الجزيرة:
2024-12-26@18:51:20 GMT

رمزية البطيخ في الثقافة والنضال الفلسطيني

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

رمزية البطيخ في الثقافة والنضال الفلسطيني

في فصل الصيف الحار، يُعتبر البطيخ رمزًا للانتعاش والراحة، حيث تتناغم مياهه اللذيذة مع درجات الحرارة المرتفعة، ما يجعله رفيقًا مثاليًا لأوقات الاستراحة والاستجمام. ولكن هل فكرت يومًا في البطيخ كرمز للمقاومة الفلسطينيّة؟

يمكننا أن نرى في البطيخ قوة وصمودًا يعكسان إرادة البقاء، فهذه الفاكهة اللذيذة ترتبط بشكل وثيق بالفلسطينيين، إذ تتطابق ألوان العلَم الفلسطيني: (الأسود، والأبيض، والأخضر، والأحمر)، مع ألوان ثمار البطيخ عند تقطيعه شرائح.

رمزية البطيخ في فلسطين تعود إلى عدّة عوامل. على المستوى التاريخي، كانت زراعة البطيخ منتشرة بشكل كبير في فلسطين، حتى باتت جزءًا لا يتجزأ من ثقافة وتقاليد شعبها.

وفي أيام الموسم، لا يغيب البطيخ عن موائد الفلسطينيين، الذين يفضلون تناوله مع الجبن الأبيض، وخبز "الطابون" التقليدي؛ "نوع من الخبز المسطح"، الذي يتم تحضيره في الأفران الطينية، المعروفة باسم "الطابون"، والتي كان يستخدمها الفلسطينيون قديمًا، وسُمي الخبز نسبة إليها، أو على الحجارة، حيث إنه عند إشعال النيران تكسبها حرارة عالية فينضج الخبز بعد أن تَترك الحجارة عليه أشكالًا تشبه الفقاعات الرائعة لتساعد في جعله طريًا من الداخل.

استخدام البطيخ كعلَم

استخدام البطيخ كرمز فلسطيني ليس جديدًا، فقد ظهر هذا الرمز لأوّل مرّة في عام 1967، عندما سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة وضمت القدس الشرقية.

وفي أعقاب ذلك، حظرت الحكومة الإسرائيلية حمل العلَم الفلسطينيّ علنًا، واعتبرته جريمة جنائية في غزة والضفة الغربية.

وكشكل من أشكال الاحتجاج، وحتى يتم تجاوز هذا الحظر، بدأ الفلسطينيون في استخدام البطيخ- الذي يمثل الألوان الفلسطينية- كرمز بديل.

شرع الفلسطينيون في حمل شرائح البطيخ، وعرضها في المظاهرات والفعاليات الاحتجاجية كرمز للمقاومة والصمود، ومنذ ذلك الحين، أصبح البطيخ رمزًا شائعًا للمقاومة الفلسطينية.

البطيخ كرمز فني

في عام 1993 رفعت إسرائيل الحظر عن العلَم الفلسطيني بعد اتفاقيّة أوسلو، التي نصّت على تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية، ومنح السلطة للفلسطينيين في جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي مناطق كانت قد احتلتها إسرائيل في حرب حزيران/ يونيو 1967، ومع رفع الحظر ظلّ البطيخ مترسخًا في الأذهان.

وفي عام 2007، بعد الانتفاضة الثانية أنتج الفنانون الفلسطينيون أعمالًا فنية تصوّر البطيخ كرمز للمقاومة، حيث قام الرسام والناقد الفني الفلسطيني خالد حوراني بتخليد إرث مقاومة رفع علم فلسطين عبر تصميم لوحة لكتاب يحمل عنوان: "الأطلس الذاتي لفلسطين"، وسرعان ما اشتهرت اللوحة، فتم عرضها في العديد من المعارض الفنية حول العالم.

وقد شجع هذا العديد من الفنانين الآخرين على ابتكار أعمال فنية تستخدم البطيخ رمزًا للتضامن.

عاد الرمز مجددًا في عام 2021، بعد أن أمرت محكمة إسرائيلية بإخلاء عائلات فلسطينية منازلَهم في حيّ الشيخ جراح، في القدس الشرقية.

أصبحت رؤية البطيخ- في العديد من الرسوم الكاريكاتيرية والشعارات والملصقات الفلسطينية، والرموز التعبيرية والعديد من الحملات النضالية والتوعوية- انعكاسًا لاستخدامه رمزًا حقيقيًا للفلسطينيين والتمسك بالهُوية والأرض وتجسيد قوة الإرادة، والصمود في وجه التحديات والاحتلال.

البطيخ في السوشيال ميديا

في ظلّ سياسات فيسبوك وتقييد وصول المنشورات التي تدعم فلسطين، قام روّاد الموقع باستخدام طرق مبتكرة، مثل: كتابة أحد الأحرف باللغة الإنجليزية عند كتابة المنشورات، ووضع صور البطيخ كوصف للحالة، أو كصورة للحساب الشخصي، وغيرها من الطرق للتلاعب بالخوارزميات، وتجنّب الرقابة المحتملة على المنشورات الداعمة لفلسطين أو حجب الحسابات.

إن رؤية البطيخ توحي بالأمل والثبات في ظلّ الظروف الصعبة، وتعكس رغبة الفلسطينيين في الحرية والعدالة وإقامة دولتهم المستقلة، ومهما حاولت إسرائيل قمعهم فسوف يجدون طرقًا أخرى للتعبير عن أنفسهم.

قبل أن أنهي مقالي، مكثت قليلًا على محركات البحث "غوغل" و"بينغ" و "ياهو" في أيقونات تستخدم للاحتجاج والمقاومة، مثل: قناع جاي فوكس "فانديتا" المثير للجدل، والذي يرتبط برواية "في فور فانديتا" التي كتبها المؤلف البريطاني آلان مور، والتي تدور أحداثها في إنجلترا خلال فترة ثورة نوفمبر.

يرمز قناع "فانديتا" إلى الظلم والمظالم التي يعاني منها الأفراد أو المجتمعات، وكذلك إلى رغبة شخص محدد أو أشخاص في تحقيق العدالة بأي طريقة ممكنة، كذلك شعار: "قبضة اليد" الذي اتخذه عدد من حركات المعارضة في الاحتجاجات الشعبية رمزًا لها، فرفعه المحتجون في "ثورة الأرز" في لبنان، وفي مظاهرات ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر، وغيرها.

ولكن ما أدهشني في شعار البطيخ، هو تاريخه الثري، وأنه يمكن أن يكون من بين الشعارات القليلة التي تَستخدم شيئًا طبيعيًا ينتمي إلى الأرض أكثر منه رمزًا ابتكره مبدعون أو جماعة من الناس.

ولفت انتباهي أيضًا أنه على عكس شعارات أخرى في العالم استهدفت غرضًا فئويًا عابرًا، كـ "السترات الصفراء"؛ احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود في فرنسا، والتي سُميت على اسم السترات الصفراء التي يتعين على سائقي السيارات حملها في سياراتهم عند القيادة حسب القانون الفرنسي.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.

 

وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.

 

وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.

 

وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".

 

وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.

 

وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.

 

دولة، وليس قطاعاً غير حكومي

 

وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.

 

وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.

 

"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.

 

وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".

 

ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.

 

وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.

 

إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور

 

أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.

 

وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.

 

وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.

 

بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.

 

وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.

 

يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".

 

ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.

 

وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.

 

وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.

 


مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • سياحة أبوظبي تطلق مبادرة «مرفأ أبوظبي الذهبي» التي تتيح لمالكي اليخوت الفاخرة الحصول على الإقامة الذهبية
  • دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي تطلق مبادرة «مرفأ أبوظبي الذهبي» التي تتيح لمالكي اليخوت الفاخرة الحصول على الإقامة الذهبية
  • فن العمارة وعمارة الفن.. أمسية ثقافية بمركز الجزيرة للفنون
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • "فن العمارة وعمارة الفن" أمسية ثقافية بمركز الجزيرة للفنون
  • الحوثيون: قصفنا هدفا عسكريا وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل تعتقل فلسطينيا مصابا في نابلس وتمنعنا من علاجه
  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها