الجزيرة:
2024-12-26@13:27:10 GMT

التهجير في العقل الصهيوني

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

التهجير في العقل الصهيوني

من الواضح أن مخطط تهجير سكان غزة – بدفعهم طوعيًا! – نحو سيناء هو المخطط الرئيس الذي اعتمده العدوان الوحشي الجاري على القطاع منذ أكثر من شهر ونصف، وذلك كنتيجة لعمليات الإبادة الجماعية والتدمير الشامل الذي يشهده، في الوقت الذي يجري تجهيز الضفة الغربية للمصير ذاته.

والحقيقة أنّ التهجير ليس ردًا على عبور "طوفان الأقصى"- كما يتصور البعض- لأن العبور في حقيقته كان رسالة ضرورية للعقل الصهيوني الذي استهزأ بكل ثوابت القضية الفلسطينية منذ وصول حكومة نتنياهو المتطرفة للحكم.

. رسالة ضرورية مفادها أن الشعب الفلسطيني ما زال هنا، وأنه ما زال يرفض الاحتلال والإذلال والحصار، ويصر على الحرية والاستقلال، وأنه يرفض تهويد القدس وتهديد المسجد الأقصى وإهاناته المتكررة، بواسطة المستوطنين والجنود، كما أنه لن يقبل الاحتجاز المفتوح للأسرى وتعريضهم للإذلال، وهو ما ظهر جليًا منذ وصول نتنياهو ومجانينه أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل!!

وذلك لأن "التهجير القسري" إلى جانب "الإبادة الجماعية"، هما ركيزتا العقل الصهيوني والاستعمار الاستيطاني، الذي يعدّ بدوره امتدادًا حقيقيًا للاستعمار الغربي الاستيطاني الذي وإن نجح في استيطان أميركا وأستراليا إلا أنه هُزم في الجزائر، وأنجولا، وجنوب أفريقيا، كما أنه يشبه إلى حد كبير الاستعمار الاستيطاني الذي أسس مملكة الفرنجة التي سقطت في المكان ذاته بعد ما يقرب من ٨٠ عامًا من استيطانها.

ولهذا أيضًا لم تغب المذابح وحروب الإبادة، كما لم يغب النفي والتهجير على طول تاريخ الاحتلال الصهيونيّ لفلسطين، وهكذا يجب أن نفهم العدوان الوحشي الجاري على غزة، فهو ليس ردًا على عبور "طوفان الأقصى"، بقدر ما هو امتداد طبيعي للمذابح التاريخية في "دير ياسين" و"كفر قاسم" عام 1948، كما أن التهجير من غزة- والجاري الدفع باتجاهه اليوم- هو امتداد طبيعي لعمليات التهجير التاريخية التي مارسها الاحتلال الصهيوني، فالحلم الصهيوني يعتمد بالأساس دولة يهودية خالصة لا يشاركهم فيها أحد.

قراءة في التاريخ

إن القارئ في التاريخ الصهيوني سيجد بوضوح أن اعتماد تهجير السكان الفلسطينيين من أساسيات وأبجديات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تجده واضحًا عند مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة "تيودور هرتزل"، ومن جاء بعده، مثل: "يسرائيل رنغويل"، و"مناحيم أوسيشكين"، و"أبراهام شارون"، إضافة لـ "بن جوريون" أول رئيس وزراء لإسرائيل الذي عمل طوال حياته السياسية على تهجير الفلسطينيين، فضلًا عن تأسيسه مشروع التهجير منذ عام 1937، وذلك عندما قال في الوكالة اليهودية: "نقطة الانطلاق والمخرج لحل مسألة العرب في الدولة اليهودية، تكمن في التوقيع على اتفاقية مع الدول العربية، تمهّد الطريق لإخراج العرب من الدولة اليهودية ".

وعلى هذا، فإن التهجير الذي يجري الدفع باتجاهه حالًا نحو سيناء ليس عفويًا أو بعيدًا عن العقل الصهيوني، بل هو جزء أصيل من صميم تكوينه، كما أنه ركن ركين في بنية المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الإحلالي، وهو يعد وفق القانون الدولي جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، فضلًا عن أنه يمثل إعلان حرب على مصر، وهو ما يجب أن تستعد له مصر الشعبية- إذا لم تتحرك مصر الرسمية- لأنّ ما يجري هو في جانب منه يبدو مخططًا كي تبدو هجرة طوعية، في الوقت الذي تهيأت فيه سيناء لذلك بالفعل منذ عدة سنوات لوجستيًا وتشريعيًا وأمنيًا.

