شباب عُمان وأبطال فلسطين
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
د. مجدي العفيفي
(1)
هؤلاء.. إنهزاميون، فهم لا يفقهون!
فقراء فكر.. فهم لا يدركون!
استسلاميون، فهم لا يعقلون!
عن الذين كتبوا على الميديا مُستنكرين مشاهد تمثيلية رمزية للطلاب في بعض المدارس العُمانية في طابور الصباح، تحاكي المشاهد البطولية لأبطال المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني، اعتزازا وافتخارا وتمثلا بالمقاومة الرائعة والمروعة.
هم حفنة من المتسكعين في الميديا، والمغردين على (x) (تويتر سابقا)، هذا إذا كانت أسماؤهم حقيقية وليست حسابات وهمية، مجرد كائنات مُضللة، روجت لهم قناة تائهة في الفضاء، ليست اسما على مسمى، هي قناة «العربية» التي بينها وبين العروبة سنوات ضوئية! وبينها وبين المهنية آماد بعيدة! وهي الوحيدة دون كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، التي سرقت أقوال هؤلاء الشرذمة، لحاجة في نفوس أصحاب القناة قضوها!
(2)
تكذب العربية وهي تعلن زورا وبهتانا وحقدا تحت عنوان مرئي: "جدل وانتقادات واسعة في سلطنة عُمان لمحاكاة العروض العسكرية لكتائب القسام" في عرض أدائي لطلاب إحدى مدارس ولاية بهلاء، وتسعى لتلويث عيوننا وآذاننا بكلمات ثرثر بها هؤلاء المغردون من قبيل: (انتقادات واسعة لطلاب إحدى مدارس) و(على الأجهزة الأمنية التصدي لمثل هذه المبالغة العشواء في المدارس، فلا طائل من هذه البطولات الوهمية التي قد تمتد نتائجها لممارسات غير قانونية من الإنسان العُماني) و(أيعقل أن يتم تعليم أطفالنا برفع الأسلحة ولو كان تمثيل) هكذا بالخطأ اللغوي المبين، و(أين دور حقوق الطفل في المحافظة)، وطالب المنتقدون وزارة التربية والتعليم بالتحرك والتحقيق في "الحادثة".. أية حادثة؟!
ثمة تغريدة قوية للدكتور حمود النوفلي هي بمثابة قفاز ناري ألقاه في وجه تلك القناة تعليقًا على فعلتها التي فعلت في حق عُمان: "قال تعالى في وصف المنافقين: (يَحْسبونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَليْهِمْ هُمُ الْعدوُّ فاحْذَرْهُمْ قاتلهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).. لو كان لديكم مهنية ولا تتصيدون في الماء العكر لذكرتم الآراء التي وضحت الأمر أنَّ هذا مشهد تمثيلي بأدوات بلاستيكية وشمل أعلام كل الدول وليس القسام".
المثير للسخرية فعلا، أن هؤلاء يعتبرون هذا التمثل بإنشاء مليشيات: هل نحن على أبواب إنشاء مليشيات مسلحة على غرار حزب الله والحوثيين.. ماذا سوف يستفيد الأطفال من مثل هذه التمثيليات.
قولوا لنا أيها الفلاسفة الجدد: هل المقاومة الفلسطينية مليشيات؟ إن هذه التعبيرات التي تلوكها ألسنتكم، ويتم تداولها منذ فترة رسختها الآلة الصهيونية البغيضة، وللأسف يستخدمها الخطاب السياسي العربي في مجمله إلا من لا يزال ضميره القومي والعروبي والإسلامي حيًّا، وقد تعاموا مثلكم عن رؤية أن المقاومة الفلسطينية هي حركة تحرر بلا شك في ذلك، ولا يشك في ذلك، إلا أصحاب العقول المريضة، المقاومة في فلسطين ليست مليشيات والترويج لهذا التعبير أنها منظمة إرهابية، فكرة بغيضة، كما سأسرد بعد سطور.
يا أيُّها المغردون، إياهم، اتركوا مثل هذه الأمور، حتى لا تظل ميديا العدو الصهيوني تستخدمكم، وهو عدو بغيض مهزوم مقهور، أصبح أضحوكة العالم، بعد أن تمزقت أقنعته عسكريًا وسياسيًا ومجتمعيًا للمرة الثانية بعد 1973 والبقية تأتي، ولا يزال السقوط مستمرًا ومستعرًا.
(3)
اعلموا يا هؤلاء أنَّ المرحلة القادمة مرحلة حرب، وتجنيد الجواسيس، وأتشارك مع الكاتبة إحسان الفقيه رؤيتها بأن أمريكا ستفتح صناديق ما تبقّى لديها من ورقها المطبوع، لكي تشتري الذمم والنفوس الرخيصة القابلة للبيع، ليس في فلسطين وحدها؛ بل في كُل زاوية من بلاد العالم الإسلامي، أمريكا اكتشفت أن الطيران والمعدات العسكرية والجنود المرتزقة والفبركات الإعلامية وحدها لا تُحقق نصرًا، نحن مُقبلون على مرحلة قلب المفاهيم وتلاعب مفضوح بالأفكار وسيكون ضحيّة كُل ذلك،ذات الذين لديهم هشاشة بالعقيدة بمعناها الأكبر، أرجوكم ركّزوا بالقادم القاتِم، هي حرب عالمية ثالثة حقيقية.
(4)
المفارقة الرائعة أن هذه الروح العُمانية الطلابية رأيناها تتجلى في مدارس ومعاهد كثيرة بالعديد من دولنا العربية خاصة، والإسلامية عامة، ففيما العجب إذن؟
تحية للشباب العُماني، وتحية للطلاب في المدارس، فما أحوجنا إلى بث روح البطولة من جديد البطولة بالمعنى الأعظم والأوسع.. وما أشد احتياجنا إلى سريان روح المقاومة بالمعنى الكوني الأشمل.. أود أيضاً أن أقول لأولئك السلبيين- إياهم- اقرأوا تاريخ عُمان اقرأوا مراحل هذا التاريخ ستجدونه مشحونًا بالمقاومة، وصدقت تغريدة لعُماني أصيل يعلق على كل انهزامي بالقول: "إلى كل مرتزق موجه أو مؤدلج: تيقن أن العُمانيين رضعوا العزة والشجاعة والشموخ منذ آلاف السنين وسطروا بدمائهم الطاهرة ومواقفهم الخالدة وأعمالهم الجليلة ملاحم التضحية والإباء، ولاؤهم للوطن وللسلطان ثابت كثبات جبالهم الشامخة لا يزعزعه نعيق الغربان أو إرجاف المراهقين أو أكاذيب التافهين".
إن هؤلاء لا يقرأون، فارجعوا إلى التاريخ العُماني، ارجعوا إلى عُمان في التاريخ، سترون المقاومة عنواناً خلاقاً لصفحات كثيرة ومثيرة، لكن أكثركم لا يعلمون.
لا سيما أننا نلمح في المنطقة عمومًا، بين الحين والحين، ظهور مثل تلك الدعوات الساذجة الاستسلامية خدمة للموساد الصهيوني الذي ثبت يقينا هشاشته وضعفه، وأنه أكذوبة كبرى ضمن الأكاذيب المؤسسة للكيان الشتات، ذلكم أن الحرب الإعلامية واستغلال واستثمار الميديا مع الكيان الصهيوني المهزوم، هي حرب أشد شراسة وأقوى من الحرب العسكرية.. لماذا؟ لأنها الأكثر امتدادا، والأكثر انتشارا، والأكثر تعبئة للرأي العام إذا صح التعبير، في زمن انتشار التعبيرات والمفاهيم السياسية والإعلامية المغلوطة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حكاية مقيم في قطر
أعرف زميلا عربيا مقيما في قطر وكان لاجئا في إحدى الدول الأوروبية المرموقة والتي تدعي حداثة ورقيا وحفظها لحقوق الإنسان حتى حظي هو وأسرته بجنسيتها لاحقا وكانت عائلته مقيمة هناك وحاول مرات عدة جلب عائلته إلى الدوحة رغم المميزات التي قال إن أسرته تحظى بها هناك من تعليم وصحة ومعيشة ككل ونجح الحمدلله في أن يستقر مع عائلته في الدوحة ولذا سألته ولم كنت تحاول أن تستقدم أسرتك مع تواجد كل هذه الميزات المجانية؟! فأجابني بأن في قطر ما يفوق هذه الميزات فلاحظ استغرابي فاستكمل قائلا:
هنا الأمان الذي أفتقده لعائلتي هناك وهنا أستطيع أن أربي (بناتي) اللائي اقتربن من سن المراهقة على الشريعة والأخلاق والالتزام ولا يستطيع أحد أن يتدخل في تربيتي لهن بالصورة المحافظة التي أريدها أن يكبرن عليها أما هناك فأنا وأم البنات كنا مهددين بسلب بناتنا منا في أي لحظة فهل تتخيلين أن الفتيات حينما يلعبن في الشقة ويصدران صخبا في اللعب نتفاجأ بتواجد الشرطة على الباب يطرقون الباب بشدة بعد شكوى كيدية من الجيران بأن بناتي يتعرضن لعنف أسري داخل البيت فيصدمون بأن الفتيات كن يلعبن ببساطة ولم يتعرضن لأي سوء بل وأزيدك من الشعر أبياتا فهل تتخيلين أن المعلمات والمعلمين في المدرسة ينادين بناتي للسؤال عن معيشتهن داخل المنزل وهل منهن من يتعرض لسوء معاملة أو أن يكن مجبورات على أمر هن كارهات له ؟! الوضع لم أستطع تحمله خصوصا وإن بناتي اقتربن من سن المراهقة وكنت أخشى أن يصعب علي ضبطهن بالصورة التي أتمناها أنا ووالدتهن لهن إذا ما كبرن وباتت إغراءات أوروبا تلمع في عيونهن ناهيكم عن إغراءات زميلاتهن المتحررات ولذا فإنني حاولت أن أستقدم عائلتي وأستوفي الشروط كاملة لأتمكن من تفادي كل هذا الجحيم الذي باتت عائلتي بين الحين والآخر تعيشه هناك والحمدلله نحن مقيمون اليوم في قطر بصورة نظامية ولم نتشتت كما كنا نخشى.
كنا قد حذرنا من عالم (المثلية) الذي يهدد العرب والمسلمين هناك فإذا بخطر خطف الأطفال من ذويهم الخطر الآخر الذي يضاهي الأول قسوة وألما ووحشة وغربة أشد من غربة الجسد الذي سافروا به إلى أوروبا فماذا يعني أن يترصد هؤلاء بأطفال المسلمين هناك وتصيد أي عثرة ليست في قانونهم الوضعي السقيم لانتزاع هؤلاء الأطفال من أهلهم ودون مبالاة لكمدهم وحرقتهم وكأنهم ينتزعون جمادا وليس فلذات أكبادهم من أحضانهم؟! فهل هذه حداثة الغرب الذي لطالما ضج أسماعنا برقيه وحقوق الإنسان لديه وهو والله أبعد من أن يكون على قدر هذه الدعاية الواهية الهشة؟! فكثير من المقاطع الحية تصدّرها لنا مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد تكمد القلب تصور انتزاع الشرطة ومدعي حقوق الإنسان في أكثر من دولة أوروبية لأطفال صغار وبعضهم لم يصل لعمر الثلاث والخمس سنوات وهم يبكون بحرقة وسط صيحات الآباء والأمهات بعد انتزاعهم انتزاعا من أحضان والديهم ولأسباب أقل ما يقال عنها إنها تافهة بينما يغضون النظر عن بيوت مواطنيهم الذي لا تخلو أغلبها من تواجد المدمنين وغير المؤهلين لرعاية أطفالهم أو حتى إنقاذ المشردين في الشوارع ممن يحملون جنسية بلادهم الأصلية ولكنها (فوبيا العرب والمسلمين) المسلطة على رقابهم والحقد الدفين المختزن في قلوبهم السوداء هو من يحركهم تجاه هؤلاء الذين هربوا من حروب أوطانهم الأليمة إلى من كانوا يظنون أنها بلد الأحلام وتحقيق الأماني وبناء مستقبل باهر لأبنائهم فإذا بجحيم أوطانهم جنة لهم ولذا لا تجعلوا من إغواءات وإغراءات أوروبا الضعف الذي تذوبون في حباله دون تفكير وإنني أتمنى أن تثير حكومة أي دولة عربية هذه القضية الشائكة في أي مباحثات تجمعها مع حكومة أي دولة أوروبية ممن تكثر فيها هذه الحوادث المؤسفة والتي تستهدف العرب والمسلمين على حد سواء فلعل الله يأتي بالخير بعد هذا الاهتمام الذي نرجو.. لعل إن شاء الله.
ابتسام آل سعد – الشرق القطرية
إنضم لقناة النيلين على واتساب