إعادة الحوثي لقائمة الإرهاب.. تدارس أمريكي ومخاوف من عرقلة جهود السلام في اليمن (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
سلط باحث غربي الضوء على التوترات الحوثية الإسرائيلية في اليمن والبحر الأحمر، عقب إطلاق الحوثيين العديد من الصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة باتجاه اسرائيل واحتجازهم سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" التي تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي الأحد الماضي.
وقال "جوناثان فينتون هارفي" وهو صحفي وباحث بريطاني مهتم بالصراعات والجغرافيا السياسية والقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -في تحليل له نشره موقع " "The New Arab وترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست"- إن اليمن استحوذ على اهتمام عالمي بعد أن بدأ المتمردون الحوثيون في البلاد بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار على إسرائيل في أواخر أكتوبر.
وأضاف "في تحول ملحوظ في قدراتهم، نفذ المسلحون الحوثيون يوم الأحد عملية معقدة في البحر الأحمر حيث نزلوا من طائرة هليكوبتر، ونجحوا، بمساعدة الزوارق السريعة، في اختطاف سفينة شحن وتوجيهها إلى ميناء الحديدة اليمني".
وتابع "عقب حادثة سفينة الشحن، تدرس واشنطن إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، الأمر الذي قد يضر بإجراءات بناء الثقة السابقة من جهود السلام".
وأردف الباحث البريطاني "على عكس حلفاء إيران في سوريا والعراق، تجنب الحوثيون إلى حد كبير استهداف الأصول الأمريكية، على الرغم من أن بعضها أقرب إلى اليمن، مثل قاعدة واشنطن في جيبوتي، مما يظهر أن المتمردين يحاولون تجنب إثارة إجراءات أكثر قسوة من واشنطن".
وقال "ما لم يتفاقم الوضع ويخرج عن نطاق السيطرة، فقد تسعى واشنطن والرياض إلى مزيد من التهدئة مع الحوثيين لضمان عدم اضطراب البحر الأحمر. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تركيز إضافي على المفاوضات، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تعزيز الحوثيين ككيان سياسي في اليمن".
وبشأن السفينة غالاكسي ليدر قال الكاتب إن هذه السفينة التي تحمل اسم "جالاكسي ليدر"، ترتبط بشركة بريطانية مملوكة جزئيا لأبراهام أونجار، أحد أغنى الأفراد في إسرائيل.
واستدرك "كما كان متوقعا في أكتوبر/تشرين الأول، قام الحوثيون، وهم أقوى فصيل في اليمن، بتوسيع تركيزهم الآن إلى البحر الأحمر، بعد أن أثبتوا أن تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار المتقدمة لديهم يمكن أن تصل إلى مدن جنوب إسرائيل مثل إيلات".
واستطرد "وبعد التهديد بضرب إسرائيل والأصول الأمريكية ردا على الهجوم على غزة، تعهد الحوثيون الأسبوع الماضي باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر".
وقال القيادي عبد الملك الحوثي في كلمة بثتها قناة المسيرة التابعة للجماعة، إن "أعيننا مفتوحة للمراقبة المستمرة والبحث عن أي سفينة إسرائيلية".
أمن البحر الأحمر
وأشار الكاتب إلى أن الخطوة الأخيرة للحوثيين أثارت مخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في طريق تجاري عالمي حيوي، يمر عبره حوالي 14 بالمائة من التجارة العالمية، وخاصة المواد الهيدروكربونية.
ولفت إلى أن البحر الأحمر أيضًا يعد أحد الممرات التجارية الأكثر حراسة في العالم، حيث يوجد للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والصين واليابان والمملكة العربية السعودية وجود عسكري في جيبوتي، التي لا تبعد سوى 30 كيلومترًا عن جنوب اليمن.
وفي ضوء نية الحوثيين المعلنة لاستهداف السفن، رجح الباحث أن يتم تنفيذ إجراءات أمنية مشددة لمنع عمليات اختطاف السفن في المستقبل، وخاصة تلك التي تشمل السفن الإسرائيلية. وفي الأسبوع الماضي، أسقطت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين كانت متجهة نحوها، في حين أفادت التقارير أن المملكة العربية السعودية اعترضت صاروخا كان في طريقه إلى إسرائيل، مما كشف عن المخاوف الأمنية الإقليمية المشتركة بين الرياض والولايات المتحدة.