ليس بإغلاق المعبر

ومما ينبغي أن يكون معلومًا في هذا الظرف بالغ الحساسية، أن مواجهة هذا المخطط لا تكون بإغلاق المعبر، كما لا تكون بإطلاق الرصاص على الفارين من جحيم القصف، فالفلسطيني لم يترك وطنه مختارًا- إذا تركه- بل لأنه يعيش تحت القصف الوحشي المستمر، وقد قطعت عنه كل سبل العيش وأصبح في العراء دون أي دعم أو مساندة، بعد أن تم تدمير كل مظاهر العمران والحياة في غزة، بل ينبغي فتح المعبر الخاضع للسيادة المصرية لإيصال المساعدات للمحاصرين وإمدادهم بكل أسباب الحياة والمقاومة، فهذا ما يوجبه القانون الدولي، فضلًا عن توجيه الإنذار لمن يجبر الفلسطينيين على الهجرة عبر الحدود المصرية؛ لأن ذلك هو صورة من صور إعلان الحرب.

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: کما أن

إقرأ أيضاً:

نظرية جديدة لتفسير آلية اختزان الذكريات في العقل البشري

توصل باحثون من أميركا إلى أنه من الممكن اختزان الذكريات في ذاكرة المدى الطويل مباشرة دون الحاجة لمرورها على ذاكرة المدى القصير أولا.

وتنقسم ذاكرة العقل البشري إلى شقين رئيسيين، أولهما ذاكرة المدى القصير التي تعرف أيضا باسم "الذاكرة النشطة"، ويتمثل دورها في اختزان كمية محدودة من المعلومات في العقل دون مراجعة، على أن تظل متاحة للاسترجاع لفترة زمنية محدودة، وهناك ذاكرة المدى الطويل، وهي التي تقوم بمعالجة الذكريات والاحتفاظ بها إلى أجل غير مسمى.

ويقول العلماء إن من بين خصائص ذاكرة المدى الطويل أنها تتميز بسعة غير محدودة، وتحتفظ بالذكريات لفترات طويلة دون أن تفقدها، ويسهل استدعاء هذه الذكريات عند الاحتياج إليها.

وعادة ما تنقسم ذاكرة المدى الطويل إلى أنواع عدة، مثل الذاكرة الصريحة التي تختزن الذكريات والمعلومات التي يتم استرجاعها بوعي، والذاكرة العرضية التي تحتفظ بمعلومات عن الأحداث التي تمر بالإنسان على امتداد حياته، والذاكرة الدلالية التي تختزن معلومات يتم استخدامها في الحياة اليومية، مثل معاني الكلمات وطريقة التعامل مع مختلف المعطيات في البيئة المحيطة.

وتضم ذاكرة المدى الطويل أيضا الذاكرة الإجرائية التي تتعلق بالمهارات الحركية للإنسان، مثل ركوب الدراجة أو الكتابة بالقلم أو السباحة وغيرها، وهناك أيضا الذاكرة الترابطية التي تسترجع ذكريات محددة من خلال ارتباطها بسلوكيات أو مواقف قديمة بغرض تطويرها واكتساب خبرات جديدة.

إعلان

وعند تعامل العقل مع المدخلات اليومية فإنه يقوم باختزان المعلومات في البداية على ذاكرة المدى القصير لبرهة محدودة من الوقت، ثم يتخلص من المعلومات غير المهمة تباعا لإفساح المجال لإدخال معلومات جديدة، علما بأن الذكريات المهمة تنتقل من ذاكرة المدى القصير إلى المدى الطويل حيث يتم الاحتفاظ بها لاسترجاعها عند الحاجة إليها.

ممر سري

لكن فريقا من الباحثين من معهد ماكس بلانك في ولاية فلوريدا الأميركية توصل إلى نظرية جديدة تقول إنه من الممكن اختزان الذكريات في ذاكرة المدى الطويل مباشرة دون الحاجة لمرورها على ذاكرة المدى القصير أولا، مما يفتح مجالا جديدا لفهم آلية عمل ذاكرة الإنسان ومعرفة الظروف التي تحيط بمنظومة اختزان الذكريات في العقل البشري.

ويقول رئيس فريق الدراسة الباحث ميونغ يون شين إن "هذا الاكتشاف يماثل العثور على ممر سري يفضي إلى الذاكرة الدائمة داخل العقل".

وأضاف شين في تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتك ديلي" المتخصص في الأبحاث العلمية أن "النظريات السائدة تشير إلى وجود ممر واحد لانتقال المعلومات من ذاكرة المدى القصير إلى الطويل، ولكننا الآن لدينا دلائل قوية تشير إلى وجود مسارين على الأقل لتكوين الذكريات يمر أحدهما عبر ذاكرة المدى القصير، ويفضي الآخر إلى ذاكرة المدى الطويل مباشرة، وهو ما يدل على أن العقل البشري أكثر مرونة عما كان يعتقد من قبل".

