الفونوغراف.. أول جهاز لتسجيل الصوت وإعادة بثه
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
نظام تشغيل صوتي اخترعه الأميركي توماس أديسون عام 1877، وقد شكل ثورة في تكنولوجيا الصوت، إذ كان أول جهاز لتسجيل الصوت وإعادة بثه، وأحدث نقطة تحول صارخة في صناعة الموسيقى، واستخدم في مجالات عديدة كالتعليم والترفيه والأغراض المكتبية وحفظ الذكريات العائلية.
فكرة الاختراعكانت المحاولات الأولى لتسجيل الصوت من قبل إدوارد ليون سكوت، الذي اخترع آلة أطلق عليها اسم "الفونوتوغراف"، وحصل على براءة الاختراع عام 1857، وكان عمل الجهاز يقتصر على تسجيل الموجات الصوتية على لوح زجاجي بغرض دراسة خصائص الصوت دون إعادة بثه.
عام 1877 صمم أديسون جهازا لتسجيل الصوت واستعادته، واعتمدت فكرة تصميمه على آلية مشابهة لتلك التي يعمل وفقها التلغراف، إذ كان يعمل على جهاز يسجل نصوص الرسائل على شكل نقرات على شريط ورقي، ثم ترسل عبر جهاز التلغراف، الذي يحوّلها مرة أخرى إلى نصوص.
أوحى هذا الجهاز لأديسون بفكرة تسجيل رسالة صوتية وإعادة بثها بطريقة مماثلة، فصمم مخططا للجهاز وقدمه للميكانيكي جون كروسي، الذي حوّله إلى نموذج قابل للعمل، وبالفعل نجحت التجربة، واستطاع النموذج التجريبي تسجيل الصوت ثم الاستماع له من جديد، وكان هذا أول ظهور لجهاز "الفونوغراف"، أو ما يعرف بالعربية بـ"الحاكي"، وحصل أديسون على براءة الاختراع عام 1878.
وتعني كلمة فونوغراف "جهاز كتابة الصوت"، وتعود في أصولها إلى اللغة اليونانية، وهي مكونة من لفظين: "فونو" (phono) وتعني الصوت، و"غراف" (graph) وتعني الكتابة.
مكونات الفونوغراف وطريقة عملهتتكون آلة الفونوغراف التقليدية من أسطوانة معدنية ذات حزوز حلزونية، وتُغطي الأسطوانة التي تدور حول محور لولبي برقاقة من القصدير أو مادة لينة مثل الشمع، وفوق الأسطوانة توضع إبرة أو قلم متصل بغشاء لقرص هزاز.
ويحتوي الجهاز على وحدتين، واحدة لتسجيل الصوت والأخرى لإعادة بثه، وكلتاهما تمتلك غشاء وإبرة، إضافة إلى ذراع التحريك، وتضم وحدة التسجيل بوقا أو ميكروفونا لإدخال الصوت المراد تسجيله.
ويعمل الجهاز بآلية تعتمد على مرحلتين:
الأولى "تسجيل الصوت": وفيها يتحول الصوت إلى طاقة ميكانيكية، حيث تسبب الموجات الصوتية التي تعبر جهاز الإدخال اهتزازات في الغشاء، الذي ينقل هذه الاهتزازات إلى القلم أو الإبرة، ويتحرك القلم وفق الاهتزازات مسجلا الصوت على شكل حزوز أو نقرات محفورة على القرص المغطى بطبقة رقيقة من مادة لينة. الثانية "إعادة بث الصوت المسجل": وتتم العملية بطريقة معاكسة تماما لطريقة التسجيل، بحيث تبدأ بتمرير القلم فوق الحزوز والنقرات التي تم نقشها أثناء التسجيل، وينتج عن ذلك اهتزاز القلم، ومن ثم تنتقل الاهتزازات إلى الغشاء، وتتحول الطاقة الميكانيكية الناتجة عن الاهتزازات إلى موجات صوتية يتم بثها، مما يسمح بسماع الصوت من جديد. تطوير الفونوغرافأسس أديسون شركته الخاصة لتصنيع الفونوغراف عام 1878، واستعان بفريق من الخبراء والمهنيين المحترفين، وكان تشارلز باتشيلور يتولى المهام المتعلقة بمجال الكهرباء، في حين تابع كروسي العمل على التصميم الميكانيكي وبنية الآلة.
