"المعيشة في مصر مُمتعة وبسيطة وغير معقدة.. أنا أعتبرها بلدي الأول وأهلها عائلتي؛ فالناس في مصر بشوشين طيبين يتقبلون الآخر ويرحبون بنا في كل مكان ونعيش بينهم في أمان وسلام وطمأنينة دون أي ازعاج أو تعد".. هكذا بدأ الشاب التشادي محمد نور آدم حديثه مع "البوابة نيوز" عن حياته في مصر منذ أكثر من 4 سنوات على التوالي بدأها في التعلم بالأزهر الشريف حتى تخرج في كلية التربية والعمل في التدريس بإحدي المدارس السودانية في القاهرة.

  

ويقول "نور" صاحب الـ 26 عامًا  والذي وصل إلى مصر عام 2019 بمنحة من الأزهر الشريف للدراسة في جامعته؛ وينتظر استكمال الإجراءات لبدء دراسة الماجستير؛ أتممت التعليم الابتدائي في 6 سنوات بقرية قوز بيدا بمسقط رأسي في تشاد؛ ثم انتقلت لمرحلة حفظ القرآن فتركت الدراسة النظامية.. ويضيف؛ تقدمت للمنحة الأزهرية ولكن تأخرت لمدة عامين وقد تعلمت الدراسات الإسلامية والعربية حتى وصلت مصر عام 2019؛ مؤكدًا أن المنحة يتكفل بها الأزهر بنسبة 100% حتى في مطار القاهرة استقبلتنا سيارة خاصة من مدينة البعوث الإسلامية. 

ويسرد الشاب التشادي تجربة الحياة في مصر لأكثر من 4 سنوات على التوالي بين الدراسة والعمل؛ ويقول: "المعيشة في مصر مُمتعة وبسيطة وغير معقدة.. أنا أعتبرها بلدي الأول وأهلها عائلتي؛ فالناس في مصر بشوشين طيبين يتقبلون الآخر ويرحبون بنا في كل مكان ونعيش بينهم في أمان وسلام وطمأنينة دون أي ازعاج أو تعد"؛ مشيرًا إلى أن أكثر ما يُميز الشعب المصري عملهم الدؤوب والرضا؛ فالناس يعملون ليل نهار غير بعض الشباب في تشاد يعتمدون على أسرهم.

ضيوف مصر 

وبالحديث عن تشاد التي تحدها 6 دول وتقع في منتصف القارة الأفريقية وتتجاوز مساحتها المليون كيلو متر مربع ويقطنها أقل من 20 مليون مواطن؛ يقول "نور": الإسلام هو الدين الرسمي في البلاد بنسبة تتجاوز الـ 85%؛ ونحو 10% من المسيحيين أما الـ 5% الآخرون  اللادينيون ويعيشون في الغابات؛ وتعد اللغة العربية هي الأصل في تشاد؛ ولكن تختلف اللهجات لما يزيد علي 150 قبيلة؛ ولكن أكثر سكان بلاده يقيمون في المناطق الجنوبية والشرقية لرطوبتها. 

 

ويُضيف القبائل العربية هي الأشهر في تشاد وهم كثر جدًا ولكل قبيلة عاداتها وثقافتها وتقاليدها؛ وتتميز القبائل العربية بتربية المواشي وتجارتها ويتنقلون بين مكان وآخر ولا يستقرون في منطقة محددة؛ ولكن قبائل القرعان التبو يعيشون في الصحراء ولا يعيشون في المدن نهائيًا ويتميزون بتربية الجمال؛ وهناك قبائل أخرى لايُفارقون المياه ويعيشون حول بحيرة تشاد وتعتمد حياتهم على صيد الأسماك وأكلها. 

وحول الحياة اليومية في بلادهم؛ ففي السادسة صباحًا يبدأ اليوم بتناول الشاي والقهوة مع "الفنجاسو" (وتشبه الزلابية وتصنع من الدقيق) ويكون هذا إفطار خفيف قبل التحرك إلى المدارس والأعمال؛ على أن يكون الغداء في الواحدة ظهرًا وهو موعد مُقدس لا يمكن التخلف عنه إلا في الضرورة القصوى؛ مؤكدًا أن تناول الغداء والعشاء يكون مُجمعا ولا يمكن أن يتناول شخص بمفرده الطعام أو في الشارع ويرفض المجتمع هذا التصرف. 

 الشاب التشادي محمد نور آدم

وعن موائد الطعام المُجمعة يوميًا في تشاد؛ يقول "نور" إن الملتقى العائلي اليومي يضم أكثر من 10 منازل بأسرهم ويسمى «الدبلادي» ويُقام فيه يوميًا موائد العشاء المُجمعة وتبدأ في الـ 6 مساءً وحتى العاشرة؛ فكل منزل يأتي بالطعام الذي أعده للعشاء؛ ويتجمع الناس للأكل سويًا ويمنع منعًا باتًا التخلف عن الدبلاي أو العشاء مُنفردًا حتى غير المتزوجين الذين لا يجدون من يطبخ لهم يأتون الدبلاي ويأكلون دون أي سؤال.. فهم من بين أحد أفراد المنطقة أو حتى وإن كان من عابري السبيل. 
يؤكد الشاب التشادي لـ "البوابة" أن الكرم أكثر ما يُميز الشعب التشادي وهو محل تفاخر بينهم؛ فإذا كنت عابر سبيل باستطاعتك أن تطرق أي منزل وعلى أهله أن يستقبلونك المدة التي تشاؤها يقدمون لك الطعام والشراب وكل مستلزمات الحياة دون أي مُقابل؛ مؤكدًا أن كل المنازل يُخصص غُرفا للضيوف لاستقبال الأقارب والضيوف وعابري السبيل. 

 

ويحكي الشاب تجربته التي امتدت 6 سنوات ضيفًا على أحد أقاربه في العاصمة التشادية؛ قائلًا: "لا يوجد في العاصمة إنجامينا سكن طلاب مثل مصر؛ وحين انتقلت للدراسة بالعاصمة نزلت عند أحد الأقارب لمدة 6 سنوات؛ تكفل خلالها بكل شيء بداية من الإيواء والطعام والشراب وحتى مصاريف المواصلات والدراسة؛ فكان بمثابة الأب؛ وهو أمر معتاد عن الشعب التشادي وليس عند الأقارب فقط؛ مؤكدًا أن هذه الإقامة والمصاريف واجب ضيافة ومن العيب الشديد أن تقدم الأموال لصاحب المنزل الذي استضافك عنده.

وعن أغرب عادات الزواج في بلاده؛ فإن الأغرب على الإطلاق هو زواج الشاب بعقد رسمي من الفتاة؛ ولكن يوم العريس لا تُزف إلى عريسها بل يقوم العريس بخطفها من أي مكان في الشارع ولا تعود مرة أخرى لبيت أهلها إلا بعد عام كامل.

ويضيف أن الزواج غالي جدا في بلاده ويختلف من قبيلة لأخري، ولكن الزوجة الأولى تكون من اختيار الوالدين، أما الزوجة الثانية والثالثة والرابعة فالخيار يكون لك وحدك، مشيرا إلى أن الطبيعي والعادي تعدد الزوجات وليس العكس، ويكون للزوج متعدد الزيجات ذا قيمة وتقدير وكلمة وثقل وفخر بين الناس، أما الزوج بسيدة واحدة فهو أمر غريب جدًا ويجعل الناس تتحدث عنك وتُصبح محل تساؤلات كثيرة ويُقلل من شأنك وتقديرك بين الناس. 

 

ورغم ارتفاع تكاليف الزواج إلا أن التعدد الأصل في الزواج، ويقول: إذا أردت أن تتقدم لأي فتاة فعليك أن تدفع «سلام» وهو مبلغ مالي أقل شيء 10 آلاف جنيه ولا يسترد هذا المبلغ سواء كان بالرفض أو القبول من ناحية العروسة، مشيرا إلى أن الموافقة من العروسة يتبعه عقد الزواج ولكن يمنع نهائيا الخروج مع زوجتك أو التحدث معها إلا في حضور أحد أفراد أسرتها وذلك حتى يوم الزفاف. 

وفي يوم العرس يأتي أهل الزوجة ويقدمون العديد من الرقصات، ولا يمكن أن تدخل منزل الزوجية بالعروس إلا إذا دفعت مالًا لأهل الزوجة حتى يقوموا بإنزال العروسة من حفل الزفاف ويسلموها لك، وفي الصباح الباكر من يوم العروس يأتي أهل العروسة ويقدم لهم وليمة طعام كبيرة ويقومون بالرقص، وبعد ذلك يدخل العروس برفقة العروسة منزلهما ولا يخرجون منه إلا بعد 7 أيام متواصلة، وذلك بعد قدوم أهل العروسة مرة أخرى وتقدم الوليمة ولكن هذه المرة دون رقص. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمد نور تشاد ضيوف مصر مؤکد ا أن فی تشاد فی مصر دون أی

إقرأ أيضاً:

حلم شاب.. والحكومة الرشيدة (٣)

عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلًا.. كنت عائدًا من عملى متجها نحو منزلى.. فجأة... اقترب منى شاب لا يزيد عمره عن العقد الثانى، نحيل الجسم، ضعيف البنية، قواه منهكة متعب، يحمل فوق كتفة كرتونة ضخمة، يتحرك بصعوبة بسبب إعاقة ألمت به، لا يستطيع رفع صوته من التعب والإجهاد الواضح على وجهه المجهد.
أسرعت إليه لأحمل عنه جزءا مما يحمل على كتفه النحيلة، محاولة منى لأخفف عنه، ولكن لم استطع أن أحركها من على كتفه لثقل ما بها، ورفض رفضًا قاطعًا أن أساعده.
وكان بيدى علبة من عصير الجوافة فتحتها وحاولت بكل إلحاح ان يشربها لتسد جزءا من عطشه المميت، ويبلل ريقه الذى جف بسبب ارتفاع درجات الحرارة القاتلة، ورفض أن يأخذها ولكن أمام إصرارى أخذها منى ولكن لم يشربها، وشكرنى بكل أدب ثم قال: «أستسمحك تدلنى على هذا العنوان الموجود فى هذه الورقة» نظرت للورقة وقلت له هذا العنوان فى العمارة التى بجانبى، تعالَ معى أدلك عليها، ولن أخفى سرا فالعنوان المدون بالورقة بعيد عن منزلى، وتعمدت الا أصارحه بالحقيقة حتى لا يرفض أن أصاحبه فى الطريق ليصل إلى العنوان المشار إليه، نعم سيرفض لأنه رأى إصابتى وما أعانيه، فقد كنت متكئا على عكاز بسبب الكسر الذى أصاب قدمى.. وعندما قلت له إن المنزل الذى يبحث عنه فى العمارة الملاصقة لمنزلى فرح وتهلل وجهه ووافق على الفور.
ترجلنا سويا بخطوات بطيئة، وللوهلة الأولى شعرت بأن هذا الشاب فى أشد الحاجة للتحدث لأى شخص يخفف عنه معاناة يومه التى لا يعلم تفاصيلها إلا الله، فبادرته بالحديث وسألته عن اسمه ليرد وقد بدت على أساريره ارتياح وطمأنينة، ودار بيننا حوار مبكٍ هذا تفاصيله
أنا اسمى أيمن
بتشتغل ايه يا أستاذ أيمن؟
أنا بشتغل دليفرى من سنة، قبل كده اشتغلت حاجات كتير كلها متعبة ومرهقة، والحمد لله إنى مستور أنا وأمى وأخوتى
أنت ساكن فين؟
أنا ساكن فى عين شمس
وجاى من عين شمس إلى مدينة نصر فى الحر ده ازاى؟.. أنا بخرج من بيتى يوميًا الساعة ٧ صباحًا، أتوجه بعدها إلى مخزن الشركة لأستلم البضاعة المقررة لى، وأنا وحظى فى خط السير الذى يتحدد بعد الاتصال بالزبائن.
استلمت البضاعة وحملتها على كتفى، وتوجهت إلى عربة الفول علشان أفطر، تخيل يا أفندم أن ساندوتش الفول سعره ٨ جنيه وأحيانا ١٠ جنيه، يعنى أنا محتاج كل يوم ٣٠ جنيه على الأقل علشان أفطر نص بطن، الحمد لله ربنا كبير، المهم وأنا بفطر لازم أتصل بالزبائن، علشان أعرف أحدد خط السير، وأنا وحظى، يا ترى مين اللى هيرد ومين اللى وقته يسمح بالذهاب إليه أولا بالبضاعة المطلوبة، وبعد عدة اتصالات تحركت أولا من عين شمس متجهًا إلى مدينة ١٥ مايو، ثم بعد ذلك توجهت إلى منطقة المقطم ثم عدت إلى مدينة حلوان، ومن حلوان توجهت لمنطقة زهراء المعادى، حتى وصلت إلى مدينة نصر.. ثم التقط أنفاسه واستكمل حديثه قائلًا: تخيل يا أفندم.. مفيش حاجة دخلت بطنى من الصبح حتى الآن غير ساندوتشين فول وطعمية، وأنتهى من عملى يوميًا فى الثانية صباحًا.. اندمج الشاب فى الحوار وأحسست بالفطرة السليمة والطيبة التى تنساب من حروف كلامه وعزة نفسه التى تناطح السحاب.
يا سادة.. تخيلوا معى، فهذا الشاب يعانى من إعاقة قوية وواضحة فى قدمه تعيقه بشكل شبه كلى فى المشى، ورغم ذلك لم يقترب من قريب أو بعيد عن وجعه اللانهائى الذى أصاب قدمه، رأيت بعينى حركته البطيئة، ورغم ذلك يتحرك بكل ألم حاملًا على كتفه حملا ثقيلا يلازمه يوميًا منذ الصباح الباكر.
هل أنهيت التعليم يا أستاذ؟
نعم.. أنا حاصل على ليسانس الآداب قسم عبرى بتقدير تراكمى جيد جدًا، وبحثت فى كل مكان عن فرصة عمل ولم أجد إلا السراب، وعملت بحرف كثيرة وكان العائد بسيطا جدًا، وجلست بالشهور فى البيت دون عمل فقررت إلا أجلس فى البيت مرة أخرى مهما حصل وخاصة أن حالتنا المادية صعبة جدًا وزادت الصعوبة فى ظل تلك الظروف التى يعانى منها معظم البيوت المصرية، أسكن بالإيجار مع والدتى وأخوتى، والدى متوفى وأنا كنت فى الثانوية العامة، لى ثلاثة من الأشقاء ولد واحد وبنتان كلهم فى مراحل التعليم المختلفة.
وهنا أحسست بالألم الذى عاوده مرة أخرى، فقطعت حواره، ليخرج من هذه الكآبة، وسألته عن أحلامه التى يتمنى أن يحققها، فكانت إجابته صاعقة لم استطع استيعابها حتى هذه اللحظة.
قال: كل ما أتمناه وأرجوه من الله أن يعينى حتى أستطيع أن أدبر مبلغًا من المال أشترى به موتسيكل حتى ولو بالتقسيط.. «ياااااه يا أستاذ نفسى أقدر أحقق الحلم ده، لأنه هيوفر عليا حاجات كتير، تعب ووقت ومجهود، وطبعا دخلى هيزيد لأنى ساعتها هقدر أتحرك لاى مكان بسهولة ويسر».
تبسمت فى وجهه وقلت له «إن شاء الله سوف تحقق حلمك العادل».
وهنا انتهى من سرد حلمه وأمانيه البسيطة، فى نفس لحظة انتهاء طريق الوصول إلى العنوان الذى يريده، وقف ليشكرنى، ولمعت عينيه فرحا ربما لأنه وصل إلى مشواره الأخير لينهى عذاب يومه، أو لربما بسبب تفريغه شحنات سلبية كانت مكبوتة ومكتومة بداخله، شحنات سلبية متراكمة كادت أن تقضى عليه نفسيًا وإنسانيا.
ودعت الشاب على وعد باللقاء قريبًا بصحبة الموتسيكل الذى يتمناه.
أيتها الحكومة الرشيدة هذا الشاب لم يقصر ولم يكنّ يومًا عبئا عليك، متى يسترد هذا الشاب حقه العادل.
هل تعى الحكومة الرشيدة إحساس هذا الشاب بعدم الثقة والانتماء الذى عشش فى كل جوارحه.
هل تعلم الحكومة الرشيدة أن هناك الملايين من الشباب تبخرت أحلامهم وانهارت دون رحمة وضاعوا دون رجعة.
وأخيرًا.. رسالة الشاب الشفهية الموجهة لكل مسئول فى الحكومة الرشيدة إليكم نص الرسالة «أنا شاب عمرى ٢٣ سنة فقدت الأمل ولم يكن عندى ثقة فى شيء، فكل سبل الحياة أمامى مغلقة تماما، ولم يكن أمامى سوى سراب أحلام، هل أستطيع حماية أمى وأخوتى من السؤال والتشرد، حلمى بسيط، فهل أستطيع ان أحققه!!
أيتها الحكومة الرشيدة ماذا أعددت لهذا الجيل من الشباب، فعليًا نحن أمام أزمة حقيقية يعانى منها نصف المجتمع الذى هو حاضر ومستقبل هذه الأمة.. فماذا أنتم فاعلون؟

 

مقالات مشابهة

  • في تميّز جديد.. GoZahid تُبهر ضيوف العلا السعودية
  • فرحة أم العروسة.. استعدادات عقد قران ابنة مفيدة شيحة اليوم (فيديو)
  • مصر.. تحذير لسارقي الكهرباء ودراسة لتعديل موعد قطعها
  • غوتيريش: لا يوجد سلام على الأرض وعمل الأمم المتحدة يجب أن يكون أفضل
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 1.000 سلة غذائية في إقليم كانم بتشاد
  • حلم شاب.. والحكومة الرشيدة (٣)
  • المساجد التاريخية والمواقع الأثرية.. معالم بارزة في رحلة ضيوف الرحمن إلى المدينة المنورة
  • وكيل معهد أبحاث الحج: ندرس المبادرات الإثرائية لضيوف الرحمن لتطويرها
  • ‏السوداني يوجه بتشكيل لجنة للإسراع ومتابعة نقل ضيوف الرحمن جواً
  • تقديم خدمات الإرشاد المكاني لأكثر من 556 ألف مستفيد بالمسجد النبوي