كريمة أبو العينين تكتب: فوضى الثوابت
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
فى خضم ما تشهده غزة من حرب إبادة بأيدي الصهاينة وحلفائهم ، قفز الى عقلي الكثير من التصريحات التى كال بها العالم المتحضر عند تعرض مصالحه وأفراده للخطر ، فبسرعة البرق تتواصل عبارات الإدانة والاستنكار وبالطبع مصحوبة بالأفعال وليس الأقوال فقط .
هذا العالم الغربي الذى عايرنا دوما أبناء منطقة الشرق الأوسط بالتخلف والرجعية والاستعباد ؛ هو نفس العالم الذى انتفض عن بكرة أبيه عام ٢٠١٥ متجمعا بكل زعماءه يدا بيد واصفا قتل طالب لمعلمه بإحدى الجامعات الفرنسية بالعار والإرهاب ؛ ويجب الضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه انتهاك القوانين الدولية والقيم الإنسانية وتهديد حياة البشر .
هو نفس العالم ونفس الزعماء والشخصيات التى دعمت ما يعرف بدولة إسرائيل فى حربها ضد شعب أعزل فى غزة ، وهى نفس القوى والرؤساء الذين اصطفوا جنبا الى جنب يشاهدون مجازر إسرائيل فى قطاع غزة بعين المراقبة والانتظار لنتائج نصر إسرائيل مع مدها بكافة أنواع الدعم وبالطبع على رأسه الدعم العسكرى ، تخيل هذا العالم اجتمع على بكرة أبيه فى مواجهة فئة قليلة كل ذنبها أنها تدافع عن أرضها وتحاول منذ ٧٥ عاما وربما أكثر أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من بقايا وطن كتب عليه الحزن والقهر منذ مجيء الصهاينة الى الأرض المقدسة.
هذا المجتمع الدولى الغربى لم يحزنه رؤية اكثر من ٦٠٠٠ آلاف طفل قتلى ومثلهم عشرات الالاف مصابين ، هو نفس العالم المتشدق بالحرية المزعومة الذى أغمض عينيه وسد أذنه عن أنين الثكالى والمكلومين من فقدان ذويهم ، هو نفس العالم الذى جسده المدعو ستيوارت الذى هاجم بائع مصرى فى الولايات المتحدة وقال له صراحة قتل ٥٠٠٠ طفل فى غزة لا يكفي !!
هو نفس العالم الذى يحشد قواه مع أوكرانيا لمواجهة روسيا ، وفى المقابل برضى بما خلفته العسكرية الإسرائيلية من دمار فى كل انحاء قطاع غزة ولم يترك شجرا ولا حجرا ولابشرا الا واعتدى عليه باسم من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ؛ هو نفس العالم الظالم الذى حاصر ايلون ماسك مالك شبكة تويتر سابقا واكس حاليا ومنع عنه معظم وسائل ارصدته بحجب الإعلانات عن منصته لمجرد انه سمح بعرض البشاعات الإسرائيلية ضد غزة.
وهو هو نفس العالم البغيض الذى اعطى أوامره لكافة وسائل التواصل الاجتماعي بحجب ما ينشر من بشائع المجزرة الإسرائيلية عن الظهور عبر الفيس وانستا جرام وتيليجرام مع إعطاء كل الحقوق للإسرائيليين وداعميهم فى نشر كل ما يرونه مفيدا لهم ولدولة إسرائيل المزعومة ، هو ياعزيزى القارئ نفس العالم المريض نفسيا بكراهية منطقتنا من أعطى حق التحدث عن مصير غزة ما بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية عليها ، هو نفس العالم البغيض الذى يؤازر الصهاينة فى مخططهم الرامي الى تهجير أهل غزة الى سيناء وأهالي الضفة الغربية الى الأردن وبذلك تطوى صحيفة فلسطين الى الأبد .
هو نفس المجتمع الغربي الذى صور لنا انسانيته تهتز وترتجف لوقوف طائر بالقرب من سلك كهربائى فى مدينة نيويورك الامريكية ويسارع لنجدة الطائر ويسخر كل القنوات لمشاهدة وقفته الإنسانية من اجل انقاذ طائر برىء ، هو نفس المجتمع بأشخاصه المرضى النفسيين بقهر منطقتنا والاستيلاء على خيراتها بعبارات رنانة مثل الحرية والديمقراطية والوقوف فى وجه طواغيت الحكم والسياسة ، هو نفس العالم الذى حدثنا عن القوانين الدولية والتشريعات القانونية وعن رفض العنصرية والحرص على حقوق المرأة وأن يعيش الأطفال فى سلام آمنين وأن يهنىء الكبار بما تبقى لهم من عمرهم ويعيشون فى سلام وأمان ، نفس من تغنوا بحقوق الانسان دوما هم نفس الأشخاص المرحبين بتدمير غزة واجتثاث شعبها من جذوره .
هو نفس العالم ونفس الأشخاص التى تنطلق من مصطلح فوضى الثوابت فما تربيت عليه من معانى وقيم أصبح باليا ، وما نشأت عليه من أخلاقيات ما هو الا محض هراء ، الدفاع عن الوطن اصبح إرهابا ، قتل الأبرياء أصبح دفاعًا عن النفس ، انتهاك حرمة الأديان وقدسيتها صار يعرف بحرية الرأى والتعاطي ، حقوق الانسان بصفة عامة ليست متساوية فحق الإسرائيلي فى الحياة هو الأعظم والارقى ولا يوازيه حق آخر ولا حتى حق الفلسطيني لا سمح الله فى الحياة آمنا مطمئنًا. نحن نعيش عصر "فوضى الثوابت " ذلك العصر الذى اختلطت فيه قيم العدل والمساواة والحرية وأصبحت تفسر وفق المرحلة ووفق الأشخاص ومدى تربعهم على عرش الكرة الارضية الظالم لكل ماهو فلسطينى وعربى حر .
فوضى الثوابت التى نعيشها لن يواجها ويقضى عليها الا جيل يعى ويستوعب ما يدار له من مكائد وخطط لاجتثاثه من هويته العربية والزج به فى غلاف وهمى يسمى الديمقراطية الغربية. فوضى الثوابت صناعة انجلو أمريكية ولكن القضاء عليها صناعة عربية ظهرت على ايدى فئة قليلة تحارب العالم المريض نفسيا الذى تتزعمه عصابة نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية. فوضى الثوابت سيواجه فى قلب الدول التى صنعته والتى هبت عن بكرة ابيها تشاهد الهمجية الممنهجة فى غزة من قتل ودمار واستيلاء على مقدرات وممتلكات الشعب الفلسطيني ، فوضى الثوابت تثبت مقولة تاريخية تؤكد فى فحواها ان الظلم مهما طال زمنه الا انه راحل لامحالة .
فوضى الثوابت يجب الا تثنيك عزيزي القارئ عن الوقوف بكل ما أوتيت من قوة فى وجه من يسلبون منك مقدراتك وقدراتك بمزاعم وعبارات مطاطة خاوية ، فوضى الثوابت يواجها الايمان بأن الحق لا يموت ابدا ولو تكاثرت عليه الأمم ، فوضى الثوابت محتها آية كريمة تقول معانيها انه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة .. فوضى الثوابت مجرد ظاهرة وسيتخطاها أبناء الشرق الأوسط لأنهم صار لهم قوة تجبر أعداء الله على أن يرضخوا لقوة الحق والايمان . فوضى الثوابت تطلب منك ان تظل ثابت ومستمسك بقيمك ودينك مهما كانت الفوضى ومهما عزت الحياة ومهما أراد لك ومنك أعداء الحق والإنسانية والحياة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الحرس الجديد vs الحرس القديم.. وزير التربية والتعليم يظهر «العين الحمراء» للقيادات داخل الوزارة
حرب باردة تدور رحاها داخل أروقة وزارة التربية والتعليم بين الحرس الجديد الذى يسعى لإثبات جدارته واستحقاقه للاستعانة به، والحرس القديم الذى يريد التأكيد أن وجوده يكفى لأداء الوزارة لرسالتها.
عقب تولى محمد عبد اللطيف ملف وزارة التربية والتعليم والجدل الذى أثير وقتها كان الجميع ينتظر ما سوف يحدث داخل الوزارة، خاصة مع حالات التخبط التى صاحبت الوزراء السابقين، والشكوى المتلاحقة من المواطنين حول تخبطها وعدم قدرتهم على ضبط الأمور والأداء، وهذا ما يدركه الوزير الجديد، ويسعى جاهدا لتغييره وتغيير صورة الوزارة، فكان لا بد من نهج جديد، وطريقة مختلفة لإدارة الأمور.