ونظرا لتدني المستوى التكنولوجي في تلك الآونة، فقد كانت التسجيلات الأولى تفتقر للوضوح، وكان الأمر يتطلب خبراء لتشغيلها، علاوة على ذلك لم تكن رقائق القصدير تستطيع الصمود إلا لعدد محدود من مرات الاستخدام، وكانت سعة التخزين صغيرة ولا تتعدى دقيقتين، بحيث يحتاج الفنانون مثلا إلى عدد كبير من الأسطوانات لاستيعاب عروضهم، الأمر الذي جعل استخدام الفونوغراف مكلفا.
حصل ألكسندر غراهام بيل عام 1986 على براءة اختراع لجهاز "الغرامافون"، وهو عبارة عن نسخة مطورة للفونوغراف، إذ استخدم الشمع بدلا عن رقائق القصدير، لأن الشمع يمتاز بالمتانة ويدوم وقتا أطول، واستخدم قلما بدلا من الإبرة.
كما عمل أديسون وفريقه على تطوير الجهاز من حيث التصميم والمواد المستخدمة، واستفادوا من التحسينات التي أدخلها غراهام بيل، واستغرق العمل منهم سنوات لإنتاج أول نموذج تجاري قابل للبيع على نطاق واسع، وكان ذلك في العام 1888.
وفي عام 1890 سوّق أديسون الدمى الناطقة التي تحتوي على آلة فونوغراف صغيرة بداخلها، ولكن الأجهزة الصغيرة كانت سريعة العطب، مما أدى إلى التوقف عن تجارة الدمى، التي اعتُبرت كارثة تجارية.
وفي الوقت نفسه، زاد الإقبال على شراء الفونوغراف، وأصبح متاحا على نطاق واسع، وأصبح اقتناؤه في متناول الجميع تقريبا، وانخفض سعره من نحو 150 دولارا إلى نحو 20 دولارا للنموذج المحسّن.
واستمرت عملية التطوير لتحسين أداء الجهاز وتحسين وظائفه، فتم إدخال الأسطوانات المسطحة بدلا من الأسطوانات الدوارة، بحيث أمكن زيادة سعة التخزين ومضاعفة الإنتاج مع كفاءة أعلى في جودة الصوت. وفي عشرينيات القرن العشرين، تم اعتماد مكبر صوت يعمل بالطاقة الكهربائية، وأصبح الصوت معه أعلى وأكثر دقة ووضوحا.
توماس أديسون مع الفونوغراف الخاص به الذي شكل ثورة في تكنولوجيا الصوت (غيتي)كما أدخل المهندس بيتر غولدمارك إلى التصميم أسطوانات الفينيل، التي تتمتع بمتانة عالية قادرة على تحمل فترات أطول من الاستخدام، إلى جانب إنتاج صوت ذي جودة عالية.
وفي عام 1948 ظهر نظام التسجيل الطويل، الذي أنتجته شركة كولومبيا للتسجيلات، والذي يمكن تشغيله نحو 30 دقيقة لكل جانب. وفي عام 1958 برزت أنظمة الصوت المجسم أو "الستيريو"، وأصبحت الفونوغرافات المجسمة أحد مكونات نظام الصوت العالي الدقة.
وفي ثمانينيات القرن العشرين، قل استخدام الفونوغرافات والأسطوانات، وأصبح الاعتماد على أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة هو الشائع.
الفونوغراف الحديثمع ظهور التكنولوجيا الرقمية، تحوّل الفونوغراف إلى مشغلات تسجيل وأقراص دوارة حديثة، توفر تحكما دقيقا في سرعة التشغيل، وتسمح بدمج أنظمة الصوت المتقدمة.
