مشهد التهجير ذاته.. الفرق بين أيام النكبة واليوم جيل من الأطفال كبُر
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
سيدة تسحب أطفالها على عربة دون عجلات، وأخرى تساعد الأطفال على الصعود إلى الحافلات، رجل يبكي أطفاله الثلاثة الذين فقدهم جراء القصف. هذه بعض من مشاهد التهجير في غزة اليوم التي لا تختلف عن مشاهد التهجير والقتل في نكبة الـ 1948، سوى بالفارق الزمني، والشهود على المجازر التي تُرتكب بحق الفلسطينيين منذ 75 عاماً.
مشاهد القتل والتهجير تتكرر اليوم في غزة على غرار ما كان سابقاً قبل 75 عاماً، لكن الشاهد هنا يختلف، ليس مؤرخاً أو موثقاً كبُر ووثق تلك المشاهد، بل الشاهد اليوم العالم بأسره على هذه المجازر التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، حيث باتت اليوم المليشيات الاسرائيلية دولة بسلاح متطور، تمارس الإبادة ذاتها بحق الفلسطينيين.
مشهد المشي على الأقدام من شمال القطاع إلى جنوبه، وإخلاء الفلسطينيين منازلهم يعيد إلى الأذهان مشاهد التهجير قبل 75 عاماً في غزة، حيث تصدر المشهد السيدة الفلسطينية التي تسحب طفليها بالعربة لمدة 5 ساعات مشيا على الأقدام،أي ما يقارب لــ 18 كم، ذات المشهد أيام النكبة، لأسرة فلسطينية تغادر منازلها في بلدة ساحلية أصبحت فيما بعد ضمن منطقة تل أبيب الكبرى في إسرائيل، إذ لم يختلف شيئاً في المشهد سوى العربة.
مشاهد تتكرر
الحاج محمد إبراهيم عبد المعطي "83 عاماً" يروي لــ لبنان 24، أحداث النكبة عام 1948، التي تشبه اليوم أحداث غزة ولكن الطريقة مختلفة، يقول: "كان عمري 9 سنوات عندما حدثت نكبة 48، كان حينها الثوار الفلسطينيون يطلقون العمليات الفدائية ضد الميليشيات الصهيونية آنذاك، وكانت المعارك عبارة عن حرب شوارع في كل مكان وقرية، ثم احتدمت الاشتباكات في منطقة صفورية التي كانت معقل الثوار، كما يحدث الآن في قطاع غزة في باقي المناطق، ثم بدأ القصف الجوي بصاروخين لم نكن نعرف الصواريخ حينها، كان الصهاينة يرمون علينا البراميل "القازانات".
يتابع عبد المعطي "راح حينها ضحايا كثر من النساء والأطفال، وكنا نهرب من قرية لقرية حتى وصلنا إلى الحدود اللبنانية عند قرية دير قاسم، ثم إلى مخيمات لبنان، وبتُّ اليوم أقيم في مخيم نهر البارد مع عائلتي وأطفالي، والكثير من الفلسطينيين هربوا إلى بلدان أخرى مثل الأردن وسوريا".
مشهد الأم البطلة قبل 75 عاماً
"عندما كان عمري 9 سنوات وكانت موجة النزوح كبيرة هناك مشهد لا يمكن أن أنساه، كانت الاشتباكات المندلعة بين الثوار الفلسطينيين والصهاينة، كنا في حديقة منزل نلعب على الأرجوحة وكان هناك طفل رضيع عندما بدأنا بالهروب، الأم أخذت الشرشف بدلاً من الطفل وهربت، وعندما عادت لتأخذ الطفل قُتلت قنصاً على يد الصهاينة، هذا المشهد لا زال عالقاً في ذاكرتي منذ ذلك الوقت"، يقول العم عبد المعطي لــ لبنان 24.
هذا المشهد يشبه اليوم مشهد السيدة الفلسطينية التي تسحب طفليها على عربتين نزوحاً إلى جنوبي القطاع، لمدة 5 ساعات أي ما يقارب مشيا حوالى 18 كلم، لم تلتفت السيدة إلى المصور الصحفي الذي التقط هذه اللحظات، ذات المشهد تكرر عام 1948 لعائلة فلسطينية،هربت من الأراضي الفلسطينية لكن العربة تختلف فقط عن اليوم.
ويتابع "لكن كل ما شهدناه أيام النكبة، لا يشبه المجازر التي ترتكب اليوم بحق أهالي قطاع غزة أبداً، من حيث الطريقة وأعداد الشهداء، ورغم وسائل التواصل والرأي العام، يبيد الإسرائيليون الفلسطينيين، ونشهد موجة اللجوء ذاتها ولكن لا نعلم إلى أين هذه المرة. لنا الله".
