كشفت أول تجربة سريرية عشوائية مزدوجة التعمية في العالم لعلاج مرض المايستوما أو ما يُعرف بالورم الفطري، عن نتائج واعدة وفعالة في علاج هذا المرض المنتشر في العديد من بلدان إفريقيا وآسيا والأمريكتين.

وأظهرت التجارب أن عقار «Fosravuconazole - فوسرافوكونازول» ذو قدرة علاجية آمنة وأكثر فعالية، بحسب التجارب والدراسات التي أجرتها مبادرة أدوية الأمراض المهملة «DNDi» ومقرها في جنيف بالتنسيق مع مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم وشركة (Eisai) إيساي اليابانية للأدوية.

وأعلنت منظمة البحوث الطبية غير الربحية، نتائج المرحلة الثانية من التجارب السريرية، ضمن مبادرة الأدوية للأمراض المهملة «DNDi»، وذلك في المؤتمر الأوروبي الـ13 للطب المداري والصحة الدولية «ECTMIH»، والذي عُقد في مدينة أوتريخت بهولندا من 20 حتى 23 نوفمبر الجاري.

ما هو مرض المايستوما؟

يعتبر مرض المايستوما أو ما يسمى بالورم الفطري هو عدوى مزمنة تسببها البكتيريا أو الفطريات، وهو أحد أكثر الأمراض إهمالا في العالم ومستوطن في العديد من بلدان إفريقيا وآسيا والأمريكتين، ويستأثر السودان والمكسيك على أكبر عدد من الحالات التي أبلغ عنها في جميع أنحاء العالم.

وينتقل المرض عن طريق الزرع، أي من خلال وخز الشوكة أثناء المشي بقدمين حافيتين، ويؤثر المرض بشكل أساسي على الفئات العمرية اليافعة، حيث يشكل الأطفال حوالي 20-25٪ من جميع مرضى المايستوما، وفقا لمركز البحوث الطبية.

عادة ما يؤثر مرض المايستوما على القدمين ويؤدي إلى عدوى مزمنة تؤثر على الأنسجة الرخوة والعظام، وبمرور الوقت قد تقود إلى تشوهات شديدة، تصل إلى حد الإعاقة وقد تقود إلى البتر. ويسبب المرض أيضا مضاعفات في الصحة العقلية ويخلق انطوائية ناتجة عن عدم قدرة المريض على المخالطة نتيجة إفرازات وتشوهات القدم المصابة به.

الورم الفطري يصيب أفقر السكان

قال البروفيسور أحمد الفحل، أستاذ الجراحة بجامعة الخرطوم ومدير مركز البحوث الطبية، إن الورم الفطري يصيب أفقر السكان في المناطق النائية، أولئك الذين يتنقلون حفاة هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة به، ومعظمهم من العمال الميدانيين والأطفال".

وأضاف الفحل: «يمكن أن يمثل علاجه تحديا بسبب الأدوية باهظة الثمن وغير المتوفرة في كثير من الأحيان والتي لها أيضا آثار جانبية خطيرة، ويستمر العلاج لعدة أشهر، ويمكن أن يسبب المرض مضاعفات خطيرة تصل حد الموت في الحالات الشديدة، وغالبا ما يكون الحل الوحيد هو البتر».

مسار طويل من الدراسة

وكانت مبادرة أدوية الأمراض المهملة «DNDi» قد أطلقت عام 2017 التجارب السريرية لدواء «فوسرافوكونازول» كعلاج جديد مضاد للفطريات بالشراكة مع مركز البحوث الطبية في السودان وإيساي اليابانية بهدف تقييم تفوقه على عقار «إيتراكونازول - Itraconazole» المستخدم كعلاج في المناطق الموبوءة.

وأظهرت نتائج التجربة السريرية أن كلا الدواءين لهما معدلات فعالية مماثلة، إذ كان معدل فعالية عقار «فوسرافوكونازول» يتراوح ما بين 65٪ و85٪ في جرعة 300 ملليجرام وجرعة 200 ملليجرام على التوالي، في حين أن جرعة إيتراكونازول 400 ملليجرام كانت بمعدل فعالية 80٪، وهو أعلى من المتوقع بناء على البيانات التاريخية، في حين لم يتم العثور على معدلات الفعالية هذه ذات دلالة إحصائية، مما يقود إلى أن «فوسرافوكونازول» له مزايا كبيرة على مستوى الرعاية.

