تونس.. دور تشريعي وتنموي لـ «المجلس الوطني»
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
أحمد مراد (تونس، القاهرة)
أخبار ذات صلةتترقب الأوساط السياسية والشعبية في تونس انطلاق الانتخابات المحلية التي تُجرى في 24 ديسمبر المقبل، ويتشكل على أثرها المجلس الوطني للجهات والأقاليم، «الغرفة الثانية للبرلمان»، الذي جرى استحداثه في الدستور الجديد الذي تم إقراره في يوليو 2022.
وحدد الفصل الـ 84 من الدستور التونسي، مهام المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وينص على أن «تُعرض وجوباً على المجلس المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم».
كما تشمل مهام المجلس ممارسة صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية، والمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية بأغلبية الأعضاء.
وشدد الناشط السياسي التونسي، صهيب المزريقي، على أهمية الدور الذي يلعبه المجلس الوطني للجهات والأقاليم في الحياة العامة والساحة السياسية والتشريعية التونسية باعتباره شريكاً تشريعياً مؤثراً، ويؤدي دوراً مهماً في التعبير عن احتياجات الجماهير في مناطق إقامتهم المختلفة، ومتابعة تنفيذ ميزانية الحكومة ومخططات التنمية، وغيرها من الأمور التي تمس عصب حياة التوانسة.
وذكر المزريقي في تصريح لـ «الاتحاد» أن المجلس يضمن توزيع مخططات التنمية بشكل متوازن وعادل بين مختلف المناطق، ويحد من الإجحاف الذي طال بعضها في السابق، وبالتالي يُعد من أفضل المستجدات التي جاء بها دستور 25 يوليو.
ويتألف المجلس من أعضاء منتخبين عن الجهات والأقاليم، وأعضاء كل مجلس جهوي ينتخبون من بينهم 3 أعضاء لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وأعضاء المجالس الجهوية في كل إقليم ينتخبون نائباً واحداً من بينهم يمثل هذا الإقليم في المجلس، وقد جرى تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم، ولا يجوز الجمع بين عضوية المجلس وأي وظيفة أو نشاط آخر، بمقابل أو من دون مقابل.
وقال الناشط السياسي التونسي، إن التقسيم الجديد للبلاد على شكل 5 أقاليم يرتكز على بُعد اقتصادي وتنموي يؤسس لعدالة اجتماعية حقيقية، فمن الضروري اعتماد خريطة اقتصادية جديدة ترتكز على تقسيم البلاد جغرافياً أفقياً مراعاة للخصائص المناخية بقصد إيجاد خريطة فلاحية وصناعية واضحة المعالم، وتنسجم مع الخيارات الاستراتيجية للدولة التونسية.
وأضاف المزريقي أن نجاح هذه التجربة غير المسبوقة يتطلب اعتماد «لا مركزية» التخطيط والتنفيذ للبرامج التنموية على مستوى مختلف الأقاليم مع ارتباط مختلف الهياكل الإقليمية بمركزية ذات مهام تنسيقية بقصد إعادة توزيع الثروة خدمة لتنمية متوازنة بين مختلف الأقاليم، وهو ما يفرض إعادة هيكلة مختلف قطاعات الاقتصاد من صناعة، وفلاحة، وخدمات مالية وتجارية بشكل يلبي احتياجات الشعب، والتأسيس لعلاقات إنتاجية وتشغيلية متشابكة ومتداخلة بين الجهات بهدف القضاء على التمييز الطبقي، وفك العزلة عن المناطق الداخلية.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي التونسي، باسل الترجمان، أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم حلقة مهمة في مسيرة استكمال مؤسسات الدولة، ويسهم بشكل كبير في تلبية متطلبات الشعب، وخدمة مشروعات ومخططات التنمية التي يسعى الرئيس قيس سعيد إلى تنفيذها ضمن البرنامج الإصلاحي الذي يتبناه.
