تتزايد فرص تعرض المرأة للعنف مع انخفاض نسبة الاستقرار الأمني في أي دولة حول العالم، وخاصة في الأزمات وأوقات الحروب والصراعات، وأيضا في حالات انخفاض الوعي بدور ومكانة المرأة، ومع توارث العديد من التقاليد المحلية التي تزيد من فرض القيود عليها، لذا تأتي مناسبة الأمم المتحدة بمناهضة كل أشكال العنف حول العالم لمدة ١٦ يومًا بداية اليوم السبت وحتى ١٠ ديسمبر المقبل، مع اختيار اللون البرتقالي لونًا مميزا لهذه الحملة الأممية لمواجهة العنف ضد المرأة.


يعتبر التطرف والإرهاب أحد أهم العوامل المؤدية لإيذاء المرأة وتشويه دورها وعقلها ومكانتها، فمع تصاعد عنف وسيطرة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في عدة بلاد بالمنطقة العربية، خاصة في العقد الأخير، عانت المرأة طويلا من ويلات التطرف والإرهاب، وجرى استغلالها مع أطفالها لخدمة التنظيمات الإرهابية، كما جرى إخضاعها للمزيد من السلوكيات العدوانية التي تمارسها تلك التنظيمات.

داعش استغل النساء فى أعماله الإرهابية.. وارتكب «إبادة جماعية» بحق الإيزيديات

في سوريا مثلا، وبعد القضاء على السيطرة المكانية لتنظيم داعش الإرهابي، ووقوع قياداته إما قتلى في المعارك أو معتقلين في يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، التي تتحفظ على آلاف المقاتلين الذين ينتمون إلى التنظيم الإرهابي في عدة سجون أشهرها سجن المدرسة الصناعية في منطقة غويران بالحسكة، حيث نفذ عليه التنظيم الإرهابي أكبر هجوم بهدف تهريب عناصره المعتقلة لكنه فشل أمام تصدى "قسد" لها في يناير من العام ٢٠٢٢. 
أما عوائل التنظيم الإرهابي البالغة بالآلاف، المكونة من النساء والأطفال، فقد جرى احتجازها في مخيمات شمال وشرق سوريا تحت حماية قوات الأمن الداخلي لمنطقة الإدارة الذاتية للأكراد، ويظل مخيم الهول السوري أشهر المخيمات وأكبرها، ويتم وصفه دائما بالقنبلة الموقوتة لأنه يضم العديد من النساء الذين وقعن تحت تأثير التنظيم الإرهابي وآمن بأفكاره المتطرفة ويعملن على جذب المقاتلين والأموال للتنظيم عبر شبكات الإنترنت.
واستطاع تنظيم داعش الإرهابي الاستفادة الكبرى من النساء على كافة المستويات، فالبعض منهن عمل بشكل دؤوب على تجنيد الشباب والفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاحظ مراقبون انتشار واسع لعدد من الحسابات التي تحمل أسماء وهمية تنشط في سرد الحكايات البطولية لأعضاء التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق وخاصة في الفترة التي سيطر فيها التنظيم على مساحات ومدن كبيرة، ولعبت هذه الحسابات على تزيين الهجرة إلى ما عرفت بدولة الخلافة.
وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي قد شجع النساء على الهجرة إلى دولته المزعومة، لكنه بعد سقوطه وتلقيه عدة هزائم متكررة فضل أن تبقى النساء المتعاطفة معه في مجتمعاتها ولا يسافرن إليه، ويعملن في الوقت نفسه على تجنيد الشباب وجمع التبرعات وتربية أجيال الخلافة القادمة.
أما النساء اللائي فلم يخضعن للتنظيم الإرهابي فقد جرى التنكيل بهن، وتنفيذ العديد من الجرائم بحقهن، ففي العراق مثلا ارتكب تنظيم داعش بحق النساء الإيزيديات جرائم كبرى تعد "إبادة جماعية"، ولذلك اتجهت الحكومة البريطانية إلى تصنيف الممارسات التي ارتكبها التنظيم الإرهابي بحق الإيزيديين بأنها أعمال تمثل "إبادة جماعية".
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية، في أغسطس الماضي، فإن موقف المملكة المتحدة كان دائما هو أن تحديد ما إن كانت قد وقعت جرائم إبادة جماعية تقرره محكمة مختصة، وليس حكومات أو أجهزة غير قضائية.
وقد تحدد ذلك في أعقاب حكم أصدرته المحكمة الفدرالية الألمانية في وقت سابق من السنة الحالية حين أدانت أحد المقاتلين السابقين في صفوف داعش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في العراق؛ مشيرا إلى أن الإيزيديين عانوا معاناة هائلة على أيدي داعش قبل تسع سنوات، وما زلنا نلمس تداعيات أفعاله حتى اليوم. لذا فإن تحقيق العدالة والمساءلة ضروري لمن دُمِّرت حياتهم.

