تصاعد الدعوات للأطراف السودانية للحفاظ على وحدة البلاد
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
شعبان بلال (الخرطوم، القاهرة)
أخبار ذات صلة تحذيرات من مخاطر استمرار الأزمة في السودان تونس.. «السرعة القصوى»تصاعدت الدعوات الدولية والأممية لكافة القوى في السودان للتوافق على إنهاء الأزمة والحفاظ على وحدة البلاد.
وكثفت حكومة جنوب السودان دعواتها للقوى السودانية لعقد لقاءات في جوبا، فيما دعا الرئيس سلفا كير ميادريت السودانيين لعدم السماح بتقسيم بلادهم بسبب الأزمة.
وأنهت قوى «الحرية والتغيير»، الخميس، زيارة إلى جوبا عقدت خلالها لقاءات مع قادة حكومة جنوب السودان التي تستعد لاستقبال وفدا من قوى «الحرية والتغيير ـ الكتلة الديمقراطية»، وتخطط لدعوة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم». وقالت قوى «الحرية والتغيير»، في بيان، إن الرئيس سلفا كير «ناشد السودانيين بالا يسمحوا للحرب بتمزيق البلاد إلى أجزاء عديدة». كما أكدت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس»، إنها تعمل مع الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، لدعم جهود الوساطة المستمرة من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة في السودان. وأوضحت البعثة في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن الخطوة الأولى لإنهاء الأزمة هي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يتضمن تنفيذ إعلان الالتزام بحماية المدنيين الموقع في 11 مايو 2023، وتمكين إنشاء ممرات إنسانية آمنة، وبالتالي تخفيف المعاناة للشعب السوداني.
وتواصل البعثة دعم تعزيز حقوق الإنسان وحماية المدنيين رغم التحديات الكبيرة بسبب القتال الدائر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وعززت البعثة عمليات الإبلاغ والرصد التي تضطلع بها لضمان تقديم تقارير ملائمة عن الصراع، ما يوفر معلومات عن الضحايا والجناة والجهات الفاعلة الأخرى.
وحول جهود وقف الاشتباكات، أوضحت البعثة الأممية أن هناك مبادرات مستمرة تهدف إلى إنهاء أكثر من 7 أشهر من الأعمال العدائية، وتم استئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في جدة، بوساطة سعودية أميركية والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيغاد»، معبرةً عن الأمل في أن تؤدي الجولة الجديدة من المفاوضات إلى تنفيذ إعلان الالتزام بحماية المدنيين ووقف شامل لإطلاق النار، وكلاهما ضروري لتخفيف معاناة الشعب السوداني.
وذكرت أن هناك مبادرات من مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة المدنية التي تدعو إلى إنهاء الاقتتال، والحاجة ملحة لإيجاد حل يؤدي إلى استئناف عملية الانتقال السياسي الديمقراطي، بالإضافة إلى الاجتماع التشاوري للسودانيين الموقعين على اتفاق جوبا للسلام بغرض توحيد جهودهم لإنهاء النزاع، والذي عقدته دولة جنوب السودان في وقت سابق.
ودعت البعثة الأممية في السودان، طرفي النزاع إلى وقف القتال والالتزام بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية المدنيين وتمكين الوصول الإنساني الآمن إلى المحتاجين.
وبحسب تصريحات البعثة الأممية، فإن القتال العنيف يتواصل داخل الخرطوم حول المنشآت الاستراتيجية، لافتاً إلى مقتل ما لا يقل عن 5000 شخص منذ اندلاع الأزمة، فيما أصيب أكثر من 12 ألف شخص بجراح، متوقعاً أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.
وحول إقليم دارفور، أشارت البعثة الأممية إلى تفاقم العنف بصورة كبيرة في ظل تجاهل حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ما أدى إلى مقتل ونزوح آلاف الأشخاص.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: السودان قوات الدعم السريع الجيش السوداني البعثة الأممیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
الفيتو الروسي اليوم (18 نوفمبر 2024م) أبطل مشروع قرار الدول الغربية الذي قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، والرامي لشرعنة التدخل الإنساني في السودان، وحظر الجيش وكافة عملياته، بالتوقف القسري لجميع العمليات ضد الميليشيا وشرعنة النهب والاغتصاب وقتل المدنيين، مما يعني عمليا تقسيم السودان بين مناطق سيطرة الميليشيا وتلك التي يتواجد فيها الجيش. وهذا يعني انفصال دارفور فعلياً، وخلق كانتونات في الجزيرة وولاية الخرطوم وغيرها، وإصدار شهادة ملكية للميليشيا وشرعنتها بالقانون الدولي والفصل السابع.
نفس القرار طبق من قبل على عراق صدام حسين في التسعينيات، فأدى لإنفصال إقليم كردستان من الناحية العملية، ومثيله القرار ضد ليبيا القذافي عام 2011م فأفضى إلى تشكيل حكومتين في بنغازي وطرابلس لا تزالان تختصمان حتى اليوم.
الذي يحمد للإتحاد الروسي مصداقيته في الوقوف مع سيادة السودان بالعمل وليس بمجرد العبارات المنمقة، كما فعل مع سوريا من قبل. فأوقف مسلسل العبث الطاغي والمتطاول على سيادة السودان، وتسييره مغلولا ومعصوب العينين من قبل دول الاستعمار الجديد المعروفة، لإمضاء مخططاتها المتماهية مع أعدائه المعلنين.