وبحسب هارفي فإن قدرة الحوثيين المكتشفة حديثا على استهداف السفن في البحر الأحمر هي مثال صارخ على رد الفعل السلبي لحرب اليمن، وكيف زاد تهديد الجماعة للنظام الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة. وذلك على الرغم من دعم الولايات المتحدة وبيع الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية، على أمل الحفاظ على الأمن في البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية.
وزاد "مما يثير القلق أيضًا التصعيد المحتمل للعنف في اليمن، مما قد يجر البلاد بشكل أعمق إلى ما يُنظر إليه غالبًا على أنه حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران. وفي الواقع، فإن الدعم الكبير الذي يحظى به الحوثيون من إيران وشريكها اللبناني حزب الله يشير على الأقل إلى درجة معينة من الجهود المنسقة ضد إسرائيل، وخاصة وسط المناوشات المستمرة عبر الحدود بين حزب الله والجيش الإسرائيلي".
وقال ومع ذلك، فإن هجماتهم الفردية على إسرائيل تهدف أيضًا إلى حشد الدعم والشعبية المحلية بينما يعززون سيطرتهم على شمال اليمن.
اليمن: صراع مجمد؟
وأفادت الأمم المتحدة أنه في الفترة من 2015 إلى 2022، تسببت الحرب في مقتل حوالي 377 ألف شخص، وجاءت معظم الوفيات لأسباب غير مباشرة مثل نقص الغذاء وعدم كفاية الرعاية الصحية، وليس بسبب الحرب.
وفي الوقت الحالي، يحتاج ثلثا سكان اليمن، أي حوالي 21.6 مليون شخص، إلى المساعدة بشكل عاجل، حيث يعتمد 80 بالمائة من السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. ولا تزال المجاعة تلوح في الأفق بالنسبة لخمسة ملايين شخص، كما أثر وباء الكوليرا الخطير على أكثر من مليون شخص.
في حين كان هناك تراجع في التركيز على اليمن في السنوات الأخيرة، وانخفاض الاهتمام وسط الصراع في أوكرانيا والآن الحرب في غزة، واصلت الولايات المتحدة بعض الارتباطات الدبلوماسية.
في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، سافر المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى الخليج للتواصل مع شركاء من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وشركاء سعوديين والإماراتيين والعمانيين.
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإن المحادثات تهدف إلى "مناقشة الخطوات اللازمة لتأمين وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة الأمم المتحدة، مع ضمان استمرار الجهود لتخفيف الأزمة الاقتصادية ومعاناة اليمنيين".
يتابع هارفي "بعيداً عن إبقاء الاتصالات مفتوحة مع شركاء أمريكا، فإن الجولة الأخيرة من المحادثات لم تؤثر على الوضع الراهن "للصراع المجمد" في اليمن، حيث أصبح الحوثيون تدريجياً هم الحكام الفعليون لشمال اليمن".
يستطرد "في الوقت الحالي، وصلت حرب اليمن إلى طريق مسدود وهدأت أعمال العنف في الغالب بعد اتفاقات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الأمم المتحدة والجهود المبذولة لتشكيل حكومة جديدة. قبل الحرب الأخيرة في غزة، كان هناك تفاؤل في محادثات السلام اليمنية بعد أن زار وفد من الحوثيين الرياض في سبتمبر/أيلول، وهي أول زيارة رسمية من المجموعة، بينما التقى المبعوثون السعوديون والعمانيون بقادة الحوثيين في صنعاء في أبريل/نيسان".
وقال "لم تكن هناك هدنة رسمية أو معاهدة سلام، بل إن اليمن عالق في مأزق هش يهدد بتوليد عدم استقرار طويل الأمد والتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية".