الأمم المتحدة اختارت اللون البرتقالي لونا مميزا لحملة مناهضة العنف ضد المرأة

بالعودة إلى تلك الفترة الزمنية التي سيطر فيها التنظيم الإرهابي على مناطق واسعة في العراق وسوريا، ارتكب التنظيم العديد من الممارسات القاسية ضد المرأة، ولقد لفت الدكتور كمال ديب مؤلف كتاب "تاريخ سوريا المعاصر" إلى العديد منها، حيث فرض المسلحون نظامًا صارمًا على المناطق التي سيطروا عليها فمنعوا النساء من قيادة السيارات وتحرشوا باللواتي لا يرتدين الزي الإسلامي، حيث تعرضت النساء والفتيات للبيع وللزواج القسري وللبغاء المؤقت.
ونقل "ديب" عن بعض الصحف أن جمعية من بلد عربية تعمل في مجال دعم اللاجئين سهلت دخول رجال إلى المخيمات لاصطياد الفتيات، كما أنها تبنت تزويج السوريات من رجال مسلمين، خاصة أن هذه الجمعية ترفع شعارًا إسلاميًا. وهو ما يشير إلى عملية تزويج القاصرات.
ووثقت "هايدي دي باو" المديرة العامة لجمعية "تشايلد فوكوس" التي زارت مخيم الهول ثلاث مرات خلال عامين (٢٠٢٠- ٢٠٢١) ففي شهادتها التي نشرتها "فرانس ٢٤" قالت إنها لاحظت في مخيم الهول الواقع شمال شرق سوريا والواقع تحت سيطرة الأكراد، أن نساء داعش يقمن بالتواصل مع أعداد كبيرة من المتعاطفين مع "تنظيم الدولة" بهدف التجنيد أو الحض على ارتكاب عمليات متنوعة في بلادهم.
ولاحظت أيضا أن داعش تولي اهتمامًا كبيرًا لإنجاب الأطفال حيث تقوم داعش بتزويج المراهقات والفتيات في سن مبكرة بهدف إنجاب الأطفال. كما أن النساء يقتربن من رجال عراقيين وسوريين وأيضا من الحرس الأكراد وعاملين في منظمات غير حكومية لغوايتهن، في صورة أشبه بممارسة الدعارة بهدف الحصول على أطفال.
أما عن الخدمات فتقول المديرة "دي باو": لا يوجد مكان مناسب للأطفال. لا توجد مدارس ولا طعام كاف أو مياه صالحة للشرب. والجو حار جدا في الصيف وبارد جدا في الشتاء ولا تحصل كل أسرة على خيمتها الخاصة". وبالطبع، فإن هذه الأماكن غير الصالحة لتنشئة الأطفال ستكون هي الأماكن الملائمة جدا لتنشئة أجيال داعش، وذلك لضمان خروج أجيال ممتلئة بالحقد والغضب تجاه مجتمعات أخرى تعيش في حياة أفضل، ومن المقرر أن يصبحوا مجموعات تهدد حياة الآمنين وخاصة في مجتمعاتهم المحلية والقريبة منهم.
وفي كلمة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال فعاليات مؤتمر إطلاق وثيقة حقوق الإنسان (سبتمبر ٢٠٢١)، أشار إلى نوع من الممارسات بحق الفتيات الصغار المحتجزات في مخيمات تحت ظروف صعبة، وقال الرئيس السيسي: إن الشعوب في العام ٢٠١١ تحركت وفق خطط تنظر لمستقبل البلاد، لكنها كانت خطط لا تتوافق مع واقع المجتمعات، فكانت النتيجة تهدم البلاد.
والآن أتساءل إلى أين وصلت هذه الشعوب؟ وماذا كان مصيرها؟ إحدى هذه الدول أصبح لها ١٦ مليون لاجئ، منهم ٢ مليون في الأردن، ٢ مليون في لبنان، ومثلهم في تركيا، وبالداخل معسكرات لاجئين لـ١٠ ملايين إنسان. وعن الممارسات العنيفة ضد المرأة، والتي تطرق إليها الرئيس قائلا، أذكر لكم قصة عن أحد معسكرات اللاجئين، ففيه يتم تزويج الأطفال بهدف إنجاب المزيد من الأطفال لتجنيدهم فيما بعد وتحويلهم لأدوات للقتل والتدمير.
وختاما، فإن المرأة في منطقة الشرق الأوسط، وبسبب الانفلات الأمني وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في بعض البلدان، وأيضا زحف الجماعات المتطرفة للسيطرة على مساحات واسع من المدن والمحافظات، أدى لتعرض المرأة للمزيد من القمع والعنف والممارسات الإجرامية.

شعار بموقع منظمة الأمم المتحدة

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مكانة المرأة اللون البرتقالي التطرف والإرهاب التنظیم الإرهابی إبادة جماعیة العدید من ضد المرأة

إقرأ أيضاً:

هل يجوز للمرأة المريضة التداوي عند طبيب غير مسلم؟.. اعرف ضوابط الشرع

أكد خالد شلتوت، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الأصل في تعامل المرأة المسلمة مع الأطباء هو الالتزام بالضوابط الشرعية التي تحث على عدم كشف ما لا يجوز كشفه إلا عند الضرورة.

وأضاف "شلتوت"، خلال تصريحات تلفزيونية، أن المرأة لا يجوز لها كشف جسدها إلا في حدود ما أباحه الشرع، وهو الوجه والكفان، والقدم عند بعض العلماء، إلا في حالات الضرورة مثل المرض. 

وأوضح الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أنه في حال احتياج المرأة للعلاج فإن الأفضل أن يكون الطبيب امرأة، حتى وإن لم تكن مسلمة، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخفّ، أما إذا لم تتوفر طبيبة، فيجوز لها التداوي عند طبيب مسلم، فإن لم يوجد، فلا حرج أن تتلقى العلاج عند طبيب غير مسلم، بشرط الاقتصار على كشف موضع المرض فقط، مع الالتزام بآداب المهنة والحدود الشرعية. 

وأشار الباحث إلى أن المشقة تجلب التيسير، وهو ما دفع فقهاء الشافعية وغيرهم إلى تقديم الطبيب الأمهر، بغض النظر عن جنسه أو دينه، على غيره إذا لم يوجد بديل بنفس الكفاءة. 

وقال: "لا مانع من أن تذهب المرأة إلى الطبيب الأمهر، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، طالما لا يوجد امرأة تقوم بهذا الدور بسهولة".

لماذا ندعو ولا يستجاب لنا؟ فيديو لشيخ الأزهر يلخص الإجابةهل يُقبل صيام الشخص المتنمر؟.. الأزهر يجيبعلاج النساء بالقرآن.. تحذير شديد

وفي سياق آخر، عبر الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن غضبه الشديد من العلاج بالقرآن ممن يسمون أنفسهم معالجين بالقرآن ويضعون أيديهم على النساء بحجة علاج النساء بالقرآن.

وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء، في فيديو منشور عبر قناة دار الإفتاء على "يوتيوب"، متحدثا عن علاج النساء بالقرآن إنه لا يحب هذه الطريقة أبدا ، منوها بأن من يريد علاج نفسه بالقرآن فعليه أن يعالج نفسه بنفسه، ويقرأ القرآن بنية الشفاء ويمسح هو بنفسه على جسده ولا يذهب لأحد يفعل ذلك.

وأضاف أن الذهاب إلى من يسمون أنفسهم معالجين بالقرآن فشل ذريع، فما أسهل تعليق الإخفاق في الحياة على السحر، وفتح الأبواب للشيطان والتعدي على الحرمات وفضح لأسرار الناس.

مقالات مشابهة

  • تعرّف على النساء الرائدات في مجال الصناعات الإبداعية في قطر، من الفن والتصميم إلى الموضة والسينما
  • "العتاولة 2".. اتهامات بالتحريض على العنف ضد النساء
  • المرأة .. توازن مثالي بين الصيام والأعمال المنزلية
  • مقررة أممية تحذر من تطهير عرقي جماعي في الضفة الغربية
  • مقررة أممية تُحذّر من تطهير عرقي جماعي في الضفة الغربية
  • حافلات الرياض: إطلاق المسار 939 للوصول إلى السفارات
  • مقررة أممية تُحذّر من تطهير عرقي في الضفة الغربية المحتلة
  • هل يجوز للمرأة المريضة التداوي عند طبيب غير مسلم؟.. اعرف ضوابط الشرع
  • المركز المصري لحقوق المرأة يقدم توصيات لتعزيز حقوق النساء
  • إطلاق رقم أخضر للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة