3 نصائح من البابا تواضروس للكهنة في الإسكندرية.. أبرزها التوبة المستمرة
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
وجه البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، 3 نصائح لـ15 كاهنا من كهنة الإسكندرية، بعد قيامه بمنحهم رتبة القمصية خلال صلوات القداس الإلهي في الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية.
وتقدم «الوطن» خلال السطور التالية تفاصيل النصائح الثلاثة التي وجهها البابا تواضروس إلى الآباء الكهنة القمامصة خلال كلمته، التي تعد توجيها روحيا في الخدمة.
- احترس واحذر من الرياء: السيد المسيح يُحذرنا من الحياة الملتوية، لأن الرياء يُفسد خدمة الإنسان، لذلك يجب أن يحترس من الرياء وتكون حياته واضحة، كما أن الاحتراس من الرياء هو شكل من أشكال الأمانة في الخدمة، ويجب على الآباء الكهنة أن يحترسوا من كل صور الرياء، لأننا نصلي «أعط بهاءً للإكليروس»، بمعنى الصورة المستقيمة في كل ما يفعله وما يفكر فيه.
تواضع دائم- احفظ تكريسك الكهنوتي نقيًّا: الله اختارك للكهنوت في يوم ما لذلك عليك أن تحرسه، وحارس نعمة الكهنوت هو اتضاعك، لذلك اتضاعك الحقيقي هو الذي يحرس نقاوة تكريسك، فاحفظ نعمة الكهنوت نقية، حتى تظل هذه النعمة نشيطة وفي حيوية باستمرار، ونقاوة تكريسك تنعكس على أسرتك فيكون الأب الكاهن مدبرًا حسنًا لبيته.
توبة مستمرة- اغسل قلبك بالتوبة المستمرة: ويتحقق ذلك بمقابلة أب الاعتراف وتخصيص فترات خلوة وقراءة الكتب الروحية، وهذا يجعل الإنسان يحيا في نشاط روحي ويحفظ قلبه نقيًّا ويُحاسب نفسه باستمرار، لأن التوبة معناها فكر متجدد وحياة متجددة مغسولة بالدموع على الدوام، واجعل لك دائمًا الضمير الحي الذي يعمل فيه روح الله.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: البابا تواضروس رسامة كهنة
إقرأ أيضاً:
الحرية الفكرية
#الحرية_الفكرية
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
عندما شاءت إرادة الله تعالى أن يخلق الإنسان، ميز هذا المخلوق عن الكائنات الأخرى بالعقل، ليمكنه التمييز بين الصالح والطالح بالأدوات المنطقية، من غير الحاجة الى الوسائل الحسية التي بدونها لا يتم الإدراك والتمييز عند باقي الكائنات.
لقد منح الله هذه الأداة الراقية أصلا لهدف جليل هو ادراك وجود الخالق المغيّب عن الوسائل الحسية، والإيمان به بقناعات عقلية، وبالتالي عبادته وطاعته باختياره، لذلك جعل لهذا الكائن المكرم (الإنسان) حياتين: الأولى يمتحن فيها على حسن استعمال العقل وباقي النعم (الإيمان والعمل الصالح)، والآخرة ليس فيها تكليف أو امتحان بل جزاء، فيثاب أو يعاقب فيها على إساءة الاستعمال.
لذا فمهمة العقل الأولى معرفة الله، والمهمة الثانوية هي تأدية مهمة استخلاف الله له في الأرض ليعمرها ويحفظ توازنات الأنظمة التي أوجدها الله منظمة وضابطة لعلاقات المخلوقات ببعضها.
ولما كان العقل لا يعمل بالقسر ولا بتقييده، لذلك كانت الحرية بمختلف أشكالها فطرة أساسية في الإنسان، فهو يخلق منذ الولادة مفطورا على حب الحرية وكراهية أي مقيد لها، فما أن يشب الطفل عن الطوق، ويستغني عن أمه في تلبية احتياجاته الأساسية، حتى يبدأ بالتمرد على تعليماتها وتوجيهاتها، ويحاول أن يتصرف وفق مدركاته الحديثة التشكل.
طالما أن الله منح الإنسان الخيار باتباع الفطرة الإيمانية أو مخالفتها، ولم يفطره على الطاعة المطلقة كالملائكة، فمن المنطقي ان يتيح له حرية التفكير والاعتقاد، ولذلك قال: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” [الكهف:29]، فبعد أن أنزل عليه هديه، لم يعد لعقله من حجة بتغليب مغريات الهوى والضلال.
إذا فالإسلام يحترم الحرية الفكرية، ولا يقسر الناس قسرا على اعتناقه، بعكس ما يشيعه معادو منهج الله.
أما ما يعتقده المتشددون من أن الله كلف أمته بنشر الدين بالسيف، مستشهدين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ” فهو استدلال خاطئ، فالناس هنا ليس المقصود بهم العالمين، بل المشركين والكفار المقيمين في الجزيرة، فجاء هذا الحديث من وحي فهم أمر الله تعالى وتنفيذا له: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً” [التوبة:123]، فقد حدد الكفار الواجب مقاتلتهم أنهم المجاورون من القاطنين في أرض الجزيرة، الى أن يسلموا، وأهل الكتاب الى أن يرضخوا للدولة الاسلامية بأن يعطوا الجزية: “حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ” [التوبة:29]، وذلك لأن الله أراد لهذه البقعة من الأرض أن تكون مهدا للدعوة ومنطلقا الى سائر بقاع الأرض، فيجب أن يستتب الأمر فيها للدين، فلا يجتمع معه عقيدة زائغة: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ..” [الأنفال:39]، ومن فهمه صلى الله عليه وسلم لهذه الآية جاء الحديث: “لا يجتمع في جزيرة العرب دينان”.
ولما أن البعض قد يتخوف من عاقبة ذلك على خسران عائد تجاري أو نقصان دخل يحققه زوار غير المسلمين لبيت الله، فقد طمأن أمته أنه سيؤمن لهم ما يكفيهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ” [التوبة:28]، وفعلا تحقق ذلك، فكانت تجبى ثمرات كل شيء الى تلك الديار القاحلة عبر كل العصور، وأمدهم بماء زمزم التي لا تنقطع، كما جعل في ديارهم موارد طبيعية تغنيهم أضعاف ما يمكن أن تدره السياحة الترفيهية الفاسدة.
نستخلص مما سبق أن الدعوة لدين الله ظاهرة الحجة لمن ابتغى المعرفة، مقنعة للعقل المنفتح، فلا حاجة لإكراه أحد على الإسلام، والمحاجج المكابر مغلق العقل تعصبا، ولن ينفع الدين ولا الأمة، لأنه سيبقى نقطة ضعف فيها: “مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ” [التوبة:47].
إذن فالإسلام يكفل حرية الفكر والمعتقد للإنسان، وقد شهدت الدولة الاسلامية على مر العصور، بقاء أقليات لم تشأ دخول الإسلام، فبقيت على معتقدها، ولم تلق مضايقة ولا رقابة مفقدة للخصوصية الآدمية، كما تفعل الدول العلمانية المعاصرة بحق المسلمين.