وقال الترجمان لـ «الاتحاد» إن الدولة التونسية تسير بخطى ثابتة في برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي عبر آليات سياسية وتشريعية حديثة ومتطورة، وهو ما يعمل على تطهير البلاد من الآفات التي تحاول تدميرها لتحقيق مصالحها الشخصية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تونس
إقرأ أيضاً:
المؤتمر الوطني الفلسطيني يدعو لإصلاح منظمة التحرير وتشكيل قيادة وطنية لوقف إبادة غزة
دعا المؤتمر الوطني الفلسطيني إلى عقد المجلس الوطني الفلسطيني بشكل عاجل، ليضطلع بدوره ويتحمّل مسؤولياته في مواجهة التحديات الراهنة. كما يدعو إلى تشكيل قيادة وطنية موحّدة، تضم جميع المكونات السياسية الحقيقية والقوى الاجتماعية لشعبنا، وذلك في ظل حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وانتهاكات الاحتلال المستمرة في الضفة الغربية المحتلة.
كما دعا المؤتمر إلى ضرورة الشروع الفوري في إعادة بناء منظمة التحرير، بما في ذلك الإعداد لإجراء انتخابات ديمقراطية لأعضاء المجلس الوطني في الداخل والخارج، حمايةً لمكانة منظمة التحرير، وتعزيزًا لدورها.
وفي بيان له، وصل "عربي21" نسخة منها، دعا المؤتمر إلى عقد اجتماع واسع في مدينة رام الله، تشارك فيه الحراكات الشعبية، والشخصيات السياسية والنقابية، وهيئات المجتمع المدني، والفاعلون السياسيون، وممثلو الفصائل الوطنية الفلسطينية، تعبيرًا عن رفض الإملاءات الخارجية، ورفض أي تغيير في بنية النظام السياسي الفلسطيني، قد تترتب عليه نتائج لا تُحمد عقباها.
واستنكر المؤتمر مواصلة "حرب الإبادة التي يشنّها ضد شعبنا الفلسطيني، بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية، وفي ظل غياب أي موقف رسمي فاعل، دولي أو عربي، على الرغم من تعاظم العقوبات الجماعية، وجرائم التجويع، والتهجير القسري، والتطهير العرقي، في قطاع غزة".
وأكد البيان أن "الحكومة الإسرائيلية الفاشية من خلال هذا النهج، إلى فرض تطهير عرقي شامل، وإنهاء الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، وتكريس سياسة الضم والتهويد، من خلال تكثيف الاستيطان الاستعماري، في الضفة الغربية والقدس، وحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وصولًا إلى تصفية قضيته الوطنية".
واستغرب البيان عدم دعوة منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هيئاتها - وفي مقدمها المجلس الوطني الفلسطيني - إلى الانعقاد، ولم تتخذ خطوات جدية لإعادة بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية، بما يواكب حجم التحديات والمخاطر المحدقة بقضيتنا.
ولفت إلى أنه "عُطّلت قرارات لقاءات الوحدة الوطنية التي عُقدت في موسكو وبكين، ليُعلَن بدلًا من ذلك عن دعوة المجلس المركزي للانعقاد. هذه الدعوة التي جاءت استجابةً لضغوط خارجية، تهدف إلى إجراء تعديل على النظام الداخلي لمنظمة التحرير، باستحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذية للمنظمة، وهو تعديل تُثار حوله تساؤلات كبيرة بشأن شرعيته، إذ كُلّف المجلس المركزي الفلسطيني بأداء مهمات المجلس الوطني كاملة، استنادًا إلى قرار مخالف للنظام الأساسي للمنظمة، الذي تنص المادة 29 منه على أن صلاحيات إجراء أي تعديل على النظام تنحصر في المجلس الوطني الفلسطيني، بثلثي أعضائه".
وتابع البيان أنه من اللافت أن المجلس المركزي يرفع، في هذه الدورة، شعارات "لا للتهجير"، "لا للضم"، "نعم للثبات في الوطن"، "إنقاذ أهلنا في غزة"، "وقف الحرب"، "حماية القدس والضفة الغربية"، "نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة، وتجسيد دولة فلسطين على الأرض"، غير أن هذه الشعارات ليست سوى ذرٍ للرماد في العيون، بحسب تعبيره.
وتابع: "إن المؤتمر الوطني الفلسطيني، إذ يحذّر من إجراء تغييرات وإضافات في عضوية المجلس المركزي، دون مصادقة المجلس الوطني، يرفض انعقاد دورة المجلس المركزي بإملاءات خارجية، تقفل مرحلة صُممت لنزع الشرعية عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وتفتح مرحلة لتطويع نظامه السياسي وقبول التعايش الدائم مع نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، تحت غطاء الاتفاق المرحلي والمؤقت، ويأتي ذلك كله في سياق كسب الوقت لصالح ترسيخ الواقع الاستيطاني، وفرض وقائع ديمغرافية على الأرض، تجعل حلم الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاستعمار، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على ترابه الوطني، حلمًا مستحيلًا".
