العملية البحرية للقوات اليمنية.. انتصارٌ تاريخيٌّ للقضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
مثلت العملية العسكرية البحرية التي أَدَّت إلى الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية “جالكسي ليدر” في البحر الأحمر نقطةَ تحوُّلٍ فارقةٍ في قواعدِ المواجهة وموازين الردع التي تفرضها قواتنا المسلحة -بفضل الله تعالى-، ضد كيان العدوّ الإسرائيلي، وقد أتت بجوانبَ وأبعادٍ مهمة على الصعيد العسكري والاستراتيجي ومسألة تعزيز صمود حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وحملت العمليةُ في واقعها العسكري مستوى الاقتدار والأداء العملياتي التي أصبحت عليه قواتنا البحرية وتطور قدراتها، خُصُوصاً في عمليات الرصد والمراقبة الملاحية لكل السفن في البحر الأحمر، وتنفيذ العمليات المعقدة، لاحتجاز السفن المستهدَفة والسيطرة عليها في مختلف المستويات البحرية الإقليمية والدولية واقتيادها إلى السواحل اليمنية.
وفي هذا الشأن، يقول الخبير والباحث العسكري زين العابدين عثمان: “إن العملية النوعية كشفت قواعد المواجهة ضد كيان العدوّ الإسرائيلي التي أتت بنمط مختلفٍ في الترتيبات وجوانب القدرة على كشف سفنه التي حاول إخفاءها وحمايتَها خلال الآونة الأخيرة، وتحقيق معادلة الردع ضده في مياه البحر الأحمر، حَيثُ أصبح كيان العدوّ أمام قضيةٍ واقعية تهدّدُ مستقبلَ اقتصاده بشكل عام، وتضعه أمام خيارَينِ: إمَّا أن يوقف عدوانه الوحشي على أهالي قطاع غزة، أَو أن يستمر في ارتكاب الجرائم ويتلقى عمليات أُخرى مشابهة تستهدف كُـلّ سفنه التجارية وغير التجارية”.
ويؤكّـد عثمان في تصريحه لصحيفة “المسيرة” أن “العملية العسكرية التي قامت بها قواتُنا البحرية، في البحر الأحمر، ليست إلَّا مقدَّمةٌ لعمليات قادمة، سيتم تنفيذُها بعون الله تعالى، باتّجاه كُـلّ السفن والقطع البحرية التابعة لهذا الكيان الصهيوني وعلى نحو متصاعد، في حال لم يتوقفْ عن جرائمِه في غزةَ”.
ويرى عثمان أن “التراجُعَ في المواقف الأمريكية والإسرائيلية والقبول بهدنة أَو تبادل أسرى أَو وقف إطلاق النار في غزة يعود الفضل فيه لقواتنا المسلحة وبشكل أكبر لقائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- صاحب القول والفعل، وهذا لا يعني التقليل من شأن المقاومة في غزة، أَو جنوب لبنان، لكن بالمعنى الاستراتيجي اليمن وبالضربات المُستمرّة والسيطرة على السفينة الإسرائيلية غيَّرَ المعادلاتِ الغربية والعبرية، وجعلَ من المعركة أن تخرج عن سيطرة وقدرة العدوّ الأمريكي والإسرائيلي في تحملها؛ لذا يريدُ الخروجَ منها بأقل الخسائر الممكنة”.
ويشير إلى أن “السفن الإسرائيلية بدأت تغيير مسارها، حَيثُ تقوم بتفريغ حمولتها في مواني خليجية، ثم تعمل على نقل تلك الحمولات من موانئ الخليج إلى الأراضي المحتلّة “ميناء إيلات” على سفن أمريكية وخليجية بدل السفن المملوكة للعدو الإسرائيلي في محاولة للتمويه والمغالطة”.
