مصر بين الريادة والوساطة
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
مصر بين الريادة والوساطة
كيف أصبح موقف الدولة المصرية فى تناقض مع شخصية مصر وتكوينها الطبيعي بهويتها العربية ومكانتها التاريخية وموقعها الجيوسياسي المركزى؟
فى حرب الابادة على غزة تجلى الاكتفاء بالوساطة فى صفقة الهدنة وتبادل الأسرى والتفاوض اليومى مع (اسرائيل) للحصول على موافقتها على ادخال المساعدات وفتح المعبر.
الدولة المصرية ارتضت بالدور الذى يفضله لها الامريكان والاسرائيليون ومجتمعهم الدولي وهو الوساطة بين (اسرائيل) والفلسطينيين بدلا من دور التصدى والريادة والمواجهة.
* * *
أخشى أن تكون الدولة المصرية قد ارتضت الاكتفاء بالدور الذى يفضله لها الامريكان والاسرائيليون ومجتمعهم الدولي وهو ان تقوم بدور الوساطة بين (اسرائيل) والفلسطينيين بدلا من دور التصدى والريادة والمواجهة.
فهو دورها الأبرز منذ سنوات طويلة، وهو الدور الأكثر تقديرا وشكرا على الدوام فى تصريحات الرؤساء والمسئولين الأمريكيين.
وهو ما ظهر بجلاء فى حرب الابادة الحالية على غزة، من الاكتفاء بالوساطة فى صفقة الهدنة وتبادل الأسرى والتفاوض اليومى مع (اسرائيل) للحصول على موافقتها على ادخال المساعدات وفتح المعبر، فى وقت تحتاج فيه غزة من مصر وكل العرب الى ما هو أكثر من ذلك بكثير.
ولا يغير من طبيعة هذا الدور ما يصدر بين الحين والآخر من تصريحات رسمية مصرية عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، ولا حتى ما خرج أخيرا من انتقادات عالية النبرة قليلا لما تقوم به (اسرائيل) فى غزة من قتل وتدمير وتهجير.
فرغم أى تصريحات، فان الدور الرسمى المصرى قد تم تقليصه واختصاره منذ اتفاقيات كامب ديفيد وعلى الأخص فى السنوات القليلة الماضية الى دور الوسيط الذى يتم استدعائه مع كل عدوان اسرائيلى جديد وكلما كانت هناك رغبات امريكية او اسرائيلية فى الضغط على حركات المقاومة.
وهى بطبيعة الحال وساطة غير متوازنة، فإذا كان فى مقدور مصر الضغط على الفلسطينيين المحاصرين والمحتلين، فان العكس هو الصحيح فيما يتعلق بإسرائيل، حيث تكون مصر هى الطرف الأضعف الذى يتعرض للضغوط طول الوقت سواء من الأمريكان أو من (اسرائيل)، بسبب طبيعة علاقات التبعية المتغلغلة منذ السبعينات، وبسبب أهم وأخطر، هو الاختلال الهائل فى موازين القوى فى سيناء وعلى جانبي الحدود الدولية الذى تم فرضه علينا منذ 1979 في اتفاقيات كامب ديفيد.
* * *
فى عام 1978 كتب توفيق الحكيم مقالا بجريدة الأهرام يطالب فيه بوقوف مصر على الحياد بين العرب وبين (إسرائيل) مثلما وقفت سويسرا والنمسا على الحياد فى الحرب العالمية الثانية.
فانفجرت فى وجهه موجات من الردود والمقالات من كبار المفكرين والكتاب عليهم رحمة الله جميعا، من امثال رجاء النقاش واحمد بهاء الدين ووحيد رأفت وبنت الشاطئ وآخرين، كتابات تدافع عن عروبة مصر وتؤكدها وتقدم عشرات الأدلة والشواهد والبراهين عليها، وتفكك دعوة الحكيم المريبة وتشكك فى توقيتها ودوافعها وتستعرض مخاطرها وتبين تهافتها واستحالتها، لتنتهى هذه المناظرة التاريخية بتوجيه ضربة قاضية لفكرة حياد مصر العربية فى معارك صراع الأمة العربية ضد الكيان الصهيونى ومشروعه.
* * *
لا أظن انه كان من الممكن أن يخطر على بال غالبية الشعب المصري ونخبته الفكرية حينذاك، بأن دعوة توفيق الحكيم ستتحول فى يوم من الأيام لتكون هى الموقف الرسمي للدولة المصرية فى تحد وتناقض وصراع مستحيل مع شخصية مصر وتكوينها الطبيعي بهويتها العربية ومكانتها التاريخية وموقعها الجيوسياسي ودورها المركزى.
*محمد سيف الدولة باحث وناشط مصري في الشأن الصهيوني
المصدر | ذاكرة الأمةالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر الريادة الوساطة إسرائيل فلسطين غزة حرب الابادة
إقرأ أيضاً:
اسرائيل تواصل سفك الدماء والدمار في غزة واخلاء قسري لسكان رفح
الأراضي الفلسطينية"وكالات":
واصل الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في قطاع غزة اليوم وحاصر حي تل السلطان في رفح جنوب القطاع بعد اخلاء قسري لسكانه ، عقب أسبوع من خرقه اتفاق الهدنة مع حركة حماس.
