بوابة الفجر:
2025-01-22@13:42:52 GMT

ماذا سيحدث في قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة؟

تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT

في اليوم الأول من سريان الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، وفقًا للاتفاق بين حركة حماس وإسرائيل، وذلك لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، وإطلاق سراح 50 من النساء والأطفال المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين في سجون إسرائيل، أكد عدد من أعضاء مجلس النواب أن الهدنة المؤقتة هي انتصار الجهود المصرية وتتويج لجهود القيادة السياسية خلال الفترة الماضية، موضحين عددًا من السيناريوهات المتوقعة فيما بعد الهدنة.

 

النائب عاطف مغاوري

 

كافة الدعم للهدنة على الأراضي المصرية


وفي هذا السياق، قال النائب عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب التجمع، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن نجاح الوصول إلى اتفاق هدنة إنسانية في غزة، ترجع إلى الجهود المصرية التي لا تتوانى في دعم الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن كل الدعم اللوجيستي لعملية الهدنة يتم على الأراضي المصرية، وكذلك معبر رفح سواء في إدخال المساعدات الإنسانية أو استقبال الأسرى وغيرها من الإجراءات.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن الموقف من القضية الفلسطينية واضح وصريح، وهو ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في المؤتمر الجماهيري أمس الذي عُقد تحت شعار "تحيا مصر" في استجابة وتضامن مع الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أنه كان مؤتمرا فلسطينيا صرفا على أرض مصرية بجماهير مصرية، وأن التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء خط أحمر.

 

فرصة لترتيب الأوضاع


وبشأن السيناريوهات المتوقعة ما بعد الهدنة، أوضح عضو اللجنة التشريعية، أن الهدنة المؤقتة والمرتبطة بتبادل الأسرى مابين الطرفين، هي فرصة لترتيب الأوضاع، ونتمنى أن تكون التهدئة في المستقبل دائمة، ولكن لا تكون خطوط الهدنة التي تريد إسرائيل اعتمادها الآن بتواجد قوتها في غزة تتحول إلى خطوط دائمة.


وتابع: للأسف الشديد تجربتنا مع العدو الصهيوني في اتفاقية "رودس للهدنة عام 1949"، وأن تتحول خطوط الهدنة إلى خطوط دائمة وحدود للكيان الصهيوني كما حدث فيما قبل، مستطردا: ما نتمناه أن لا يكون اجتياح الشمال والوسط في غزة يسمح للكيان الصهيوني وقواته وآلات الحرب في أن تقيم مناطق عازلة، بالإضافة إلى أن تصريحات بعض قادة الكيان الصهيوني تقول أن بعد الهدنة سيكون هناك قتالًا يستمر إلى شهرين وأن الجنوب لن يكون بعيدًا عن متناول أيدي آلات الحرب، وهذا ما يجب أن تعمل عليه مصر مع الجهود الخارجية في ضرورة وقف آلات الحرب.
 


استكمال مخطط التهجير القسري


وأشار نائب رئيس حزب التجمع، إلى أن استكمال مخطط التهجير القسري هو ما تريده إسرائيل بعد انتهاء فترة الهدنة، وهو سيناريو معروف من قبل، لافتًا إلى أنه في الصراع العربي الصهيوني عندما يغادر الفلسطيني أرضه فإنه لا يعود مرة أخرى وهذه تجربة سابقة منذ حرب 1948، لذا سمي بنكبة لأنه انتزاع شعب من أرضه وليس هزيمة، مضيفًا: التعشيم بهدنة مؤقتة ويأتي الخراب بعدها أمر مرفوض تمامًا إنسانيًا وأخلاقيًا وقانونيًا.


وأردف: الحياة في قطاع غزة الآن أصبحت مستحيلة في حالة الدمار والخراب الذي نتج عن آلة الحرب الصهيونية، بالإضافة إلى أن فكرة الحديث عن أن الشمال والوسط يتم منع الفلسطنيين منهم ولا توجد بينهم مناطق آمنة، كل هذه الأمور هناك رؤية مستقبلية للرئيس ولمصر للصراع في المستقبل.

 

النائب محمد راضي

 


نجاح الجهود المصرية


وفي سياق متصل، قال النائب محمد راضي، أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن اتفاق الهدنة الإنسانية في غزة لمدة 4 أيام قابلة للتمديد وتبادل الأسرى المحتجزين من النساء والأطفال، وإتاحة دخول أعداد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية لقطاع غزة، هو نجاح لجهود الوساطة المصرية وتتويج لجهود القيادة السياسية خلال الفترة الماضية منذ بدء الأزمة.

 

تحقيق السلام العادل للقضية


وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن مصر من أكبر الدول العربية التي قدمت المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، مؤكدًا على موقف مصر واضح لتحقيق السلام الشامل والعادل للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين.

 

معاودة هجمات الاحتلال


وبشأن السيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء فترة الهدنة المؤقتة، أشار أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي، إلى أنه من المتوقع أن يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بمعاودة استمرار هجماته ضد المدنيين في القطاع، ولكن ستكون هناك أيضًا جهود لمصر وللدول العربية في التوصل إلى مفاوضات للوصول إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الهدنة الإنسانية بغزة قطاع غزة اسرائيل حركة حماس الشعب الفلسطيني انتهاء الهدنة الهدنة المؤقتة حركة حماس وإسرائيل الهدنة الإنسانية في قطاع غزة قطاع غزة إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

حكايات من قلب الغزة

أمل: فقدنا منازلنا فى الحرب وسنبنيها من جديدسكان غزة: شكرًا لمصر على عدم تنفيذ مخطط التهجير

 

آن لغزة أن تستريح.. بعدما لاح حديث الهدنة بالأفق كفصل جديد فى مُجلّد الألم، على أرضٍ اختلط فيها غبار الركام بدماء الشهداء، وبين أنقاض بيوتٍ كانت يومًا مأوى للأحبة، والآن تحكى صمتًا أشدّ وقعًا من الكلام، وفى سماءٍ لم تعرف سوى دخان القذائف، وفى ظلال أيامٍ أثقلتها أوجاع الحصار والدمار.. فقد وقف شعبها منهكًا بين أملٍ لا يجرؤ على التصديق، وخوفٍ من سلامٍ هش لا يحمل سوى خيبة جديدة فى بُقعةٍ أبيّة لا تُستقبل الهُدن كوعودٍ بالسلام، بل كتوقفٍ مؤقت عن نزيفٍ لا ينقطع ودماء تُراق على مرأى ومسمع من العالمِ أجمع، وجثث متناثرة كفُتات وجبة دسمة على مائدة افترشها الجوعى.. آن لغزة أن تهدأ من صراخ الجرحى وأنين الثكالى وبكاء اليتامى ونوح الطيور المحاصرة وهى تموت علانية بلا رحمة أو شفقة.. آن لغزة أن تُوقف آلة حصد الضحايا الذين لا ذنبَ لهم سوى أنهم تشبّثوا بوطنٍ وُلدوا وعاشوا فيهِ.

استمعت «الوفد» إلى أصواتٍ اختبرتها المآسي، حملت وجع وطنٍ جريح، عبّرت عن نبض شعبٍ يعيش بين الحصار والموت، ولا يزال ينتظر، بقلوبٍ متعبة، عدالةً غابت عن أرضه طويلًا، ومع بدء تطبيق الهدنة عاد الأمل فى غد أفضل يداعب مخيلاتهم، فرحين بحلم العودة

«ستظل غزة معجزة فى الصبر ومعجزة فى الأمل ومعجزة فى العودة إلى الحياة من جديد».. بكلمات تنم عن إرادة فولاذية وعزيمة لا تُقهر أعربت أمل عايد البطنيجي، مديرة مدرسة الشجاعية الثانوية، والتى تقيم بمنطقة دير البلح، عن سعادتها باتفاق الهدنة قائلة: «استقبلنا خبر الهدنة بقلوب مليئة بالفرح والسعادة والأمل، بعد أن عشنا معاناة قاسية وطويلة استمرت أكثر من عام وثلاثة أشهر من الحرب والدمار، وسعدنا بعودة أسرانا الأبطال، كانت الأيام ثقيلة، لكننا رغم ذلك لم نفقد الأمل فى أن يأتى يوم ينقلب فيه الحال وتتحقق رغباتنا فى السلام والاستقرار. اليوم، ونحن نرى أن الهدنة قد تحققت، نأمل أن تكون بداية لعهد جديد من الاستقرار الحقيقى والدائم، وأن تفتح أمامنا أبواب الأمل لبناء ما تهدم واستعادة ما فقدناه. 

بصوتٍ مبحوحٍ نالَ منه الألم استكلمت صاحبة الـ57 ربيعًا حديثها لـ»الوفد» قائلة: «الحرب أفقدتنى أخى وأقاربى وأصدقائى وأعز الجيران، فقدت بيتى وكل ما أملك، ورغم كل هذا، أحتسب ما فقدته عند الله، وأعلم أن شهداءنا أحياء عند ربهم يرزقون، والآن أصبح علينا أن نستعد لما هو قادم، فلا أحد يستطيع تخيل حجم الدمار والخراب الذى سنعود إليه. فالوضع يتطلب قوة وصبر وجهد كبير لإعادة البيوت التى تهدمت، واثقين أن الأجر الذى ننتظره عند الله أعظم مما نتصور».

وأفصحت «البطنيجي» عن معاناة أهل غزة فى الحرب قائلة: « لقد انقلبت حياتنا رأسًا على عقب بعد السابع من أكتوبر، حين تحولت أيامنا التى كانت هادئة ومليئة بالأمان إلى كابوس مرير. اضطررنا لترك بيوتنا وأرضنا، وشرعنا فى رحلة نزوح شاقة نحو الجنوب، حيث عايشنا ظروفًا قاسية، فقدنا أبسط مقومات الحياة، لا ماء، ولا كهرباء ولا غاز، حياة بدائية بمعنى الكلمة، وكان الإجرام قد بلغ أقصى درجاته حين قطعوا عنّا مصادر المياه. أما الأوضاع الأمنية، فقد كانت فى غاية القسوة، إذ كانت أصوات القصف تتردد فى كل مكان، ومع ذلك نجونا من الحرب اللعينة بأعجوبة»

وأضافت: « واجهنا الكثير من التحديات بعيدًا عن بيوتنا وأرضنا، وعشنا فى ظروف قاسية، ومع الإعلان عن الهدنة، أصبح لدينا أمل فى العودة لأرضنا، ونتمنى أن تكون هذه العودة آمنة، رغم التحديات الكبيرة التى قد تواجهنا. وأبرزها توفير وسائل النقل، والأصعب من ذلك هو أن العودة ستكون إلى بيوت مدمرة، وإلى شوارع محطمة، حتى المدارس والجامعات أصبحت خرابًا، ما يجعلنا ندرك أن مشوارنا فى إعادة بناء حياتنا سيكون طويلًا وشاقًا».

وعن دور المؤسسات الإنسانية والإغاثية خلال فترة التصعيد أشارت إلى أنها لعبت دورًا محوريًا فى تقديم الدعم للناس، وتوفير احتياجاتهم الضرورية، ورغم ذلك لم تكن خدماتها بمستوى المعاناة الكبيرة التى واجهها الناس، حيث كانت الأوضاع بالغة الصعوبة، وتضاعفت التحديات بسبب غياب الأمن، مما جعل من المستحيل إيصال المساعدات بسلام، بسبب حصار الاحتلال.

واختتمت «أمل» حديثها قائلة: « نًثمن جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى دعم قضيتنا وحفظ حقنا الثابت فى أرضنا ومقدساتنا، فقد كانت المفاوضات فى غاية الصعوبة، واستدعت جهدًا كبيرًا من قيادات مصر، الذين تحملوا مسؤولية الوساطة ببراعة وحكمة. ونأمل أن يستمروا فى المتابعة لضمان أن يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.. ونوجه رسالتنا إلى شعب مصر العظيم الذى تعاطف معنا بشكل كبير، نشكركم من أعماق قلوبنا، ونرجوا أن تواصلوا دعم صمودنا وتضحياتنا فى مواجهة الاحتلال. ففلسطين ليست قضية شعبنا وحده، بل هى قضية كل عربى حر، ودماء الشهداء التى روت الأرض هى أمانة فى أعناقنا جميعًا.

هدنة حقيقية

بينما قالت هبة حمدان، إحدى سكان قطاع غزة، والتى تبلغ من العمر 37 عامًا: «نأمل أن تكون هذه الهدنة حقيقية وفعّالة، بحيث لا تُخترق ولا يتعرض أى من بنودها للتلاعب. فقد عشنا تجارب مريرة مع اتفاقات سابقة، حيث تم الإعلان عن هدنة لفترة قصيرة، وبعد مرور أسبوع فقط تم اختراقها من جديد، ما ألحق بنا مزيدًا من المعاناة بسبب تصعيد العدو الذى كان يستهدف المدنيين فى غزة،. لذلك، ندعو الله فى كل لحظة أن يكون وقف إطلاق النار هذه المرة دائمًا، وأن تكون الهدنة ملزمة لجميع الأطراف، فنحن نريد حلاً حقيقيًا يوقف نزيف الدماء ويمنحنا الفرصة للعيش بسلام»