وبعد أقل من شهرين من عمل الوزير الجديد داخل الوزارة، وبعد تفكير قرر وضع ثقته فى مجموعة من القيادات أبرزهم الدكتور النشيط والدؤوب أحمد المحمدى مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجى والمتابعة فيمكن وصفه بأنه الرجل الثانى فى الوزارة بعد عبد اللطيف فهو المرافق له فى كل الجولات الخارجية سواء فى الزيارات للمدارس أو اللقاءات مع المديريات التعليمية أو غيرها من الاجتماعات، كما أنه يستشيره فى القرارات التى يتخذها الوزير ويبقى المحمدى لساعات كثيرة فى الوزارة لإنجاز الملفات المسئول عنها مما جعلها من أهم القيادات مؤخرا.
أما ثانى القيادات التى تحظى بعلاقة قوية وقريبة جدا فهو محمد عطية وهو صديق الوزير قبل توليه ملف الوزارة، فحينما كان يتولى عطية مسئولية مديرية التربية والتعليم بالقاهرة كان عبد اللطيف هو المسئول عن مدارس نيرمين إسماعيل، وكانت هناك لقاءات متعددة سواء داخل المديرية أو خارجها، ويحظى عطية الآن بثقة الوزير فهو الشخص الذى لا يغيب عن أى اجتماع للوزير وهو المسئول عن الإدارة المركزية التعليمية بالمصروفات.
أما خالد عبد الحكيم مدير مديريات التربية والتعليم بالوزارة فتمكن من كسب ثقة الوزير، خاصة أنه من أقدم القيادات داخل الوزارة وتولى مسئوليات امتحانات الثانوية العامة فى السنوات الأخيرة، واستطاع الوزير بعد تعيين عدد من القيادات من تحجيم دورهم، من خلال الاستعانة بفريق عمل من خارج الديوان.
وطبقا للمعلومات، فإن عبد اللطيف يقوم حاليا بدراسة لإجراء تغييرات هيكلية داخل ديوان عام الوزارة ولكن ينتظر الآن حتى يقوم بالانتهاء من الملفات الهامة التى على رأسها سد عجز المعلمين وكثافة الفصول التى تم حلها بشكل جزئى وليس كليا كما يتردد فالأمر بالفعل تم حله فى عدد من المديريات التعليمية ولكن مازالت هناك فصول تحتوى على ٧٠ و٨٠ طالبًا وهو الأمر الذى يعد عائقًا كبيرًا وإن كانت الوزارة لأول مرة تنجح بالفعل فى تقديم حل جزئى ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشكلة خلال السنوات المقبلة.
كما قام الوزير باستبعاد محسن عبد العزيز رئيس الإدارة المركزية لتكنولوجيا التعليم بشكل مفاجئ وقرر تصعيد وليد الفخرانى وهو أحد المسئولين داخل الإدارة منذ سنوات ويمكن وصفه بأنه تلميذ محسن لتعيينه بدلا منه رئيسًا للإدارة، فبحسب المعلومات، فإن الوزير استعان بـ٤ قيادات داخل الوزارة، البداية كانت بالاستعانة باثنتين وهما رشا الجيوشى المنسق الأكاديمى للمدارس الدولية ومى الحداد منسق المدارس البريطانية، و«الغريب» استعان باثنين لإدارة المدارس الدولية والبريطانية رغم قيامه بتجديد الثقة فى إيمان صبرى مساعد الوزير للتعليم الخاص والدولى وهو الأمر الذى أثار تساؤلات حول تداخل العمل بينهن ومن المسئول عن إدارة تلك الملفات هل المنسق العام الجديد أم إيمان صبري؟!
والعائدة مرة أخرى لديوان الوزارة الدكتورة نرمين النعمانى مستشار الفريق التعليمى فى وحدة المدارس المصرية اليابانية، وكانت أول مرة جاءت فيها النعمانى لمنصب وحدة التعاون الدولى خلال فترة تولى الدكتور محمود أبو النصر منصب وزير التعليم وكان والدها محافظا لسوهاج وقتها ولكنها غادرت بعد ذلك إلا أن قام طارق شوقى بانتدابها مرة أخرى لوحدة التعاون الدولى ولكن بعد فترة قام بإنهاء التعاقد واستبعادها من الوزارة. بالإضافة للمستشار القانونى الذى يلجأ إليه وزير التربية والتعليم فى كل القرارات.
فهناك صراع خفى بين عدد من القيادات الوزارة، استطاعت من خلاله شيرين مساعد الوزير والتى تلقب بالمرأة الحديدية داخل الوزارة كسب ثقة الوزير وتكريس ونفوذها بالديوان.