ويأتي ذلك مع تصاعد العنف على الحدود مع لبنان وإطلاق صواريخ من اليمن، فيما تعاود القوات الإسرائيلية الانتشار في أجزاء من غزة رغم الدعوات لاستئناف الهدنة التي تم التوصل إليها في يناير.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة اليوم تجاوز حصيلة شهداء الحرب حاجز الخمسين ألفا بعد أكثر من 15 شهرا من القتال.وقالت الوزارة في بيان "ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي إلى 50,021 شهيدا و113,274 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023".
وقال الجيش في بيان إنه "في الساعات الأخيرة، أكملت القوات الإسرائيلية تطويق حي تل السلطان في رفح"، مضيفا أن اجيش الاحتلال قد أمر سكان تل السلطان بالإخلاء الفوري باعتباره منطقة قتال خطيرة.
وقتلت ضربة جوية إسرائيلية على جنوب قطاع غزة اليوم صلاح البردويل القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وأعلن مسؤولون فلسطينيون تخطي عدد القتلى 50 ألفا في الحرب الدائرة منذ ما يقرب من 18 شهرا.
ودوت أصوات الانفجارات في الساعات الأولى من صباح اليوم في جميع أنحاء شمال ووسط وجنوب قطاع غزة حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية عدة أهداف في تلك المناطق فيما وصفه شهود بأنه تصعيد للهجوم الذي بدأ الأسبوع الماضي.
وذكرت السلطات الصحية في قطاع غزة اليوم أن 30 على الأقل استشهدوا حتى الآن في ضربات إسرائيلية على رفح وخان يونس. وأشار مسعفون إلى أن ثلاثة من بين القتلى من موظفي البلديات.
وأصدرت حماس بيانا اتهمت فيه إسرائيل باغتيال البردويل قائلة إنه كان يصلي هو وزوجته "قيام الليل" عندما أصاب صاروخ إسرائيلي خيمته في خان يونس.
وفي خانيونس جنوب القطاع، اصطف فلسطينيون للحصول على بعض الطعام من مطبخ خيري.
وجاءت إيمان البردويل (19 عاما) كغيرها للحصول على الطعام، ووصفت "المعاناة" التي تشاهدها للحصول على "الطعام والشراب".وقالت "نحن في رمضان والناس مضطرة للقدوم" إلى هنا.
وقدم سعيد ابو الجديان الذي فر من منزله من شمال القطاع أيضا ليحاول الحصول على بعض الأرز، موضحا "جئت لأخذ الأرز للأولاد لكن لا يوجد أرز".
وأضاف "المعابر مغلقة. ولم أحصل على راتبي منذ بدء الحرب. هذا إجرام. لا يوجد طعام في قطاع غزة. نحن سندخل في مجاعة كبيرة".
وأعادت الغارات غير المسبوقة من حيث الكثافة والنطاق منذ سريان الهدنة، الى سكان القطاع ذكريات الأيام الأولى من الحرب التي ألحقت به دمارا هائلا وأزمة إنسانية كارثية.
وخرقت إسرائيل الهدنة واستأنفت قصفها المكثف لغزة الثلاثاء، مشيرة إلى جمود في المفاوضات غير المباشرة بشأن الخطوات التالية في التهدئة بعد انتهاء مرحلتها الأولى في وقت سابق من الشهر.
ونعت حركة حماس في بيان عضو مكتبها السياسي صلاح البردويل (65 عاما) الذي قضى مع زوجته في "خيمته في منطقة المواصي غرب خان يونس".والبردويل ثالث عضو في المكتب السياسي لحماس يقتل في غارات إسرائيلية منذ الأسبوع الماضي.
والجمعة، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة بضمّ أجزاء من قطاع غزة ما لم تفرج حركة حماس عن الرهائن المتبقين.وطالب البابا فرنسيس اليوم بالوقف "الفوري" للقصف الإسرائيلي على غزة واستئناف الحوار وصولا إلى الإفراج عن "جميع الرهائن" وإلى "وقف نهائي لإطلاق النار".
وستزور مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إسرائيل ولضفة الغربية المحتلة غداً الإثنين للحث على الاستئناف الفوري لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حسبما أفاد مكتبها.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن نحو 50 ألفا من السكان لا يزالون محاصرين في رفح بعد أن فاجأتهم غارات الجيش الإسرائيلي في مناطقهم وحذر من أن أرواحهم وأرواح فرق الإنقاذ في خطر.كما حذر مسؤولون فلسطينيون ودوليون من خطر عودة المجاعة للقطاع.
وكتب فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على إكس يقول "كل يوم دون طعام يدفع غزة لتقترب من أزمة جوع حادة. حظر المساعدات عقاب جماعي على عزة. الأغلبية العظمى من سكانها أطفال ونساء ورجال عاديون".
ودعت دول عربية وأوروبية إلى وقف إطلاق النار بعد استئناف إسرائيل للضربات الجوية والعمليات البرية التي دمرت القطاع.
وأصدرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا تدعو فيه إسرائيل للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية.
ومنعت إسرائيل دخول السلع والمساعدات إلى القطاع منذ الثاني من مارسواتهم أوفير فالك مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية حماس باستغلال المساعدات لصالحها وهو اتهام سبق لحماس أن نفته مرارا.