وذكر أستاذ الجراحة بجامعة الخرطوم، أن جرعات العلاج الجديد لمرض المايستوما أقل بكثير من الدواء المستخدم حاليا، مشيرا إلى أنه يجب تناول حبتين فقط من «فوسرافوكونازول» مرة واحدة في الأسبوع، مقارنة بأربعة حبات يوميا للإيتراكونازول، قائلا: «هذا يقلل من عبء تناول الحبوب للمرضى بشكل كبير، ثماني حبات فقط في الشهر مقابل 120 حبة الحالية»، مؤكدا أن هذا سيحسن بشكل كبير الالتزام والراحة للمرضى.

إلى جانب الجرعة الوحيدة مرة واحدة في الأسبوع، أكدت الدكتورة بورنا نياوكي، رئيس برنامج مرض المايستوما في «DNDi»، أن عقار فوسرافوكونازول به العديد من المزايا مقارنة بالعلاجات الحالية.

وقالت نياوكي: «ليس له أي تأثير غذائي، لذلك لا داعي للقلق بشأن تناوله قبل أو بعد الوجبة، ويحتوي الدواء أيضا على الحد الأدنى من التفاعلات مع الأدوية الأخرى، وهو أمر مهم بشكل خاص لسكان جنوب الصحراء الكبرى الذين قد يعانون من أمراض مصاحبة مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو السل، وقد يتناولون مجموعة من الأدوية المتعددة، لافتة إلى أن كل هذا يجعل من دواء «فوسرافوكونازول» خيارا علاجيا بديلا مثاليا للمايستوما.

وقدمت DNDi وشركاؤها نتائج التجربة السريرية إلى المجلس الوطني للأدوية والسموم في السودان، نظرا لأهمية الصحة العامة لهذا المرض المهمل، ووافقت وزارة الصحة في السودان على استخدام دواء "فوسرافوكونازول" في ظل ظروف خاضعة للرقابة لعلاج المرضى الذين يعانون من المايستوما الذين يتلقون الرعاية في مركز البحوث الطبية، ومع ذلك، فإن النزاع المستمر في البلاد قد يعيق المرضى السودانيين من الحصول على العلاج اللازم.

واعتبر الدكتور كابي تسوكاهارا، رئيس شعبة التعلم العميق للأحياء البشرية والميكروبات ودفاع المضيف ورئيس مختبرات أبحاث تسوكوبا في منظمة إيساي باليابان، أن الدواء الجديد إنجازا هاما سيسهل من عملية العلاج للمرض.

وقال تسوكاهارا، إن المايستوما مرض استوائي نوعي ومهمل يؤثر بشكل غير متناسب على السكان الأكثر ضعفا، مؤكدا أنهم حققوا إنجازا هاما من خلال تطوير دواء فوسرافوكونازول، والذي سيبسط علاج المايستوما الفطرية بخصائصه الدوائية الملائمة، مضيفا: «سنعمل مع شركائنا لجعل فوسرافوكونازول متاحا لجميع الذين يحتاجون إليه وفي أقرب وقت ممكن».

نقص المراقبة لإجراء البحوث حول المرض

العبء العالمي لمرض المايستوما غير معروف حاليًا نتيجة نقص المراقبة والموارد اللازمة لإجراء البحوث حول المرض، وأدى ذلك إلى محدودية البيانات الوبائية، ومع ذلك يهدف برنامج DNDi وشركاؤه إلى سد هذه الفجوة المعرفية من خلال تقييم الاحتياجات المحلية للعلاج في البلدان الموبوءة الرئيسية من عبر مراجعة النتائج، وجمع البيانات بأثر رجعي، والمسوحات الميدانية الوبائية.

كيف دعمت هذه الدول الدواء الجديد؟

وحصلت الدارسة على دعم مالي من قبل الصندوق العالمي للتكنولوجيا الصحية المبتكرة (GHIT) في اليابان والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC)، بسويسرا، وجمهورية وكانتون بجنيف، وخدمة التضامن الدولي السويسرية، وزارة الخارجية الهولندية (DGIS)، والمعونة البريطانية في المملكة المتحدة، ومنظمة أطباء بلا حدود الدولية (MSF)، ومنظمة أطباء بلا حدود السويسرية.