وأوضح "أن مساعي الحوثيين الحثيثة للاستيلاء على مأرب من القوات الحكومية اليمنية منذ فبراير/شباط 2021، تعثرت على الرغم من تحقيق مكاسب مبكرة. وبينما أنفقت الكثير من الموارد لتحقيق هذا الهدف، لا تزال مأرب بعيدة المنال بعد أن تم طرد الحوثيين من قبل الميليشيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في يناير/كانون الثاني 2022. وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة اليمنية تتعثر، وتكافح من أجل تأكيد نفوذها.
وذكر هارفي أن المجلس الانتقالي الجنوبي والميليشيات المتحالفة معه، بفضل دعم الإمارات العربية المتحدة خلال الحرب، شكل قوة رئيسية في جميع أنحاء الجنوب. ومع ذلك، على الرغم من سعيهم للحصول على يمن جنوبي مستقل، فقد ورد أنهم تعرضوا لهجمات متفرقة من فرع تنظيم القاعدة في اليمن، بما في ذلك ضربة قاتلة في سبتمبر أدت إلى مقتل خمسة من مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي.
علاوة على ذلك، يشير الكاتب إلى تحذيرات منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخراً من أن الجنوب يعاني من انقطاع الكهرباء والمياه، في حين أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين في عدن.
وقال ليس سرًا أيضًا أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أراد منذ بعض الوقت الخروج من الحرب التي حرض عليها بنفسه لأول مرة. وفي نهاية المطاف، يريد ولي العهد الطموح والحاكم الفعلي للسعودية التركيز على التحول الاقتصادي للمملكة، وتحويلها إلى قوة إقليمية. ولتحقيق ذلك، يعد وجود حدود جنوبية سلمية ووقف التصعيد مع إيران شرطًا أساسيًا.
تهدئة أم مواجهة؟
يستطرد "ومع ذلك، وسعيًا منها إلى اللعب بأمان، سعت الرياض إلى الحصول على حماية إضافية تحت المظلة الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي قد تبدو مفضلة بعد أن نشرت الولايات المتحدة أصولًا بحرية في البحر الأحمر مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة. وينطبق هذا أيضًا على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعد طرفًا رئيسيًا في حرب اليمن. وقد يؤدي هذا أيضًا إلى مطالبة واشنطن بالضغط من أجل اتخاذ موقف أكثر تهدئة".
"وفي حين أنها قد تسعى إلى وقف التصعيد، فقد تكون واشنطن أيضًا على أهبة الاستعداد بشأن المزيد من عمليات الحوثيين، الأمر الذي قد يزيد من تعقيد عملية السلام في البلاد. وفي أعقاب حادثة سفينة الشحن، فكرت واشنطن في إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، الأمر الذي قد يضر بإجراءات بناء الثقة السابقة من جهود السلام". كما يقول الكاتب
وفي يونيو/حزيران، أعلن البيت الأبيض أنه لا يزال يدير وجودًا عسكريًا محدودًا في اليمن. وعلى الرغم من أن التقرير قال إن القوة الصغيرة كانت تهدف إلى مواجهة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في اليمن، إلا أن التفاصيل الإضافية، بما في ذلك الأرقام، ظلت سرية.
وقال "على عكس حلفاء إيران في سوريا والعراق، تجنب الحوثيون إلى حد كبير استهداف الأصول الأمريكية، على الرغم من أن بعضها أقرب إلى اليمن، مثل قاعدة واشنطن في جيبوتي، مما يظهر أن المتمردين يحاولون تجنب إثارة إجراءات أكثر قسوة من واشنطن".
وأكد أنه وما لم يتفاقم الوضع ويخرج عن نطاق السيطرة، فقد تسعى واشنطن والرياض إلى مزيد من التهدئة مع الحوثيين لضمان عدم اضطراب البحر الأحمر. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تركيز إضافي على المفاوضات، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تعزيز الحوثيين ككيان سياسي في اليمن.
أما بالنسبة لإسرائيل، وعلى الرغم من كونها هدفا لضربات الحوثيين، يتابع هارفي "فقد ركزت بشكل أكبر على أهدافها العسكرية والسياسية في غزة، فضلا عن المناوشات مع حزب الله، الذي يشكل تهديدا أمنيا أكثر إلحاحا".
