اعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن اتفاق الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحماس وفر للرئيس جو بايدن، فترة راحة من ضغوط الديمقراطيين الذين يدفعون لوقف كامل لإطلاق النار.

وانخرط بايدن بشكل كبير في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد أسابيع من المفاوضات المتوترة بين الولايات المتحدة وقطر ومصر، ووافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد مداولات طويلة.

وفي مواجهة إعادة انتخابه العام المقبل، يتعرض بايدن، بحسب الصحيفة لضغوط من المشرعين والناخبين التقدميين، وخاصة الشباب منهم، في حزبه للضغط من أجل وقف كامل لإطلاق النار في الصراع المستمر منذ ما يقرب من سبعة أسابيع.

وكان بايدن مترددا في القيام بذلك، مشيرا إلى الحاجة إلى إطلاق سراح الرهائن أولا، ومحذرا من أن أي توقف طويل للقتال قد يسمح لحماس بإعادة تجميع صفوفها وارتكاب المزيد من الهجمات.

وتُظهر الصفقة، بحسب الصحيفة، أن بايدن يتمتع ببعض النفوذ على الإسرائيليين، الذين قاوموا وقف القتال، وأنه يحرز تقدما في مجال حدده البيت الأبيض مرارا وتكرارا كأولوية، أي إعادة الرهائن الأمريكيين.

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكثر من 12 مرة، بما في ذلك هذا الأسبوع، وكان أيضا على اتصال شخصي مع قادة آخرين مع تقدم المحادثات.

 اقرأ أيضاً

توقع تمديد الهدنة في غزة.. بايدن: حان الوقت للعمل على حل الدولتين

وأطلقت حماس سراح المجموعة الأولى من الرهائن بعد ظهر الجمعة. ومن المتوقع، أن يؤدي الاتفاق إلى إطلاق سراح 50 امرأة وطفلاً من الأسرى الذين احتجزتهم حماس خلال الأيام الأربعة المقبلة، بما في ذلك ثلاثة أمريكيين.

كما أطلقت إسرائيل سراح 39 أسيرا فلسطينيا بسجونها، وساد الهدوء في اليوم الأول من الاتفاق، الجمعة، وأدخلت مساعدات إضافية إلى القطاع بعد أسابيع من الحرب بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية.

ولم تشمل المجموعة الأولى من الرهائن الذين أطلقت حماس سراحهم أي أمريكيين، لكن مسؤولا في البيت الأبيض قال إن الإدارة ما زالت تأمل في أن يكون الأمريكيون من بين الخمسين.

"الجروح لم تلتئم بعد"

وأدى رد فعل بايدن على حرب الشرق الأوسط إلى "توتر بين أجزاء التحالف" الذي ساعده على هزيمة الرئيس السابق، دونالد ترامب في عام 2020، وفقا للصحيفة، وتظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن الشباب، الذين دعموه على نطاق واسع قبل ثلاث سنوات، يكرهون نهجه في التعامل مع الحرب.

تتضمن هذه الاستطلاعات مسحا للرأي أجرته شبكة "إن بي سي نيوز" مؤخرا، والذي وجد أن 70% من الناخبين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما، لا يوافقون على كيفية تعامل بايدن مع الصراع بين إسرائيل وحماس.

وأظهر الاستطلاع ذاته أن 51% من الديمقراطيين يوافقون على كيفية تعامل بايدن مع الحرب.

ويعبر ناشطون في الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة عن غضبهم حيال موقف إدارة بايدن، من الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة.

وقال وليد شهيد، وهو محلل استراتيجي ديمقراطي عمل مع مشرعين ديمقراطيين بارزين: "لا أعتقد أن الجروح داخل الحزب قد التأمت على الإطلاق، ويمكنني أن أتوقع أن الأمور ستزداد سوءا من هنا".

وأضاف لـ "وول ستريت جورنال": "سوف ترون المزيد من الأدلة على مفهوم الحجة التقدمية (أي الحزب الديمقراطي) القائلة إنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع".

اقرأ أيضاً

الانحياز غير المحدود لإسرائيل يقوض دعم الشباب الأمريكي لبايدن في انتخابات 2024

واتخذت إدارة بايدن في البداية رد فعل مؤيدا بقوة لإسرائيل على هجمات حماس، لكنها أصبحت أكثر دقة مع تزايد الضغوط السياسية، وأظهر استعدادا لانتقاد الإسرائيليين، وخاصة المستوطنين في الضفة الغربية الذين تسببوا بتوتر كبير في المنطقة. كما قال بايدن والإدارة باستمرار إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس.

