عربي21:
2024-12-17@08:24:12 GMT

غزة وناميبيا: متوازيات من تاريخ الإبادة

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

لم يسبق لأي من حروب إسرائيل العدوانية أن أثارت في المجلات الفكرية الغربية تفكيرا أعمق وجدلا أجرأ مما يثيره العدوان الهمجي المستمر على شعب غزة. بل إن هذه الجرأة الجديدة في التفكير والتعبير قد شملت بعض أهم الصحف الغربية الجادة التي عادة ما تطيل التفكير والتقدير قبل أن تنشر أي جملة قد يشتمّ منها عدم التضامن الكافي مع دولة إسرائيل أو عدم التوقير اللازم للوبيات الصهيونية ذات السطوة الرادعة.



من ذلك أن الـ«نيويورك تايمز» فتحت صفحات الرأي، طيلة الأسابيع الماضية، لعدد لافت من الكتاب الفلسطينيين والعرب الذين خاطب معظمهم الأمريكان بما يفهمون، فعرضوا وقائع المظلمة الكبرى وشرحوا حيثيات الحق العربي بفطنة ولباقة وحس إنساني رفيع. كما أن لوموند تجرأت على القول في افتتاحية بعنوان «ينبغي لتدمير غزة أن يتوقف»: إن الحقيقة التي يراها الجميع هو أن فلسطينيّي غزة لا يحسب لهم أي حساب. فلا قيمة لحياتهم في أعين إسرائيل ولا في أعين حلفائها الغربيين الذين يرون أن تعريض مصير مليوني فلسطيني لغوائل التقتيل و«التشريد التراجيدي» بما يعيد للأذهان نكبة 1948، إنما هو ثمن مقبول طالما أن الغاية هي القضاء على حماس.

ومن أبرز ما لفت انتباهي، ضمن كثير من المقالات الشجاعة في المجلات الفكرية، مقال لعالم الأنثروبولوجيا ديديه فاسن يقول في توطئته إن القضاء على حماس، الذي يعدّه معظم الخبراء هدفا غير واقعي، قد تجسم فعليا في مذبحة للمدنيين الغزاويين يخيم عليها شبح الإبادة. ثم يقول رأسا في مستهل المقال: «في بداية عام 1904 انتفض أهالي الهيريرو في مستعمرة جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا) الألمانية، فقتلوا أكثر من مائة من المستعمرين في هجوم مباغت». وبعد ذلك يقيم فاسن مقارنة بين هذا الهجوم الذي قلما يتذكره أحد وبين هجوم حماس في 7 أكتوبر.

الحقيقة التي يراها الجميع هو أن فلسطينيّي غزة لا يحسب لهم أي حساب. فلا قيمة لحياتهم في أعين إسرائيل ولا في أعين حلفائها الغربيين
وكان الألمان الذين استعمروا ناميبيا عام 1884 قد سلبوا الهيريرو أراضيهم واتخذوهم عبيدا. أما هجوم 1904 فقد ردوا عليه بأن أبادوا ثلاثة أرباع شعب الهيريرو! وقد رأى المؤرخون في جريمة الإبادة هذه تمرينا تحضيريا (بروفة) لجريمة الإبادة الكبرى التي مثلها الهولوكوست. أما فاسن فإنه يرى «تشابهات مقلقة» بين ما حدث في ناميبيا وبين ما يحدث حاليا في غزة: إذ مثلما أن المستعمرين الألمان في جنوب غرب إفريقيا اقترفوا أول جريمة إبادة في القرن العشرين، فإن الإسرائيليين آخذون في ارتكاب أول جريمة إبادة في القرن الحادي والعشرين. وقد ردت الباحثة الاجتماعية الفرنسية-الإسرائيلية إيفا اللوز على فاسن، معتبرة أن مقاله مثال على المواقف اللاّسامية التي تتخفى خلف قناع مناهضة الصهيونية، منكرة على اليهود ما تمنحه لكل شعب آخر. وتبدأ اللوز بانتقاد عبارة «التشابهات المقلقة» فتذكّر بأن العلوم الاجتماعية تأسست تحديدا حول المشكلة الإبستمولوجية المتمثلة في التشابه. 

حيث إن غابريال طارد استنتج أن العلم لا يستطيع تجاوز مشكلة التعقيد والعشوائية إلا بتحديد التشابهات في صلب الاختلافات. ولهذا انتقد أميل دوركهايم المؤرخين الذين لا يتمكنون من تجاوز تعددية الأحداث التي يبدو كل منها في الظاهر فريدا. ذلك أن العلوم الاجتماعية لا تكون علوما أصيلة بحق إلا إذا تمكنت من استخراج عناصر التواتر، أي التشابهات بين أحداث يكون في ظاهرها اختلاف.

وتنتقد اللوز قلة عدد الحالات والظاهرات التي ينطلق منها فاسن، وتتهمه بتعمّد بناء موازاة بين حالتين فريدتين. وحكمها أنه لا يصدر عن المقارنة، بما هي منهج معرفي حديث، بل عن المقارنة بما هي مجرد وجه قديم من وجوه البلاغة.