"مع استمرار هجمات الحوثيين، لا ينبغي بالضرورة استبعاد الانتقام الإسرائيلي في نهاية المطاف، أو الجهود المبذولة لتقويض الجماعة، خاصة إذا كان الحوثيون قادرين على التسبب في اضطرابات لإسرائيل. وقد يعتمد هذا أيضًا على مدى استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة"، حد قوله.
وخلص الكاتب البريطاني في تحليله بالقول "ما لم يتفاقم الوضع ويخرج عن نطاق السيطرة، فقد تسعى واشنطن والرياض إلى مزيد من التهدئة مع الحوثيين لضمان عدم اضطراب البحر الأحمر. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تركيز إضافي على المفاوضات، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تعزيز الحوثيين ككيان سياسي في اليمن".
وأكد هارفي "إذا انهارت الثقة أكثر، فقد يعاني اليمن من غياب الحل السياسي، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة أمد وضعه الأمني والإنساني المتردي بالفعل".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية اسرائيل أمريكا الحوثي الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الأمر الذی قد على الرغم من یؤدی إلى فی الیمن قد یؤدی ا أیض ا فی حین بعد أن
إقرأ أيضاً:
موقع مركز الأمن البحري الدولي: “أزمة البحر الأحمر فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا”
يمانيون../
خلاف عميق بين ضفتي الأطلسي، عنوانه العريض من يقود، ومن يتبع؟ تقرير أمريكي يكشف كيف وجدت واشنطن نفسها في عزلة بحرية، بعد أن أدارت أوروبا ظهرها لقيادتها العسكرية، مفضّلةً العمل تحت مظلة الاتحاد الأوروبي. انقسام يتجاوز أزمة مؤقتة، ويكشف عن صراع مكتوم يعيد رسم خرائط النفوذ داخل التحالف الغربي.
حيث نشر موقع مركز الأمن البحري الدولي (CIMSEC) الأمريكي مقالًا تحليليًا بقلم آنا ماتيلد باسولي بعنوان “تشريح أزمة البحر الأحمر: الناتو في مواجهة الاتحاد الأوروبي”، ضمن أسبوع القوة البحرية لحلف شمال الأطلسي، يكشف بقسوة عن الخلافات العميقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويفضح فشل واشنطن في قيادة جهود موحدة لمواجهة أزمة البحر الأحمر، التي تعطل التجارة العالمية منذ أكثر من عام”. المقال، الذي حظي بتعليق واحد، يعري انقسامات عبر الأطلسي تهدد استراتيجية الناتو البحرية وتكشف عن عجز الولايات المتحدة في فرض هيمنتها أو كسب ثقة حلفائها”.
تكشف باسولي أن “الأزمة ليست مجرد اضطراب تجاري، بل فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا، حيث عبر مسؤولون أمريكيون في رسائل مسربة عن إحباطهم من “اضطرار الولايات المتحدة لإنقاذ أوروبا مرة أخرى”. لكن هذه المشاعر تتجاهل السبب الحقيقي: النهج الأمريكي الهجومي المنفصل عن النهج الدفاعي الأوروبي، مما أدى إلى شلل الجهود المشتركة. صعود الاتحاد الأوروبي كفاعل أمني بحري أضعف قبضة واشنطن على الناتو، حيث يرفض الأوروبيون القيادة الأمريكية، معتمدين على “أسبيدس” بدلاً من “حارس الرخاء”، في انقسام غير مسبوق يكشف هشاشة التحالف”.
وقالت الكاتبة : “في ديسمبر 2023، أطلقت واشنطن عملية “حارس الرخاء” لمواجهة هجمات الحوثيين، داعية حلفاء الناتو، بما في ذلك المملكة المتحدة، كندا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، النرويج، وإسبانيا، للانضمام. لكن المملكة المتحدة، كندا، والنرويج فقط التزمت، بينما انسحبت القوات الأوروبية لدعم “أسبيدس”، مهمة دفاعية بقيادة الاتحاد الأوروبي، رافضةً صراحةً القيادة الأمريكية”.