وتعتبر صفقة الرهائن أقوى علامة حتى الآن على أن الحكومة الإسرائيلية تستجيب لدعوات الولايات المتحدة لمعايرة ردها العسكري، بحسب الصحيفة، وأثار ذلك التوقعات بين بعض الديمقراطيين بأن الصراع يمكن أن يدخل مرحلة جديدة مع اتباع نهج أكثر استهدافا تجاه حماس والاهتمام بشكل أكبر بالحفاظ على أرواح المدنيين.

وكتب السيناتور، بيرني ساندرز، في مقال افتتاحي لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن الهدنة كانت "خطوة أولى واعدة يمكننا البناء عليها، ونأمل أن نعمل على تمديد تعليق إطلاق النار".

"يجب ألا يسبق هذا التعليق الممتد استئناف القصف العشوائي. ستواصل إسرائيل ملاحقة حماس، ولكن يجب عليها أن تغير تكتيكاتها بشكل كبير لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين"، وفق ساندرز.

ويتزامن تعليق القتال العنيف مع جهود بايدن للحصول على موافقة الكونجرس على مساعدات لإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار تقريبا.

وقال ساندرز وغيره من المشرعين إن أي مساعدة لحكومة نتنياهو يجب أن تكون مشروطة بوقف القصف وعنف المستوطنين في الضفة الغربية والالتزام بعدم احتلال إسرائيل لغزة.

اقرأ أيضاً

موقف بايدن من العدوان على غزة.. خسارة أمريكية فادحة بالشرق الأوسط

وفي الوقت ذاته، كان جميع الجمهوريين البارزين تقريبا مؤيدين بشدة لإسرائيل وينتقدون الدعوات لوقف إطلاق النار.

قليلون في الحزب الجمهوري تحدثوا علنا عن صفقة الرهائن.

وذكرت السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، وهي أيضا مرشحة للانتخابات الرئاسية لعام 2024، على موقع "إكس" أنها تشعر بسعادة غامرة لأن العائلات قد تجتمع قريبا مع أحبائها، "ولكن يتعين على العالم أن يطالب حماس بالمزيد. لماذا 50 رهينة فقط؟" دون إشارة إلى بايدن.

"دبلوماسية صبورة"

ووصف مسؤولو البيت الأبيض الصفقة بأنها "دبلوماسية صبورة"، وأعربوا عن أملهم في أن تضخ درجة من الهدوء في المنطقة بعد قتال عنيف، لكنهم كانوا مترددين في اعتبار هذا الاختراق الدبلوماسي بعيد المدى، مشيرين إلى انعدام الثقة بين حماس وإسرائيل، حتى مع أملهم في أن يكون إطلاق سراح بعض الرهائن حجر الأساس للمفاوضات المستقبلية.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، في مقابلة مع شبكة  "سي إن إم": نحن ممتنون لأننا تمكنا من تأمين هذه الصفقة، الأمر كله الآن يتعلق بالتنفيذ".

وأجرى بايدن، خلال قضائه عطلة ما يعرف بعيد الشكر في جزيرة نانتوكيت بولاية ماساتشوستس، مكالمات منفصلة مع زعماء إسرائيل وقطر ومصر، الذين ساعدوا في التوسط في الصفقة.

وتضمنت المحادثة مع نتنياهو تأكيدات بأن العمل سيستمر لتأمين إطلاق سراح المزيد من الرهائن، وشدد بايدن على "أهمية الحفاظ على الهدوء على طول الحدود مع لبنان وفي الضفة الغربية"، بحسب البيت الأبيض.

وقال البيت الأبيض إن بايدن أكد للزعيمين العربيين أنه يدعم إقامة دولة فلسطينية.

وأشاد الناشطون المؤيدون للفلسطينيين بالإفراج عن الرهائن ووقف القتال، لكنهم قالوا إنهم يعتقدون أن ذلك يظهر فائدة ما يطالبون به أساسا، أي وقفا كاملا لإطلاق النار.

وواجه بايدن، الجمعة، صيحات "فلسطين حرة"، خلال مروره على المتظاهرين أثناء التسوق وحضور حفل إضاءة شجرة الميلاد في نانتوكيت.

وقالت إيفا بورغواردت، المتحدثة الوطنية باسم جماعة "IfNotNow"، وهي جماعة يهودية: "ما يوضحه هذا هو ما دعا إليه المطالبون بوقف إطلاق النار منذ أكثر من شهر، وهو أن الدبلوماسية والمفاوضات هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة"، وفق ما نقلته "وول ستريت جورنال".

