بين البرهان والفلول والايكونومست!!
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
د. مرتضى الغالي
تقرير مجلة الإيكونومست “البريطانية الخواجاتية” عن السودان (تقرير مرعب) وإن كان متعاطفاً مع ضحايا الحرب بأكثر مما يمكن أن يصدر من رجل اسمه البرهان ومعه جنرالاته الانقلابيين من (حركة الفلول التي تتسمى بالإسلام) والمليشيات التي أطلقوها في البلاد..!
فالتقرير يروى في جانب منه فظائع وأهوال الحرب بوقائع وأرقام لم نسمع بها حتى نحن الذين نتجوّل بين منابر الوسائط والقنوات وبين رجرجة (الجداد الاليكتروني) الذي يقل مقدار عقول أصحابه من (عقول الديكَة).
والتقرير الخواجاتي من جانب ثالث يشير إلى محاولات تقسيم السودان إلى مناطق وحيازات و(كانتونات) بين “الرفاق السابقين” وفق مكامن الثروة والموارد أو تبعاً لأحزمة العنصر والقبيلة أو بالنظر إلى الأبعاد الجغرافية واللوجستية وما يتصل بمنافذ البحر والحدود مع الجيران..إلخ
ويوغل التقرير في سرد أهوال حوادث القتل الجماعي والإبادة والتهجير والتطهير العرقي والاغتصاب والسحل والجثث المتناثرة (أكوام من الجثث يمكن رؤيتها من الفضاء الخارجي) والقتل على الهوية وإعدام الرجال والشباب أمام أطفالهم ونسائهم وجلد الصبايا وهم يزحفون على أربع..إلخ وفي حادثة واحدة بغرب البلاد تم قتل 800 شخص من عشيرة واحدة وفق التقديرات الرسمية..بينما ترتفع مصادر أخرى برقم القتلى في تلك الواقعة وحدها إلى مليون و300 نفس..!
ويتحدث التقرير عن جهاديين إرهابيين و(مرتزقة روس) وطائرات ومسيّرات وأسلحة قادمة من هنا وهناك و(جنرالات جشعون) وصراع على مناجم ذهب وخطوط أنابيب ونهب منظّم وفظائع دموية تتحاشى تصويرها أفلام الرعب الفالتة في هوليوود..!
يقدم التقرير خريطة شاملة عن واقع الحرب بين الجنرالين وأماكن سيطرة كل فريق (ويا بؤسها من سيطرة)..!! ثم يشير التقرير في جانب منه إلى الغفلة الدولية والإقليمية عن ما يدور في السودان واستمرار سياسة أمريكا التي خلاصتها (نرجو عدم الإزعاج) بالرغم من أطماع دول ومعسكرات وتحالفات إقليمية متنافرة حول السودان وبعيداً منه..وينسب التقرير بعض أسباب التغاضي عما يدور في السودان من مدلهمات إلى حالة التماهي مع أحداث غزة وأوكرانيا..بينما إفريقيا ودولها غافلة عن حادث انهيار دولة كبرى (السودان) بكل تبعاته القاتمة والمروعة والخطيرة وكأنه لم يطرق أذنها..!!
ويختتم التقرير سرده بعبارة (السودان مات..ولا أحد يكتب نعيه)..!..وهي عبارة موجعة بكل المقاييس..ولكنها لا تلامس جوهر الحقيقة..فالسودان لا يموت…السودان لا يموت…!
غير الأرقام التي قدمها هذا التقرير عن القتلى والنازحين واللاجئين صدر بالأمس عن اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان وهي جهة موثوقة ما يلي :
ارتفع أعداد القتلى من ضحايا الحرب إلى أكثر من 9 آلاف قتيل
ارتفع أرقام المشردين بالنزوح واللجوء إلى ما يقارب 7 ملايين
هناك 16 مليون مواطن معرضون للمجاعة
15 مليون مواطن لا يجدون مصادر مياه صالحة للشرب
فقد 19 مليون طفل مقاعدهم الدراسية
فقد 50% من المواطنين مصادر رزقهم
انخفض متوسط دخل الأسر السودانية بأكثر من 40%
انكمش حجم الاقتصاد الوطني بأكثر من النصف
بلغت الخسائر المادية أكثر من 20 مليار دولار
هذه الأرقام لا تشمل تقديرات أخرى تضيف مزيداً من الخسائر والضحايا، علاوة على منهوبات المواطنين وخراب المساكن والمدن والقرى والطرق وتدمير المرافق وهي أبعد من كل إحصاء وتقدير..!