روايات اكتملت اليوم
لم تشمل الروايات التي وثقت المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، في مختلف المدن والقرى المهجرة عام 1948، على قساوة التفاصيل، كل ما ارتكبته العصابات الصهيونية، لكنها اليوم اكتملت أمام الرأي العام، رغم صمت أغلب الدول العربية، حيث بلغ عدد الشهداء اليوم أكثرمن 11 ألف شهيد في قطاع غزة.
ويطلق الفلسطينيون مصطلح 'النكبة' على عملية تهجيرهم من أراضيهم على يد 'عصابات صهيونية مسلحة'، عام 1948، أفضت لقيام دولة إسرائيل، ويحيونها في 15 أيار من كل عام، بمسيرات احتجاجية وإقامة معارض تراثية تؤكد حقهم في العودة لأراضيهم، وارتباطهم بها، ولكن اليوم وبعد انتهاء الحرب ماذا سيطلق الفلسطينيون على المجازر التي تُرتب بحقهم منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول 2023؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بحق الفلسطینیین المجازر التی عام 1948
إقرأ أيضاً:
في يومهم العالمي.. أطفال القدس يُعذّبون داخل السجون وخارجها
القدس المحتلة- أُعلن يوم الطفل العالمي عام 1954 باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاههم.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل عام 1959، واتفاقية حقوق الطفل عام 1989، ومنذ عام 1990 يحتفى باليوم العالمي للطفل بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها، ويُنشر على الموقع الرسمي للأمم المتحدة موضوع الاحتفالية كل عام.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 220 جمعية حقوقية تطالب السلطات التونسية بوقف ملاحقة الناشطينlist 2 of 2تجنبا لـ"تصريحات معادية للسامية".. فرنسا تمنع عقد مؤتمر لمحام فرنسي فلسطينيend of listوحسب الموقع، فإن الاحتفال هذا العام تحت شعار "استمع إلى المستقبل.. قف مع حقوق الأطفال". وجاء على الصفحة الرئيسية لهذه الاحتفالية أن "اليوم العالمي للطفل يتيح لكل منا نقطة وثبة ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل للأطفال".
لكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 المنصرم انهار عالم الأطفال الفلسطينيين، وانحدرت قيم الدفاع عنهم وأصبحوا عرضة لاعتداءات خطيرة تنتهك جميع المواثيق الدولية، وتناقض كل بنود اتفاقية حقوق الطفل.
الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال: الاحتلال قتل 2451 طفلا فلسطينيا منذ عام 2000 باستثناء شهداء الحرب الحالية على غزة (رويترز) الحق في الحياة مسلوبتفيد معطيات الموقع الإلكتروني للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (فرع فلسطين) بأن الاحتلال الإسرائيلي قتل منذ عام 2000 حتى اليوم 2451 طفلا فلسطينيا، ولا يشمل هذا الرقم الأطفال الغزيين الذين قُتلوا منذ اندلاع الحرب الحالية.
وحسب الموقع أيضا فإن 164 طفلا فلسطينيا قتلوا في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب، بينهم 22 في القدس.
ولا تتوقف الانتهاكات عند حد حرمان الأطفال من حقهم في الحياة، بل بانتهاك حريتهم بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة منذ "طوفان الأقصى" وصفها رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب بـ"الصاخبة".
وقال في مستهل حديثه للجزيرة نت إنه تم تنفيذ نحو 2400 حالة اعتقال في مدينة القدس منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وشملت الاعتقالات 350 طفلا لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما، بالإضافة إلى 35 طفلا دون سن الـ12.
أبو عصب: 55 قاصرا مقدسيا يقبعون حاليا في سجن مجدو الإسرائيلي (الجزيرة) اختطاف وحشيوخلال الاعتقال تعرض القاصرون -وفقا لأبو عصب- للضرب المبرح الذي أحدث كسورا في أجسادهم، بالإضافة لاختطاف بعضهم بطريقة وحشية، وتم التحقيق مع هؤلاء ومحاكمة بعضهم تحت قانون محاربة الإرهاب بتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، أو المشاركة في المواجهات في كل من البلدة القديمة والعيساوية والطور وسلوان ومخيم شعفاط وغيرها.
وكشف أبو عصب أن 55 قاصرا مقدسيا يقبعون حاليا في سجن مجدو، بالإضافة إلى مجموعة من الأشبال الذين ما زالوا في مركز تحقيق "المسكوبية"، ومن المقرر أن ينقلوا في الفترة القريبة المقبلة إلى السجن ذاته.
