رأيت أحد الأصدقاء كرر كتابة السؤال على صفحته، وطالعت إجابة أهله وأحبابه، ثم تذكرت قصة كان حكاها لي أحد الكتاب عن انفصاله عن حبيبته بسبب هذا السؤال، الذي وجهته له بانفعال في الهاتف: بتعمل إيه دلوقتي؟!.
في الحقيقة تتغير صيغة الكلمات ومعناها باللهجة مع أنها نفس الحروف لكن الإحساس هو من يضع عليها التنوين، فالأول يطمئن، وحبيبة الثاني تشك.
وبرغم من ذلك قال لي هذا الكاتب: لم يشغلني أمر الشك من عدمه، لكن السؤال كان مع تكراره يؤلمني، لأنني لا أعمل أي شئ، ليس لي إنتاج فكري الآن، ليس هناك شئ مهم الآن أتحدث عنه، وتفاديًا لهذا السؤال أخبرتها بكل شئ.. بكل التفاصيل، حتى بحالتي المزاجية حينما تسوء، بخاطرة الكتابة حينما تلح، بأوراقي المبعثرة وأحلامي البعيدة صعبة التحقيق، وبفرحي بانقطاع الكهرباء في الشتاء، حيث أن الأعمدة لدينا عرايا من الثياب ترتجف من البرد فتصعق الصغار، بحبي للقهوة المرة مضطرًا حتى لا أتسول السكر كالنمل، بركوني للكسل لأن عائد النشاط لا يجنيه صاحبه بل شخص آخر، وشرحت لها مفارقة العسل والنحل وشطح النخل وأن الغنى في القلب وفيه البخل.. كل شئ حتى معاندة الحرف وضيق آخر الشهر ومناكفة النفس..
وإذ بي أتفاجأ بتكرار السؤال بانفعال: بتعمل إيه دلوقتي؟ وكأنني فجأة وبوجهي العبوس أصبحت شهريار، أو أنني بين ليلة وضحاها فزت بونوبل، أو أن الحظ الأعمى قرع الباب، ووصلت أمانينا السحاب، أو كأن أبي الغائب عاد أو زال جفاء الأحباب.. أو كأن الـ"ولا حاجة" أصبحت حاجة.
إذا كنت قلت كل هذا من قبل ولم تصل هي إلى الإجابة بعد!، فليس هذا حب، إنما الحب أن تعرف ما أفعله الآن وما سأفعله في الغد، وترفع عني حرج السؤال لا الإجابة إذا كان ليس للوقت معنى ولا أنا ولا هو نفعل شئ.
فإجابة البشر الذي يعيشون هنا الآن عن هذا السؤال بتعملوا إيه دلوقتي؟
ولا حاجة..
ولا حاجة نقولها أولًا حتى وإن تبعناها بإجابة.
ولا حاجة.. في الشغل
ولا حاجة.. في البيت
ولا حاجة.. نايم
نحن في زمن الـ"ولا حاجة".. فعلى الأقل لنوفر جهد السؤال والإجابة بـ"ولا حاجة".
فنحن هنا في هذا الزمن نصنع الفنكوش ونروجه لأنفسنا ونشتريه، نحن مصنعي الفنكوش ومستهلكيه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ولا حاجة ولا حاجة
إقرأ أيضاً:
أموال الكهرباء تجهز دول الجوار بالطاقة وتعجز عن سد حاجة العراقيين
بغداد اليوم - بغداد
في ظل تصاعد أزمة الطاقة وقدوم فصل الصيف الذي تزامن هذا العام مع قرار إيقاف الاستثناء الخاص باستيراد الغاز الايراني، ما ادى الى كشف الفساد المتغلغل في وزارة الكهرباء الممتد الى اكثر من عقدين من الفشل المتراكم وادى بالنتيجة الى ايقاف هذه الخدمة الضرورية للمواطن العراقي، أكد عضو مجلس النواب عادل حاشوش الركابي، اليوم الاثنين (10 آذار 2025)، أن العراق صرف أموالا على الكهرباء بإمكانها تجهيز كل دول الجوار على مدار 24 ساعة مستمرة.
وقال الركابي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الأموال التي صرفت على الكهرباء في العراق كان بامكانها تغذية كل دول الجوار بساعات تجهيز 24 ساعة لكنها لم تفلح بتجهيز المواطن العراقي بما يحتاجه من ساعات التجهيز".
وأضاف أن "أزمة الكهرباء الأزلية التي تمتد من تسعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا كان بالإمكان الاستفادة من الأموال الطائلة التي صرفت عليها لكن دون جدوى".
ودعا الركابي، "وزارة الكهرباء الى عدم التهاون مع استحقاق المواطن، فالأعذار لم تعد مقبولة بشأن قلة التجهيز، وعلى الوزارة إيجاد الحلول للصيف المرتقب.
هذا وكشف عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية، كامل عنيد، امس الأحد، عن حراك لاستجواب وزير الكهرباء بسبب الإخفاق في حل أزمة الطاقة.
وقال عنيد، لـ"بغداد اليوم"، إن "وزارة الكهرباء أخفقت وبشكل كبير بحل أزمة الطاقة رغم صرف الأموال الطائلة عليها من عقود واتفاقات وغيرها، ومازالت الأموال تصرف بلا أي حل للازمة وهذا ما يدعو الى مراجعة كل العقود والاتفاقات المبرمة".
واضاف ان "هناك حراك نيابي من قبل نواب من مختلف الكتل والأحزاب من أجل استجواب وزير الكهرباء بسبب استمرار الإخفاق في حل أزمة الطاقة أو تحسين تجهيز المواطنين، خاصة ونحن مقبلين على فصل الصيف، ولغاية الآن الوزارة بلا خطط حقيقية، ولم تنفذ شيء واقعي من المنهاج الحكومي".
وبين النائب ان "اللجان البرلمانية المختصة سوف تعمل على مراجعة كافة العقود والاتفاقات المبرمة من قبل وزارة الكهرباء، وهذا ضمن العمل الرقابي لمجلس النواب العراقي".