وقد رد فاسن على اللوز بأن ما توخاه هو محاولة فهم ما يقع في فلسطين باستخلاص العبر الكفيلة بوقف المذبحة المستمرة في غزة، في ظل رفض جميع الحكومات الغربية المطالبة بوقف إطلاق النار. وشرح أنه عقد لهذا الغرض علاقة تواز مع أحداث وقعت في ناميبيا أوائل القرن العشرين، وأنه لم يقصد انتهاج المقارنيّة، أي التقريب الممنهج بين حالتين، على غرار ما فعل آخرون عندما تساءلوا إن كان يجدر المماثلة بين الوضع في الأراضي الفلسطينية ووضع الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. وأضاف أنه إنما استخدم ما سماه المؤرخ بول فان بـ«المقارنة التأويلية» التي تستخدم حالة تاريخية لإضاءة أخرى. أي أن الأمر لا يتعلق بالمساواة والمماهاة بين الحالتين، بل بالاستنارة بالأولى في تأويل الثانية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة الفلسطينيين الإبادة إسرائيل فلسطين غزة الإبادة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أعین

إقرأ أيضاً:

الشارقة «ملك» الرقم «القياسي 27» في تاريخ الاحتراف

علي معالي (أبوظبي)
مع الوصول إلى الجولة العاشرة من دوري أدنوك للمحترفين، نجح فريق الشارقة في أن يسجل رقماً قياسياً هو الأول من نوعه في عصر الاحتراف، والذي انطلق موسم 2008-2009، بالوصول إلى النقطة (27) من (10) مباريات حتى الآن، ليسجل «الملك» تحت قيادة المدرب الروماني كوزمين أفضل انطلاقة، ليس للشارقة فقط، بل لكل الأندية المشاركة في البطولة.
وهذه الصدارة بـ 27 نقطة، ليست الأولى في تاريخ «الملك»، بل الثانية، حيث استطاع قبل عصر الاحتراف، وتحديداً في موسم 1989-1990، أن يجمع 28 نقطة في 10 مباريات، ليأتي الروماني بعد كل هذه السنوات ليُعيد الفريق إلى دائرة الأضواء، والأرقام القياسية من جديد.
ويعد فريق الجزيرة هو الأقرب للشارقة طوال سنوات الاحتراف بعد الجولة العاشرة، حيث نجح «فخر أبوظبي» من قبل في أن يتصدر المشهد بـ 26 نقطة أكثر من مرة، وكذلك فريق العين (25 نقطة)، وشباب الأهلي (24 نقطة) والوحدة (22 نقطة)، والوصل (24 نقطة).
استطاع فريق الجزيرة أن يتصدر المشهد أكثر من مرة في أول 10 جولات خمس مرات من قبل، حيث نجح «فخر أبوظبي» في أول 3 مواسم من عصر الاحتراف في اعتلاء القمة، بداية من موسم 2008-2009، ثم 2009-2010، و2010-2011 برصيد 25 نقطة في الموسم الأول و26 نقطة في الموسم الثاني، وبنفس الرصيد «26» في الموسم الثالث، ثم عاد الجزيرة للصدارة من جديد موسم 2016-2017 بـ 26 نقطة، والمرة الخامسة كانت في موسم 2020-2021 برصيد 23 نقطة.
وتصدر كذلك فريق العين الصدارة من قبل 4 مرات، الأولى موسم 2011-2012 برصيد 24 نقطة، والثانية في الموسم التالي مباشرة 2012-2013 برصيد 25 نقطة، والمرة الثالثة جاءت في موسم 2015-2016 بـ 25 نقطة، والرابعة موسم 2021-2022 بـ 24 نقطة.
وتصدر كل من شباب الأهلي والوصل القمة مرتان، الأولى لـ «الفرسان» 2013-2014 بـ 24 نقطة، والثانية بالتقاسم مع الوحدة موسم 2022-2023 برصيد 22 نقطة، أما الوصل فكانت المرة الأولى موسم 2017-2018 برصيد 22 نقطة، والثانية 2023-2024 بـ 24 نقطة، وتواجد الوحدة كذلك في المشهد مرتان، الأولى موسم 2014-2015 بـ 22 نقطة، والثانية بالتقاسم مع شباب الأهلي موسم 2022-2023 بـ 22 نقطة أيضاً.
وخلال هذه السنوات، لم يغب الشارقة أيضاً عن مشهد الصدارة في أول 10 جولات، حيث حضر في مناسبتين بخلاف هذا الموسم، الأولى تحت قيادة المدرب الوطني عبدالعزيز العنبري في المرتين في موسمين متتاليين، 2018-2019، و2019-2020 برصيد 24 نقطة في كل موسم.

أخبار ذات صلة سلطان بن أحمد القاسمي يتابع المشروعات البحثية في جامعة الشارقة شرطة الشارقة ودائرة التنمية الاقتصادية تعززان التعاون المشترك

مقالات مشابهة

  • ماذا سيحدث للسوريين الذين لا يريدون العودة إلى بلادهم من تركيا؟
  • فاطمة الزهراء قُدوة المرأة ومشعلُ نور في تاريخ الأُمَّــة
  • "حصاد 2024".. أبرز الفنانين الذين فقدناهم وأثروا الساحة الفنية بأعمالهم الخالدة
  • الشارقة «ملك» الرقم «القياسي 27» في تاريخ الاحتراف
  • قطر للطاقة تستحوذ على حصة بمنطقة استكشاف بحرية في ناميبيا
  • تحت أعين جروس.. الزمالك يتعادل مع المصري في الشوط الأول
  • "قطر للطاقة" تستحوذ على 27.5% من رخصة التنقيب بسواحل ناميبيا
  • "قطر للطاقة" تستحوذ على 27.5% من رخصة التنقيب بسواحل ناميبيا
  • شريك قيصر السوري يكشف الفظائع: أعين معتقلين اقتعلت من جحورها
  • وزير الداخلية التركي يكشف عن عدد السوريين الذين عادوا الى بلادهم بعد سقوط النظام