ما هي مبادرة أدوية الأمراض المهملة؟

مبادرة أدوية الأمراض المهملة «DNDi» هي منظمة بحثية طبية غير ربحية تعمل على اكتشاف وتطوير وتقديم علاجات آمنة وفعالة وبأسعار معقولة للأشخاص المهملين.

وتعمل مبادرة DNDi على تطوير أدوية لمرض النوم، وداء الليشمانيات، ومرض شاغاس، والعمى النهري، والورم الفطري، وحمى الضنك، وفيروس نقص المناعة البشرية لدى الأطفال، ومرض فيروس نقص المناعة البشرية المتقدم، والتهاب السحايا، والتهاب الكبد الوبائي. وتشمل أولوياتها البحثية صحة الأطفال، والمساواة بين الجنسين، والبحث والتطوير المستجيبين للمنظور الجنساني، أو الامراض التي تتأثر بتغير المناخ، ومنذ إنشائها في عام 2003، انضمت مبادرة DNDi مع شركاء من القطاعين العام والخاص في جميع أنحاء العالم لتقديم أثنى عشر علاجًا جديدًا، ما أدى إلى إنقاذ ملايين الأرواح.

معلومات لا تعرفها عن مركز أبحاث المايستوما

يعد مركز أبحاث المايستوما (MRC) في السودان أحد المراكز الرائدة عالميًا في مجال أبحاث وإدارة المايستوما. وعلى مدى السنوات الـ 28 الماضية، قدمت رعاية طبية عالية الجودة لمرضى المايستوما بشكل رئيسي من ريف السودان ولكن أيضًا من العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك تشاد واليمن، كما تم إنشاء مركز أبحاث المايستوما في عام 1991، وفي عام 2015، عينته منظمة الصحة العالمية (WHO) كمركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية، وهو المركز الأول والوحيد المخصص للورم الفطري، وقد عالج حتى الآن أكثر من 10، 000 مريض.

ما دور شركة إيساي؟

مفهوم شركة Eisai هو إعطاء الأولوية للمرضى والأشخاص في مجال الحياة اليومية، وزيادة الفوائد التي توفرها الرعاية الصحية، وبموجب هذا المفهوم (المعروف أيضًا باسم مفهوم الرعاية الصحية البشرية)، فإننا نهدف إلى تحقيق الصالح الاجتماعي بشكل فعال في شكل تخفيف القلق بشأن الصحة وتقليل الفوارق الصحية.

من خلال شبكة عالمية من مرافق البحث والتطوير ومواقع التصنيع والشركات التابعة للتسويق، فإننا نسعى جاهدين لإنشاء وتقديم منتجات مبتكرة لاستهداف الأمراض ذات الاحتياجات الطبية العالية غير الملباة، مع التركيز بشكل خاص على مجالاتنا الاستراتيجية لطب الأعصاب والأورام. وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نثبت التزامنا بالقضاء على أمراض المناطق المدارية المهملة (NTDs)، وهو الهدف (3.3) من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs)، من خلال العمل في أنشطة مختلفة مع شركاء عالميين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرعاية الصحية التنمية المستدامة شركة إيساي أهداف الأمم المتحدة فی السودان العدید من من خلال

إقرأ أيضاً:

أمين البحوث الإسلامية يستقبل وفد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإقليم كوردستان العراق

استقبل الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي، في مكتبه اليوم وفد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لحكومة إقليم كوردستان العراق، لبحث احتياجات المعاهد الخارجية، وخاصة معهد أربيل الأزهري؛ حيث ضم الوفد العراقي الدكتور ديار عز الدين جباري مستشار الوزارة، الشيخ إبراهيم محمد طاهر البرزنجي المفتش العام، السيد بختيار حمه صالح مدير معهد أربيل الأزهري، السيد محمد يحيى عزيز ممثل ومندوب وزارة الأوقاف لطلبة معهد أربيل الأزهري في الأزهر الشريف.

حصاد عام 2024 لمجمع البحوث الإسلامية البحوث الإسلامية: الأربعاء بدء الاختبارات لمسابقة الابتعاث الخارجي لشهر رمضان لدول العالم

جاء ذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاهتمام بالطلاب الوافدين وتذليل العقبات والصعوبات التي تواجههم؛ حيث تناول اللقاء بحث احتياجات المعهد الأزهري من مبعوثي الأزهر الشريف، إضافة إلى الأعمال الأخرى المتعلقة بالطلاب والامتحانات.