مؤكدة أن هذا “التمرد أضعف “حارس الرخاء”، حيث خصصت إيطاليا مدمرتين وفرقاطتين، وفرنسا ثلاث فرقاطات لأسبيدس، بينما قدمت مساهمات ضئيلة أو معدومة لحارس الرخاء”. ألمانيا وبلجيكا ساهمتا بفرقاطة لكل منهما، واليونان بفرقاطتين، وهولندا بفرقاطة وسفينة دعم، بينما قصّرت السويد وفنلندا بأفراد محدودين. إسبانيا، بشكل صارخ، لم تقدم شيئًا، رغم استفادة موانئها من الأزمة. في المقابل، قدمت المملكة المتحدة مدمرتين (HMS Diamond وHMS Duncan)، فرقاطتين، ودعمًا جويًا، مُظهرةً التزامًا يفضح تقاعس أوروبا. الدنمارك أرسلت فرقاطة معطلة، مما أدى لإقالة رئيس دفاعها، وأعطت فرنسا الأولوية لمصالحها الوطنية، مما يعكس أنانية أوروبية تعمق الفشل الأمريكي”.
واشار المقال إلى أن هذا الانقسام يكشف سعي أوروبا للاستقلال الاستراتيجي قبل إدارة ترامب الثانية، حيث أكدت إيطاليا، فرنسا، وألمانيا على عملية دفاعية دون ضربات برية، متجاهلةً دعوات واشنطن”…مضيفا بأن “خطاب الأوروبيين عن الوحدة عبر الأطلسي يتناقض مع مشاركتهم في مناورات المحيطين الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط كـ”تدريب” دون التزام فعلي، مما يثير تساؤلات عن موثوقيتهم”.
واشار المقال بأن “واشنطن تفشل أيضًا في الاعتراف بالاتحاد الأوروبي كفاعل أمني، حيث يركز محللون مثل مايكل سي. ديسيانا على حارس الرخاء، متجاهلين أسبيدس، بينما يبرر دوغ ليفرمور القوة من منظور أمريكي، غافلين عن أن الأوروبيين يرون أنفسهم يحمون التجارة بنجاح”.
وأن هذا “التحيز يكشف أن واشنطن ترى أوروبا عبر الناتو فقط، بينما تتجه أوروبا نحو الاتحاد الأوروبي، مدفوعةً بـ”عدوانية” أمريكية تدفعها للاستقلال. الولايات المتحدة ترى الأزمة كمنصة للهيمنة البحرية ومواجهة الصين، بينما لا تهتم أوروبا بالصين، مركزةً على التجارة بنهج دفاعي يشبه القوافل، مما يؤدي إلى عمليتين متداخلتين دون هدف مشترك”.
واختتم المقال أن الأزمة، من منظور أمريكي، “ليست لإنقاذ أوروبا، بل لتأكيد الهيمنة البحرية وإرسال رسائل للصين بأن واشنطن ليست “قوة ميتة”. لكن هذا الطموح يصطدم بإجهاد القوات الأمريكية ورفض أوروبي، مما يهدد مبادئ القوة الساحقة والسيطرة البحرية”. مشيرا الى أن “الحوثيين يحققون النصر، وميناء إيلات الإسرائيلي ينهار ماليًا كـ”الضحية الأولى”، بينما تظل واشنطن عاجزة عن فرض قيادة موحدة”.
أكد أن الفهم الأفضل للتوقعات والأهداف في البحر الأحمر قد يُمهد الطريق لإصلاح العلاقات عبر الأطلسي. وفي الوقت الحاضر، لا أحد يمتلك الوصفة المثالية لإنهاء هذه الأزمة، ومن المرجح أن النهج المنقسم قد طال أمده. فيما لم يكتفِ الحوثيون بتولي زمام المبادرة في الوصول إلى النصر، بل إن الضحية الحقيقية الأولى لهذه الأزمة – ميناء إيلات الإسرائيلي – قد وقع تحت ضغط مالي. مضيفا أن الوقت قد نفد أمام الولايات المتحدة للشكوى من أوروبا دون خطة. وبالمثل، أثبت الوقت أن الاتحاد الأوروبي لا يزال غير موثوق به كجهة أمنية فاعلة. مؤكدا أن استراتيجية حلف شمال الأطلسي المتكاملة التي تراعي المنظورين الأمريكي والأوروبي هي الخيار الوحيد لتحقيق النصر. أما الخيار البديل فهو الهزيمة.