بالأمس تتسلى مصادر الأخبار بإعلان البرهان تعيين وزراء جدد في الصناعة والأوقاف والشؤون الدنية وإقالة آخرين..!!
وإن كان من عجب فإن (معزة الحظيرة) سوف تعجب كيف وصل هذا الرجل إلى رتبة الفريق..؟ هل هو فريق أول..؟!
كيف تخطى هذا الرجل (امتحانات النقل) من رتبة إلى رتبة..؟ وما هي مؤهلاته لاجتياز هذه الدرجات..؟!
هل من المعقول انه انتقل من طالب حربي إلى مجند..إلى جندي..إلى عريف.. إلى رقيب ثان..ورقيب أول..وإلى ملازم ثان ..وملازم أول.. وإلى نقيب..ثم رائد..ثم..مقدم..ثم عقيد.. ثم عميد.. ثم لواء.. ثم فريق…ثم فريق أول..؟! الله لا كسّبكم..!!
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
الخرطوم- في خطوة تمهيدية لإعلان تشكيل وزاري جديد، أقرت الحكومة السودانية، أول أمس الأربعاء، تعديلات على الوثيقة الدستورية، منحت بموجبها صلاحيات واسعة لرئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، بينما يتحدث خبراء قانونيون عن عدم جواز إدخال تعديلات على الوثيقة إلا بواسطة البرلمان.
وأكد البرهان، الأربعاء، خلال اجتماعه بالسفير الإيطالي المعتمد لدى السودان والمقيم بإثيوبيا ميشيل توماسي، عزمه تشكيل حكومة انتقالية برئاسة رئيس وزراء تكنوقراط، لا ينتمي لأي جهة أو حزب.
وقال وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين إن البرهان قدم شرحا للسفير الإيطالي عن المرحلة المقبلة التي "ستشهد تشكيل حكومة للفترة الانتقالية، كما سيتم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".
عقد مجلسا السيادة والوزراء -المجلس التشريعي المؤقت- اجتماعا برئاسة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وقد أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019- تعديل 2025، كما أجاز قوانين أخرى مهمة بينها قانون الإجراءات الجنائية- تعديل 2025، وقانون تشجيع الاستثمار.
وتم توقيع الوثيقة المعدلة في أغسطس/آب 2019، بواسطة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، متضمنة هياكل وتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية، وأدخلت تعديلات عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أضيفت بموجبها اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة وأطراف العملية السلمية، باعتبارها "جزءا لا يتجزأ" من الوثيقة الدستورية.
وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن التعديلات عكفت عليها لجنة خاصة شكّلها مجلس السيادة، وقدمت مقترحات لاجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء للنظر فيها وإجازتها.
إعلانوشددت المصادر على أنّ التعديلات لم تمس جوهر والتزامات الدولة باتفاقية جوبا لسلام السودان، وركزت على المواءمة بين تلك الالتزامات وتكوين مجلسي السيادة والوزراء، والصلاحيات الممنوحة لهما بموجب هذه التعديلات.
ولم تكشف الحكومة تفاصيل التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية، واكتفى وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر -في تغريدة على منصة إكس- بالتأكيد على أن التعديلات ستنشر في الجريدة الرسمية قريبا، ولم يرد الوزير على استفسارات للجزيرة نت حيال طبيعة التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية.