تناول الأمين العام خلال اللقاء جهود مصر والأزهر الشريف بجميع قطاعاته، في دعم وتطوير مستويات الطلاب الوافدين من جميع دول العالم للدراسة بالأزهر، وما يُقدم لهم من عناية خاصة ورعاية علمية وتهيئة الأجواء المناسبة لهم في المراحل التعليمية المختلفة؛ حتى يكونوا سفراء للأزهر الشريف في دول العالم المختلفة، مؤكدًا على الدور المهم الذي يبذله الأزهر الشريف بجميع قطاعاته بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر لنشر المنهج الأزهري الذي يرسخ للاعتدال والتسامح والحوار وقبول الآخر واحترام التعددية، والعمل على مواجهة التحديات المعاصرة التي تختلف باختلاف المجتمعات والدول والثقافات.

فيما عبّر أعضاء الوفد عن تقديرهم للدور المهم الذي يقوم به الأزهر الشريف في العالم كله، والحاجة إلى علماء الأزهر ورجاله الأجلاء لتصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر السلام العالمي والتسامح بين الناس من خلال منهجه الوسطي بعيدًا عن الإفراط والتفريط، ولبيان حقيقة الدين الإسلامي وما يدعو إليه من قيم التعاون والرحمة والإنسانية، في ظل التحديات المعاصرة التي يعيشها العالم أجمع.

البحوث الإسلامية: الأربعاء بدء الاختبارات لمسابقة الابتعاث الخارجي لشهر رمضان لدول العالم

وعلى صعيد اخر، يعقد مجمع البحوث الإسلامية الأربعاء القادم الاختبارات التحريرية للمتقدمين من وعاظ الأزهر الشريف لمسابقة الابتعاث الخارجي لشهر رمضان المبارك لدول العالم لهذا العام، وذلك بمقر مركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.

وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. محمد الجندي، إن الاختبارات التحريرية تأتي كمرحلة أولى تمهيدًا لاختيار أفضل الكفاءات العلمية والدعوية التي ستمثل الأزهر الشريف في الكثير من دول العالم خلال شهر رمضان المبارك، حيث يعد الاختبار التحريري هو المرحلة الأولى للاختيار، ومن المقرر أن يعقبه الاختبار الشفوي والمقابلة الشخصية كمرحلة أخيرة يتم الإعلان بعدها عن المرشحين بشكل نهائي.

أضاف الجندي أن تعدد مراحل الاختيار بداية من الاختبارات التحريرية، والشفوية والمقابلات الشخصية لأجل تحقيق الشفافية الكاملة في عملية الاختيار، ومدى توافر المهارات اللازمة لأداء رسالة الأزهر الشريف على أكمل وجه بما يحقق الهدف من هذه البعثات، ويلبي احتياجات الجمهور في دول العالم المختلفة خلال شهر رمضان المبارك.

مقالات مشابهة

  • الملك تشارلز يتحدث عن معاناة عائلته.. تفاصيل رسالته في عيد الميلاد
  • البحوث الإسلامية يعقد الاختبارات التحريرية لمسابقة الابتعاث الخارجي لشهر رمضان لدول العالم
  • البحوث الإسلامية يعقد الاختبارات التحريرية للمتقدمين لمسابقة الابتعاث الخارجي
  • دراسة تتوصل لعلاج محتمل لاضطراب طيف التوحد (تفاصيل)
  • أمين البحوث الإسلامية يستقبل وفد المنظمة العالمية لخريجي الأزهر فرع ليبيا
  • يباع في لبنان وتركيا..الصحة العالمية تحذر من دواء مقلّد لعلاج سرطان الرئة
  • أمين البحوث الإسلامية يستقبل وفد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإقليم كوردستان العراق
  • «البحوث الزراعية» ثالث أفضل مركز بحثي بالشرق الأوسط وإفريقيا
  • مركز البحوث الزراعية يحصد المرتبة الثالثة بالشرق الأوسط وإفريقيا وفق لتصنيف SCImago 2024
  • معلومات الوزراء: 123 مليون شخص حول العالم نزحوا بشكل قسري في 2024