حتى اللحظة لا يبدو أن هناك مؤشرات جدية توحي بنهاية المعركة العسكرية الحاصلة في قطاع غزّة وتمديد الهدنة بشكل نهائي لتصبح وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إذ يُصرّ الاحتلال الاسرائيلي على قطع الطريق على نفسه بالقول أن الهدنة ستنتهي في موعدها.

من هنا، بات من الواضح أن فترة الهدنة ستنطبق أيضاً على لبنان، إذ إن "حزب الله" سيعمل على استمرار الإسناد العسكري للمقاومة في غزّة من خلال إشغال الجبهة الجنوبية وبنفس المسار الذي بدأه منذ الثامن من تشرين الاول وبالتالي فإن نتائج الحرب وكيفية تطوّرها لا يمكن حسمه في المرحلة الراهنة أو توقّع كيفية تدحرج الأمور رغم أن المشهد بات أكثر وضوحاً عما كان عليه في المرحلة الأولى.



لكنّ السؤال الذي يُطرح بمعزل عن القضايا الاستراتيجية يتركّز حول قدرة "حزب الله" على الاستثمار في التطورات العسكرية لتنعكس على التوازنات في الداخل اللبناني، وهل سيتمكّن "الحزب" من تحقيق مكاسب سياسية في لبنان في حال انتصر مع حلفائه في معركته الحالية؟

بالرغم من كل ما يُحكى عن أن التأثيرات ستكون كبيرة، وهذا واقع طبعا، ولن تقتصر على الملفات الداخلية وحسب بل سيكون لها تبعات على التفاهمات الاقليمية والتوازنات في المنطقة، لكن في ما يتعلّق بالاستحقاقات الداخلية في لبنان لا يبدو أن "الحزب" سيكون قادراً عملياً على تحقيق خروقات فعلية، إذ إن من الواضح انّ الكتلة النيابية الوازنة التي تعارضه لن تبدّل شيئاً في مواقفها وذلك عائد لسببين؛
 الاول يتركز حول القوى الاقليمية المعارضة للحزب التي ستضطر لتقديم تنازلات في حال تبدّل التوازنات بانتصار "حماس" في المعركة، فإن هذه التنازلات ستشمل مناطق صراع بمنأى عن لبنان، وبالتالي فإن القوى الداخلية المعارضة ستستمرّ في معركتها لأنّ هناك ضوءا أخضر لاستمرار التوازن القائم على الساحة المحلية. أما السبب الثاني يتمحور حول أن التبديل الفعلي في المواقف المتعلقة بالاستحقاقات الداخلية مرتبط بحلفاء "الحزب" أكثر من خصومه، وتحديداً "التيار الوطني الحر" الذي لا يبدو أن لديه أي نيّة بتغيير موقفه الداخلي بالرغم من من ثباته استراتيجياً الى جانب "حزب الله"، بالإضافة الى "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي سيبقى  متمسكاً بوسطيته مهما كانت نتائج المعركة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

أيّ دور للبنان في التحوّلات السورية؟

كتبت روزانا بو منصف في" النهار": قبل مرور اسبوع كامل على فرار بشار الاسد من سوريا ، اجتمعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ودول عربية مختلفة في الأردن في 14 كانون الأول من اجل دعم العملية السياسية في سوريا.واتفق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزراء على "مبادئ مشتركة" غير محددة للاعتراف بالحكومة السورية المستقبلية. في اليوم نفسه، صدرت مواقف لافتة ابرزها لزعيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع ( الجولاني ) قال فيها أن إسرائيل استخدمت إيران "كذريعة" لدخول سوريا لكنه أضاف أن هيئة تحرير الشام "ليس لديها نية للدخول في صراع مع إسرائيل". وغازل الدول العربية المجتمعة في العقبة باعلانه " إنهاء الوجود الايراني في سوريا ". فيما صدر موقف من اسرائيل لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي قال فيه أن جيش الدفاع الإسرائيلي ليس لديه نية للتدخل في الشؤون الداخلية السورية أو "حكم" سوريا على رغم استمرار استغلال اسرائيل العملية الانتقالية في سوريا لتوجيه ضربات قاصمة للبنية العسكرية في سوريا ومتواصلة 10 كيلومترات داخل سوريا متجاهلة تداعيات ذلك بذريعة " أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل في سوريا فقط لضمان سلامة إسرائيل " بحسب هاليفي. فالجميع يبدو معنيا خلال بضعة ايام بعد فرار الاسد بمنع انفلات الوضع السوري وضرورة ضبطه بسرعة من ضمن اطر معنية تخفف من وطأة التدخلات التي ستفاقم الامور او الانقسامات الداخلية كذلك، ما قد يجعل من سوريا " تشرنوبيل " المنطقة .
والموقف اللافت الذي واكب مجموعة هذه المواقف كان خطاب الامين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي اطل من دون الاعلان عن ذلك مسبقا وجه فيه رسائل على خلفية التحولات في سوريا . فاعترف بفقدان خطوط الامداد من ايران عبر سوريا وبدا ساعيا الى انفتاح على علاقة مع الحكومة المؤقتة عل في ذلك " عودة المعبر " . وكلام قاسم لافت في نقاط عدة في ضوء كلامه عن قطع طريق امداد الحزب في سوريا واستبعاده على نحو مستغرب أن " يؤثر ما حصل في سوريا على لبنان " على نحو يدعو للتساؤل اذا كان قاسم مقتنعا حقيقة بما يقول في هذا الصدد او بقوله ان الحزب منع اسرائيل من " تحقيق الشرق الاوسط الجديد انطلاقا من لبنان ". وهي قراءة خاطئة ولا تعكس الواقع . وقال إن حزبه " قوي ويتعافى " مشدداً على استمرار عمله المسلح، معلناً أنه سيتعاون في إخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين ". فبين تعاون الحزب في جنوب الليطاني حيث لا تزال اسرائيل تحتل قرى لبنانية واضطرار الحزب الى الانسحاب قسرا من سوريا، تبدو رسالة الحزب اقرب الى الجزم بتحوله او بقائه تنظيما مسلحا ما بين هذين الخطين اي في الداخل اللبناني بمعنى اشتراطه ذلك على تشكيلة الحكم المقبلة . لكن هذا موضوع اخر ، ولو انه مؤثر بقوة في لبنان الذي يعيش التاريخ وفصول جديدة تاريخية بكل معنى الكلمة توالت خلال اقل من ثلاثة اشهر فقلبت الامور رأسا على عقب وغيرت المشهد الاقليمي برمته. وليس مستغربا ان يعيش الحزب ارتباكا ويتخبط في مواقفه فيما ان ايران نفسها تواجه ذلك ويستبعد جدا ان يستطيع الحزب لا سيما في هذه المرحلة ان يستقل بتقويم منفصل عن تقويم ايران ووضعها في المنطقة فيما ان القلق لا يساورها وحدها ، بل يساور دول المنطقة وحتى الدول الغربية ايضا. وفي الوقت الذي يعيش الجميع هاجس التحولات التي حصلت في بعض دول المنطقة في ضوء ما سمي "الربيع العربي"او حتى المخاوف من تجربة طالبان في افغانستان والحكم الاصولي ويسعى الى تجنبه ب "الشروط " المسبقة على حكام سوريا الجدد ، بدا لافتا جدا كلام قائد الحرس الثوري الايراني اللواء حسين سلامي في تقويمه ما حصل في سوريا . قال "ان الغرب لم يتمكن من القضاء على النفوذ الإيراني باستخدام الوسائل التقليدية، ولذلك لجأ إلى طريقة أخرى تمثلت في إنشاء بديل يشبه الجمهورية الإسلامية والثورة " في إشارة إلى الجماعات المتطرفة في سوريا معتبرا أن تلك الجماعات "كانت في الحقيقة نموذج الردع الغربي ضد النفوذ الإيراني" . تنظر ايران في المرآة وترى انعكاسها اذا في شكل ما انما مع التحدي المتمثل بخسارة استراتيجية لاستثمار يعود الى ٤٠ عاما ليس في سوريا فحسب.

تبحث كل الدول التي اجتمعت في العقبة وسواها عن الدور الذي سيكون لكل منها في سوريا الجديدة حتى لو من باب منع الانعكاسات السلبية التي لا بد ان تحصل لاعتبارات متعددة ابرزها ان مسار الخروج من 54 عاما من سلطة آل الاسد ليس كشوكة يمكن اقتلاعها فحسب ولو بدا انها حصلت تماما كذلك . ثمة سؤال كبير لا يبدو ان اهل السياسة المعنيين في لبنان بدأوا بطرحه او الاقل التفكير به وهو اي دور للبنان في ظل التحولات السورية لا سيما ان الحكم الجديد اظهر انه معني بما يحصل في البلد الصغير الجار وادلى بدلوه في رئاسته المحتملة وسوى ذلك . وهل ستقارب القوى السياسية هذه التحولات كل من جانبها وعلى حسابها بمعزل عن الدولة او قبيل اعادة تكوينها؟
 

مقالات مشابهة

  • الالتزام قبل الرئيس.. وإلا!
  • دماء الشهداء.. وقدوم الصادق 3
  • سويسرا تحظر حزب الله اللبناني
  • بالأغلبية...البرلمان السويسري يحظر حزب الله اللبناني
  • سويسرا تقر حظر حزب الله اللبناني .. تفاصيل
  • ميركل: الهجرة غير الشرعية لا يمكن حلها عند الحدود الداخلية
  • البطريرك الماروني اللبناني: انتخاب رئيس للبلاد في 2025
  • رئيس وزراء اليونان: نؤكد دعمنا للجيش اللبناني.. وسوريا أصبحت في بؤرة الاهتمام
  • خلف الحبتور: الجيش اللبناني أثبت أنه العمود الفقري للوطن وقدم نموذجا يحتذى به
  • أيّ دور للبنان في التحوّلات السورية؟