وتطورت آلية التسجيل، فبدأ استخدام التسجيل الرقمي، بحيث تسجل المعلومات الصوتية على شكل شفرات رقمية محفورة على القرص، وعند استعادة الصوت يتم حلّ الشفرة وتكبيرها عبر مكبرات صوتية. وباتت هذه التقنية تُعرف بالأقراص المدمجة (سي دي).
وتحتوي جميع أنظمة الفونوغراف الحديثة على أجزاء رئيسية، هي: قرص دوار يقوم بتدوير السجل، وقلم يتتبع النقش المسجل، وجهاز استقبال يحوّل الحركات الميكانيكية للقلم إلى نبضات كهربائية، ومضخم للصوت يعمل على تكثيف النبضات الكهربائية، ومكبر يعمل على تحويل الإشارات المضخمة إلى صوت مرة أخرى.
مجالات استخدامهفي بداياته، استخدام الفونوغراف للأغراض المكتبية ومجال الأعمال، حيث استخدم آلة مكتبية للإملاء غير المباشر للرسائل والأوامر وغيرها من المعلومات من دون حاجة لوجود الكاتب في الوقت نفسه، بحيث يتم تسجيل المعلومات، ثم يتم تدوينها وطباعتها في وقت لاحق.
ثم تم التوسع في استخدامه وشمل الألعاب والأغراض المنزلية والترفيهية، وتم إنتاج الدمى الناطقة وصناديق الموسيقى، واستخدمت أسطوانات الفونوغراف لتسجيل القصائد والأغاني والتراتيل الدينية والمونولوغات الهزلية والأعمال المسرحية والتمثيلية المسموعة.
وأحدث الفونوغراف ثورة في عالم الموسيقى، إذ توسعت صناعة الموسيقى بفضله وتحولت إلى عمل تجاري ضخم، وبدأ الجهاز يؤثر على الموسيقى بشكل فعال، فقد أصبحت الأغاني التي كانت تمتد لنحو ساعة، تقتصر على بضع دقائق لتتناسب مع سعة أسطوانات الفونوغراف.
وأثر الفونوغراف على اختيار نوع الأدوات الموسيقية المستخدمة، بحيث صارت بعض القطع الموسيقية والأغاني تقتصر على الآلات الموسيقية التي يمكن تسجيل إيقاعها بوضوح، وتم التخلي عن الآلات ذات الإيقاع الهادئ، التي لا تستطيع تحريك إبرة الفونوغراف.
وكان للفونوغراف دور مهم في تطوير موسيقى الجاز، حيث تمكن موسيقيو الجاز من تعلم المقطوعات المعقدة من خلال تشغيل الأسطوانات مرارا وتكرارا، ودراسة الأغنية للتوصل إلى النوتات الموسيقية، وفتحت تقنية الفونوغراف المجال واسعا أمام النقاد الموسيقيين للتحليل والنقد من خلال استعادة المقطوعات والاستماع لها مرارا.
وسمح الفونوغراف بانتشار الموسيقى ودخولها إلى كل بيت، واستطاع الناس الاستمتاع بالموسيقى المفضلة لديهم دون التقيد بزمان أو مكان أو مدة تشغيل، وأصبح الاستمتاع بالموسيقى التي كانت تمثل نشاطا جماعيا يقام في القاعات والمسارح والأماكن العامة، مجالا مفتوحا للعزلة والنشاطات الفردية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ناشونال إنترست: هذه المقاتلات الأميركية أعادت تعريف ما يعنيه الطيران بسرعة
نشر موقع ناشونال إنترست تعريفا بـ3 مقاتلات تُعتبر ذات سرعات فائقة، وهي "بيل إكس-2 (ستارباستر)"، و"نورث أميركان إكس-15″، و"لوكهيد إس آر-71 بلاكبيرد".