وأشار النائب ريتشي توريس (ديمقراطي من نيويورك)، الذي دعم سياسة بايدن المؤيدة لإسرائيل، إلى أن صفقة الرهائن تمثل رفضا لوقف إطلاق النار غير المشروط الذي أيده بعض زملائه.

وقال توريس: "لو أن إسرائيل دخلت في وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار، فلن يكون لديها أي نفوذ لتأمين إطلاق سراح الرهائن".

وأضاف أن الصفقة التي ساعد بايدن في التوسط فيها هي "فوز، فوز، فوز"، لأنها تطلق سراح بعض الرهائن الأكثر ضعفا، وتسمح بتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، وتبقي إسرائيل مركزة على الهدف الأكبر المتمثل في القضاء على حماس.

ورحب بايدن، في كلمة الجمعة، بالإفراج عن المجموعة الأولى من الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها على إسرائيل، وقال إن ذلك "ليس سوى البداية"، متوقعا أن يتم إطلاق المزيد من المختطفين لدى حماس في الأيام المقبلة.

المصدر | وول ستريت جورنال

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل بايدن غزة هدنة حماس وول ستریت جورنال البیت الأبیض لإطلاق النار إطلاق النار من الرهائن إطلاق سراح المزید من

إقرأ أيضاً:

يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات

قالت صحيفة يسرائيل هيوم إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وافقت على إطلاق سراح 5 محتجزين، لكن إسرائيل تصر على الإفراج عن 11 محتجزا أحياءً وإعادة الجثث لوقف إطلاق نار مؤقت، رغم إصرار حماس على الالتزام بإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة.

ورأت الصحيفة -في تقرير بقلم شيريت أفيتان كوهين- أن استئناف القتال ووقف المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة قد دفعا حماس إلى إبداء بعض المرونة، لكن هناك فجوة واسعة لا تزال بين موقفها ومقترح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بين إسرائيل وحماس لا يقتصر على أعداد من سوف يطلق سراحهم، بل يشمل أيضا شروط إطلاقهم، مشيرة إلى أن المفاوضات لا تزال جارية، على عكس الانطباع بأن حماس وافقت على إطلاق سراح المحتجزين وأن الكرة الآن في ملعب إسرائيل.

ودعا اقتراح ويتكوف الأصلي إلى وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما مقابل إطلاق سراح 10 أو 11 محتجزا حيا، يليه استمرار المحادثات لإنهاء الحرب بشروط تشمل نزع سلاح قطاع غزة وإبعاد حماس عن السلطة، ولكن قيادة حماس تطالب بوقف إطلاق نار يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع، حسب الصحيفة.

إعلان

وذكرت يسرائيل هيوم أن هذا الأمر مطلوب بوصفه التزاما في المرحلة الأولى، مشيرة إلى أن أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خيار السعي إما إلى اتفاق جزئي وإما اتفاق كامل لا تعود حماس بموجبه للسلطة، وهما خياران غير مطروحين حاليا.

وتهدف المحادثات التي توسطت فيها مصر وقطر، إلى دفع مسار المفاوضات إلى الأمام، في الوقت الذي تكثف فيه إسرائيل ضرباتها في غزة وتسعى لتوسيع سيطرتها على الأرض، في حين لا تزال الولايات المتحدة تدعم موقف إسرائيل وتصر على الالتزام بإطار عمل ويتكوف.

مقالات مشابهة

  • يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات
  • الموافقة على المقترح المصري لـ«إطلاق سراح الرهائن» وإسرائيل تعيّن رئيساً جديداً لـ«الشاباك»
  • حماس توافق على مقترح مصري جديد لإطلاق سراح رهائن
  • إسرائيل تقترح هدنة لـ50 يوما مقابل إطلاق نصف الأسرى
  • ماكرون يدعو حماس لإلقاء السلاح واستعادة الهدوء في غزة
  • آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة باتفاق رهائن جديد مع حماس
  • مفاوضات مكثفة في الدوحة بشأن “هدنة العيد” بغزة
  • مقابل هدنة في عيد الفطر..حماس مستعدة لصفقة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين
  • حماس: المحادثات مع الوسطاء من أجل هدنة في غزة تتكثّف الأمم المتحدة: ما تقوم به إسرائيل استخفاف قاس بالحياة البشرية في قطاع غزة
  • حماس تبحث مع الوسطاء هدنة بغزة وويتكوف يعمل على اتفاق جديد