هذا موقف مشرف من الإتحاد الروسي يستحق التقدير ورد التحية بأحسن منها، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
بيد أنه تبين الآن أن تطاول عمليات حسم هذا التمرد المدعوم بأجندة الخارج تعيق التقدم دبلوماسيا، وتكبل السياسة الخارجية. وظل هذا شأن السودان مع هذه الدول منذ الاستقلال، وعلى كافة الحكومات، الإنقلابية والعسكرية، بالتآمر المستمر، وتبادل الأدوار في كل مرحلة حسب مقتضياتها. وينشط التآمر الخارجي بنصب الحبائل في أجواء المعاناة المكفهرة التي تصنعها بيادقه من جيوش العملاء المتماهين مع المرتزقة حملة السلاح، ومن خانوا قسم الولاء للوطن فخانوه، ورفعوا السلاح المعد للعدى في صدور زملائهم رفقاء العقيدة الوطن.
ولذا فيتعين على الحكومة القائمة التعامل مع الوضع الراهن بالجدية والحسم المطلوبين. فأول مطلوب عملي هو تسريع عمليات تطهير البلاد من جيوب التمرد الآفل في كل مسارح العمليات، وبدءا بولاية الجزيرة، قلب السودان النازف، وتسريع عمليات تطهير بقايا التمرد في أطراف الخرطوم لإعلانها ولاية خالية من التمرد، والشروع في إنفاذ برامج إعادة البناء والإعمار.
ففي كل يوم تتأخر فيه القوات المسلحة المدعومة، أكثر من أي وقت مضى، بالمستنفرين والمقاومين، وكل شعب السودان، عن الحزم الموعود، فإن ذلك المدى الزمني يفتح فصولا جديدة من التآمر والتربص ونصب الحبائل. فقد أعلم بمثيل هذا التربص المولى تعالى رسوله، وهو في ساحة الجهاد مع المسلمين السابقين الأولين بقوله:-
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا” ثم أوصاهم بعدم التهاون والتردد في الحسم مهما كانت التضحيات:
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” موصياً ومحرضاً لهم بالثبات على المبدأ وتحديد الوجهة والتوكل الحازم.
أما على مستوى العلاقات الخارجية الثنائية، فقد تبين الآن للجميع، وبوضوح ساطع، من يقف مع السودان، ومن يدبر له المكائد.
وبالتالي فيتعين أن تعتمد مقاصد وتوجهات السياسة الخارجية هذه البوصلة التي لا تكذب.
فيتعين إبرام اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات التبادل النقدي مع دول صديقة وموثوقة كالإتحاد الروسي والصين وكافة الدول الصديقة، التي أكدت بالقول والفعل احترمها لسيادة السودان ووحدة ترابه واستقلال قرار شعبه السياسي، بدلا من الخضوع المتقاعس لأجندة الخارج التركيعية، وتوعداته التثبيطية، التي لن تقود إلا لمزيد من التشظي والفرقة، وبذر الشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والسعي لتموضع العملاء والوسطاء لإذكاء المزيد من الفتن واستطالة أمد الحرب.
بالأمس اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز مع الرئيس بوتين، وقد خلص المراقبون إلى أن الهدف من اللقاء المفاجئ، الذي أذهل العديد منهم، يصب في خدمة السياسة المعلنة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قرر إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما أن ألمانيا نفسها ظلت تعاني من التدهور الاقتصادي بسبب قطع إمدادات الغاز والنفط الروسي عنها منذ عام 2022م ، فأدى ذلك لإغلاق عدد من مصانع السيارات مثل شركة فلكسواجن، وتجميد استثمارات أجنبية لصناعة الموصلات الإلكترونية تقدر ب 30 مليار دولار، وتزايد نسب العطالة والتذمر واستقالة وزير المالية والاقتصاد وتصدع الائتلاف الحاكم، فضلا عن أن نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري تناقصت إلى 0.2% وعلما بأن الاقتصاد الألماني يؤثر على كل دول الإتحاد الأوربي وضَعفه يعاني معاناتها. وبالتالي فلم يعد لأوروبا من مناص سوى التوصل لحل لمشكلة أوكرانيا نزولا على مبدأ الرئيس ترمب.
وبالتالي فإن الرهان الأوربي للوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا وهزيمتها بدون أمريكا أصبحت معالمه واضحة للجميع.
بالأمس أعلنت حكومة الانقلاب في القابون التي يترأسها الجنرال بريس انقويما نتيجة الاستفتاء العام على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد أكثر من 91% من المواطنين، وجاء ذلك بموافقة ورعاية فرنسا ماكرون للانقلاب العسكري الذي جرى في أغسطس 2023م ضد حكومة الرئيس المنتخب علي بونقو في ديسمبر 2022م. وفي السودان نحتاج لتجربة أفضل لأن مرور خمس سنوات دون حكومة منتخبة يضحي أمرا مقلقاً.
عموما على الرئيس البرهان العمل والتصرف كرئيس حكومة أمر واقع، ودولة ذات سيادة، فعليه الشروع في تشكيل حكومة المهام الانتقالية من الخبراء والتكنوقراط، وإعلان برنامج إعادة الإعمار، وإصدار خارطة طريق للانتخابات لاستعادة المشروعية المسنودة بسيادة الشعب وسلطة حكم القانون. فالعالم لا يحترم من يتقاعس وينتزع موقعه المستحق بين الدول، ولا يحتفي بالمترددين المرتكسين المنتظرين لإشارات الآخرين. فالمياه الراكدة يفسدها طول الركود فتفسد ما حولها. والله يخاطب الرسول القائد تعليما للمسلمين في مثل هذه المواقع: ” فإذا عزمت فتوكل على الله”..
دكتور حسن عيسى الطالب
المحقق