للزكاة أصناف ثمانية نَصَّ الله تعالى عليهم في كتابه الكريم بقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]؛ أي: أنها لِبِناء الإنسان قبل البُنيان؛ فكفاية الفقراء والمحتاجين مِن المَلْبَسِ والمَأكلِ والمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم هي التي يجب أن تكون مَحَطَّ الاهتمام في المقام الأول؛ تحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤْخَذُ مِنْ أغنيائهم وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه؛ وهذا يَدخل فيه علاجُ المرضى غيرِ القادرين والصرفُ منه على الخدمة الطبية التي يحتاجونها دخولًا أوَّليًّا.


وبناءً على ذلك: فإنه يجوز الإنفاق من الزكاة على إجراء عمليات الزرع، وكذلك الأجهزة والمستلزمات المستخدمة فيها.

 

 

وقوله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه ، أنه مخالف لهم في ذلك ، فإن صلاته لله ونسكه على اسمه وحده لا شريك له ، وهذا كقوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) [ الكوثر : 2 ] أي : أخلص له صلاتك وذبيحتك ، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها ، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه ، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى .
قال مجاهد في قوله : ( إن صلاتي ونسكي ) قال : النسك الذبح في الحج والعمرة .
وقال الثوري ، عن السدي عن سعيد بن جبير : ( ونسكي ) قال : ذبحي . وكذا قال السدي والضحاك .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن زيد بن أبي حبيب ، عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد بكبشين وقال حين ذبحهما : " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، ( إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) .

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 13 من سورة الممتحنة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ”.
هذه السورة من السور المدنية، ونزلت بعد سورة الأحزاب، ومعروف أن سورة الأحزاب نزلت بعد معركة الخندق، التي كانت آخر معركة تهددت الدولة الإسلامية وجوديا، بعدها كانت كل المعارك فتوحات ونشر دعوة.
من هنا لا أتفق مع ما ذهب اليه المفسرون القدامى من السلف الصالح في تأويل سبب نزولها أنه متعلق بأحداث ذلك الزمان فقط، فمنهم من قال أنها نزلت في أسماء بنت أبي بكر حينما زارتها أمها المشركة في قوله تعالى في الآية الثامنة منها: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، ومنهم من قال أنها نزلت في “حاطب بنت بلتعة” حينما راسل مشركي مكة يخبرهم أن المسلمين يعدون العدة لمهاجمة مكة.
لقد كان توجه أولئك المفسرين الى التأويل أكثر مما هو التفسير، إذ كان المسلمون آنذاك قريبي العهد من الفصاحة فلا يحتاجون لتفسير المفردات، وما احتاجوا لذلك إلا بعد أن انتشرت الدعوة ووصلت أقطارا حضرية ابتعدوا زمنا ومكانا عن موطن الفصاحة التي اختص بها أعراب الجزيرة.
كما أنهم اعتقادهم أن القرآن نزل لقريش ولزمن الدعوة، دفعهم لتأويل كل آياته بما يتوافق مع أحداث زمن الدعوة، لكن تبين لعلماء التفسير في الأزمان المتأخرة، أنه صحيح أن هنالك آيات عالجت حالة راهنة، لكنها جاءت بصيغة تبين إمكانية حدوثها فيما بعد، مثل الآية التي نزلت في المخلفين، والآيات التي نزلت في فرعون وقومه، هي حالة تاريخية انقضت، لكنها قد تتكرر مرات بصورة أو بأخرى، لذلك أغفل ذكر اسم الفرعون المعني ،لكي تنطبق على حالات قادمة، وحتى حادثة الإفك التي لن تتكرر مرة أخرى، فقد ضمنها تعالى في سورة النور التي فرضها لتعالج حالة الزنا ومتعلقاته ، ابتدأها بعقوبة الزنا ثم اتبعها بعقوبة الاتهام به زورا، وذلك ليبين أن ذلك عند الله عظيم، لأن أثر نشر إشاعة الفواحش في تدمير المجتمعات لا يقل خطرا عن الفواحش ذاتها، لذلك قدر تعالى حادثة الإفك أصلا، وابتلى بها أحب الناس إليه وأعظمهم قدرا بين الناس، للتنبيه لمدى خطورة هذه المسألة.
لقد ذهب اهل التأويل الى القول بأن القوم الذي غضب الله عليهم هم المشركون، رغم أنه تعالى لم يلحق هذه الصفة في كتابه العزيز الا باليهود وهم الطائفة الضالة من بني اسرائيل الذين عتوا عن أمر ربهم، فوصفهم في سورة الفاتحة بالمغضوب عليهم، وبنص صريح: “فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ” [البقرة:90].
أما اليهود في ذلك الزمان فكانوا مستضعفين منذ قرون، بعد أن حكم الله عليهم بالذلة والشتات في الأرض، فلم يكونوا يشكلون أية قوة، ولا مطمع في موالاتهم، بل كانت قريش صاحبة القوة والمنعة عسكريا، والازدهار اقتصاديا، فكانت موالاتها والتقرب منها مكسبا، لذلك اعتقدوا ان من حذر تعالى من موالاتهم ومحالفتهم هم المشركون.
لكن لا شك أن الله يعلم متقلب الأمور وما سيحدث مستقبلا، فهؤلاء الذين كانوا أذلة مستضعفين، تمكنوا بحبل من الناس (قوى الاستعمار الأوروبي) أن يعلوا في الأرض ثانية، فأصبحوا هم من يستضعفون المسلمين ويسومونهم العذاب، بل ويفرضون على قادتهم الاستسلام لأوامرهم والرضوخ لإملاءاتهم.
لذلك فتأويل هذه الآية موقوت بهذا الزمان، حينما يتسابق حكام المسلمين الى موالاة هؤلاء الملعونين والمغضوب عليهم، خشية أن تصيبهم دائرة من أولي القوة والبطش (أمريكا).
لذلك جاء أمر الله حازما واضحا باستخدام لا الناهية، فالمؤمن مطيع لله، ومن يخالف أمره سيحل عليه غضبه، وعليه فمن يوالي الكيان اللقيط بالتطبيع معه والتعاون في أي مجال فهو مخالف لأمر الله، والأشد منه عصيانا هو من يتحالف مع هذا الكيان عسكريا أو ينسق أمنيا بحجة مجابهة خطر الإسلام الجهادي (الذي يصمونه زورا بالإرهاب).
من يفعل ذلك سيلقى جزاءه من ربه في الدنيا والآخرة، لكن الأخسرين أعمالا هم عابدون طائعون لكنهم يؤيدون أعمال هؤلاء أويبررونها، فسوف يقدمون ربهم يوم القيامة ليجدوا ان كل عباداتهم وأعمالهم هباء منثورا.

مقالات مشابهة

  • جلالة السلطان يعزِّي في وفاة والدة العاهل المغربي
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: تمام الرشد في الإيمان بالله واتباع رسوله.. وتعظيم مكة والمدينة من تقوى القلوب
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • الحث على طلب العلم وبيان أهميته ومكانته في الإسلام
  • دعاء صلاة التوبة كما ورد عن النبي.. احرص على ترديده (فيديو)
  • بيان المراد بالظن في قوله تعالى ﴿إِنّ بَعضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ ومعنى كونه إثما
  • الإفتاء توضح مفهوم الحسد وبيان خطورته
  • تأملات قرآنية
  • رويترز تنشر تقريراً عن وفيات الحج المرتفعة: الفقراء هم المتضررين