ويؤكّـد عثمان أن “استمرار العمليات اليمنية ضد السفن الإسرائيلية لها تأثيرات وسوف تضرب اقتصاد كيان العدوّ، وأن أية حماقة للعدو الإسرائيلي وشن عدوان على اليمن سيكون لذلك عواقب كبرى تؤثر على مجرى التجارة العالمية بشكل عام وتضع الأمريكي والغربي أمام فاتورة باهظة جِـدًّا؛ لأَنَّ سفنهم وتجارتهم التي تمر من مضيق باب المندب والبحر الأحمر سيتم قطعها، وسيلتهب الوضع إلى مستوى لن تتخيله أمريكا أَو دول الغرب، وسيؤدي إلى زيادة تكلفة الشحن واللوجستيات، وارتفاع قيمة التأمين، منوِّهًا إلى أنه ليس هناك أي حَـلّ سوى إيقاف العدوان الإسرائيلي والأمريكي على قطاع غزةَ؛ لتجنب التداعيات الكارثية التي تشمل الاقتصاد العالمي؛ لأَنَّ إغلاق باب المندب يعني ضرب التجارة العالمية”.
خسائرُ فادحة:
من جانبه يقول الباحث والخبير الاقتصادي رشيد الحداد: “إن هناك تداعيات كثيرة لاستمرار عمليات القوات البحرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية ومنع عبورها من مضيق باب المندب، حَيثُ تتمثل في تراجع المبادلات التجارية الإسرائيلية، استيراد وتصدير، التي تمر عبر مضيق باب المندب، والتي تتجاوز سنوياً ١٦٠ مليار دولار”.
ويقول الحداد في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة”: “لذلك فَــإنَّ الفاتورة الاقتصادية التي سوف يتكبدها العدوّ الصهيوني جراء إمعانه في قتل المدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني العزل ستكون وخيمة، وكذلك كلفة الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح ستكلفه ملايين الدولارات في اليوم كنفقة إضافية؛ وهو ما سوف ينعكس على أداء اقتصاد العدوّ بشكل كبير”.
وبحسب الحداد فَــإنَّ “قرارَ صنعاء لم يعد محدّداً بحظر السفن الإسرائيلية، بل بكل السفن التي تحمل صادراتٍ صينية وهندية وتركية أَو من أية دولة من وإلى إسرائيل”، موضحًا أن “عمليةَ احتجاز السفينة “جالكسي ليدر” الإسرائيلية، سوف تدفع الشركات الملاحية المتعاملة مع العدوّ بإلغاء عقودها في ظل المخاطر، وبالتالي سوف ينتج عن ذلك أزمة في النقل البحري للكيان، الذي يعتمد اقتصاده على التجارة الدولية”.
ويشير إلى أن “تحويل مسار سفن العدوّ الصهيوني نحو رأس الرجاء الصالح؛ بهَدفِ الوصول إلى الأسواق الأُورُوبية التي تعد أكبر شريك اقتصادي للاحتلال وتصل حصة صادرات الكيان لدول أُورُوبا 38 %، تليها أسواق الأمريكان بحصة 35 %، ثم الأسواق الآسيوية بنسبة 24 %؛ ولذلك فَــإنَّ تكاليف النقل البحري سيرتفع أضعافاً، وهذا يضاف إلى أن تكلفة الشحن التجاري التي سوف ترتفع إلى مستويات قياسية، وكلّ هذه التداعيات سوف تشكل عامل ضغط إضافي إلى جانب ضغوط تكاليف عدوانه ضد قطاع غزة، بعد أن يتكبد خسائر فادحة”.
وعن التوقعات القادمةِ، يقول الباحث الاقتصادي رشيد الحداد: “ما يجري في البحر الأحمر خلال الأيّام القادمة؛ أي إذَا صعّد العدوّ بعد الهُدنة المعلَنة، ستكون له تأثيرات وتطورات متصاعدة في المنطقة، خُصُوصاً في ظل تخندق ومساندة واسعة من قبل أمريكا وشركاتها العملاقة ودول أُورُوبية”، موضحًا أن “العملية البحرية التي نفّذها أبطال قواتنا المسلحة جاءت في ظل تواطؤ عربي مخجل بالرغم من امتلاك بعضِ دول المنطقة، خُصُوصاً الخليجية، أوراقَ ضغط فاعلة على المستوى الاقتصادي والتجاري، منها سلاح النفط، وبإمْكَانها أن تحقّق أثراً بالغاً في مواجهة هذا الطغيان الإسرائيلي ومجازره اليومية على قطاع غزة”.
ووفقاً للحداد فَــإنَّ “عمليةَ استهداف السفينة الإسرائيلية في البحر الأحمر، كشفت حقيقةَ الجِدار الدفاعي السميك الذي وضعته أمريكا لحماية العدوّ الإسرائيلي في عدوانهِ على غزة، حَيثُ قامت بنشر ناقلاتها العسكرية العملاقة في المياه الدولية في البحر الأحمر، الذي توجدُ فيه أَيْـضاً سفنٌ عسكرية لدول كبرى في هذا الحلف الذي يساند ويدعم العدوان العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة”، مُشيراً إلى أن “العمليةَ اليمنية مماثلةٌ لعملية “طُــوفان الأقصى” التي كشفت حقيقة ادِّعاءات الجيش الذي لا يُقهر”.
المسيرة
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
العمليات اليمنية في البحر الأحمر.. جحيم لحاملات الطائرات الأمريكية
يمانيون../
تكتب القوات المسلحة اليمنية مع نهاية عام 2024م الفصول الأخيرة لنهاية حاملات الطائرات الأمريكية.
ما حدث خلال عام واحد، شيء لا يصدق، كما يقول الأمريكيون، فاليمنيون الذين خرجوا من ركام حرب مدمرة لعشر سنوات، يظهرون قوة عسكرية تذهل العالم، وتجعل الكثير من الخبراء والمحللين العسكريين في حيرة من أمرهم، وكأن المارد قد خرج من القمم.
في البداية، كانت حاملة الطائرات الأمريكية (يو اس اس ايزنهاور) تجوب البحار، والمحيطات، وتستعرض من خلالها واشنطن قوتها، وهيمنتها على الدول، بما فيها الدول العربية المغلوبة على أمرها، وترسل أكثر من رسالة للعالم، مفادها بأن عليه أن يسكت ويصمت ولا يحرك ساكناً تجاه ما يحدث من جرائم إبادة صهيونية في قطاع غزة، ما لم فإنها لن تتردد في تأديب كل المخالفين.
ومع استعراض هذه القوة، فضل الكثير من الحكام العرب والمسلمين، التزام الصمت، وبلع الكثير منهم ألسنتهم، لكن بلداً عربياً خرج عن المألوف، وأعلن بالفم المليان وقوفه مع غزة، والمساندة للمظلومية الفلسطينية، بالوسائل والطرق المتاحة، بما فيها الفعل العسكري، من هنا ظهر اليمن كلاعب رئيس، وقوة إقليمية في المنطقة.
ابتدأ اليمن عملياته العسكرية بالتدرج، وفي مرحلة متصاعدة، وصولاً إلى المرحلتين الرابعة والخامسة، والتي ظهرت فيها عمليات نوعية، أذهلت العالم، بما فيها استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ايزنهاور” لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من المكابرة وحجم الإنكار الكبير، وعدم الاعتراف من قبل الأمريكيين بما حدث لهم، إلا أن الكثير من القصص، توالت في وسائل الإعلام الأمريكية، ومن يوم إلى آخر، كانت الفضائح تطفو على السطح، فالرواية اليمنية هي الصادقة، وما يعلنه الأمريكيون هو الكذب بحد ذاته.
وبالتوازي مع كل ما حدث، توارت “ايزنهاور” عن الأنظار، عائدة إلى البلد الأم، ومعها الكثير من الحكايات والقصص التي سيدونها التاريخ في أنصع صفحاته.. عادت إلى حظيرة الصيانة، ويرافقها الإخفاق والفشل الأمريكي، والهزيمة الساحقة أمام القوة اليمنية الناشئة والمتصاعدة.
بيد أن الأمريكيين لم يستفيدوا من درس “ايزنهاور”، معتقدين أن ما حدث قد يكون مجرد صدفة، وشجاعة من جيش لا يخشى شيئاً، لذلك عاودوا الكرة مرة أخرى، مرسلين قطعاً بحرية، وبوارج عسكرية، ومدمرات، وحاملة الطائرات “روزفلت”، لكن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله- بطل معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، خرج في خطاب متلفز، معلناً أن “روزفلت” إذا غامرت ودخلت إلى منطقة العمليات في البحر الأحمر، فإنها ستكون قيد الاستهداف للجيش اليمني.
وبالفعل، لم يجرؤا الأمريكي على إدخال “روزفلت” إلى البحر الأحمر، وظلت تمخر في محيطات وبحار بعيدة عن اليمن، حتى ضاق الأمريكيون ذرعاً، وأعلنوا انسحابها من المشهد، لتحتل مكانها “ابراهام لينكولن”، وهذه الحاملة هي الأخرى، لم تجرؤا على دخول البحر الأحمر، وظلت في البحر العربي، ترقب المشهد اليمني بعيون وجلة، وتوجس من بعيد.
اعتقد الأمريكيون أن بإمكانهم المساس بهيبة اليمن، متخذين من حاملة الطائرات الأمريكية “لينكولن” منطلقاً لتنفيذ هجمات نوعية بالطائرات على مواقع متعددة في المحافظات اليمنية، لكن الرد اليمني سريعاً، حيث تم استهداف هذه الحاملة، أثناء محاولتها تنفيذ هجوم واسع على اليمن، فكانت عملية استباقية أفشلت المخطط الأمريكي، وأعاقت خططه.
انتصر اليمنيون في حرب المعلومات، وفي الحرب الاستخباراتية، وفي الجرأة والشجاعة على استهداف “لينكولن”، وجر الأمريكي وراءه الخيبة والهزيمة، باحثاً عن وسيلة أخرى لتحقيق هدفه في اليمن، وإلحاق الهزيمة بالجيش اليمني.
وفي ظل ذروة الأحداث في المنطقة، وتصاعد التوحش الإجرامي الصهيوني في قطاع غزة، والصمت العربي والإسلامي المطبق، جاءت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) إلى البحر الأحمر، في تحد جديد لليمن، ولقواته المسلحة، معتقدين أن اليمنيين سيخضعون هذه المرة، وسيعلنون الاستسلام، لا سيما وأن الأمريكي يسجل نقاطاً في المنطقة العربية، ومنها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
اليوم، جاءت الضربات الموجعة، والصفعة القوية للعدو الأمريكي، بإعلان القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ هجوم واسع، استهدف “ترومان” في البحر الأحمر، بثمانية صواريخ باليستية مجنحة، و17 طائرة مسيرة، في حدث تاريخي استثنائي، رافقه اسقاط مقاتلة أمريكية من نوع f18 .
ستهرب (يو اس اس هاري ترومان)، كما هربت حاملات الطائرات الأمريكية الثلاث “ايزنهاور” و”روزفلت” و”ابراهام لينكولن”، وسيجل التاريخ أن اليمن هو حارس البحر الأحمر، وملكه، ومنه سيعود لليمن مجده، وتاريخه، وسؤدده، فالتاريخ يعلمنا أن البحر الأحمر، كان قديماً يسمى “ببحر اليمن”، وباب المندب كان يسمى “بوابة الدموع”، وأن الغزاة على امتداد التاريخ، كانوا يصطدمون ببأس وصلابة اليمنيين، وجبروتهم، لا سيما عندما تكون كلمتهم واحدة، وموقفهم واحد، وقيادتهم حكيمة، فالتبع اليماني يعود اليوم من جديد، واليمن يصنع التاريخ من جديد، ولا عزاء للخونة، والعملاء، والمنبطحين، والصامتين عن جرائم المتكبرين في فلسطين.
المسيرة – أحمد داوود