وحسب الكاتب هاريس كاس المتخصص في مجال الدفاع والأمن القومي ربما لا يوجد جانب من جوانب الحياة البشرية يأسر خيال الجمهور مثل السرعة، لأنها تمكن الناس من التحرر من روابط الجاذبية، وتجاوز حاجز الصوت، ونقل الذات عبر مسافات شاسعة، ولأن جميع جوانب الطيران متعلقة بالسرعة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: عودة المجندات من غزة عادت معها وحدتنا الخادعةlist 2 of 2عودة ترامب تحيي الحروب التجارية السبع بين أميركا وأوروباend of listوبينما تعمل جميع الطائرات التجارية بسرعات من دون سرعة الصوت (باستثناء كونكورد المتقاعدة الآن)، وفقا للكاتب، فإن الطائرات العسكرية تصل بشكل روتيني لسرعات تفوق سرعة الصوت.
وفي ما يلي نلقي نظرة على عدد قليل من أسرع الطائرات الأميركية على الإطلاق:
"نورث أميركان إكس-15"وتستخدمها كل من القوات الجوية الأميركية ووكالة ناسا، وهي أسرع طائرة على الإطلاق. وحتى اليوم، بعد ما يقرب من 60 عاما من آخر رحلة لطائرة إكس-15 عام 1968، لا تزال هذه الطائرة تحمل أرقاما قياسية للسرعة والارتفاع. فسرعتها القصوى تبلغ 6.7 ماخ، أو 7274 كلم في الساعة. وهذه سرعة تكفي للسفر من نيويورك إلى لوس أنجلوس والعودة في ساعة واحدة فقط.
وبالنسبة للدفع، اعتمدت "إكس-15" في البداية على محركين "إكس إل آر 11" وهي محركات صاروخية تعمل بالوقود السائل، وتوفر 16 ألف رطل من القوة إجمالا. ومع ذلك، بحلول عام 1960، تمت ترقية "إكس إل آر 11" إلى "إكس إل آر 99″، التي توفر 57 ألف رطل من الدفع، وتسمح بسرعات قياسية.
إعلان لوكهيد "إس آر-71" بلاكبيردوهي الأكثر تميزا بين الطائرات السريعة من مجموعة "إس آر-71 بلاكبيرد". وهي ذات شكل واضح؛ طويلة وثقيلة وسرعتها القصوى 3.4 ماخ، أو حوالي 4184 كلم في الساعة. (ولنتأمل هنا أن طائرة إس آر-71 هي ثاني أسرع طائرة على الإطلاق-لكنها تبلغ 50% فقط من سرعة طائرة "إكس-15").
تم استخدام "إس آر- 71 بلاكبيرد" في مهمات المراقبة والاستطلاع وهي سريعة جدا، لدرجة أنه عند إطلاق النار عليها بصاروخ أرض-جو، بإمكانها ببساطة الإسراع وتجاوز الصاروخ. وبناء على ذلك، أصبحت طائرة "إس آر-71" من أصول الحرب الباردة، واستُخدمت للتصوير خلف خطوط العدو في الاتحاد السوفياتي وحلفائه، مثل كوبا فيدل كاسترو.
وللدفع، اعتمدت "إس آر-71" على اثنين من المحركات النفاثة: برات وويتني جيه 58، اللذين يوفران قوة دفع تبلغ 25 ألفا و500 رطل لكل منهما.
بيل إكس-2 (ستارباستر)يتذكر الجميع "بيل إكس -1" التي استخدمها تشاك ييغر لكسر حاجز الصوت لأول مرة. لكن قليلا منهم يتذكرون "بيل إكس-2″، الملقبة بستارباستر، الأسرع بكثير. وبقدرتها على تحقيق سرعة تبلغ 3.2 ماخ، أو 3370 كلم في الساعة. وقد تم تطوير هذه الطائرة للبحث عن الخصائص الديناميكية الهوائية للطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت. وتعتمد "إل إكس -2" على محرك "كيرتس رايت إكس إل آر 25" ذي الغرفتين القادر على توليد 15 ألف رطل من الدفع.
تم بناء طائرتين من طراز "إكس-2" فقط، ولم تنفذا سوى 20 رحلة فقط لكلتيهما قبل أن تتحطما.