عدد من النقاط التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول بنود الوثيقة الدستورية ونسبتها إلى مصادر مجهولة تناولت معلومات غير صحيحة، وبعضها تكهنات حملت روحاً مزاجية (وغير مهنية)، بالإضافة إلى معلومات غير دقيقة. ستقوم الحكومة السودانية بنشر الوثيقة كاملة في الجريدة الرسمية قريبا بتفاصيلها…
— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) February 20, 2025
تسريباتلكن تسريبات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت تحدثت عن أن التعديلات على الوثيقة المجازة عام 2019 تضمنت منح رئيس مجلس السيادة صلاحيات واسعة، تشمل -ضمن مهام أخرى- سلطة تعيين وإعفاء رئيس الوزراء، وهو الحق الذي كان حصريا قبل التعديل لقوى تحالف الحرية والتغيير، الشريك الأساسي في الوثيقة الدستورية.
وشملت التعديلات حذف كل البنود ذات الصلة بـ"الحرية والتغيير" وبقوات الدعم السريع، وأحلت محلهما كلمة "الشركاء"، وتضمنت كذلك بدء فترة انتقالية جديدة مدتها 39 شهرا، تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة.
وحافظت التعديلات على نسب السلطة الممنوحة للموقعين على اتفاق السلام في جوبا، وهي مجموعة من الحركات المسلحة التي يقاتل بعضها حاليا إلى جانب الجيش في معاركه ضد قوات الدعم السريع.
إعلانونقلت تقارير صحفية نشرت الخميس، عن مصادر مطلعة، أن التعديلات على الوثيقة الدستورية تضمنت زيادة عدد أعضاء مجلس السيادة إلى 9 بدلا من 6، مع رفع عدد المقاعد المخصصة للقوات المسلحة إلى 6 بدلا من 4، ومنح قادتها صلاحية ترشيح رئيس المجلس والتوصية بإعفائه.
وفي ما يخص السلطة التشريعية، أبقت التعديلات على المجلس التشريعي بعدد 300 عضو، ولحين تشكيله، يتم الاستعاضة عنه بمجلسي السيادة والوزراء، كما تم الإبقاء على عدد الوزارات ليكون 26 وزارة، بعد أن كان هناك مقترح لتقليصها إلى 16.
وكان رئيس حركة تحرير السودان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تحدث في وقت سابق عن مطالبتهم بتوزيع جديد لنسب اقتسام السلطة في الوثيقة الدستورية، قائلا إنها "وضعت عمليا 75% من السلطة بيد المكون العسكري، بعد خروج تحالف قوى الحرية والتغيير من المشهد".
ولم يستبعد قيادي في الحركة -تحدث للجزيرة نت- أن تُثير هذه التعديلات خلافات بين مناوي والمكون العسكري في مجلس السيادة، بعد تجاهل الملاحظات التي أبداها رئيس الحركة على التعديلات قبل إقرارها.
فاقدة للصلاحيةمن جهته، يقول المحامي والخبير القانوني ساطع أحمد الحاج للجزيرة نت إن "الوثيقة الدستورية، ووفقا لنصوصها، لا يمكن تعديلها إلا بواسطة المجلس التشريعي"، ويضيف من ناحية أخرى أنها "نصت على منح الأطراف الموقعة عليها 90 يوما لتشكيل المجلس التشريعي، على أن تمنح سلطة التشريع مؤقتا ولمدة 90 يوما للاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء المشكلين بموجب الوثيقة".
ويضيف الحاج -الذي كان مشاركا في إعداد الوثيقة الدستورية المعدلة- أنه بالرغم من أن حكومة الثورة توسعت في تفسير المادة 24 من الوثيقة، بتعديل الدستور في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بإدخال اتفاقية جوبا للسلام، فإنه لم يكن مؤيدا للخطوة، ويردف قائلا "البعض وجد العذر لهم باعتبار أن إرادة طرفي الوثيقة قد ذهبت لذلك".
إعلانويضيف "أما الآن فإن الوثيقة فقدت صلاحيتها، بموجب أن أحد أطرافها انقلب على الطرف الثاني يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021″، معتبرا أن "مجلس السيادة الحالي ليس هو المنصوص عليه في الوثيقة، من حيث جهة الاختيار والتعيين والصلاحيات والتمثيل".