لماذا أشعر أن الله لا يستجيب دعاء لي؟، سؤال شائع بين كثير من المسلمين خاصة وأن منهم من يقول: أشعر أنني غير مستجاب الدعوة لأسباب لا أعرفها. فما حكم ذلك؟

لماذا أشعر أن الله لا يستجيب لي؟

الدعاء عبادة عظيمة وينبغي على المسلم أن يحسن ظنه بالله تعالى، ويعلم أن الله تعالى قريب من عباده رؤوف رحيم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي) رواه مسلم.

وحسن الظن بالله تعالى قربة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، تفتح له أبواب الخير والتيسير والرحمة؛ لأن الله تعالى يعاملنا على حسن ظننا به، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا قَطُّ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللهِ ظَنَّهُ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ) رواه البيهقي.

والمسلم إن تفكر في رحمة الله تعالى به وتوفيقه له ازداد قرباً منه، فمن توفيقه له أن عرفّه على أصحاب الدعوة المستجابة، ودله على طريق الخير، ويسر له أمور دينه ودنياه، وميزه عن بني جنسه ممن لا يعرف طريقاً إلى الله تعالى، فإذا عرف ذلك وتفكر فيه ازداد يقينه بالله تعالى وأقبل على الله تعالى بالدعاء والتضرع.

قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/ 186.

ويتنبه إلى أن استجابة الدعاء لا يلزم منها إعطاء السائل عين ما سأله، بل قد يدخرها الله تعالى له إلى يوم القيامة، أو قد يدفع عنه مصيبة في الدنيا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ السُّوءَ بِمِثْلِهَا) رواه ابن أبي شيبة.

واحذر من أن تقنط من رحمة الله تعالى، بل ألح على الله عز وجل بالدعاء؛ فالدعاء عبادة تظهر فيها فقرك وذُلّك لله تعالى، وعليك أن لا تتعجل الإجابة، قال صلى الله عليه وسلم :(لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ), قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟، قَالَ: (يَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَمَا أَرَاكَ تَسْتَجِيبُ لِي، فَيَدَعُ الدُّعَاءَ) رواه مسلم.

وعليه؛ فاستجابة الدعاء هو فضل من الله تعالى يمنّ به على عباده المقبلين عليه، ولا علاقة له بكثرة الأعمال، كما لا يلزم منه إعطاء السائل عين ما سأله، فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء لله تعالى بنفسه، أو يطلب من غيره الدعاء له؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) أخرجه أبو داود والترمذي. 

أسباب استجابة الدعاء

1- تحري الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.

2- استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.

3- حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.

4- العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.

5- الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.

6- حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.

7- الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.

8- التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.

دعاء ساعة الاستجابة يوم الجمعة للرزق و قضاء الحاجة.. اغتنمه قبل الغروب فتاوى تشغل الأذهان| ماذا تفعل لو عاوز ربنا يحصنك من المرض؟.. حكم قراءة الفاتحة في الركوع والسجود بقصد الدعاء آداب استجابة الدعاء

بعد أخذ الانسان بأسباب استجابة الدعاء؛ يوجد عدد من الآداب التى يستحب له المحافظة عليها لكى يكون دعاءه مستجابًا- بإذن الله تعالى- وهى :

1- البدء بحمد الله والصلاة على رسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».

2- الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.

3- عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.

4- إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».

5- التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.

6- الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.

7-التوسل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.

8- الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.

9- عدم تكلف السجع في الدعاء.

10- الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء.

11- والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.

فضل الدعاء وفوائده وأوقاته

للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وفوائد كثيرة، منها:

1- الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.

2- الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.

3- الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.

4- سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.

5- سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.

6- دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.

7- السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.

أوقات إجابة الدعاء:

ومنها ما يلي:

1-بين الأذان والإقامة.

2- في جوف الليل والثلث الأخير منه، ففي الليل ساعة لا يرد فيها الدعاء.

3- ساعة آخر نهار يوم الجمعة بين صلاتي العصر والمغرب.

4- عند جلوس الإمام على المنبر للخطبة في يوم الجمعة وإلى حين انقضاء الصلاة.

