اختلاف المذاهب الفقهية.. لماذا يحدث ذلك في الشريعة الإسلامية؟
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن سبب اختلاف المذاهب الفقهية وسبب وجودها في الشريعة الإسلامية.
لماذا وجدت المذاهب الفقهية في الإسلام؟.. 36 سببا من أجل رحمة الأمة خالد الجندي وعلماء مجلس الفقه يدعون لفلسطين وأهلها.. فيديو اختلاف المذاهب الفقهيةوقال علي جمعة، في فيديو له، إن المسلمين عشقوا حرية الفكر، ورأوا أن النصوص منها ما هو قطعي فأجمعوا عليه، ومنها ما هو ظني فاختلفوا في شأنه، وإنما اختلفوا على قواعد وعلى علم وأسس وأصول، ورأوا أن هذا الاختلاف من رحمة الله على عباده.
وتابع: "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة" كان عنوان كتاب للإمام العثماني، أخذه الشيخ الشعراني، وعمل منه كتاب سماه "الميزان الكبرى" وبين في صفحات هذا الكتاب سبب اختلاف الفقهاء.
وأشار إلى أن الفقهاء يختلفون من أجل 36 سبب، ألف فيهم الشيخ على الخفيف، كتابا سماه "أسباب اختلاف الفقهاء" وألف فيه الشيخ الدهلوي كتابا سماه "الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف" وألف فيه ابن تيمية رحمه الله، كتابا سماه "اختلاف الأئمة الأعلام".
الاختيار الفقهيمن جانبه، قال الدكتور شوقي علَّام - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم -: إن دار الإفتاء المصرية تعاملت بذكاء وحكمة مع قضايا العصر والمسائل المستجدة باتِّباعها مبدأ الاختيار الفقهي بعدم الاقتصار على مذهب واحد من المذاهب الفقهية الأربعة بل استثمرت واستفادت من مذاهب المجتهدين العظام؛ بما يحقق مصلحة العباد والبلاد ما دام الأمر لم يكن مخالفًا للشرع الشريف.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن الإمام الليث بن سعد -رحمه الله- يُعد من أبرز فقهاء مصر على مر العصور، ويلقِّبه المحققون بفقيه مصر، وهو يستحق هذا اللقب عالي القدر لغزارة علمه، وقد عاش في القرن الثاني الهجري وعاصر الإمام مالكًا رضي الله عنه. وقيل عنه إنه فاق في علمه وفقهه الإمام مالك بن أنس، غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق، مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: "الليث أَفقه من مالك إِلا أَنَّ أَصحابه لم يقوموا بِه".
حكم التزام أهل بلد بمذهب فقهيوقالت دار الإفتاء، إن اجتماع أهل بلد على مذهبٍ مُعَيَّن فيه حفاظ على وحدتهم الثقافية، والوقاية من التفرق، والحدّ من التنازع، وهي مقاصدُ تُقام عليها الدول، وتُصانُ بها مقدراتها؛ ممَّا يؤدي إلى استقرار الحقوق وانضباط المعاملات؛ خاصة في الأحكام الخلافية التي يترتب عليها ثبوتُ بعض الحقوق في قولٍ وعدمُها في قول آخر، ولو ترك للناس أنْ يحكم كلٌّ منهم بما يراه، وأن يتخير ما يشتهي من الأقوال؛ لأدَّى ذلك إلى الاضطراب في كثير من الأحيان.
وأكدت دار الإفتاء، أن من مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية تنوّع المذاهب الفقهية، وهو أيضًا من أسباب جمع الكلمة وائتلاف المجتمع ووحدة الصف؛ فإنَّ التزام أهل البلد الواحد بمذهب مُعَيَّن فيه تحقيقُ النظام ولزومُ الجماعة وتوحيدُ المرجعية؛ بالتزام أهله بما يُفْتِي به علماؤه الذين يرجعون إلى أصول مذهبهم وقواعده في تنزيل أحكامه ومسائله على وقائعهم ومستجداتهم، بما تفتضيه مصالح مجتمعاتهم، فصار المذهبُ جزءًا من ثقافة المجتمع الدينية؛ لتعلقه بكافة شؤون الإنسان من شعائر وعبادات، وعقود ومعاملات، وأعراف وعادات؛ وذلك كلّه من التيسير الذي جاءت به الشريعة للمُكلَّفين، وأسباب رفع الحرج عنهم.
واستشهدت دار الإفتاء، بقول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح".
وذكرت دار الإفتاء، أن المذاهب الفقهية المعتبرة كلها على خير؛ قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (1/ 140-141، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال الزناتي: والمذاهبُ كلها مسالكٌ إلى الجنة، وطُرقٌ إلى السعادة، فمن سَلَكَ منها طريقًا وصَّله] اهـ.
وأوضحت، أن اجتماع أهل بلد على مذهبٍ مُعَيَّن فيه الحفاظ على وحدتهم الثقافية، والوقاية من التفرق، والحدّ من التنازع، وهي مقاصدُ تُقام عليها الدول، وتُصانُ بها مقدراتها.
كما أنَّ التزام أهل البلد بمذهب مُعَيَّنٍ ممَّا يؤدي إلى استقرار الحقوق وانضباط المعاملات؛ خاصة في الأحكام الخلافية التي يترتب عليها ثبوتُ بعض الحقوق في قولٍ وعدمُها في قول آخر، ولو ترك للناس أنْ يحكم كلٌّ منهم بما يراه، وأن يتخير ما يشتهي من الأقوال؛ لأدَّى ذلك إلى الاضطراب في كثير من الأحيان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المذاهب الفقهية الشريعة الإسلامية الأئمة المذاهب الفقهیة دار الإفتاء فی قول
إقرأ أيضاً:
المقصود بـ"مكر الله" في القرآن الكريم
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، جاء مضمونه كالتالي: ما معنى قوله عز وجل: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30]؟.
تفسير " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين"
قالت دار الإفتاء في إجابتها، إن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالمكر ولا بالكيد ابتداءً، وهو سبحانه منزه عن النسيان، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64].
وأوضحت الإفتاء أن المقصود من " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين"، وغيرها أن الجزاء من جنس العمل، وأن هؤلاء مهما بلغوا في مكرهم وكيدهم فهو لا يساوي شيئًا أمام عظمة الله وقدرته وقهره وانتقامه وتدبيره في هلاكهم وقمع شرهم وباطلهم، وكل ما أضافه الله تعالى لنفسه من صفاته وأفعاله فهو منزَّه عما يخطر بالبال من صفات المخلوقين وأفعالهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك.
وأضافت الإفتاء أن هذا الكلام مَسُوقٌ على سبيل المشاكلة والمقابلة كما يقول البلاغيون، وهو أسلوب لغوي بليغ جاء كثيرًا في القرآن الكريم، كقوله تعالى:﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]، وقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ [السجدة: 14]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: 15، 16].
يتساءل الكثيرين عن تفسير قول الله عز وجل: «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»، وما هو المكر، وهو ما يٌوضحه ويٌجيب عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي، في مقطع فيديو من إحدى دروسه الدينية.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
وفسّر الشيخ متولي الشعراوي قول الله عز وجل: «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»، قائلاً: إن المكر هو التبييت والشيء الخفي، الذي يمكر ويُبيت شيئًا خفيًا بالنسبة لعدوه، وليس لديه القدرة على المُواجهة، فيبيت من خلفه، فلا يمكر إلا الضعيف.
وأضاف: أن البعض يردد قول الله: «إن كيد الشيطان كان ضعيفا» وكذلك: «إن كيدهن عظيم»، موضحًا أنه مادام الكيد عظيم فالضعف أعظم.
وتابع: أن إخفاء الله أمر عن الخلق فهو في مصلحتهم، وبذلك يكون المكر الحسن والتبييت الجميل، «والله خير الماكرين».