بمشاركة الإيسيسكو..تعاون بين البحوث الإسلامية واللجنة الوطنية المصرية فى استخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
افتتح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف صباح اليوم دورة تدريبية حول «استخدام التقنيات الحديثة للمحافظة علي التراث وحمايته والتعرف به – استخدام الذكاء الاصطناعي والميتافيرس في توثيق التراث المادي والوثائقي»، وذلك بالتعاون مع اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة وبمشاركة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة - الإيسيسكو، وذلك برعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حيث تستمر الدورة على مدار ثلاثة أيام يشارك فيها العاملون بمجال حفظ التراث الإسلامي بقطاعات الأزهر الشريف.
بدأت فعاليات الجلسة الافتتاحية للدورة بحضور الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد، د. شريف شاهين عميد كلية الآداب جامعة القاهرة سابقًا ورئيس لجنة ذاكرة العالم باللجنة الوطنية المصرية، د. أسامة النحاس ممثل منظمة الإيسيسكو، د. محمود الهواري الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع، د. حسن خليل الأمين العام المساعد للثقافة بالمجمع، السيد مجدي مهران رئيس الإدارة المركزية لمكتبة الأزهر.
وفي كلمته بجلسة الافتتاح قال الدكتور نظير عيّاد، إن هذا اللقاء واحد من اللقاءات التي أرى أنه ينظر إليه على أنه ضرورة حياتيه وفريضة دينية، لأن الأمم التي تبحث عن تقدم تدرك أن ذلك لا يتحقق إلا من خلال البحث عن كنوزها من خلال إرثها الحضاري وتراثها العلمي الذي ينظر إليه على أنه اللبنة الأولى والميثاق الأوفى التي تتفاخر به أمة على أمة أخرى، ومن ثم كان هذا اللقاء الذي يدور حول موضوع استخدام التقنيات الحديثة للمحافظة على التراث وحمايته والعمل على التعريف به.
أضاف الأمين العام أنه من المنظور الديني الإسلامي أمرنا بالأخذ بأسباب العلم وأدوات المعرفة وعوامل التقدم والحكمة ضاله المؤمن أن وجدها فهو اولى الناس بالأخذ بها والاستفادة منها ثم إن هذا التراث ينبغي أن نقول أنه يضم علوم عديدة وفنون كثيرة، فهذه العلوم وتلك الفنون تعرِّف بأدوار الحضارة العربية والإسلامية هذه الحضارة التي يدين العالم لها بكثير من الفضل وكثير من الجميل الذي يحاول سلة من المستشرقين ومن المستغربين ومن أدعياء العلم والمزورين في التاريخ والحضارة نفي هذه عن هذه الأمه إرثًا أو حضارة وتراثا فتأتي مثل هذه اللقاءات لتكشف عن بعض الجوانب المهمة التي يمكن أن تضع الأحكام في موضعها والأمور في نصابها الصحيح من خلال إبراز جانب هو ينظر إليه على أنه ارقى وأوفى واكمل الجوانب المتعلقة بالحضارة الإسلامية.
أوضح عياد أنه عندما اتوقف مع حضراتكم وأقول بأنه فريضة دينية، لأن الحكمة ضالة المؤمن والنظر في كتب القدماء واجب بالشرع وما وجدنا فيه من خير سررنا به وشكرناهم عليه وما وجدنا فيه من ضرر أو فساد قومناه وعذرناهم فيه وهذا الكلام ليس كلامي وإنما هذا الكلام أعلن عنه فيلسوف العرب الأول أبو إسحاق الكندي ثم ردده من بعده ابن رشد الفيلسوف وكلاهما يؤكد على أننا أمام ضرورة شرعية تقتضي منَّا النظر في تراث السابقين لتعريف الأجيال اللاحقة بهذا التراث والاستفادة بما في من كنوز وثمرات تحقق النفع للبشرية جمعاء، كما أنه عندما يكون التعريف مرتبط بأدوات العصر ووسائل العصر من خلال ما يسمى بالذكاء الاصطناعي وهذا ما يفيد على أن الحضارة العربية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص منفتحة على كل أدوات العلم ووسائل المعرفة وهذا ما يدفع عنها شبة الاتهام بالجمود والانغلاق إذ كيف توصف بهذا وهى صالحه لكل زمان ومكان وهي تجمع بين الثبات والمرونة.
كما وجه الأمين العام الشكر لفضيله مولانا الإمام الأكبر شيخ الأزهر وفضيلة وكيل الأزهر لدعم لهذه الجهود العلمية وحرصهما الدائم على تعاون الأزهر مع مختلف القطاعات والمؤسسات العلمية والتعليمية، واختتم كلمته قائلًا: نجد في هذا التراث ما يؤكد على أحقيه الحق للضعفاء والمظلومين ويؤكد على أن الأقصى وأن القدس أرض عربية إسلامية.
