٍ من انطلاقها مع اقتحام مُستعمرات «الغلاف» المحيط بقِطاع غزَّة. كذلك الوحدة الفوريَّة الَّتي تجلَّت في السَّاعات التالية من العدوان «الإسرائيلي» على القِطاع وحتَّى الآن، وحدة كتائب القسَّام، وشهداء الأقصى، وسرايا القدس، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، وألوية الناصر صلاح الدين… وبالطبع لَمْ يكُنْ انفجار الصَّاعق مقطوعًا عن مُسبِّباتٍ قاصمة، زرعها الاحتلال، وممارساته على امتداد الأرض الفلسطينيَّة المحتلَّة، وخصوصًا مدينة القدس، والتهويد الزاحف للأرض الفلسطينيَّة، وارتفاع منسوب الدَّوْر الإرهابي والتخريبي على امتداد أرياف وقرى الضفَّة الغربيَّة، والَّذي باتَ سياسةً ونهجًا مُعلنًا لعصابات الفاشيَّة الهمجيَّة الاستيطانيَّة، وقائدها الوزير المتطرف ايتمار بن جفير رئيس ما يُسمَّى بـ»الحرس القومي»، وهو ما أشار إليه ضِمنًا الأمين العامُّ للأُمم المُتَّحدة في اجتماعات مجلس الأمن الَّتي تلَت العدوان «الإسرائيلي» على القِطاع. الردُّ «الإسرائيلي» على العمليَّة العسكريَّة فجر اليوم إيَّاه، وعلى موجات المقاومة من القِطاع، كان وما زال دمويًّا عنيفًا، وهو الأعنف منذ احتلال القِطاع إبَّان حرب 1967، ولَمْ تشهد مثيله حروب العالَم بأسْرِه من حيث استهداف منطقة محصورة بكثافة من القصف الجوِّي، وعَلَيْها نَحْوُ مليونَيْنِ وثلاثمئة ألف مواطن، بواقع منطقة كثيفة السكَّان يُقيم في كيلومتر مربَّع واحد مِنْها نَحْوُ 6500 مواطن فلسطيني غالبيَّتهم من لاجئي العام 1948. وقَدْ أصاب الردُّ «الإسرائيلي» المدروس مُسبقًا، والموضوع على الخرائط العسكريَّة في وزارة حرب الاحتلال، من قِبل قيادة الجيش في ما تُسميه أجهزته الأمنيَّة بـ»بنك الأهداف»، وهي الأهداف الفرديَّة باستهداف أفراد وقيادات وكوادر عسكريَّة، وسياسيَّة، وبنك استهداف البنى التحتيَّة والحياتيَّة لعامَّة النَّاس، وبالتَّالي في استهداف الحاضنة الوطنيَّة الشَّعبيَّة، ممَّا أدَّى للدَّمار شِبْه الشامل، وسقوط الأعداد الكبيرة من الشهداء وغالبيَّتهم وبنَحْوِ 90% من المَدنيِّين من الأطفال والنِّساء وكبار السِّن.
لقَدْ أحدث العدوان «الإسرائيلي» غير المسبوق على القِطاع، تداعياتٍ هائلة على كُلِّ المستويات داخل دَولة الاحتلال وداعميه الَّذين هرعوا لمدِّ يَدِ المساعدة الماليَّة واللوجستيَّة العسكريَّة لجيش الاحتلال بما في ذلك قدوم حاملات الطائرات (ايزنهاور + جيرالد فورد) والبوارج الحربيَّة وحتَّى غوَّاصة نوويَّة أميركيَّة، وفي التغطية على جرائمه في الميادين السِّياسيَّة والمنابر الأُمميَّة ومِنْها مجلس الأمن الدولي. إنَّ التداعيات الَّتي استولدتها عمليَّة العدوان الواسع وغير المسبوق على القِطاع، والاستخدام المُفرط للقوَّة من قِبل جيش يُصنَّف على أنَّه أقوى رابع جيش في العالَم. إنَّ تلك التداعيات أصابت في الصميم العديد من العناوين المُتعلقة بحياة «إسرائيل» بشكلٍ عامٍّ. وقَدْ نال العنوان الاقتصادي حيِّزًا مُهمًّا مِنْها، والمتوقع لها أن تستمرَّ لفترة قَدْ تكُونُ طويلة. وعَلَيْه، وعلى ضوء نشاط العواصم الإقليميَّة والدوليَّة، تمَّ التوصل إلى تهدئة أو هدنة مؤقَّتة… وربَّما لاحقًا العودة للالتفات للحلِّ السِّياسي المستند للشرعيَّة الدوليَّة وإنهاء الاحتلال وقيام دَولة فلسطينيَّة والقِطاع جزءً أصيل مِنْها.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على الق طاع ة العسکری

إقرأ أيضاً:

الرُهاب النفس اجتماعي الناجم عن العدوان الإسرائيلي لدى المواطنين في الاقليم

الرُهاب النفس اجتماعي الناجم عن #العدوان_الإسرائيلي لدى #المواطنين في الاقليم..
ا.د #حسين_محادين*
(1)
ببساطة علمية، الرُهاب هو #الخوف_الصارخ ازاء حدث كبير واقعا ونتائج غامض لم يوجد له جواب علمي او حتى سياسي مقنع وبالتالي يبقى مبعثا على القلق والتردد في يومياتنا هنا مواطنيين وحكومات وهما هنا لغايات الرصد والتحليل حربا لبنان وغزة انموذجان. .
(2)
اقول ، إن الصراع العسكري والدموي المسلح والتهجير السكاني المتنام في لبنان والاقليم انما يمثل الحلقة الاوسع من الحرب النفسية بين القطبين المتحاربين، وهما عربا ومسلمين واسرائيل على طرفي صراع ايدلوجي ونفسي جغرافي/ سياسي ووجودي على المدى البعيد، خصوصا بعد ان وظفت واستثمرت اسرائيل وبنجاح كل من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في اختراقاتها واغتيالاتها الاستخباراتية والسياسية والايدلوجية لكل من حزب الله وايران معا ولكن على ارض غزة ولبنان في ذات الجدلية والوقت معا..ولعلي اجتهد راصدا ومحللا للواقع، بأن الضرب العسكري في لبنان ولكن العين الاسرائيلة شاخصة فعلا نحو غزة ومآلاتها في ذات الوقت.
(3)
لعل من ابرز ما حققته الحرب الإسرائيلية للاسف من صدمات نفس/ اجتماعية في تدميرها لابرز بنى حزب الله على مرأى من عيون العرب والمسلمين .
(4)
لا ضير من الاعتراف ولغايات التشخيص الدقيق لواقع ومآلات الحرب الراهنة اقليميا وعالميا تنها قد تجلت وباختصار كثيف فيما هو آتِ:-
أ- لقد نجحت اسرائيل المحتلة بامتدادها الغربي بقيادة امريكا في اعادة “هيبتها وقوتها” التكنولوجية والاستخباراتية تحديدا، وبالتالي العسكرية بعد ان تشظت تلك الهيبة السابقة بعيد نجاح اختراقات المقاومه الاسلامية للعدو وهي المدعومة من ايران وحزب الله معا في غزة يوم 7 اكتوبر الماضي ترابطا مع صمود نسبي بالمعنى الزمني للمقاومة الاسلامية ونجاحها في احتفاضها في الاسرى الإسرائيليين في انفاق غزة للان وهذه ورقة الضغط الثقيلة على حكومة اليمين الاسرائيلي ورئيسها نتانياهو.
ب- لقد تراجعت كثيرا ثقة المواطنيبن العرب والمسلمين المنقسمون بدورهم على انفسهم مع او ضد ما جرى لحزب الله من جهة، ومن جهة مقابلة هول الذي جرى ويجري في الاقليم من امكانية التغلب على العدو التاريخي لهم بعد نجاح اسرائيل في حرب لبنان وخلخلتها نسبيا لمفهوم محور الصمود والمقاومة بعمقه وسلاحه الإيراني”الاسلامي”
والسوري وحتى الفلسطيني الحماسي تحديدا، وامكانية هزيمة اسرائيل حاليا بالمعنى الشمولي في ظل اشهارها الميداني والعملياتي لسطوتها المسلحة على دول الاقليم “الشرق اوسطي” ترابطا مع تفوقها الجوي والتكنولوجي والاستخباراتي استنادا للعلم وتوظيفاته الاحدث وليس فقط انطلاقا ايدلوجيتها التوسعية تاريخيا وحتى اليوم.
ج- بعيدا عن التجميل والمراوغات التعبيرية عربيا لهزيمتنا الماثلة في لبنان ، اجتهد قائلا..ربما ساهمت كل من الوقائع والنتائج المرحلية لحرب لبنان الدائرة لآن ، ساهمت في دفع الوجدان الشعبي العربي المرهق اصلا بكل عناوينه الى التكيف المرحلي مع العدو الإسرائيلي بعيد تنامي القناعة الشعبية الكبيرة من قِبل الدول بالمعنى الرسمي والمواطنيين العرب المسلمين معا، بأن اسرائيل المحتلة بعمقها الغربي الداعم مستمرة في تسيدها على الاقليم في ظل سيادة القطب الغربي العولمي الواحد ،وانها قادرة على فعل ما تريد دون اي روادع عسكرية او حتى ما يُسمى مجازا بالشرعية الدولية، وبالتالي هي المهيئة والمخولة فكرا توسعيا وعسكريا في القيام بمهمة تضبيط الاقليم بسكانه الكُثر، دوله وموارده المُستلبه بما يخدم سيادة الغرب العولمي حماية لقاعدتهم المدلله والمتفوقة فعلا في ضوء الحرب المستمرة على مجموع دول الاقليم وهي اسرائيل اولا واخيرا.
د – ان التشخيص العلمي الدقيق اولى محطات العلاج لكل المرارات والخسائر التي نعيشها فكريا وعلميا وعسكريا عربا ومسلمين على امتداد التاريخ المعاصر ..فهل نحن فاعلون..؟.
*استاذ علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

مقالات مشابهة

  • أنصار الله: استهداف المنشآت المدنية في الحديدة دليل على تخبط وضعف كيان الاحتلال الإسرائيلي وحالة الوجع التي يعيشها نتنياهو
  • وزارة النقل والأشغال العامة تدين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على الحديدة
  • رابطة علماء اليمن تدين استهداف العدوان الإسرائيلي الأعيان المدنية في الحديدة
  • وزارة الكهرباء تدين استهداف العدوان الإسرائيلي محطتي الحالي ورأس كتنيب في الحديدة
  • العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد استهداف مقر قيادة حزب الله واغتيال أمينه العام*
  • الرُهاب النفس اجتماعي الناجم عن العدوان الإسرائيلي لدى المواطنين في الاقليم
  • قوى المعارضة تتضامن بوجه العدوان الإسرائيلي.. ولسان حالها: الحرب على لبنان تجر الويلات
  • «المحامين العرب» يدين استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان
  • الأردن وألمانيا يبحثان جهود وقف العدوان الإسرائيلي على غزة
  • «الصحة اللبنانية»: شهيدان و76 جريحا في حصيلة أولية نتيجة العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية