جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-22@19:11:39 GMT

ماذا ينتظر "حماس"؟!

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

ماذا ينتظر 'حماس'؟!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

يعيشُ الضمير الإنساني الحُرُّ هذه الأيام محنةً وأزمةً ومأساة إنسانية غير مسبوقة، لم تشهدها البشرية عبر تاريخها الطويل، إنها مذابح وجرائم قادة إسرائيل للأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين المُحتلة، والتي تنقلها شاشات التلفزيون وعلى الهواء مباشرة بلا رحمة، وبمساندة مطلقة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، التي قدمت القنابل المحرمة دوليًا والدبابات والطائرات بمختلف أنواعها، والتعويض عن الخسائر المالية لهذا الكيان الغاصب الذي أصبح منبوذًا أكثر من أي وقت مضى.

ولعل الطلب المرفوع من جمهورية جنوب أفريقيا وعدد من دول العالم الحُر، مطالبين بإجراء محاكمة دولية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وعصابته الإجرامية، لهو خير دليل على ذلك التوجه الشجاع، كما إن المظاهرات الحاشدة في العواصم الغربية خاصة لندن وواشنطن، تُشير إلى صحوة وتحول جذري في مواقف هذه الشعوب ووقوفها مع غزة المنكوبة؛ مما يشكل ضغطًا على الحكومات الإمبريالية المصاصة لدماء الأبرياء في تلك العواصم.

من هنا يجب التأكيد على أن انتصار المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها في أرض الرباط حتمي ومؤكد، فقد قال الله- عز وجل- في محكم كتابه العزيز "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: 47). ومن وسط ركام منازل غزة الصامدة التي تدمرت على رؤوس ساكنيها بنسبة 50 بالمائة من البيوت في هذا الجزء الغالي من أرض فلسطين؛ مخلفة أكثر من 14 ألف شهيدٍ، معظمهم من الأطفال والنساء، سيتجددُ الجهاد وتبدأ حرب تحرير المسجد الأقصى أولًا، ثم فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر؛ كل فلسطين التاريخية. لما لا، وقد سطَّر المجاهدون من كتائب الشهيد عز الدين القسام وسرايا القدس ملحمةً تاريخية تُكتب بماء الذهب يوم 7 أكتوبر 2023؛ حيث أنهوا أسطورة إسرائيل التي أرهبت الجميع، خلال أكثر من 75 سنة من عمر هذا الكيان الغاصب في قلب الوطن العربي، على الرغم من الحصار المضروب على القطاع منذ 17 سنة.

انكشفت حقيقة حكام إسرائيل وضعفهم؛ فلم يكونوا على مستوى الحدث؛ حيث أصابهم الخوف والهلع والصدمة والذل إلى هذه الساعة، على الرغم من مرور عدة أسابيع على هذا الفتح المبين للأمة في عمق القواعد العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وإرسال آلاف الجنود إلى غزة كانت مغامرة غير محسوبة ونكسة جديدة للجيش الإسرائيلي الذي يتعرض لحرب شوارع واستنزاف لأفراده الذين تحولوا إلى صيد سهل للمجاهدين المتحصنين في الأنفاق والمباني العالية؛ حيث يخسر يوميًا العشرات من جنوده وضباطه بين قتيل وجريح.

غزة أصبحت مقبرة للصهاينة، إنها بحق هدية قدمت على طبق من ذهب للمقاومة، ومن المفارقات العجيبة عدم قدرة هذا الجيش على الخروج من دبابات (الميركافا) التي يتحصنون فيها خوفًا من الموت، فإعادة الأسرى أصبح هدفاً بعيد المنال، فعقد صفقات التبادل مع حماس أصبح في مراحله الأخيرة.

السؤال المطروح الآن: هل سيحقق هذا الجيش المنهار معنوياً- والذي أصبح سجينا في المدرعات والمجنزرات- الأهداف التي وضعها مجلس الحرب في إسرائيل والمتمثلة في تدمير حماس وإزالتها من المشهد السياسي؟

في واقع الأمر تلك أماني وأحلام قادة إسرائيل ومن بعدهم الإدارة الأمريكية التي لا تنظر إلى قضية فلسطين العادلة إلا بعين واحدة هي عين إسرائيل. فقد أجمع معظم الخبراء في الدراسات الإستراتيجية على استحالة القضاء على المقاومة الفلسطينية مهما استمرت هذه الحرب؛ فالمقاومة الإسلامية المتمثلة في كتائب عز الدين القسام تحارب على أرضها وتدافع عن قضية عادلة ومجاهدوها غايتهم الشهادة في سبيل الله وقبل ذلك كله قد أعدوا مسبقا لهذه المعركة، فلا توجد قوة معتدية ومحتلة عبر التاريخ استطاعت أن تهزم من يرفع راية النضال في سبيل تحرير الأرض، ولعل هروب الجيوش الأمريكية والغربية من أفغانسان وقبل ذلك من فيتنام من الأدلة الدامغة على انتصار أصحاب الأرض.

لا شك أن دولة إسرائيل العنصرية ستنتهي في القريب العاجل حسب توقعات اليهود أنفسهم؛ فانهيار دولة إسرائيل- التي أقامتها الدول الاستعمارية سنة 1948 على أرض فلسطين التاريخية- لم يكن بالأمر الجديد أو المُستغرب؛ بل تنبأ بذلك العديد من المفكرين والمؤرخين اليهود، خلال العقود الماضية؛ إذ توقع هؤلاء نهاية حتمية لهذه الدولة التي تمَّ زرعها في قلب الوطن العربي، والتي قامت بتشريد وتهجير الملايين من أصحاب الأرض الأصليين من الشعب الفلسطيني؛ بل وإبادتهم في كثير من الأحيان؛ فهناك سجل أسود لقادة إسرائيل، فأياديهم ملطخة بدماء الأطفال والنساء والمُسنين من العرب والفلسطينيين، ابتداءًا من بن جوريون الذي تولى الرئاسة في أول حكومة صهيونية، مرورًا بشمعون بيريز ووصولًا إلى رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الذي يقوم حاليًا باستهداف المستشفيات وارتكاب المجازر والإبادة الجماعية وتجويع سكان غزة.

فقد تنبأ المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس بهجرة يهودية عكسية للإسرائيليين إلى أمريكا وأوروبا، وذلك خلال السنوات القليلة المُقبلة، بينما توقع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس قبل استشهاده، زوال إسرائيل عام 2027. وبالفعل كل الموشرات تدل على نهاية دولة الاحتلال قريبا، فكما قيل في سابق الأيام "دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة" فأسرائيل اليوم تستشعر الزوال والهزيمة من منظور كتبهم الدينية، فمملكة داود وسليمان- عليهما السلام- لم تصمد اكثر من 80 عامًا؛ فهي الدولة اليهودية الأولى، بينما الدولة الثانية لليهود وهي (مملكة الحشمونائيم) انتهت في عقدها الثامن أيضًا.

وفي الختام.. لقد كشفت حرب غزة عدم قدرة الأنظمة العربية في المجمل على اتخاذ قرارات تُعبِّر عن الرأي العام العربي وتواكب طموحات الجماهير، فكسر حصار غزة لم يكن أكثر من وهم لم يتحقق، كما أن منع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار كان هدفًا صعب المنال من منظور العرب، وذلك لعدم وجود إرادة حقيقية لوقف المجازر.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  

 

 

القدس المحتلة - رحبت السلطة الفلسطينية وحركة حماس بمذكرتي الاعتقال اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق فيما يتصل بالحرب على غزة.

وقالت السلطة الفلسطينية في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، إن "دولة فلسطين ترحب بالقرار" بإصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها وجدت "أسبابًا معقولة" للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان "المسؤولية الجنائية" عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، فضلاً عن الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.

وقال البيان الفلسطيني إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية يمثل الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته"، وحث الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية على قطع "الاتصالات والاجتماعات" مع نتنياهو وغالانت - الذي أقاله رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر.

ولم يشر البيان الصادر عن السلطة الفلسطينية التي تمارس سيطرة إدارية جزئية على الضفة الغربية المحتلة إلى مذكرة الاعتقال التي صدرت الخميس أيضا بحق القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقالت إسرائيل إنها قتلت الضيف في غزة في يوليو/تموز، لكن حماس لم تؤكد وفاته.

ولم تذكر المجموعة، في بيانها الخاص بشأن قرار المحكمة الجنائية الدولية، ضيف أيضًا.

وقالت حماس إن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق القادة الإسرائيليين "خطوة مهمة نحو العدالة ويمكن أن تؤدي إلى إنصاف الضحايا بشكل عام".

لكن عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم قال إن "الخطوة ستبقى محدودة ورمزية إذا لم تدعمها كل دول العالم بكل الوسائل".

- "مجازر" -

وفي رد على سؤال لوكالة فرانس برس حول مذكرة اعتقال الضيف، قال مسؤول في حماس طلب عدم الكشف عن هويته إنه "لا مقارنة بين المحتل المجرم والضحية".

وأشار الفلسطينيون الذين هجروا من منازلهم في غزة إلى أن أوامر المحكمة الجنائية الدولية لن تحدث أي فرق في معاناتهم.

وقال يوسف أبو هويشل، من داخل ملجأ هش ذو أرضية ترابية في وسط غزة، "من المهم أن نرى شخصا يتحدث عن هذه المجازر والشعب المضطهد"، ولكن "لا تزال هناك الولايات المتحدة" التي تدعم إسرائيل.

وفي المخيم ذاته في الزوايدة، قال حسن حسن إنه متأكد من أن "القرار لن ينفذ لأنه لم يتم تنفيذ أي قرار لصالح القضية الفلسطينية على الإطلاق".

وأسفرت حرب غزة، التي اندلعت ردا على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن مقتل 1206 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتم احتجاز نحو 250 رهينة خلال الهجوم، ولا يزال 97 أسيراً في غزة، بما في ذلك 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية عن مقتل 44056 شخصا على الأقل خلال أكثر من 13 شهرا من الحرب، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: غرب الجنوب اللبناني أصبح تحت سلطة إسرائيل وسنرى مزيدا من التصعيدات
  • الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  
  • جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
  • ماذا نعرف عن المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟.. عاجل
  • حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي
  • ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين :"ندعم المسار السياسي الذي يستهدف تعزيز الاستقرار"
  • ماذا ينتظر الأهلي والزمالك بعد نهاية التوقف الدولي؟
  • صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة
  • صواريخ حزب الله أصابت مبنى في إسرائيل... شاهدوا حجم الدمار الذي لحق به (فيديو)
  • حماس تستنكر العقوبات التي فرضتها أمريكا بحق قادة الحركة