سالم بن نجيم البادي

 

لا داعي لكل هذا التهويل والتضخيم والتصوير والضجيج في وسائل الإعلام لما يحدث في المدارس، والمدرسة هي مكان للتربية والتعليم وبداخلها فلذات الأكباد وأمل المستقبل، وهم أمانة غالية في رقاب الذين يعملون داخل المدرسة.

ولا شك أنَّ الذين يعملون في المدارس أشد حرصًا على هذه الأمانة الغالية من غيرهم وهم في كل الأحوال أعلم بظروف وأحوال مدارسهم، وما يحدث داخل المدرسة ينبغي أن لا يتجاوز أسوار المدرسة، وأن تُحل كل المشاكل بعيدًا عن هواة التهويل والذين يصنعون من الحبة قبة، ويحبون نشر الإشاعات دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتقصي عن الحقيقة والواقع كما هو، وذلك بالذهاب إلى إدارت المدارس أو التواصل بالهاتف قبل النشر في وسائل التواصل الاجتماعي أو الحديث عن المواقف التي تحدث في المدارس ونشرها في المجتمع وسوف يتبين حجم المبالغة والكذب وغياب الحقيقة بعد أخذ المعلومات من مصدرها وهو هنا المدرسة التي حدثت فيها الواقعة.

إنَّ المجتمع المدرسي يضم أطيافًا مختلفة من البشر، ومن الطبيعي أن تحدث بينهم أحيانًا بعض المشاكل والخلافات أو سوء الفهم، وفي زحمة العمل في المدارس تقع بعض الأخطاء أو التقصير أو السهو أو القيام بأفعال وتصرفات بحسن نية وأحيانًا بعدم توقع ردود الفعل المبالغ فيها. والعاملون في المدارس في الغالب هم أهل ثقة وأمانة وإخلاص، ويبذلون أقصى ما يستطيعون لتربية وتعليم الطلبة وتقويم بعض السلوكيات غير الملائمة، ويتم ذلك باللطف واللين والنصح والإرشاد والأساليب التربوية الحانية، كما يتم في الوقت نفسه تطبيق العقوبات الواردة في لائحة شؤون الطلبة إذا اقتضت الضرورة ذلك.

إن الطالب الذي قام بتصوير الشطيرة التي لم تعجبه ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت أمامه طرق أخرى كثيرة ليُعبِّر عن عدم الرضا، ومنها إعلام إدارة المدرسة والمعلمين، ثم ولي أمره، وولي أمره بإمكانه التواصل مع المديرية العامة للتربية والتعليم أو وزارة التربية والتعليم.

والذي صوَّر الشجار الذي جرى في إحدى المدارس ثم نشره، تصرف بطريقة خاطئة، وكان من المُفترض البحث عنه ومعاقبته؛ لأن تصوير الطلبة غير لائق وغير قانوني، ولا يجوز تصوير الأشخاص دون موافقتهم. والشجار يحدث في كل مكان؛ في الملاعب والأسواق والشوارع وحتى في المنازل بين الإخوة الأشقاء!

لا أعلم ما الهدف من نشر صور الطلبة وهم يتشاجرون وهل له ما يبرره؟ والشجار الذي حصل بين طالبيْن في لحظة غضب، لم يكن يستدعي الذهاب إلى مركز الشرطة من قبل ولي أمر أحد الطلبة، وقد ثبت أن الخطأ كان مُشتركًا بين الطالبين، وكان بالإمكان حل المشكلة وديًا، والسعي للصلح بينهما قبل الذهاب إلى مركز الشرطة.

أيضًا.. الشائعة التي نشرها أحدهم بحدوث تسمم للطلبة في إحدى المدارس بعد أن أكلوا الطعام من جمعية المدرسة، كانت مجرد خبر كاذب ومغرض، بعد أن نفى المركز الصحي الذي ذكره مروج الشائعة وصول حالات تسمم إليه!

علاوة على أن صورة الطالب وهو يستلم جائزة قدرها 500 بيسة لا تستحق كل تلك التعليقات الساخرة!

