حسابات بنكية.. «مستدامة»
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تفردت بنوك محلية وأجنبية عاملة في الدولة، بإطلاق حسابات مصرفية مستدامة للشركات منها أول حساب مستدام متوافق مع الشريعة الإسلامية.
وتتلخص الفكرة في استخدام الأموال المودعة المتوافرة في تلك الحسابات لتمويل المشروعات المستدامة، وبما يمكن الشركات من ضمان إدارة أموالها لتحقيق أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية، والمساهمة في بناء اقتصاد شامل وخالٍ من الانبعاثات الكربونية، عبر توفير قناة مناسبة لتعزيز الاستثمار في المشاريع والأصول المستدامة، مع منح الشركات ذاتها حلاً يتسم بالمرونة والشفافية يمكنها من الاطلاع على مدى تأثير أموالها المودعة لصالح المشاريع والأدوات المالية الخضراء.
حساب تحت الطلب
وضمن مجموعة المنتجات والخدمات المصرفية المستدامة التي تشكل جزءاً أساسياً في استراتيجية البنك للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، أطلق بنك أبوظبي التجاري، حساباً مستداماً تحت الطلب لتزويد العملاء من الشركات في الدولة بحلول مصرفية جديدة تمكنهم من إدارة أموالهم بما يتماشى مع تحقيق أهدافهم البيئية والاجتماعية.
ويأتي طرح هذا الحساب أيضاً من أجل التوافق مع تطلعات ومستهدفات دولة الإمارات في بناء اقتصاد شامل وخالٍ من الانبعاثات الكربونية. وتتلخص الفكرة في قيام بنك أبوظبي التجاري (بموجب هذا الحساب) بتخصيص الأموال المودعة من قبل الشركات والمؤسسات لصالح السندات المستدامة والسندات الخضراء ليتم التصرف بها تحت إشراف مجموعة الخزينة والاستثمار لدى البنك، وذلك بما ينسجم مع المبادئ التي وضعتها الرابطة الدولية لسوق رأس المال.
ويوفر الحساب المستدام تحت الطلب القنوات المناسبة لتعزيز الاستثمار في المشاريع والأصول المستدامة، حيث سيتمكن العملاء من الاطلاع على التقرير السنوي الذي يصدره البنك عن مجمل استثمارات المحفظة ومدى تأثير أموالهم المودعة، ومن ناحية أخرى يمكن لأصحاب الحسابات الوصول إلى أموالهم المودعة وإدارة حساباتهم إلكترونياً من خلال منصة «بروكاش» الرقمية لإدارة النقد من بنك أبوظبي التجاري. وأكد بنك أبوظبي التجاري، أنه يعمل على توسيع نطاق خدماته ومنتجاته المستدامة بهدف دعم العملاء في تحقيق أهدافهم الخاصة بالاستدامة، ولذا يوفر البنك لعملائه من الشركات مجموعة كاملة من حلول التمويل المستدام بما في ذلك تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، والقروض المرتبطة بالاستدامة، والخدمات الاستشارية بشأن إصدار السندات الخضراء، وغيرها من المنتجات والحلول التي يجري تطويرها حالياً.
مرونة وشفافية
من جانبه، أكد معتصم إقبال، رئيس قسم المعاملات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك ستاندرد تشارترد، أن البنك كان سباقاً في إطلاق أول حساب تقليدي، وأول حساب إسلامي مستدام لإدارة السيولة في الدولة في عام 2021، ليقدم فرصة الإسهام في التطوير المستدام، وفي الوقت ذاته يُمكن الشركات الكبرى من المحافظة على قدرتها للوصول إلى النقد لتلبية احتياجات إدارة السيولة الضرورية، ملخصاً الفكرة في استخدام الإيداعات المتوافرة في تلك الحسابات لتمويل المشروعات المستدامة، وفقاً لإطار «ستاندرد تشارترد» للمنتجات المستدامة والخضراء، والذي يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتطوير المستدام، فضلاً عن استخدام فائض النقد في الحسابات لمواجهة بعض المخاطر طويلة الأمد، التي يواجهها العالم، والتي تضم التغير المناخي وقضايا الحرمان من التمويل المالي.