وتابعت: «لا أحد يستطيع تخيل حجم المعاناة التى يعيشها الناس هنا، فأسس الحياة اليومية غير موجودة مثل: الحمامات ومياه الشرب النظيفة، والصرف الصحى أصبح فى الشوارع، الكثير من الناس يعيشون فى خيام بالية فى ظروف غير إنسانية، ولا يوجد غذاءً كافيًا، فقد ضربت المجاعة غزة من شمالها إلى جنوبها.والوضع يتطلب تدخلًا عاجلًا، مثل إدخال المعدات الثقيلة لرفع الركام عن الطرقات لكى يتمكنوا من الوصول إلى جثامين الشهداء الذين لا يزالون تحت الأنقاض. معسكر جباليا، مثل العديد من المناطق الأخرى، يعانى من دمار هائل، حيث الشهداء مدفونون فى الشوارع، وفى الأسواق وساحات المستشفيات والمدارس. لكم أن تتخيلوا المدة الطويلة التى تحتاجها فرق الإنقاذ لنقل رفات الشهداء من هذه الأماكن العامة إلى مثواهم الأخير.. فالناس هنا يعيشون فى جحيم لا يمكن تحمله».

وأكلمت: «فى حال استمرّت الهدنة، ستوفر نطاقًا من الأمان، مما يسمح للناس بالتحرك بحرية. وستمنحنا فرصة لاستعادة بعض من إنسانيتنا المفقودة فى ظل الحرب، كما أنها ستتيح لنا أن نعيش لحظات حزننا بطريقة أكثر إنسانية، فنستطيع التواجد مع جيراننا وأصدقائنا لنواسى بعضنا بعضًا.. الهدنة هنا ليست مجرد وقف لإطلاق النار، بل هى فرصة حقيقية لاستعادة جزء من الأمل والحياة».

وتابعت: «نأمل أن تكون الهدنة فرصة يتحرك فيها الجميع لتقديم الدعم والمساعدة لشعب فلسطين. فالعالم الآن أمام اختبار حقيقي، والفرصة سانحة لتوصيل المساعدات الطارئة إلى أهل غزة، بدءًا من الفرق الطبية، مرورًا بإدخال المعدات الثقيلة التى يحتاجها الدفاع المدنى لرفع الأنقاض. كما أن هناك حاجة ماسة لتوفير الخيام بشكل عاجل لإيواء الناس الذين فقدوا منازلهم، إلى جانب المواد التموينية الأساسية ومواد النظافة الحيوية. فالكلمات وحدها لن تكون كافية لتخفيف الألم، ولكن العمل الجاد والمستمر هو ما سيبعث فى نفوس أهل غزة الأمل ويعطيهم القوة للوقوف من جديد».

عهد جديد.

تبادلت محررة الوفد أطراف الحديث مع الصحفى سائد أبو محسن، عضو نقابة الصحفيين الفلسطنيين، حيث قال: « صباح الأحد هو بداية عهد جديد، خالٍ من المجازر والدمار والتطهير العرقي، فقد آن لشمس الحرية أن تشرق دون ويلات الاحتلال، بعد مرور ٤٦٨ يومًا من الألم والحزن والفقد والدمار.. إنه قرار صائب تحقق بفضل مفاوضين مخلصين ومثابرين، ونحن نرفع أكف الدعاء إلى الله أن يفتح لنا بابًا جديدًا من الأمل والاستقرار».

وبحديث عن الفقدان ينخَرُ فى سُويداء قلب مكلوم أضاف «سائد»: «فقدت معظم أصدقائى وأحبتى وأبناء عائلتى وأنسبائي، ولكننى أسأل الله العلى القدير أن تكون المرحلة القادمة مرحلة إعمار وعودة الأمل لغزة وأهلها. مرحلة تعم فيها بشائر الأمل والتعافى وتلتئم فيها شمل العائلات التى فرقتها الحرب وتزدهر الأرض من جديد.

وفى ختام حديثه قال أبو محسن: «نوجه كل كلمات الشكر والحب والامتنان للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي، على وقفته الشجاعة والتصدى لمحاولات تهجير الشعب الفلسطينى إلى سيناء، ودعمه المتواصل لفلسطين وشعبها، لقد كانت مصر دائمًا، وستظل، الحاضن الأول للحق الفلسطيني، فمصر وفلسطين دائما يد واحدة، وتحية لمصر رئيسًا وحكومة وشعبًا، على مواقفهم الشجاعة.