والفيديو الذي نُشر مؤخرا للطلبة في إحدى المدارس وهم يقومون بما يُشبه العرض العسكري، قد يكون ذلك الفعل غير مناسبٍ من وجهة نظر بعض النَّاس في المجتمع، لكن ما كان ينبغي نشره على نطاق واسع ولا يستحق ردود الفعل المتشنجة والمبالغ فيها. وقد وصل أمر الحادثة إلى خارج حدود الوطن والسبب في ذلك من قاموا بنشر الفيديو ومن قاموا بالتعليق على الواقعة.

أحداث عديدة تقع داخل المدارس يتم تداولها وتضخيمها وتنهال سهام اللوم والنقد على المدرسة والمديريات ووزارة التربية والتعليم حتى قبل معرفة الحقيقة!

التصوير في المدارس ممنوع وتوجد تعليمات مشددة بخصوص منع تصوير الطلبة، وبعض المدارس توجد بها لوحة كبيرة على باب المدرسة الرئيسي تحذر من تصوير الطلبة وعدم السماح بنشر صور الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى العاملين في المدارس الكف عن تصوير كل شيء يحدث في المدارس وأن يكون التصوير في أضيق الحدود.

آن الاوان لردع كل من يُروِّج للشائعات عن المدارس وكل من ينشر عن المشكلات التي تحدث في المدارس، ويجب سن تشريعات تُحرِّم نشر ما يحدث داخل أسوار المدارس، ومن يدّعي حدوث مخالفات داخل أي مدرسة عليه تقديم الدليل وإبلاغ الجهة المختصة، وإلّا فإنه يُعرِّض نفسه للمساءلة القانونية ونحن في دولة القانون والمؤسسات.

أهل الميدان في الحقل التربوي يعلمون أن كثيرًا مما يُقال عنهم فيه ظلم وتجنٍ، وهُم في كل الأحوال يرحبون بزيارة أولياء الأمور إلى المدرسة لمعرفة الحقيقة كاملة، عوضًا عن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وهم أيضا على استعداد لتحمل المسؤولية عن أخطائهم إن وُجِدَتْ،  ويأملون أن يكون هدف الجميع الإصلاح وليس التشهير أو تصيد الأخطاء والهفوات، ثم نشرها أمام العالم كله قبل معرفة حقيقة ما يحدث فعلًا، وقد يكون ذلك بسوء نية ورغبة في الإساءة إلى المدرسة، وعلى الجهات ذات الاختصاص العمل على وقف هذا التهويل لما يحدث في المدارس من أجل إعادة الاحترام والتقدير للمدارس ومن يعملون داخل هذه المدارس.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث في الساحل الإفريقي؟

في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي، أعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو انسحابها رسميًا من "إيكواس" وتأسيس تحالف الساحل الإفريقي (AES)، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي.

وشمل ذلك تشكيل قوة عسكرية مشتركة قوامها 5000 جندي، وإطلاق جواز سفر موحد لتعزيز حرية التنقل.

في المقابل، أكدت "إيكواس" استمرار الحوار مع الدول المنسحبة لضمان حقوق المواطنين والتنسيق المشترك لتفادي تداعيات الانفصال.

تشكيل قوة عسكرية موحدة

تضم القوة الجديدة 5000 جندي مدعومين بقدرات عسكرية متكاملة تشمل الطيران والمعدات الاستخباراتية. ووفقًا للجنرال مودي، ستبدأ هذه القوة عملياتها خلال الأسابيع المقبلة، مع التركيز على المناطق الحدودية التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش. وأكد أن القوات ستعمل ضمن نظام مشترك يضمن فاعلية التدخلات الأمنية.

انسحاب من "إيكواس" وشراكات جديدة

تأتي هذه التطورات بعد إعلان الدول الثلاث انسحابها رسميًا من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، متهمةً المنظمة بالفشل في التعامل مع التحديات الأمنية والانحياز لصالح فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة. وسيدخل قرار الانسحاب حيز التنفيذ اعتبارًا من 29 يناير الجاري.

بدلًا من الاعتماد على "إيكواس"، تتجه الدول الثلاث لتعزيز شراكاتها مع روسيا، مشددة على أهمية تطوير حلول إقليمية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة.

إطلاق جواز سفر موحد

كجزء من جهود تعزيز التعاون، أعلن التحالف عن بدء العمل بجواز سفر موحد للدول الثلاث اعتبارًا من 29 يناير. وأوضح بيان رسمي أن جوازات السفر الحالية ستظل سارية حتى انتهاء صلاحيتها، في خطوة وصفها المراقبون بأنها "استراتيجية"، تعكس رغبة الدول في تعزيز تحالفها بعد الانفصال عن "إيكواس".

تعزيز الأمن والاستقرار

أكد مودي أن التحالف لا يركز فقط على الجوانب العسكرية، بل يسعى أيضًا لتحقيق تكامل اقتصادي وأمني، مشيرًا إلى أن العمليات المشتركة المنتظمة ستسهم في تأمين المناطق الأكثر عرضة للهجمات الإرهابية.

يمثل هذا التحرك تطورًا جديدًا في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تسعى دول التحالف إلى بناء كيان إقليمي أكثر استقرارًا وأمانًا بعيدًا عن النفوذ التقليدي للمنظمات الإقليمية السابقة.

 الحوار مستمر مع دول الساحل رغم الانسحاب

 

أكد رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، الدكتور عمر عليو توري، أن المنظمة لا تزال منفتحة على الحوار مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، رغم إعلانها الانسحاب. وشدد على ضرورة التنسيق المشترك لضمان مصالح جميع الأطراف.

آليات الانفصال وضمان الحقوق

وأوضح توري، خلال مؤتمر صحفي، أن "إيكواس" أرسلت خطابات رسمية لحكومات الدول الثلاث لتسجيل قرار الانسحاب، مع اقتراح عقد اجتماع فني لتحديد آليات تنفيذه. كما أكد أن المنظمة اتخذت إجراءات لضمان حقوق المواطنين في الدول المنسحبة، بما يشمل استمرار الاعتراف بجوازات السفر وبطاقات الهوية الصادرة عنها، وحماية الامتيازات التجارية، إضافة إلى دعم حرية التنقل والإقامة لمواطنيها، مع استمرار تقديم الدعم لموظفي المنظمة من هذه الدول.

التجارة والأمن الإقليمي تحت المجهر

خلال المؤتمر، طرح الصحفيون تساؤلات حول مستقبل التعاون بين "إيكواس" والدول المنسحبة، وتأثير الانفصال على التنقل والتجارة والاستقرار الإقليمي. وردًا على ذلك، أكد توري أن المجموعة ستظل كيانًا موحدًا، معربًا عن أمله في استمرار التنسيق لتفادي أي تداعيات سلبية.

دعوة لوسائل الإعلام

اختتم توري حديثه بدعوة وسائل الإعلام إلى نقل المعلومات بدقة وموضوعية، مؤكدًا أهمية تجنب التضليل في هذه المرحلة الحساسة.

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث للجسم عند تناول البروكلي؟
  • الأطفال يسألون وشيخ الأزهر يجيب .. هل ما يحدث للمسلمين غضب من الله؟
  • شاهد بالصورة والفيديو.. أستاذ سوداني يقوم بعمل مقلب جميل ولطيف في طالبته الصغيرة داخل الفصل ومتابعون: (يا سلام عليك وياريت كل الأساتذة زيك يا راقي)
  • وزارة التربية تفرض إجراءات وقائية صارمة ضد “بوحمرون” في المدارس ابتداءً من الإثنين
  • شرطة أبوظبي‬⁩ تعزز وعي طلبة المدارس عن مخاطر “التنمر”
  • إنفاذًا لتوجيه ولي العهد بتعزيز انتماء الطلاب الوطني .. وزارة التعليم تؤكد على إداراتها التعليمية تطبيق الزي السعودي داخل المدارس الثانوية
  • ماذا يحدث في الساحل الإفريقي؟
  • إصابة طالب في مشاجرة داخل مدرسة دولية بأكتوبر
  • طلب برلماني لدعم المدارس بأخصائيين اجتماعيين لمتابعة سلوكيات الطلاب
  • مقتل سلوان موميكا حارق القرآن في منزله أثناء بث مباشر