بناء العلاقات في ظل التحديات والمتغيرات المجتمعية
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
سلطان بن ناصر القاسمي
غالبًا ما نجد أنفسنا في بيئات حياة قد تكون نتيجة لاختيارات لم نكن نحن القائمين عليها، سواء كان ذلك في المجتمع أو الأسرة أو في العمل، إما بمشيئتنا الشخصية أو دون إرادتنا، ومع ذلك، يظل الأمر الأهم هو كيفية تحقيق التواصل الإيجابي والعلاقات المحترمة والمحبة في هذه الظروف ويُستحسن أن يكون لديك القدرة على التأقلم والتأثير داخل المجتمع؛ حيث يمكن أن تتغير العلاقات والتفاعلات مع الأشخاص مع مرور الوقت، فقد تجد اليوم أصدقاء قريبين.
لكن في المستقبل يمكن أن يتغير الوضع بسبب ظروف مختلفة، مثل البعد المكاني أو ربما الغيرة والتي قد تكون الدافع وراء هذه التغييرات، ولكن يظل من المهم أن تحافظ على قيمك وتتبنى منهجًا يستند إلى الحب والاحترام، وبشكل عام، يجب أن يكون رضا الله-عز وجل- ومن ثم استحسان والديك هما الهدف الرئيسي، خاصة في زمن قد يغيب فيه الالتزام بالقيم والمبادئ.
ولندرك أن جوهر الإنسان ليس في العبارات الرنانة والكلمات الجميلة التي ينطق بها، بل تكمن قيمته الحقيقية في نقاء قلبه وصفائه، وفي جمال تقديره واحترامه للآخرين، يجب أن نكون محبين للخير، لأنفسنا ولغيرنا، مجسدين بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري ومسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
لذا، فلنكن مُحبين للخير والنجاح لأنفسنا وللآخرين، مع الثقة بأن ما نسعى لتحقيقه للآخرين اليوم، سيُعطى لنا من الله في المستقبل، وسترد الملائكة على دعواتنا وطلباتنا للآخرين ولكم بالمثل. إن الغنى الحقيقي يكمن في رضاك بما لديك، والكرم الحقيقي هو أن تمنح حتى وأنت في أوج حاجتك.
وفي مسار حياتنا المعقد، نجد أحيانًا أنفسنا محاطين بعدد كبير من الأشخاص، سواء في المحيط الذي نعيش فيه وترعرعنا، أو في بيئة عملنا، وفي تفاعلنا مع هؤلاء الأشخاص، نبني علاقاتنا بصفاء القلب ونوايا صادقة، آملين أن نجد فيهم رفاقًا وداعمين، ولكن-للأسف- يُصيبنا في بعض الأحيان صدمة مؤلمة عندما نكتشف أنَّ هؤلاء الذين اعتبرناهم أصدقاءً أو زملاء، هم في الواقع يسعون لإلحاق الأذى بنا؛ سواءً كان ذلك عبر الكلمات الجارحة أو التصرفات الضارة، أو حتى من خلال تجنيد الآخرين للقيام بأفعال سلبية تجاهنا.
وما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا هو أنَّ هذا النوع من السلوك لا يعتمد على أسباب مفهومة أو مبررات واضحة، فقد يكون الهدف النهائي هو التقليل من قدرنا وهيبتنا أمام الآخرين، دون أن يكون لدينا فهم واضح لسبب وراء ذلك. إنها ديناميات دنيوية معقدة تتداخل في تفاصيل حياتنا، وفي كثير من الأحيان لا يُدرك الآخرون حقيقة الأمور.
ومن المهم أن نفهم أن هذه الأمور هي جزء لا يتجزأ من الحياة الدنيوية، وأن التقدير والإحسان الحقيقيين لا يأتيان من خلال النظرات الخبيثة أو الجهود الخبيثة التي تهدف إلى التشويه، فالنجاح والتقدم في الحياة يكونان عندما نعمل بإخلاص ونسعى لتحقيق أهدافنا دون الالتفات إلى الآفات التي يسعى البعض إلى توجيهها إلينا.
إذن.. علينا أن نتذكر دائمًا أن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن في محبة الله ورضاه، وليس في كيفية تقييم الآخرين لنا ويومًا ما، سيظهر الحق، ويتبين للجميع من هم الأشخاص الذين حاولوا التقليل من قدرنا وتشويه سمعتنا، وسنجد أن الحساب الأكبر والأعظم هو حساب الله، الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لذلك، يجب أن نستمر في العمل بجد ونشاط، متجاهلين السلبية والإساءة، ونسعى لتحقيق النجاح والرضا الذاتي بغض النظر عما يُقال أو يفعل من قبل الآخرين، فالحياة قصيرة، وما يهم حقًا هو كيف نستثمرها في تحقيق الخير والتطوير الشخصي، دون أن نلتفت كثيرًا إلى الأصوات السلبية التي قد تعترض طريقنا.
إن التعاطي مع الآخرين بنوايا طيبة يمثل أساسًا هامًا في بناء علاقات صحية وإيجابية، وإن الله سبحانه وتعالى يحجب عنا معظم النوايا لحكمة خاصة، فلو كانت النوايا ظاهرة أمامنا، لتعرضت الكثير من النفوس للتشويه، لذا، ينبغي علينا أن نحسن نياتنا ونظن بالله كرازق ومعطٍ، وأن نتمنى الخير للآخرين كذلك.
كما يجب علينا أن نكون كشمعة تنير دروب الآخرين، وأن نتجاهل القلق حيال انقضاء ما لدينا، فإن ما عندنا ينفذ ولكن ما عند الله دائمًا باق، لذا، يجب علينا أن نبتسم ونتجاهل ما يؤلمنا، فالحياة لا تُعيد على الإنسان فرصتها إلا نادرًا.
وفي هذا السياق، يكون الرضا بما قسَّمه الله لنا جوهرًا مهمًا في تحقيق السعادة والتسامح، وينبغي لنا التعامل مع المجتمع بصفاء القلب والتجاهل للسلبيات، وعدم السعي لتصحيح الظن السيئ حيالنا، ومن الضروري أن نكرم من يكرمنا ونحترم أنفسنا عندما يتعامل الآخرون بشكل استخفافي.
إنَّ المعروف يظل باقيًا، والوفاء لا يضيع، والأعمال الطيبة تعود إلى أصحابها وإن طال الزمن. لذا، يجب علينا دائمًا السعي لتحسين التعايش داخل المجتمع بنقاء وصفاء القلب، والابتعاد عن الوقاحة، حيث يصبح الأدب والاستقامة أمورًا نادرة وملفتة، نسأل الله العافية والسلامة لنا ولأبنائنا وبناتنا."
وفي ختام رحلتنا في هذا المقال، ندرك أن التفاعلات البشرية المعقدة تحمل في طياتها مفاتيح فهم أعمق للحياة، ويبقى التحدي في كيفية تحقيق التواصل الإيجابي والرفق في محيطنا الاجتماعي، رغم التحولات المتوقعة، ولا بد أن نحمل قيم الحب والاحترام كدروع تحمينا من تقلبات العلاقات، فقط بصدق النيات وتوجيهها لتحقيق الخير يمكننا تشييد جسر إلى عالم من السلام والتفاهم. وفي نهاية المطاف، تكمن السعادة في تبنينا للخير والتقدير، مع الأخذ بالاعتبار أن الله- سبحانه وتعالى- هو القاضي الحقيقي الذي يرى القلوب ويكافئ بالعدل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انطلاق قافلة دعوية من مسجد سيدي عبدالوهاب بمطوبس في كفر الشيخ
انطلقت فعاليات القافلة الدعوية الكبرى من مسجد سيدي عبدالوهاب التابع لإدارة أوقاف مطوبس قبلي، بمحافظة كفر الشيخ، اليوم الجمعة، برعاية وتوجيهات الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء دكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ.
انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد سيدي عبدالوهاب بمطوبسوشارك في هذه القافلة الدعوية، الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، والدكتور عبد القادر سليم، مدير عام الدعوة بالمديرية، والشيخ أحمد حنبل، مسؤل الإرشاد الديني، والشيخ سعد ضبش، مدير إدارة أوقاف مطوبس قبلي، وعدد من الأئمة والخطباء.
وألقى أعضاء القافلة الدعوية، خطبة الجمعة، التي جاءت تحت عنوان «الطفولة بناء وأمل»، الذي يعكس أهمية دور التنشئة السليمة في بناء إنسان معتمد على العلم، قادر على مواجهة تحديات الزمن بالإنجاز، وهو ما يؤكد التوافق مع محوري بناء الإنسان وصناعة الحضارة.
وقامت القافلة ببعض الأنشطة المهمة منها عقد لقاء الجمعة للأطفال، وعقد مقرأة القرآن الكريم للائمة، وعقد مقرأة القرآن الكريم للجمهور، وعقد محاضرة عن دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية السليمة، وعقد مجلس الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
التزام المساجد بالخطبة الموحدةوأكد الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، أنّ جميع المساجد التزمت بالخطبة الموحدة، وكذلك بالوقت المحدد على مستوى المحافظة، ولم يتم رصد أي مخالفات.