5- آخر كل صلاةٍ وقبل السلام منها. أثناء السجود بين يدي الله سبحانه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدعاء عبادة الدعاء صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسل استجابة الدعاء قال رسول الله أثناء الدعاء الله تعالى لله تعالى فی الدعاء على الله إلى الله أن الله أشعر أن ن الله ب الله

إقرأ أيضاً:

مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (19) للسيد القائد 1446

استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.

"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها وكذلك حازم ابن شقيقه طالب الهندسة المعمارية وكذلك الدكتور نضال زميل الدكتور احمد وهو استاذ العقائد والاديان في كلية العلوم الاسلامية بذات الجامعة "

تجمعوا الليلة في منزل الدكتور احمد المنزل الذي اصبح مقرهم الدائم لمتابعة محاضرات السيد عبدالملك .
فرغوا من اداء صلاة العشاء وتوجهوا لصالة المنزل لمتابعة المحاضرة الرمضانية التاسعة عشر والتي انطلقت للتو :-

في الاستكمال للحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى؛ للاستفادة مما فيها من الدروس والعبر، ولحاجتنا إلى استذكار سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي هو لنا الأسوة والقدوة، ونحن في مرحلة تاريخية مصيرية وحساسة لِأُمَّتنا فيما تواجهه من التحديات والأخطار، فنحن كأُّمةٍ مسلمة أحوج ما نكون إلى الاستفادة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.
وصلنا إلى تحرُّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المدينة، عندما اتَّخذ قراراً بالتحرُّك وفق توجيهات الله وأوامره سبحانه وتعالى، القائل في القرآن الكريم: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}[الأنفال:5]، الله سبحانه وتعالى هو الذي وجَّه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتحرُّك، فتحرَّك بأمر الله سبحانه وتعالى، بالرغم أن البعض من المؤمنين كان لديهم وجهة نظر أخرى، وفق الحسابات المتعلقة بالإمكانات، والعدد، والعُدَّة، والظروف المحيطة، فكانوا متخوفين، في أن تكون النتائج خطيرة جداً، ألَّا تكون لصالح المسلمين، وانتصار المسلمين؛ ولـذلك قال الله عنهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}[الأنفال:6]؛ لأنه أحياناً في الوسط الإيماني نفسه، في الأُمَّة المؤمنة، مع الإقرار من الجميع بأن الموقف حقٌّ،

فأن يكون الموقف حقاً، هذه مسألة في غاية الأهمية، ثم أن يكون هناك أيضاً هداية من الله سبحانه وتعالى، وإدراك لأهمية الموقف، من خلال هذه الرؤية العميقة، الهادية في القرآن الكريم، التي تُرَبِّينا على أن نكون أُمَّةً سباقة تتحرَّك لمواجهة المخاطر قبل أن تدهمها وأن تصل إلى مستوى الانهيار.

فمثلاً: ما يهدد بلداننا من جانب الخطر الأمريكي والإسرائيلي، رؤية البعض أن يُترك المجال لأمريكا وإسرائيل حتى تحتل الأوطان، وتسيطر، وتستحكم سيطرتها على بلدان أُمَّتنا، وتُجِّرد أُمَّتنا من كل عناصر القوة، ثم- في نهاية المطاف- تدرك الأُمَّة وتقتنع بأنه بات ضرورياً أن تتحرك، وهذه النظرة هي نظرة خاطئة: نظرة تمكين العدو أولاً، ثم التحرك ما بعد تمكنه واستحكام سيطرته ثانياً.

- هاهوا السيد عبدالملك يستكمل لنا الحديث عن غزوة بدر الكبرى للاستفادة منها لما فيها من العبر والدروس وانعكاسها على واقع الامة اليوم ... هكذا تحدث احمد.

القرآن الكريم هو كتاب هداية من الله سبحانه وتعالى، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو القدوة والأسوة، كيف تحرَّك بشكلٍ استباقي، دون الانتظار حتى يتمكن العدو وتستحكم سيطرته، ثم يأتي القرار بضرورة التحرك آنذاك، في مثل تلك الأحوال تكون الأُمَّة قد فقدت الكثير الكثير من عناصر قوتها المعنوية، وحتى على مستوى الظروف، تكون قد فقدت الكثير من الظروف المهيأة لموقفٍ أقوى، وتحرُّكٍ فعَّال، وتحقيق نجاحٍ أكبر، وهذه مسألة مهمة؛ لأن الظروف نفسها لها تأثير كبير في واقع الأمة.

مثلاً: في قصة فلسطين، لو أن المسلمين أدركوا جيداً، وبالاهتداء بالقرآن الكريم، أن تخاذلهم في البداية، في بداية تَدَفُّقِ اليهود الصهاينة برعاية بريطانية إلى فلسطين، سيترتب عليه أن يتمكن أولئك الأعداء من السيطرة التامة، وبناء واقعٍ قوي، ثم تكون مواجهتهم فيما بعد أصعب من مواجهتهم آنذاك .

لو كانت لديهم رؤية القرآن الكريم، والاهتداء بها، في تقييم مستوى ذلك الخطر على الأُمَّة بكلها، على المنطقة بأجمعها، على شعوب هذه البلدان بِرُمَّتِها؛ لكانت المسألة مختلفة تماماً.

- يوضح لنا السيد عبدالملك اهمية اتباع توجيهات الله القرآنية ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكانت المسأله مختلفة وضرب لها مثلاً بفلسطين . . هكذا تحدث الدكتور نضال .
فالله سبحانه وتعالى حينما يذكر لنا حال بعض المؤمنين، والذين انطلقوا- في نفس الوقت- مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكنهم كانوا يحاولون أن يقنعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بأن يُغَيِّر موقفه، وأن يؤخِّر التحرُّك في مواجهة قريش، لم يكن لديهم أملٌ بالنصر، بحسب الحسابات آنذاك، وموازين القوى، الحسابات المادية وموازين القوى، ما بين واقع المسلمين وهم في حالة استضعاف تام، لم يخوضوا قبل ذلك معركة عسكرية كبيرة؛ إنما اشتباكات محدودة، من خلال سرايا كان يرسلها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فالله يقول عنهم: يجادلونك في الحق بعدما تبيَّن الحق والموقف الحق، لكن العامل النفسي، والرؤيا المحدودة القاصرة، كانت مؤثِّرةً على موقفهم، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}، يعني: لم يكن عندهم أملٌ بِالنَّصر.
تَحَرُّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمن استجاب له من المسلمين، ودعا المسلمين إلى أن يتحركوا معه، استجاب له منهم (ثلاثمائة)، في بعض الأخبار يقولون: (وأربعة عشر شخصاً).

- يضعنا السيد على حالة ما قبل المعركة من قبل المسلمين انفسهم وحالة الجدال التي اوردتها الآية القرآنية ... هكذا تحدث الدكتور احمد

منذ بداية التحرُّك كان هناك حملة في المدينة المنورة للإرجاف، والتهويل، والتثبيط، من قبل المنافقين والذين في قلوبهم مرض، فئة المنافقين، وفئة الذين في قلوبهم مرض، من أبرز ما يميزها- وهذا تكرر كثيراً في القرآن، وهذا درسٌ مهمٌ جداً لِأُمَّتنا في هذه المرحلة- من أبرز ما يميزها ويكشفها ويوضحها- ومن أبرز علاماتها: أنَّها تثبِّط الأمة عن مواجهة الأعداء من الكافرين، وتخلخل في واقع الأمة من الداخل، وتتحرك بالإرجاف والتهويل والتثبيط، هذه العلامة بارزة جداً لها في القرآن الكريم، وتحدث عنها القرآن الكريم بوضوحٍ كبير في (سورة آل عمران)، وفي (سورة الأنفال)، وفي (سورة التوبة)، وفي (سورة الأحزاب) وفي سور كثيرة من القرآن الكريم
وهذه مسألة مهمة؛ لأن من أهم ما تحتاج إليه أُمَّتنا: أن تمتلك الوعي الكافي القرآني عن المنافقين:

من هم؟
ما هي علاماتهم؟
ما هي اعمالهم
ما الذي يشكلونه من خطورةٍ على الأمة؟
كيف هو ارتباطهم بالكافرين؟
ما هو دورهم في إطار استهداف الكافرين لأمتنا؟

هذه من أهم الأمور التي تحتاج إليها الأمة، وأن يتعمم هذا الوعي في أوساط الأمة؛ لأن أكبر دورٍ خطيرٍ على أمتنا من الداخل هو دور المنافقين؛ لأنهم يقدِّمون خدمةً كبيرةً للكافرين، يوالون الكافرين؛ لأن هذا هو المشكلة الكبرى التي جعلت منهم منافقين، يعني كان بالإمكان أن يكونوا فَجَرَة، أو فَسَقَة... أو أي عنوان من العناوين السيئة الأخرى، لكنَّ عنوان النفاق فيه: أن يكون الإنسان منتمياً للمسلمين، موالياً لأعداء الإسلام والمسلمين، هذه حقيقة النفاق؛ لأنه ضُرِب حتى تفسير معنى المنافق (ما هو النفاق؟ ومن هو المنافق؟)، المنافق هو: الذي ينتمي للإسلام، لكن ولاءه لأعداء الإسلام، هو مع أعداء الإسلام، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة:14]، فهذه المعيَّة مَعِيَّتهُم مع الكافرين: هم مع الكافرين أعداء الأُمَّة، وفي نفس الوقت يقول عنهم في (سورة النساء): {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء:139]، فهو يُعَرِّفهُم، بأنهم هم هكذا: هم {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء:138-139]، من يتأمل في القرآن الكريم في (سورة البقرة)، في (سورة آل عمران)، في (سورة النساء)، في (سورة الأنفال) في (سورة التوبة)، في (سورة الفاتحة)... في غيرها من السور القرآنية، في (سورة المنافقون)،

ولـذلك عندما تحرَّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن استجاب لهم من المسلمين، بدأت على الفور حملة في داخل المسلمين، في المدينة المنورة، للإرجاف، للتهويل، للتثبيط، للتيئيس، أنه: [لا جدوى من هذا الموقف، لا فائدة، لا يمكن لكم أن تنتصروا، لا يمكن لكم أن تهزموا الأعداء ولا أن تغلبوهم، ليس هناك لموقفكم هذا أي فائدة؛ إنما هو انتحار، إنما هو خطر... وهكذا]، {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:49]

- جزئية مهمة للغاية في التعريف السليم للمنافق ومدى خطورة المنافقين على الاسلام وابرز علاماتهم .. هكذا تحدث الدكتور نضال .
قريش قرَّروا أن يجعلوا من الموقف فرصةً للقضاء على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنهم- أصلاً- كانوا يريدون أن يقوموا بعملية عسكرية كبيرة؛ لاستهداف النبي والمسلمين والقضاء عليهم،

وفي نفس الوقت مع هذا الهدف، مع التحرُّك للقضاء على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى المسلمين، وإنهاء أمر الإسلام، أن يعزِّزوا من نفوذهم وهيبتهم في الجزيرة العربية، أمام بقية القبائل والقوى، بحيث يكون للموقف صداه في هيبتهم، في نفوذهم، في قوتهم، فأرادوا من ذلك أن يُعَزِّزوا من مكانتهم وهيبتهم لدى القبائل العربية الأخرى، والقوى الأخرى في الساحة، على المستوى الإقليمي والدولي، فأرادوا أن يجعلوا من ذلك فرصةً لذلك.
ركَّزوا على استعراض إمكاناتهم؛ ليسمع بها الناس، أنهم خرجوا بذلك العدد، بتلك الإمكانات الضخمة، كما قال الله عنهم في خروجهم: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}، {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال:47]، مهمتهم الأساسية بالنسبة لهم: كانت هي الصدّ عن سبيل الله، والعمل على إنهاء أمر الإسلام، (بَطَراً) بما هم فيه من النعمة والإمكانات، لم يشكروا نعمة الله عليهم، (رِئَاءَ النَّاسِ) قالوا: أنهم أرادوا أن يسمع بهم العرب جميعاً، بخروجهم ذلك، وبما كان معهم فيه من إمكانات ضخمة.

- يسافر بنا السيد عبدالملك في رحلة حيثيات المعركة واهدافها قريش منها . . هكذا تحدث منير.

رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو يتحرَّك قد خرج من المدينة، عرف أيضاً بخروجهم، أنهم قد تحرَّكوا عسكرياً، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أنه كان يأتيه الخبر من السماء، في الوحي من الله سبحانه وتعالى، لكنه أيضاً كان يهتم جداً بمسألة رصد تحركات الأعداء، وكان له نشاط استطلاعي، وجهاز معلوماتي، (جهاز معلوماتي) يعني: عناصر، أفراد، كانوا يسمونهم بـ(العيون) آنذاك، يرصدون له التحركات، يبلغونه بالأخبار، فأتاه الخبر عن تحرُّك قريش وخروجها بتلك القوة العسكرية.
مع ذلك لم يتراجع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صمم على مواصلة السير نحو القافلة لاستهدافها، والله سبحانه وتعالى وعده ووعد المؤمنين معه بالتمكين من إحدى الطائفتين: إمَّا من القافلة، وعلى رأسها أبو سفيان ومن معه؛ وإمَّا من القوة العسكرية التي خرجت للقتال من قريش، بالنصر عليهم، والله يقول: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}[الأنفال:7]، هذا وعد بالنصر من الله سبحانه وتعالى، {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}[الأنفال:7]، ما يرغب به المسلمون كان هو السيطرة على القافلة التجارية، وليس الاصطدام بالقوة العسكرية، وإن كان في ذلك نصراً عليها، لكنهم كانوا يوَّدون الغنيمة، لكن تدبير الله لما هو أهم، {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}[الأنفال:7]، أراد الله من خلال أن يكون الظفر والنصر العسكري، الذي هو أهم من الغنيمة وتلك القافلة؛ لأنه الأكثر أهميةً لخدمة الموقف ودعم القضية، لإحقاق الحق، وإبطال الباطل..

- بالمقابل يقدم لنا السيد عبدالملك موقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتحركه للمعركة

رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله واصل في حركته ومسيره، بمن معه من المسلمين، يريد الوصول إلى الطريق التي تَعْبُر منها القافلة، ووصل إلى أطراف بدر، على بعد (مائة وخمسةٍ وخمسين كيلو) عن المدينة تقريباً، يعني: مسافة بعيدة عن المدينة؛ بينما أيضاً كان الجيش الذي يتحرُّك من مكة، جيش قريش، قد وصل أيضاً قريباً من بدر، ووصل الطرفان، يعني: في وقتٍ متزامن، وفي إطار التدبير الإلهي فاتت القافلة، {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ}[الأنفال:42]، القافلة فاتت، وحوَّل أبو سفيان مسارها من الطريق المعتاد، والذي كان رسول الله يسعى للوصول إليه، للوصول إلى القافلة فيه، فالقافلة حوَّل أبو سفيان مسارها، واتَّجهت من طريقٍ آخر، والتفَّت عن الطريق الذي هو معتادٌ للمرور والعبور فيه، وبقي الجيش، على مقربةٍ من جيش المسلمين.
ما قبل المواجهة كان هناك تدبيرٌ من الله سبحانه وتعالى، وما قبل أن يتراءى الجمعان، وأن يلتقيا، وأن تبدأ المعركة، كان هناك جملة من التدابير، والرعاية الإلهية التي كانت أيضاً مع الوعد السابق: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}[الأنفال:7]، كان هناك أيضاً من الله سبحانه وتعالى مبشرات من رعايته، تُعَزِّز حالة الاطمئنان لدى المؤمنين.

الليلة الأولى، ما قبل صبيحة يوم المواجهة، بات فيها المسلمون في (بدر)، في مقربةٍ من جيش المشركين .

- يواصل السيد عبدالملك وضعنا على تحرك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المعركة اولاً باول .
وقد بات من الواضح أن المعركة العسكرية حتمية، ستأتي المعركة العسكرية، ففيما هم فيه من ظروف صعبة، من معاناة، حتى من أعباء السفر ومتاعبه، مع الخوف، مع الخطر، مع التوتر؛ التجأوا إلى الله سبحانه وتعالى، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، وهذه مسألة مهمة جداً.
التحرك في سبيل الله قائمٌ أساساً على أساس الالتجاء إلى الله، الاستعانة بالله، الاعتماد كلياً على الله، التوكل على الله سبحانه وتعالى، الثقة بالله جل شأنه، لا يعيش الإنسان حالة غرور، أو اتِّكال على نفسه، أو حالة إحباط ويأس، وهذا مصدر قوة مهم جداً: على المستوى المعنوي، وعلى مستوى ما يحظى به المؤمنون من رعاية الله سبحانه وتعالى، ومعونته، وتيسيره، ومدده الواسع والمتنوع، فالاستغاثة مسألة مهمة،

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، فمن الأشياء المهمة للأمة المؤمنة المجاهدة: أن تكون مستغيثةً بالله، ملتجئةً إلى الله، كثيرة الدعاء، والالتجاء، والاستغاثة... هذه مسألة مهمة، في الميدان أيضاً، في ميدان المواجهة، في العمليات والتحرُّك لأداء المهام الجهادية، من المهم التركيز على الإكثار من ذكر الله، على الاستغاثة والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:9]، تأتي من الله الاستجابة، هو أرحم الراحمين، هو خير الناصرين، هو مولى المؤمنين، هو سبحانه وتعالى القائل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}[محمد:11]، يتولاهم برعايته، بمعونته، بنصره، برحمته، {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى}[الأنفال:9-10]، استجاب لكم، يستجيب برحمته، بفضله، يُعين، يؤيِّد، ينصر، يسدد، ييسر، فدعمهم بعدد كبير من الملائكة، مثل عددهم أضعافاً، أكثر من ثلاثة أضعاف.

- يوضح لنا السيد عبدالملك في مقام المعركة اهمية التركيز على الإكثار من ذكر الله، على الاستغاثة والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.

{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}[الأنفال:11]، كذلك نزول الماء من السماء، يعني: المطر (الغيث)، كان من تلك المبشرات والمقدمات التي بشرهم الله بها، والتي يلمسون من خلالها رعاية الله بهم، وكانوا بحاجة كبيرة إلى الماء:

للشرب، وهذه مسألة أساسية بالنسبة لهم.

للطهارة، وهذه مسألة مهمة بالنسبة لهم.

للنظافة.

للانتعاش على المستوى البدني والنشاط.

وأيضاً للتخلُّص من وساوس الشيطان، بما فيها حول موضوع الماء: [كيف سيتوفر لكم الماء؟ ستتعبون من العطش، ستموتون من العطش، لن تستطيعوا الصمود، قد غلب الأعداء على آبار المياه المهمة...إلخ.].

كذلك كانت هذه الرعاية الملموسة من رعاية الله من المبشرات لهم، ولتهيئة ميدان المعركة، المنطقة التي هي رملية أو شبه رملية، تلبدت وتماسكت مع المطر؛ مما يهيئ القتال عليها براحة، هيأ الله لهم حتى الميدان، رعاية فيما لا يمكن لأحد أن يفعله أصلاً، رعاية عجيبة
نكتفي بهذا المقدار ...

- انتهت المحاضرة وتحدث حازم بكل حماس : لم اسمع سوال حياتي حديثاً عن غزوة بدر الكبرى بهذه الطريقة والاسلوب والثروة المعرفية التي يستزيدنا بها السيد عبدالملك .

مقالات مشابهة

  • علامات ليلة القدر هل ظهرت أمس؟ 7 أمارت تؤكد حدوثها بالأدلة
  • شخصيات إسلامية.. سعد بن عبادة
  • استشهاد الإمام علي عليه السلام- مأساة الأمة وانحراف عن الطريق المستقيم
  • المحاضرة الرمضانية الـ 19 لقائد الثورة السيد عبدالملك(نص+ فيديو)
  • (نص) المحاضرة الرمضانية التاسعة عشرة للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
  • نص المحاضرة الرمضانية الـ 19 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 21 رمضان 1446هـ
  • فضل العشر الأواخر من رمضان و ليلة القدر .. 25 نصيحة لإحياء الليالي المباركة
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (19) للسيد القائد 1446
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحيها الله.
  • أزهري: تجديد مساجد آل البيت دليل تعلق المصريين بمحبة بيت رسول الله