طوق نجاة                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  

«الهدنة أتت كطوق نجاة للمكلومين».. بهذه الكلمات بدأ «خالد خليل»، 32 عامًا، من معسكر جباليا تل الزعتر، حديثه لـ»الوفد» قائلًا: «منحتنا الهُدنة فُرصة للراحة بعد معاناة استمرت طويلًا، وبعثت فى نفوسنا شيئًا من الأمل فى غدٍ أفضل. ونحن على يقين بأنها ستكون بداية لمرحلة من الاستقرار والأمل وإعادة بناء ما تم تدميره.

وواصل: «تنتظرنا تحديات كبيرة فى ظل غلاء الأسعار وقلة البضائع فى الأسواق، ولكننا نأمل أن تُساهم المساعدات القادمة من مصر فى تحسين الوضع، فالحرب التى استمرت طويلًا ضغطت على الجميع وأثرت على حياتنا بشكل كبير بسبب الظروف المعيشية الصعبة. والهدنة جاءت متأخرة جدًا، فنحن نعانى ونموت منذ أكثر من عام، ورغم كل المعاناة، نأمل أن تكون الهدنة بداية لاستقرار طال انتظاره.. ولكننا نعيش الآن حالة من الترقب الحذر، فلا يمكننا الوثوق بعدوٍ لا يُؤتمن».

وأضاف: «إن الأضرار المادية التى خلفتها الحرب كانت ضخمة للغاية، فالوضع أصبح أشبه بكارثة شاملة، فلا توجد مصادر دخل كافية، وبالتالى لا يوجد أى أمل فى جمع المال لإعادة بناء البيوت المدمرة. خسرتُ مصدر رزقى الذى كان يعيل أسرتي، كما خسرتُ منزلى الذى كان يمثل الأمان والملاذ لعائلتي. وأصبحنا نعيش فى ظروف صعبة يسودها الخوف من المستقبل والقلق من المجهول. لكننا فى الوقت ذاته نحتفظ بالأمل أن يكون فى المستقبل فرصة للبدء من جديد

وأضاف: «بارك الله فى الأشقاء فى مصر وقطر، فقد ساهمت جهودهم المخلصة فى تحقيق هذه الهدنة، وما كانت لتتم لولا دعمهم الكبير والمستمر. ونأمل أن يسهم الاتفاق فى حماية المدنيين وتحقيق الأمان، فنحن نثق أن مصر، بصفتها الجهة الضامنة للاتفاق، ستظل دائمًا الحامى لشعبنا، وستعمل على ضمان عدم تكرار العدوان والجرائم بحق الأبرياء.

«سيتم إعمار غزة بجهود مصرية».. بهذه الكلمات اختتم الشاب الثلاثينى حديثه قائلًا: «ستظل جهود مصر هى القوة الدافعة لإعادة إعمار غزة، حيث ستنطلق من أرض مصر الحبيبة إشراقة الأمل، لتبنى من جديد ما دمرته يد العدوان

تحديات

من جانبها قالت الشابة الفلسطينية لجين الرخاوي: «لقد مررنا بأحداث شديدة التأثير على مدار عام وثلاثة أشهر، فقدنا فيها أحباءً تركوا فى قلوبنا فراغًا لا يسد أبدًا. والآن جاءت الهدنة، ولا يمكن للكلمات أن تعبر عن مقدار الألم الذى عايشناه. كم روحًا فقدنا، كم أحبة رحلوا ولم يعودوا، وكم من الأيام مرّت علينا وكأنها سنوات. فكم من قلوب تحطمت وكم من أحلام تمزقت وتبددت بسبب الحربٍ.

وأضافت: «إبان الحرب كل لحظة مررنا بها كانت بمثابة تحدٍ كبير؛ وما تحملناه من أعباء ومسؤوليات كان فوق طاقتنا. ورغم أننا نشعر ببعض الراحة مع تنفيذ الهدنة، إلا أننا ما زلنا نواجه تحديات عصيبة، ولا يزال صمودنا يختبر فى كل مرحلة، لكننا مستمرون، رغم كل الصعاب، فى مسيرتنا نحو استعادة الأمن والاستقرار».

واختتمت لجين حديثها قائلة: «قلوبنا مفجوعة من فقدان الأحبة، من فقدان المنازل التى كانت يومًا ملاذًا للسكينة، وكل لحظة تمر تزيد من شعورنا بالعجز أمام هذا الوجع الذى يعم الأرجاء، ولا نعلم إلى أين سنذهب أو كيف سنواجه غدًا فى ظل هذا الظرف الذى لا يحتمل».

8 شهداء

«قصفوا البيت على رؤوسنا، وبينما كُنّا نحاول النجاة، سقط منا ثمانية شهداء».. بهذه الكلمات بدأ الدكتور منذر إسماعيل العامودي، 46 عامًا، من سكان شمال غزة، حديثه للوفد قائلًا: «إن الهدنة قرار تاريخى سيظل خالدًا فى ذاكرة الأجيال، إذ جاء لحقن الدماء وحفظ الأعراض، وحفظ الأرض والإنسان. صحيح أننا فقدنا الكثير من الأرواح البريئة، وتهدمت البيوت، وتعرضت الممتلكات للدمار، لكننا ما زلنا نحمل فى قلوبنا حب الوطن، وأضاف: لقد كان القرار بمثابة صفعة لكل المخططات الصهيونية الرامية إلى تهجيرنا وطردنا، ولبناء مستوطنات على أنقاض منازلنا. 

وتابع: «عن أى معاناة أتكلم؟ الجوع قد وصل بنا إلى حدود لم نكن نتخيلها، حيث أصبحنا نعيش على الأعلاف التى كانت تُقدم للدواب، أما الخوف، فقد كان يطوقنا من كل جانب، محاصرين فى بيوتنا، حيث سقط الشهداء والمصابون، ودماء الأبرياء سالت بغزارة لتسقى الأرض. قتل الأبرياء كان يوميًا، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، سقطوا ظلمًا وقهرًا على يد طغاة لا يعرفون للرحمة سبيلًا.. والفقر كان رفيقنا الدائم، فقد ضاعت أعمالنا ومصادر رزقنا، حتى أصبحنا نمد يدينا فى وقت شهدنا فيه ارتفاعًا جنونيًا فى الأسعار. أما المأوى، فقد دُمرت البيوت فوق رؤوس ساكنيها، فاضطررنا للنزوح إلى الخيام بعد أن كنا نعيش فى بيوتنا الآمنة،  وأصبح المطر كابوسًا يطاردنا وأداة تعذيب لنا، تغرق خيامنا وتبلل أجسادنا الضعيفة، والبرد بات مضاجعنا، وأصبحت الخيام التى كنا نأمل أن تحمينا عاجزة عن توفير الحماية فى وجه هذا الطقس الصعب.

وكشف «منذر» عن أصعب المواقف التى تعرّض لها قائلًا: «تعرضنا لقصف شرس ومروع دمر كل ما نملك، فبيتنا الواقع فى حى الشيخ رضوان بغزة على حدود جباليا تم تدميره فوق رؤوسنا، وكذلك لم تسلم أماكننا المقدسة من الدمار، حيث طال القصف مسجدنا أيضًا، فالقذائف كانت تتساقط علينا عشوائيًا، غير مبالية بحياة الأبرياء أو منازلهم.. وتوفيت والدتى أمام أعيننا، بعد أن أصابتها جلطة قلبية، وعجزنا عن الوصول إلى المستشفى بسبب الحصار المفروض علينا وقلة الإمكانات، وتزايدت معاناتنا بغياب الرعاية الصحية حيث كانت الأوضاع هناك أشبه بالجحيم.

واختتم «منذر» حديثه قائلا: جزيل الشكر لشعب مصر ورئيسها على موقفهم الثابت والرافض للتهجير، والذين كانوا خير سندٍ لنا فى أصعب أوقاتنا.

 

مقالات مشابهة

  • المستشار الألماني: دعمنا لأوكرانيا مُستمر حتى بعد انتهاء الحرب مع روسيا
  • مؤكداً فشل الحرب في غزة.. رئيس أركان “جيش” العدو الصهيوني يعلن استقالته
  • حكايات من قلب غزة
  • حكايات من قلب الغزة
  • بالصور.. حجم الدمار في غزة بعد انتهاء الحرب
  • زعيم معارضة الاحتلال: بعد أسوأ عامين في تاريخنا يجب انتهاء الحرب
  • بعد 15 شهرًا من العدوان.. كارثة غزة تحديات إعادة الإعمار تعمِّق المأساة الإنسانية الضحايا حوالي 156 ألف قتيل وجريح.. والأنقاض تتجاوز الـ42 مليون طن
  • عاجل - هل يخرق نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد يوم من سريانه؟
  • الهلال الأحمر المصري يكشف تأثير الهدنة ودخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • من حماس إلى حزب الله والحوثيين.. ماذا سيحدث الآن لـمحور المقاومة؟