في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. شيخ الأزهر: قلة مروءة.. والمفتي: النبي لم يفعل ذلك
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
يحتفل العالم في 25 نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للقضاء على العنف، ويبدأ من هذا اليوم تدشين 16 يومًا من النشاط يجب أن تُختتم في 10 ديسمبر، وهو اليوم الذي تٌحيي فيه ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
ومن المعتاد أن يكون هناك العديد من الفعاليات التى تشارك فيها مصر وينظمها المجلس القومي للمرأة والذى يلون فى هذه الأيام باللون البرتقالي للتذكير بالحاجة إلى مستقبل خالٍ من العنف.
شيخ الأزهر
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علَّمنا أن «النساء شقائقُ الرجال» وأوصى بهن خيرًا، فيجب احترامهن وتوقيرهن.
وأضاف شيخ الأزهر في منشور سابق له، عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «أما العنف ضد المرأة، أو إهانتها بأى حال دليل فَهمٍ ناقصٍ، أو جهل فاضح، أو قلة مروءة، وهو حرام شرعًا، يأتى بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة والذى يوافق 25 نوفمبر من كل عام».
ظاهرة في مكة تنذر باقتراب يوم القيامة.. ما القصة؟ 10 أمور عجيبة تحدث لمن قرأ سورة يس من أول مرةمفتي الجمهورية
الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، تحدث عن قضية ضرب الزوج لزوجته قائلا: القرآن الكريم يرشدنا من خلال مراحل وعظيه ومراحل تأديبية، ويبين لنا طريق الصواب في التعامل مع الخلافات الأسرية، مؤكدًا أن العنف الأسرى يتعارض كذلك مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها، التي مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة، ومن ثَمَّ يؤذن بتحولها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية.
وتابع المفتي خلال حواره مع برنامج "نظرة" المذاع عبر قناة "صدى البلد" تقديم الإعلامى حمدى رزق، يجب أن نفهم الأمر وَفقًا للمسلك والنموذج النبوي الشريف في تعامل النبي مع زوجاته، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط، ولا ضرب خادمًا قط".
أقوى دعاء ضد العين والحسد والسحر قاله النبي فحفظه الله..فرصة عظيمة لإغتنامه دعاء سداد الديون.. 8 كلمات أوصى بها النبي لجلب الرزق من حيث لا تحتسبولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن حل المشكلات الزوجية بالضرب وإبراز السلبيات هو مسلك الضعفاء وغير المنصفين الذين لا يديرون الأسرة إدارة حسنة، بل يتعارض مع الميثاق الغليظ، فضلًا عن أنه من غير المحبب استعمال الضرب حتى ولو كان يسيرًا.
وتابع: فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ فقد حث الشرع الشريف على اتِّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء، وتغليب ثقافة الحوار بين الزوجين.
هتنام على طول.. ردد 4 آيات من هذه السورة كل ليلة لمن تأخر زواجها.. 8 كلمات معجزة تأتي لك بالزوج الصالح ردديها ليلة الجمعةالرفق عبادة
وجه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، فى منشور سابق له عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، رسالة في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بعنوان “الرفق عبادة”.
وقال الأزهر في رسالته :"الرفق هو مجمع المحامد، وخلق العقلاء الراشدين، قال سيدنا رسول الله ﷺ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» [أخرجه مسلم]، وهو من صفات الله عز وجل؛ فقد قال ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». [أخرجه البخاري]
وتابع مركز الأزهر للفتوى: “لذا أمر الإسلام به، وقرر أن أكثر البيوت بركة هي المتحلية بالرفق في المعاملة؛ فقال سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ» [أخرجه أحمد في مُسنده]”.
وشدد على أن الإسلام حرم كل سلوك عدواني يضاد الرفق أو يؤذي العلاقات والمشاعر؛ سيما بين الأزواج، وضد النساء؛ فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». [أخرجه مسلم]
ولفت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل معيار القوة والحزم الحقيقي هو الرفق؛ نافيًا أن يكون ردّ الإساءة بالإساءة قوة أو شجاعة؛ فقال ﷺ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ». [مُتفق عليه].
تجارة الصباح مع الله التي لا تبور .. أوصى بها النبي هتدخل جهنم.. دار الإفتاء توجّه رسالة قوية للذين يأكلون ميراث أخواتهم البناتضرب الزوجة
فسرت نيفين مختار، الواعظة بوزارة الأوقاف، قوله تعالى "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلً" بأسلوب سهل يمكن فهمه من الجميع.
وقالت الواعظة بوزارة الأوقاف نيفين مختار، خلال لقائها على فضائية "سي بي سي"، إن الأمور الثلاثة المذكورة في الآية مرتبة بواو العطف وبالتالي يجب على الزوج أن يبدأ بالنصح أولا ثم الهجر في المضجع ثم الضرب.
وقالت أن معنى الهجر، وضرب الزوجة في القرآن، منوهة إلى أن الزوج له أن يهجر زوجته في الفراش في نفس الغرفة ولا يخرج منها حتى لا تكبر وتتفاقم الأمور بينهما بتدخل الأهل وما شابه.
وأضافت أن الزوجة إذا لم ترتدع، فالحكم المقصود في كلمة الضرب ليس كما يفهمه الكثير، منوهة إلى أن الله تعالى قال في ألفاظ كلمة الضرب في القرآن "فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا" وقوله تعالى "فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ"، والمعنى في كلمة الضرب هو الفصل والإعراض، وهذا لا يعني الضرب المعروف بيننا.
وتابعت: "كل فعل له معنى في الدين واللغة، فمثلا ضرب الوجه يسمى "لطم" وضرب القفا يسمى "صفع" وضرب اليد يسمى "وكز" وضرب الرجل يسمى "ركل"، وقد نهينا عن ضرب البطن وعن كسر العظم وعن تقبيح الوجه".وأكدت أنه لا يوجد دليل في القرآن أو السنة أن الضرب المذكور هو التعدي على المرأة أو الزوجة بالعصا وإيلامها.
لو نفسك تعمل عمرة وممعكش فلوس.. ردد 8 كلمات لتكون من ضيوف الرحمن 12 ساعة فقط| أقصر مدة صيام في السنة.. انتهز الفرصةدار الإفتاء المصرية ضرب الزوجة إهانة
قالت دار الإفتاء المصرية، إن إهانة الزوج لزوجته واعتداؤه عليها -سواء كان بالضَّرْب أو بالسب- أمر محرم شرعًا، وفاعل ذلك آثمٌ، ومخالف لتعاليم الدين الحنيف.
وأضافت «الإفتاء» عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [الروم: 21].
وتابعت: “إن الشرع الشريف أمر الزوجَ بإحسان عِشْرة زوجته، حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذي)”.
وأكملت: “حَثَّ الشرعُ على الرِّفْق في التعامل بين الزوج والزوجة، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه» (رواه مسلم)”.
وقال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إنه يختلف مع جمهور المفسرين فى آيات ضرب النساء، لافتا إلى أن الضرب فى القرآن جاء بأكثر من معني، وكلها ليس الإيذاء والعنف.
وتابع الجندى، خلال فيديو منشور عبر منصة الفيديوهات “يوتيوب”،أن الضرب بالسواك إهانة واعتداء، والضرب الموجود فى القرآن هو الهجر والابتعاد عنهن، والنبى محمد صلى الله عليه وسلم، لم يضرب زوجاته قط".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر مفتى الجمهورية ضرب الزوجة النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم الیوم العالمی شیخ الأزهر ضرب الزوج رسول الله العنف ضد إلى أن
إقرأ أيضاً:
6 مواقف بكى فيها النبي محمد .. وسبب بكائه على أُمَّتِهِ
سجلت السُنة النبوية والسيرة الشريفة، مواقف بكى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزن ويفرح ويبكي، وبكى -صلى الله عليه وسلم- في حياته في أكثر من مناسبة، فقد بكى رحمة لأمته، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وقول عيسى عليه السلام: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».
فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك، فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند موت عثمان بن مظعون، فعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل عثمان بن مظعون وهو ميِّتٌ حتى رأيت الدموع تسيل. ولفظ الترمذي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبّل عثمانَ بن مظعون، وهو ميِّتٌ وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان»
مواقف بكى فيها النبيبكاؤه في الصلاة: عن عبدالله بن الشخير قال: «رأيت رسول الله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء»، وفي رواية: «وفي صدره أزيز كأزيز المرجل»، وعن علي -رضي الله عنه- قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح».
عن عطاء بن أبي رباح رحمه الله قال: «دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزور، فقال: أقول يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غِبًّا تزددْ حبًّا، قال: فقالت: دعونا من رطانتكم هذه، قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي، قال: «يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي»، قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرُّك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجره، قالت: وكان جالسًا، فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذِنُه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ» (آل عمران: 190).
دعاء المطر والرعد المستجاب.. «اللهم صيبا نافعا»أمين الفتوى: دعاء المظلوم لا يرد والأفضل يدعو للظالم بالهداية
بكاء النبي عند سماع القرآن:عن عبدالله بن مسعود قال: «قال لي رسول الله: اقرأ عليَّ القرآن، قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أُنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، رفعتُ رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي - فرأيتُ دموعه تسيل»، وفي رواية البخاري: حتى أتيتُ إلى هذه الآية: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، قال: حسبك الآن، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان».
وعن عمرو بن حريث قال: «قال النبي لعبدالله بن مسعود: اقرأ، قال: أقرأ وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، فاستعبر رسول الله، وكفَّ عبدالله، فقال له رسول الله: تكلم، فحمِد الله في أول كلامه، وأثنى على الله وصلى على النبي، وشهد شهادة الحق، وقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله، فقال رسول الله: رضيتُ لكم ما رضي لكم ابن أم عبد».
قال ابن بطال: "وإنما بكى عند هذا؛ لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن».
بكاؤ النبي على القبر:عن أبي هريرة قال: زار النبي قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: «استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذِن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت»، وعن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: «يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا» هذا لفظ ابن ماجة.
وفي رواية أحمد: «بينما نحن مع رسول الله إذ بصر بجماعة، فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: أي إخواني، لمثل اليوم فأعدوا».
بكاء النبي لأجل أمته:عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن النبي تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: «رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى عليه السلام: «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [المائدة: 118]، فرفع يديه، وقال: اللهم أُمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسلْهُ: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره رسول الله بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنُرضيك في أمتك ولا نسوؤك».
عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «ترد عليَّ أمتي الحوضَ، وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبله، قالوا: يا نبي الله، أتعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليَّ غُرًّا محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ وفي رواية: فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا».
بكاء النبي رقة وحمة:عن أنس بن مالك قال: دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين، وكان ظِئرًا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله إبراهيم، فقبَّله وشمَّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة»، ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخذ النبي بنتًا له تقضي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدييه، فماتت وهي بين ثدييه، فصاحت أم أيمن، فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لستُ أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل».
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كان ابن لبعض بنات النبي يقضي، فأرسلت إليه أن يأتيها، فأرسل: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب»، فأرسلت إليه فأقسمت عليه، فقام رسول الله، وقمت معه، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي، ونفسه تقعقع، فبكى رسول الله، فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟ فقال: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء».
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله يعوده مع عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية، فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا، يا رسول الله، فبكى رسول الله، فلما رأى القوم بكاء رسول الله، بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم».
وعن أنس بن مالك قال: خطب النبي فقال: «أخذ الراية زيد فأُصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففُتح له، وقال: ما يسرنا أنهم عندنا - أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا - وعيناه تذرفان».
مواقف أخرى بكى فيها النبي:عن ابن عباس رضي الله عنه عن عمر بن الخطاب: «.. فلما أسروا الأسارى - يعني في غزوة بدر - قال رسول الله لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكِّنَّا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان - نسيبًا لعمر - فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهَوِيَ رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدتُ بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله: أبكي للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله - وأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] إلى قوله: «فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا» [الأنفال: 69]، فأحل الله الغنيمة لهم».