فيما قال السيد سيد العبسي الأمين العام المساعد للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، نيابة عن د. شريف صالح شريف صالح رئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات، المشرع على اللجنة، إن تاريخ الأمم والحضارات يتشكَّل مما لديها من تراث فكري وحضاري ووثائقي متراكم عبر مراحل تطور هذه الأمم - لذا فإن العناية بتراثنا القديم ما هو إلا تخطيط لمستقبلنا – فالتراث هو الجذور التي تربط حاضر الأمة بماضيها بل ويلعب دورًا مهما في صياغة مستقبلها وتحديد هوية أجيالها القادمة فهو الدلالة الحضارية للأجداد وامتدادها حتي الأحفاد وهو مبعث فخرها واعتزازها بهويتها الوطنية بما يحمله من قيم ومعان ودلالات علي العراقة والأصالة المتصلة بشخصية كل أمة.
تابع قائلًا: لذا فقد نادت العديد من المنظمات والهيئات الدولية من خلال مجموعة من أطر العمل والاتفاقيات علي المستوي العالمي والإقليمي والمحلي بضرورة الحفاظ علي التراث لما يمثله من ذاكرة للأمم والشعوب وبما يحتويه من قيم ثقافية وعبق التاريخ بل بات من الأهمية بمكان توثيق هذا التراث رقميا بغية إعداد سجلات وطنية وإقليمية لما يمتلكه كل اقليم من ثقافات وبناء قدرات هذا التراث وقدرات المتعاملين معه لتتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل .
وأشار إلى أنه لم تكن مصر بمعزل عن الحراك العالمي في الحفاظ علي التراث وحمايته وتوثيقه والتعرف به فقد أنشأت مصر العديد من المؤسسات والمراكز التي تعني بهذا الأمر مثل المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث والتي كانت مهمتها الأولي تقديم وتصميم دورات تدريبية للمتخصصين من العاملين بالقطاع الحكومي والمؤسسات المعنية في مجال الحماية والإنقاذ السريع للتراث في حالات الكوارث والأزمات ومركز التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الاسكندرية والمدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي فاز بالعديد من الجوائز العالمية وذلك لاستخدامه التكنولوجيا الحديثة وتطويع التقنيات للحفاظ علي التراث من خلال رقمتنه ووضعه علي الشبكة الدولية الإنترنيت ونشر الوعي بأهميته والمحافظة عليه ومؤسسات اخري عديدة .
وأكد د. شريف شاهين أننا لدينا فرص كثيرة وأمامنا تحديات كبيرة في مجال حفظ التراث وتيسير تداوله والانتفاع به وترسيخ الهوية، فمن لم يحافظ على تراثه يفقد هويته، ولذا وضعنا الخطط ورسمنا السياسات وفق الاستراتيجيات المدروسة مستهدفين تراث الأجداد منذ بداية الإنسانية وفجر الحضارة، أما اليوم فالتحدي أكبر وأصعب لأن ما تنتظره الأجيال القادمة بداية من خمسينيات القرن المادي (بدايات استخدام الكمبيوتر) ليس ذلك الموروث التقليدي المعروف، وإنما تراث وصف بلغة العصر وكل عصر إنه "التراث الرقمي" Heritage Digital الذي يتضاعف يوما بعد يوم بمعدلات سابقة لكل القياسات بسبب شبكة الشبكات "الإنترنت" من تسعينيات القرن الماضي كانت هناك وال تزال نداءات بأرشفة الويب وأن تتولى المكتبات والأرشيفات الوطنية دورها الوطني في أرشفة كل ما ينشر من قبل أبناء الوطن ومؤسسات الدولة.
فيما أشار د. أسامة النحاس ممثل منظمة الإيسيسكو إلى أن الإيسيسكو لا تدخر جهداً في دعم الدول الأعضاء في كافة مجالات المنظمة، خاصة فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة، وبناء القدرات، موجهاً الشكر للأزهر الشريف واللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة على التعاون مع منظمة الإيسيسكو، ومؤكدًا على أن هذه الدورة تهدف إلى إعداد كوادر متميزة تستطيع إستخدام التقنيات الحديثة للمحافظة على التراث وحمايته والتعريف به.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: للتربیة والعلوم والثقافة الوطنیة المصریة الأمین العام علی التراث هذا التراث من خلال على أن
إقرأ أيضاً:
الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
ألقى الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بعنوان: "أنت عند الله غال" من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت بجمهورية داغستان، في ضوء خطة وزارة الأوقاف وجهود الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في مد جسور التعاون، وعلى هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر والمنتدى الدولي العلمي بعنوان: "آليات تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وتعزيزها"، الذي يُعقد في مدينة محاج قلعة، عاصمة جمهورية داغستان الروسية، في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2024.