وقال إقبال، إن البنك يسعى من خلال خدمة الحسابات المستدامة، إلى تمكين العملاء من دمج ممارسات الاستدامة مع استراتيجياتهم المالية، وبالتالي تلبية احتياجاتهم المالية من السيولة بشكل يدعم جهود المحافظة على كوكب الأرض. وأضاف أن بنك ستاندرد تشارترد، بصفته أحد روَّاد حركة الاستدامة في دولة الإمارات وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يؤمن بأهمية تحريك عجلة التغيير من خلال الشراكات الاستراتيجية. وأوضح أن حسابات الاستدامة تقدم المرونة والشفافية والسيولة التي تحتاجها الشركات، في الوقت الذي تسهم فيه بشكل كبير في تمويل التطور لتحقيق مستقبل مستدام، مشيراً إلى وضع إطار المنتجات المستدامة والخضراء بالتعاون مع خبراء مختصين في قطاع تحليل الاستدامة، الأمر الذي يلغي الحاجة إلى عقد تقييمات أو وضع معايير منفصلة.
كما أطلق بنك أبوظبي الأول، الحساب الجاري الجديد المرتبط بالاستدامة للعملاء من الشركات، في خطوة ترسخ ريادته البيئية على مستوى القطاع المصرفي في الدولة. ويعمل الحساب المستدام على دعم العملاء في تحقيق أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، من خلال جعل أنشطة التنمية المستدامة جزءاً من الإدارة اليومية للنقد. ويمكن لعملاء بنك أبوظبي الأول من الشركات استخدام الحساب المستدام للاحتفاظ بالسيولة اليومية اللازمة لمتطلبات الأعمال ودفع وتسلم المستحقات، في حين سيحرص بنك أبوظبي الأول بدوره على استخدام المبالغ المودعة في الحسابات لتمويل المشاريع المستدامة، بما ينسجم مع إطار عمل التمويل المستدام في البنك.
ويقدم سيتي بنك، الودائع المستدامة من أجل مساعدة الشركات على استثمار الأموال الزائدة في حسابات الودائع، والتي تهدف إلى دعم تمويل المشاريع البيئية والاجتماعية، مثل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والنقل المستدام، والمباني الخضراء، ونشر البنية التحتية والخدمات الأساسية بأسعار معقولة. وأكد أن عملاء البنك يضعون الاستدامة على رأس أولوياتهم الرئيسة، ولذلك تعتبر استراتيجية الودائع إحدى الطرق المبتكرة لإظهار التزام البنك بمساعدة العملاء في الإمارات على تحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بهم عبر المنتجات والخدمات المصرفية، منوهاً بأن شركة الإمارات العالمية للألمنيوم وهي أكبر شركة صناعية في دولة الإمارات خارج قطاع النفط والغاز، أعلنت عن فتح حساب مصرفي مستدام بالتعاون مع البنك لتعزيز الاستدامة ونتطلع إلى دعمها في رحلة الاستدامة.
إدارة السيولة
وفي ظل إدراكها لأهمية دعم جهود الاستدامة والمساهمة في توفير التمويل للمشروعات الصديقة للبيئة، أعلنت عدد من الشركات الإماراتية عن فتح حسابات مصرفية مستدامة لإدارة السيولة، ومنها «مجموعة يلا» المحدودة، مالكة أكبر منصة تواصل اجتماعي وألعاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تتخذ من الإمارات مقراً لها، عن التعاون مع بنك «ستاندرد تشارترد» لإنشاء حساب مستدام لإدارة السيولة.
وأفاد يانغ تاو، مؤسس رئيس مجلس إدارة مجموعة «يلا المحدودة»، بأن تلك الخطوة تأتي في إطار التزام الشركة بالاستدامة كأحد أهم المبادئ التي تقوم عليها منظومة القيم التي تتبناها. وأكد على أهمية دمج الممارسات المستدامة في جميع عمليات الشركة، خاصة وأنه من خلال إدارة السيولة بصورة تعزز من إدماج مبادئ الاستدامة في الاقتصاد المحلي والدولي، يظهر التزام «مجموعة يلا» بدعم مفهوم الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك ضمن توجهها الاستراتيجي العام.
وأشار إلى أن المجموعة تحرص على دعم كل الجهود الهادفة لبناء مستقبل مستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انطلاقاً من مسؤوليتها المجتمعية، مختتماً بالتأكيد على أهمية الشراكات الاستراتيجية في تحقيق التنمية المستدامة، ولذا عملت المجموعة على تعزيز التعاون مع بنك ستاندرد تشارترد بهدف إحداث تأثير إيجابي على الاقتصاد الكلي والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وضمن ذات التوجه أعلنت مجموعة لاندمارك -أيضاً- انضمامها إلى الحساب المستدام من ستاندرد تشارترد، بهدف دمج الاستدامة في عملياتها المصرفية، حيث يتم استخدام المبالغ المودعة في هذا الحساب لدعم المشاريع المستدامة الممولة من قبل ستاندرد تشارترد، وفقاً لإطار ستاندرد تشارترد للمنتجات الخضراء والمستدامة، وبهدف التصدي لبعضٍ من أكبر المخاطر طويلة الأمد في العالم، بما في ذلك التغير المناخي والحرمان من التمويل. وأكدت المجموعة التزامها بتحويل كل منتجات الخزانة الخاصة بها مع بنك ستاندرد تشارترد إلى خضراء حيثما أمكن ذلك، مع نشر الفوائد لتحقيق المزيد من المبادرات المستدامة.
أفضلية خاصة لبنوك الشرق الأوسط
وفقاً لتقرير إرنست ويونغ EY للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في بنوك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن البنوك التي تحرز بالفعل تقدماً في مواءمة المخاطر المناخية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في استراتيجياتها التجارية، تتقدم أيضاً في مجال تطوير منتجات وخدمات تمويل مستدام. وذكر أنه من بين البنوك التي شملتها الدراسة، قامت 45% منها بتطوير أطر عمل للتمويل المستدام.
وأكد التقرير الذي صدر بعنوان: «سد الفجوات: الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مجال العمل المناخي»، أن بنوك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتع بأفضلية مقارنة مع البنوك العالمية في مجال توفير منتجات تمويل مستدامة لعملائها من الشركات والمؤسسات، مبيناً أن 70% من بنوك المنطقة توفر عمليات إقراض لمشاريع الطاقة المتجددة، و65% منها تصدر سندات خضراء أو سندات اجتماعية أو سندات مستدامة، وعلاوة على ذلك، يقدم 40% من بنوك المنطقة قروضاً مرتبطة بالاستدامة، وتشارك 15% منها في تمويل اتفاقيات إعادة شراء صديقة للبيئة.
وقالت جيسيكا روبنسون، رئيس قسم التمويل المستدام في EY منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن توسيع العديد من البنوك في المنطقة لعروضها من منتجات التمويل المستدام يقدم مصدراً للإلهام والتفاؤل، لا سيما في الأسواق الرئيسة التي يزدهر فيها ابتكار المنتجات، منبهة إلى أنه مع ذلك، ونظراً لتزايد تعرض منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتأثيرات تغير المناخ، فمن الضروري أن تسارع البنوك إلى تضمين تقييمات مخاطر المناخ في أطرها الشاملة لإدارة المخاطر.
حوكمة وبيئة
تخصص البنوك الأموال المودعة من قبل الشركات والمؤسسات في الحسابات المستدامة، لأغراض التمويل المستدام، وتعرف وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» التمويل المستدام بأنه يركز على حث الشركات في النظام المالي على إدخال أهداف ممارسات الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية في أنشطتها وتخصيصاتها لرأس المال. وقالت إن (التمويل المستدام) بالنسبة لأي كيان، ينطوي على التركيز على تعزيز أدائه عبر ممارسات الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية. وأوضحت أنه من وجهة نظر المستثمرين، فهو يتضمن عدداً من المناهج الاستثمارية، مثل فحص الأصول استناداً إلى المعايير البيئية أو الاجتماعية أو الأخلاقية، وإدخال ممارسات الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية في عملية صنع قرار الاستثمار، استناداً إلى الآثار الاجتماعية وغيرها، منوهة بأن التمويل المستدام يشمل أيضاً سوق السندات، من خلال إصدار سندات خضراء مسؤولة اجتماعياً ومستدامة حيث تكون العوائد محصورة فقط للأصول ذات الأغراض البيئية أو الاجتماعية أو كليهما معاً.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: البنوك الإمارات الاقتصاد الانبعاثات الكربونية كوب 28 الاستدامة التغير المناخي فی منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا البیئیة والاجتماعیة بنک أبوظبی التجاری التمویل المستدام الاستدامة فی تحقیق أهداف من الشرکات فی الدولة فی تحقیق من خلال
إقرأ أيضاً:
ابن طوق يبحث مع مسؤولي «بيك موبيليتي» تعزيز النقل المستدام بالدولة
أبوظبي (الاتحاد)
بحث معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، مع مسؤولي شركة «بيك موبيليتي - Peec Mobility»، خطط الشركة المستقبلية في السوق الإماراتية، ودورها في تعزيز منظومة الاقتصاد الدائري والنقل المستدام بالدولة.
يأتي ذلك، في إطار تعزيز التواصل مع مجتمع الأعمال في الدولة، وذلك ضمن مبادرة «التواصل الاقتصادي» التي أطلقتها الوزارة مؤخراً.
وأكد معالي عبدالله بن طوق المري أن دولة الإمارات بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة أولت اهتماماً كبيراً بتطوير السياسات والمبادرات الداعمة للتحول نحو نموذج الاقتصاد الدائري، اعتماداً على أفضل الممارسات المتبعة عالمياً، ومن أبرزها، «أجندة الإمارات للاقتصاد الدائري 2031»، حيث يُعد القطاع الخاص مساهماً رئيساً في تحقيق مستهدفات هذه الأجندة، وتمكين الممارسات المستدامة بالقطاعات الحيوية كافة، لاسيما النقل المستدام والتصنيع والغذاء والبنية التحتية، بما يضمن التكيف مع التغيرات المناخية، وبما يدعم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
وقال معاليه: تطوير أنظمة النقل الحالية بالدولة، وتحويلها إلى أنظمة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، يأتي ضمن رؤيتها في تقليل هدر الوقود، وتخفيض الانبعاثات الكربونية، ويمثل الاجتماع مع شركة «بيك موبيليتي» خطوة مهمة لتعزيز التعاون في ممارسات الاقتصاد الدائري، ومعرفة أحدث التطورات في قطاع السيارات الكهربائية، وبحث إمكانية تعزيز التعاون في تبني حلول مبتكرة تدعم توجهات الدولة في توفير خيارات متعددة للنقل الذكي والمستدام، لا سيما أنها تمتلك بنية تحتية متقدمة لقطاع السيارات الكهربائية بالسوق المحلية.
ومن جانبه، قال أحمد فايزال، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «بيك موبيليتي»: كان لدينا رؤية واضحة عندما بدأنا تأسيس أعمالنا بأن دولة الإمارات هي المكان المثالي للابتكار والإبداع وتبني الأفكار الريادية، ونحن حريصون على التوسع بشكل كبير في عالم إعادة تدوير السيارات وتحويلها إلى سيارات تعمل بالكهرباء، وتقديم أفضل ما لدينا في هذا الصدد، ووضعنا هدفاً طموحاً يتمثل في خلق قصة نجاح لسيارات الأجرة العاملة في الدولة والبالغ عددها 40 ألف سيارة، و16 ألف حافلة مدرسية، و2000 حافلة عاملة، حيث نريد أن نمثل إضافة قوية لإعادة تدوير السيارات في السوق الإماراتية.
وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر حول التقنيات المستخدمة في إطالة عمر السيارات القديمة التي تعمل بالبنزين عن طريق تحويلها إلى كهربائية، وكذلك رؤية الشركة في دعم جهود الدولة في تقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة حصة المركبات الكهربائية والهجينة إلى 50% من إجمالي المركبات على طرق الدولة بحلول عام 2050.
وتضمن اللقاء أيضاً الاطلاع على مجموعة من السيارات الكهربائية التي تقدمها «بيك موبيليتي» في السوق المحلية للأفراد والشركات بأسعار تنافسية، وكذلك مراحل النمو والتطوير التي مرت بها منذ تأسيسها في العام 2020 وحتى الآن، والتي شهدت ضخ استثمارات تقدّر بـ 12 مليون دولار.