من الواضح أن مخطط تهجير سكان غزة – بدفعهم طوعيًا! – نحو سيناء هو المخطط الرئيس الذي اعتمده العدوان الوحشي الجاري على القطاع منذ أكثر من شهر ونصف، وذلك كنتيجة لعمليات الإبادة الجماعية والتدمير الشامل الذي يشهده، في الوقت الذي يجري تجهيز الضفة الغربية للمصير ذاته.
والحقيقة أنّ التهجير ليس ردًا على عبور "طوفان الأقصى"- كما يتصور البعض- لأن العبور في حقيقته كان رسالة ضرورية للعقل الصهيوني الذي استهزأ بكل ثوابت القضية الفلسطينية منذ وصول حكومة نتنياهو المتطرفة للحكم.
وذلك لأن "التهجير القسري" إلى جانب "الإبادة الجماعية"، هما ركيزتا العقل الصهيوني والاستعمار الاستيطاني، الذي يعدّ بدوره امتدادًا حقيقيًا للاستعمار الغربي الاستيطاني الذي وإن نجح في استيطان أميركا وأستراليا إلا أنه هُزم في الجزائر، وأنجولا، وجنوب أفريقيا، كما أنه يشبه إلى حد كبير الاستعمار الاستيطاني الذي أسس مملكة الفرنجة التي سقطت في المكان ذاته بعد ما يقرب من ٨٠ عامًا من استيطانها.
ولهذا أيضًا لم تغب المذابح وحروب الإبادة، كما لم يغب النفي والتهجير على طول تاريخ الاحتلال الصهيونيّ لفلسطين، وهكذا يجب أن نفهم العدوان الوحشي الجاري على غزة، فهو ليس ردًا على عبور "طوفان الأقصى"، بقدر ما هو امتداد طبيعي للمذابح التاريخية في "دير ياسين" و"كفر قاسم" عام 1948، كما أن التهجير من غزة- والجاري الدفع باتجاهه اليوم- هو امتداد طبيعي لعمليات التهجير التاريخية التي مارسها الاحتلال الصهيوني، فالحلم الصهيوني يعتمد بالأساس دولة يهودية خالصة لا يشاركهم فيها أحد.
قراءة في التاريخإن القارئ في التاريخ الصهيوني سيجد بوضوح أن اعتماد تهجير السكان الفلسطينيين من أساسيات وأبجديات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تجده واضحًا عند مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة "تيودور هرتزل"، ومن جاء بعده، مثل: "يسرائيل رنغويل"، و"مناحيم أوسيشكين"، و"أبراهام شارون"، إضافة لـ "بن جوريون" أول رئيس وزراء لإسرائيل الذي عمل طوال حياته السياسية على تهجير الفلسطينيين، فضلًا عن تأسيسه مشروع التهجير منذ عام 1937، وذلك عندما قال في الوكالة اليهودية: "نقطة الانطلاق والمخرج لحل مسألة العرب في الدولة اليهودية، تكمن في التوقيع على اتفاقية مع الدول العربية، تمهّد الطريق لإخراج العرب من الدولة اليهودية ".
وعلى هذا، فإن التهجير الذي يجري الدفع باتجاهه حالًا نحو سيناء ليس عفويًا أو بعيدًا عن العقل الصهيوني، بل هو جزء أصيل من صميم تكوينه، كما أنه ركن ركين في بنية المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الإحلالي، وهو يعد وفق القانون الدولي جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، فضلًا عن أنه يمثل إعلان حرب على مصر، وهو ما يجب أن تستعد له مصر الشعبية- إذا لم تتحرك مصر الرسمية- لأنّ ما يجري هو في جانب منه يبدو مخططًا كي تبدو هجرة طوعية، في الوقت الذي تهيأت فيه سيناء لذلك بالفعل منذ عدة سنوات لوجستيًا وتشريعيًا وأمنيًا.
ليس بإغلاق المعبرومما ينبغي أن يكون معلومًا في هذا الظرف بالغ الحساسية، أن مواجهة هذا المخطط لا تكون بإغلاق المعبر، كما لا تكون بإطلاق الرصاص على الفارين من جحيم القصف، فالفلسطيني لم يترك وطنه مختارًا- إذا تركه- بل لأنه يعيش تحت القصف الوحشي المستمر، وقد قطعت عنه كل سبل العيش وأصبح في العراء دون أي دعم أو مساندة، بعد أن تم تدمير كل مظاهر العمران والحياة في غزة، بل ينبغي فتح المعبر الخاضع للسيادة المصرية لإيصال المساعدات للمحاصرين وإمدادهم بكل أسباب الحياة والمقاومة، فهذا ما يوجبه القانون الدولي، فضلًا عن توجيه الإنذار لمن يجبر الفلسطينيين على الهجرة عبر الحدود المصرية؛ لأن ذلك هو صورة من صور إعلان الحرب.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کما أن
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يصدر قرارات إبعاد بحق أسرى فلسطينيين محررين بصفقة التبادل
يمانيون../ أصدرت سلطات العدو الصهيوني اليوم الأربعاء، قرارات إبعاد بحق عدد من الأسرى المحررين الفلسطينيين بصفقة التبادل “طوفان الأقصى”.
وقالت مصادر مقدسية وفقا لوكالة صفا الفلسطينية ، إن سلطات الاحتلال أبعدت كل من المحررين: رشيد رشق، ومحمد صباح، وموسى عجلوني، ومحمود عبد اللطيف، لمدة أسبوع قابل للتجديد.
وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي، تضييقات على الأسرى المحررين بصفقة التبادل لا سيما بالقدس المحتلة، وسط تهديدات بإعادة اعتقالهم في حال عودتهم لأي نشاط وطني.
كما تعرض الأسرى المحررون في قبيل الإفراج عنهم للضرب والتنكيل والإهانة، كما أن سلطات الاحتلال لم تبلغهم بالإفراج عنهم لآخر لحظة لهم بالأسر.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منازل عدد الأسرى المحررين بالضفة والقدس، وهددت عائلاتهم بعدم إظهار أي مظاهر للفرح بالاستقبال أبنائهم.