وتركز الدراسة على إنزيم معين داخل الخلايا العصبية يطلق عليه اسم "سي إيه إم كي 2″، ويرتبط بتكوين ذكريات المدى القصير، وكان العلماء في السابق يعتمدون على علم البصريات الوراثي لتعطيل عمل هذا الإنزيم بشكل مؤقت.

وبالطريقة نفسها، اعتمد الفريق البحثي في معهد ماكس بلانك على الضوء لتعطيل آلية تكوين ذكريات المدى القصير داخل عقول الفئران.

ومن المعروف أن الفئران تفضل الأماكن المظلمة، وإذا ما أتيحت لها الفرصة فإنها تتجه إلى المكان المظلم بدلا من المكان المضيء، لكن إذا تعرض الفأر لتجربة مخيفة في مكان مظلم فإن هذه الذكرى المرعبة سوف تعدل سلوكياته وتجعله يتجنب الاتجاه إلى الأماكن المظلمة في المستقبل.

إعلان

وبحسب موقع "سايتك ديلي"، لجأ الفريق البحثي إلى تعريض فئران التجارب إلى تجربة مفزعة في أماكن مظلمة، ثم استخدموا الضوء للحيلولة دون اختزان هذا الحدث في ذاكرة المدى القصير لدى الفئران.

وتبين من التجربة أنه بعد انقضاء ساعة عادت الفئران للولوج إلى الأماكن المظلمة دون خوف، بمعنى أن الفريق البحثي نجح بالفعل في منع تخزين هذا الحدث في ذاكرة المدى القصير.

لكن الأمر الذي أدهش العلماء بعد ذلك أنه بعد مرور أيام عدة أو أسبوع أو شهر تغيرت سلوكيات فئران التجارب وأصبحت تمتنع عن دخول الأماكن المظلمة نفسها التي سبق أن تعرضت فيها لتجربة مخيفة، وهو ما يدل بشكل قاطع على أن الشعور بالخوف من الظلام -والذي لم يتم اختزانه على ذاكرة المدى القصير بعد تدخل العلماء- قد انتقل بشكل مباشر إلى ذاكرة المدى الطويل لدى الفئران، وهو ما أتاح لهذه الحيوانات استرجاع الشعور بالخوف بعد أيام عدة أو أسابيع أو حتى أشهر.

عملية متوازية

ويقول الباحث شين "في البداية شعرنا بالدهشة من هذه الملاحظة لأنها لا تتفق مع أفكارنا المسبقة بشأن طريقة تكوّن الذكريات، ولم نكن نعتقد أنه من الممكن اختزان المعلومات في ذاكرة المدى الطويل دون الاحتفاظ بها لفترة في ذاكرة المدى القصير، لكن عندما قمنا بتكرار التجربة مرات عدة باستخدام أدوات بحثية مختلفة استطعنا التحقق من صحة هذه النتيجة وأصبحنا على قناعة".

وأوضح "لقد تبين لنا أن تكوّن الذكريات طويلة المدى ليس عملية خطية تتطلب مرور المعلومة على ذاكرة المدى القصير أولا، إنما هي عملية متوازية تسمح بتجاوز ذاكرة المدى القصير في بعض الأحيان".

ويقول الباحث ريوهي ياسودا عضو فريق الدراسة في معهد ماكس بلانك إن "هذه النتائج جعلتنا نعيد النظر في فهمنا لتكوين الذكريات، ونعكف الآن على محاولة فهم الظروف التي تؤدي إلى تكون ذكريات المدى الطويل مباشرة، علما بأن هذا البحث العلمي قد يساعد في إيجاد طرق للاحتفاظ بالمعلومات على ذاكرة المدى الطويل في حالة تضرر ذاكرة المدى القصير لدى البعض جراء تقدم السن أو بسبب مشكلات صحية تؤثر على الإدراك العقلي".

إعلان

مقالات مشابهة

  • مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس بحماية قوات العدو الصهيوني
  • إخفاقات مدوية لسلاح الجو الصهيوني في التصدي لهجوم “طوفان الأقصى”
  • نظرية جديدة لتفسير آلية اختزان الذكريات في العقل البشري
  • بينهم أطفال وأسرى سابقون.. العدو الصهيوني يعتقل 25 فلسطينياً من الضفة المحتلة
  • إسرائيل تصر على لعبة “إرهاب يعبر الأغوار”.. لماذا؟ الأردن في عمق “الابتزاز” ومخاطر التهجير
  • 8 شهداء بينهم سيدتان جراء العدوان الصهيوني على مخيمي طولكرم ونور شمس
  • الحرية الفكرية
  • أبو عبيدة: الكيان الصهيوني يخفي خسائره حفاظا على صورة جيشه
  • سلاح الجو الصهيوني يواجه صعوبات في جمع المعلومات الاستخبارية عن اليمن
  • الكيان الصهيوني يُصدر أوامر بالإخلاء من عدة مناطق في الشجاعية