وجاء هذا نص خطبته كالآتي:
الجمع الكريم : ما وقفت في هذا المكان المبارك إلا محملا برسالة مباركة من السيد صاحب المعالي أ.د / أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري تحوي في مبناها ومعناها قبسات من التكريم الأزلي للإنسان وأبجديات بنائه، تتوجه إليه في خطابها وندائها وعرفها وشذاها أيها الإنسان : ( أنتَ غال عند الله ) وهي عبارة نسجت خيوطها من إشراقات النور التي لا تُحدُّ بزمان، ولا تنتهى بمكان، ولا تََختصُّ بإنسان، وإنما قوام الحال إطلاق الخطاب ليتعلق بكينونات دين الله، وجوهر التشريع من خلال سمو العلاقة بين خالق ومخلوق، ورب ومربوب، وعابد ومعبود.
إن الإنسان إذا تنكر لمقتضيات الربوبية والألوهية حينًا من الدهر فهذا لا يُخرِجُه من كونه غال عند ربه وخالقه، هذا حديث النفس لمطلق النفس، لأجلها هبَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا حينما انتقلت إلى خالقها وباريها، وعندما سُئل -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك أحال إلى الإنسان مطلق الإنسان وكفى من الإنسانية معانى التكريم في مفاهيم دلالاتها:
( أليست نفسًا ).. هذه ليست أيدولوجية قاصرةً وإنما مطلقيةٌ معبرة، ولعل المرجعيةَ هنا تكمنُ في أمرين :
الأول : قضية الاستخلاف والنيابة عن الله (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
الثاني : مطلوب الحق من الخلق، وهو: عمارة الكون والحياة.(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)
أما الاستخلافُ فهو لإنسان غالٍ عند الله له قدمُ صدق عند خالقه ومولاه، خلقه بيده ثم نفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وألهمه رشده في حواريةٍ عجيبةٍ انتهت بأن ألقت الملائكةُ زمامَ العلم والعرفان في بحار التسليم: ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
من أجل هذا كانت نوعيةُ التكريم بمفرداته وتفرداته: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، واختصاصُ التقويم: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) لتنتقل سامقُ المنزلة من معقولات المعاني إلى تمثلات السلوك مشاهدة وعيانا، والذي بموجبه كان خليفةُ الله في كونه، منشغلًا برسالته الأزلية عمارة الكون والحياة، ولأجل أنه غالٍ في مطلق إنسانيته كانت عمومية الخطاب: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ؛ التأصيل لوحدة النشأة والتكوين: (خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى )؛ ولأنه غالٍ عند الله كان التنوعُ في الملكات والمواهب تكاملًا لا تناقضًا :(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)،ولكي لا يُنتقص ممن استخلفه اللهُ في كونه لعمارته كانت العنديةُ الإلهيةُ في الأحكام لا تنصرف إلا لله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وما قصر العندية في الآية إلا لتحقق الصفاتٍ التي لا تليق إلا بجلاله وجماله فهو سبحانه العليم الخبير .. من أجل ذلك ليس للإنسان في خطاب العقول إلا التذكير والبلاغ : (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، وإن قد تعلقَ الأمر يوما بأهداب قدرياتٍ في الخلقة تتقاصرُ دونها الإرادات، فليتساءل الإنسانُ بينه وبين نفسه: أتعيبُ الصنعة ؟ أم تعيبُ الصانع ؟! ومن ثم يكون الكمال الذي لا نقصان فيه:" وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".
فلنتذكر تكريم الله لأفضل الخلق لديه.. الإنسان ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )..تكريم لكل إنسان؛ فلا تخصيص ببقعة بعينها، أو جنس بعينه، أو طائفة بعينها.
وإنما سلام ؛ يحوى التعارف بين البشرية جمعاء، سلام أخبر به عن صحيح ديني تحمله نسائم الرحمة والإحسان من أرض الكنانة والمكانة إلى أرض داغستان، وأهتف مفاخرا به في أرض الله أنْ: (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) نداءً كونيًّا يمتد إلى الطبيعة في شتى مجاليها؛ لأنها في مفهوم أهل الله كائنٌ له من حقيقة التسبيح ما يجعله ينتظم في سلك الأحياء، فما من شيء إلا يسبح بحمده، دالٌ بالحال والمقال على لمن خلقه وسواه، بيدَ أنَّ تنوعَ الأجناسِ يُورِثُ العجزَ في فقه التسبيحِ مع وجودِ حقيقته(وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).. أنت عند الله غالٍ نداءٌ للمحبة والتعارف يسري عبر الزمان من القاهرة إلى داغستان، يُحلِّقُ في سماءِ الإنسانيةِ بحديثٍ عن إنسانٍ هو مطلقُ الإنسان.. صُنعَ على عين الله في جوهر تكوينه.. فهو بنيانُ الله وملعون من هدم بنيان الله؛ ولأنه غال عند الله حمى عقله وحفظ عرضه وصان ماله وحفظ حياته، ومن قبلُ حفظ دينَهُ في أصل الاعتقاد؛ :( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ومن بعدِ الاعتقادِ الذى يخلوا من شوائب الجبر والإكراه أصبحَ كل عابد لله في خندقٍ واحدٍ لمواجهةِ الإلحاد.