وأضاف رئيس اللجنة أن المقدسي محمد أبو قطيش الذي دخل السجن طفلا وبلغ من العمر 18 عاما مؤخرا هو صاحب أطول حكم بين الأشبال، إذ صدر حكما بسجنه فعليا لمدة 15 عاما لاتهامه بتنفيذ عملية طعن أواخر عام 2022.
كما ينتظر الطفلان محمد الزلباني ومحمود عليوات (15 عاما) أحكاما عالية بالسجن الفعلي، ومن المتوقع أن تعقد جلسة النطق بالحكم للطفل الزلباني الأسبوع المقبل، وأُبلغت عائلته أن حكما بالسجن لمدة 18 عاما من المرجح أن يصدر بحقه بعد تخفيف عقوبة السجن المؤبد، وفق أبو صعب.
انتهاكات خطيرة
وللخوض أكثر في تفاصيل ما يتعرض له القاصرون خلال التوقيف أو داخل السجون منذ اندلاع الحرب الحالية قال محام (فضل عدم ذكر اسمه) يعمل في مركز معلومات وادي حلوة المختص بمتابعة ملفات القاصرين، إن معاملة الأطفال تغيرت بشكل كلي داخل محطات الشرطة ومراكز التحقيق وفي السجون من قبل الإدارة والسجانين.
وأضاف المحامي المقدسي أن أيا من القاصرين لم يفرج عنهم من دون شروط منذ اندلاع الحرب، ومعظمهم تم تحويلهم لعقوبة الحبس المنزلي لأيام أو أشهر أو حتى انتهاء الإجراءات القانونية، بالإضافة إلى أن عددا منهم تم تقديم لوائح اتهام ضدهم.
"حتى لو كان القاصر مشتبها به وتم التحقيق معه في محطة الشرطة وتم التوصل إلى أنه بريء من الاشتباه لا يتم الإفراج عنه من دون شروط".
وأشار المحامي إلى أن مئات الأطفال تم تحويلهم للحبس المنزلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومن قُدمت ضده لائحة اتهام دون أن يكون تجاوز سن الـ14 تم نقله إلى المؤسسات الداخلية المغلقة الأشبه بالسجون حتى يبلغ السن القانونية الذي يسمح بانتقاله إلى السجن.
وعن التُهم التي استوجبت اعتقال ومحاكمة مئات الأطفال المقدسيين، قال المحامي المقدسي إن القاصرين شاركوا في المواجهات التي اندلعت في بداية الحرب، و"قام بعضهم برشق الحجارة تجاه قوات الأمن أو سياراتهم أو منازل المستوطنين، أو ألقوا زجاجات حارقة أو نشر بعضهم منشورات اعتبرت تحريضية على 4مواقع التواصل الاجتماعي".
ظروف سجن القاصرين
وعن أصعب الملفات التي تعامل معها هذا المحامي قال إن 4 قاصرين من بلدة سلوان اتُهموا بتشكيل خلية عسكرية ومحاولة تجهيز عبوات ناسفة متفجرة، وتطالب النيابة العامة الإسرائيلية الآن بسجنهم لمدة تزيد على 4 أعوام.
وأُفرج عن اثنين من هؤلاء للحبس المنزلي حتى انتهاء الإجراءات القانونية بشرط تقييدهم بسوار إلكتروني لمراقبة مساحة تحركهم، وتتراوح أعمار القاصرين الأربعة بين 14 و15 عاما.
أما عن حال القاصرين داخل السجون وما يسمعه منهم خلال عرضهم على المحاكم عبر تقنية "زوم"، فقال إنهم جميعا يشتكون من رداءة الطعام وكمياته الشحيحة، إذ "يزود 9 قاصرين في الغرفة بإفطار لشخص واحد وهو عبارة عن علبة لبنة وزبدة ومُربى وحمص، وفي المساء يُدخل إلى الغرفة صحن من الأرز أو برغل تالف وخضروات رائحتها كريهة لا تصلح للأكل، وهكذا فقد معظمهم نصف وزنهم".
وبعدما تقدمت مؤسسات حقوقية بالتماس للمحكمة الإسرائيلية العليا تحسنت نوعية وكمية الطعام المقدمة للمعتقلين. وعند سؤاله: ماذا يقول كمتابع لملفات الأسرى الأطفال في مدينة القدس مع احتفال العالم باليوم العالمي للطفل؟
أجاب المحامي "أنصح المؤسسات التي تعنى بحقوق الأطفال سواء تلك التابعة للأمم المتحدة أو غيرها بتقديم التماسات للمحكمة العليا من أجل تحسين الظروف المعيشية داخل السجون، لأننا دخلنا في موسم الشتاء ولا تتوفر الأغطية الكافية للأطفال، فلا يتوفر سوى فرشتين وغطاءين لـ9 أسرى، ويتناوب هؤلاء على النوم عليها وعلى الأرض".