وأكد أن "التهرّب من الاستجابة للنداءات الوطنية والشعبية الداخلية بتشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية ووطنية جامعة، لن يُساهم في حلّ الأزمة الوجودية العميقة التي يواجهها الشعب الفلسطيني ونظامه السياسي وقضيته الوطنية، بل سيُعمّقها، ويُفاقم من حالة الضعف والوهن، ويُقوّض الدور الوطني التحرري والوحدوي لمنظمة التحرير، ويزيد من تهميشها وتآكل دورها التمثيلي بالنسبة إلى الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها".
ورفض المؤتمر بحسب البيان "محاولات دفع النظام السياسي الفلسطيني لفتح الطريق أمام فصلٍ جديد من فصول تبديد الكيانية الفلسطينية، وتصفية القضية الوطنية، ويشدد على أنها مرحلة خطرة من مراحل تقويض النظام السياسي، وتفتيت وحدة الشعب والوطن، تحت غطاء ترتيبات مؤقتة".
وفي شباط/ فبراير الماضي، انعقدت أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني، بمشاركة نحو 400 شخصية من الضفة الغربية وقطاع غزة والجاليات الفلسطينية في الدول العربية والغربية.
وناقش المؤتمر تقارير متعددة عبر لجان متخصصة تشمل اللجنة السياسية، ولجنة خطة المئة يوم، ولجنة إعادة بناء منظمة التحرير، ولجنة دعم الصمود، ولجنة اللاجئين وحق العودة، واللجنة القانونية والتنظيمية.
واستمع المؤتمر الوطني الفلسطيني، في جلسات نقاشية مفتوحة، إلى آراء أعضائه حول الأوضاع الفلسطينية الراهنة وتطورات القضية وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية.
أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي في كلمته الافتتاحية أن المؤتمر يمثل مبادرة شعبية غير مسبوقة وحراكًا وحدويًا شعبيًا مستمرًا ومنظمًا ومتواصلًا للضغط من أجل تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود النضال الوطني الفلسطيني، وتضمن وحدة القرار السياسي والكفاحي، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة بنائها وتفعيلها على أسس كفاحية ديمقراطية لاستعادة دورها التحرري وحمايتها من محاولات التهميش والاحتواء والإضعاف.
وأوضح البرغوثي أن المؤتمر ليس حزبًا ولا مؤسسة، ولا يسعى ليكون بديلاً لمنظمة التحرير، ويتقبل الآراء والتوجهات المتنوعة، ويكرس بنيانه لتشكيل قيادة وطنية موحدة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية.
ومنعت السلطة الفلسطينية نحو 33 من أعضاء المؤتمر الوطني الفلسطيني من السفر للمشاركة في فعالياته في الدوحة، وأعادت قوات الأمن بعضهم من أريحا ومنعتهم من المغادرة، كما هددت السلطة بعض المشاركين في المؤتمر بالاعتقال والفصل من العمل وإيقاف الرواتب عند عودتهم.
وأفاد أحمد غنيم، القيادي في حركة فتح وعضو لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني الفلسطيني، أن جهات في السلطة الفلسطينية اتصلت بعشرة من الأعضاء المشاركين في المؤتمر الوطني الفلسطيني وهددتهم بالاعتقال وحجز جوازات سفرهم والفصل من العمل وإيقاف رواتبهم حال عودتهم إلى فلسطين.
وتعرض المؤتمر الوطني الفلسطيني لموجة من التحريض والتخوين من المجلس الوطني الفلسطيني وحركة فتح وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حيث اتهموا المؤتمر بالسعي لاستبدال المنظمة والتنكر لتضحيات الشهداء والأسرى.
ردًا على ذلك، استهجن المؤتمر حملة "التخوين" ضده، وأكدت لجنة المتابعة فيه أن الهدف الأساسي والوطني للمؤتمر وآلاف المجتمعين والمنضوين تحت رايته هو الدفاع عن منظمة التحرير وجوهرها ودورها وشرعية تمثيلها، وإعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الكفاحي واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي طال هذه المؤسسات الوطنية التي بذل الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس لتأسيسها والدفاع عن شرعيتها.