من بينها اضطراب ما بعد الصدمة... مخاوف بشأن التبعات النفسية على الرهائن المفرج عنهم من قبل حماس
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
عقب إطلاق سراح عشرات الرهائن من النساء والأطفال الجمعة، كجزء من الهدنة الموقتة المبرمة بين إسرائيل وحركة حماس التي كانت تحتجزهم منذ شهر ونص شهر في قطاع غزة، يبدو الجانب المرتبط بالصحة النفسية للمفرج عنهم حاضرا بقوة في سياق الحديث عن الوسائل والطرائق الممكنة للتخفيف من حدة التداعيات التي قد يعانونها.
في هذا السياق، يقول الطبيب النفسي البريطاني نيل غرينبرغ المتخصص في الصدمات النفسية "لا يصاب كل الأشخاص الذين يخرجون من الأسر (...) باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات عقلية أخرى، لكن هذه حال أقلية كبيرة".
لكن، ما هي التبعات النفسية على هؤلاء الرهائن؟ وهل هناك سابقة تسمح بتوصيف علمي لآثار ما حصل بأن يكون هناك أي مجال للمقارنة بين الصدمات؟
وفق غرينبرغ، عموما "لا توجد أعراض إجهاد ما بعد الصدمة خاصة بالرهائن".
لكن تجربة الرهينة بحد ذاتها تحمل خصوصيات قد تسبب مشكلات مستقبلية مثل العزلة والتعرض المحتمل للإذلال والشعور بالعجز...
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأضواء الإعلامية التي ترافق عمليات احتجاز الرهائن في كثير من الأحيان، تضيء على قدرة هؤلاء على التعافي أم لا.
بعضهم انهار مثل الصحافي الفرنسي بريس فلوتيو الذي أنهى حياته عام 2001 بعد ثمانية أشهر من احتجازه كرهينة في الشيشان، وجون بول غيتي الثالث (حفيد قطب النفط الأمريكي جون بول غيتي الذي كان ذات يوم أغنى رجل في العالم) الذي لم يتمكن من التعافي من صدمة اختطافه في إيطاليا في السبعينيات عندما كان طفلا وغرق في دوامة من الإدمان تركته مشلولا حتى وفاته.
كذلك، رصدت أعراض ما بعد الصدمة أقل حدة بين رهائن سابقين، مثل الصعوبة في التركيز وفقدان الذاكرة ونوبات اكتئاب أو قلق وانسحاب من الحياة الاجتماعية.
لكن الضحايا يميلون رغم كل شيء إلى استعادة السيطرة على حياتهم، وبعض الرهائن السابقين، رغم التناقض الذي قد يبدو عليه الأمر، يكتسبون في نهاية المطاف تأثيرات إيجابية من تجربتهم على المستوى النفسي.
ما تفسير هذه الاختلافات؟يواجه الأطباء النفسيون صعوبة في الإجابة ويقرون بأنه من الصعب معرفة مسبقا ما إذا كان أحد الرهائن أكثر عرضة من غيره للإصابة باضطرابات عقلية.
وفي العام 2009، أقر معدو دراسة حول هذا الموضوع في مجلة الجمعية الملكية البريطانية للطب بأنه "لم نحدد بشكل واضح العوامل التي تؤدي إلى تطورات سلبية بعد احتجاز رهائن".
لكن حددت بعض عوامل الخطر المحتملة: أن تكون الرهينة امرأة أو ذات مستوى تعليمي متدنٍّ أو العزل لفترة طويلة... لكن تلك الدراسة قديمة ويصعب الاعتماد عليها في وضع الخلاصات العلمية.
وأوضحت الدراسة أنه "لأسباب أخلاقية وعملية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأطفال، من الصعب متابعة الرهائن بعد إطلاق سراحهم"، مشيرة إلى خطر إحياء الصدمة من خلال إجراء مقابلات مع الرهائن السابقين "وبالتالي فإن البيانات الطبية والعلمية المتوافرة متواضعة نسبيا".
وتعتمد الكثير من الدراسات على سير ذاتية لرهائن سابقين، وهي وجهة نظر محدودة.
وهناك عنصر آخر يزيد من تعقيد عملية تعقب الآثار النفسية، وهو أن الاضطرابات قد تستغرق وقتا طويلا للظهور.
وتوضح الطبيبة النفسية كريستين روليير المتخصصة في اضطرابات ما بعد الصدمة "قد تظهر بعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات، ولا يمكن توقعها على الإطلاق"، مشددة على ضرورة متابعة الرهينة على المستوى النفسي فور إطلاق سراحها.
وتؤكد ضرورة "السماح للشخص على الفور بالتحدث عما مر به. إنها طريقة لإعادة الأحداث الاستثنائية" التي نقلته لعالم مغاير، مضيفة أن "الهدف هو مرافقته في طريق العودة إلى عالم الأحياء".
يذكر أن حركة حماس شنت هجوما غير مسبوق على أراضي الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تم خلاله أخذ زهاء 240 شخصا رهائن، بحسب السلطات الإسرائيلية، ومقتل 1200 شخص غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول، وفق المصدر نفسه. ومذاك تنفذ إسرائيل قصفا مدمرا على غزة أوقع 14854 قتيلا، حسب حماس.
فرانس24 / أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج غزة إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس فلسطينيون هدنة الصليب الأحمر صحة رهائن إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا ما بعد الصدمة
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: علينا الاستعداد لـظل حماس الطويل.. تأثير 7 أكتوبر
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، مقالا بعنوان "ظل حماس الطويل سوف يتطلب استثمارا أكبر في موارد الصحة النفسية"، وذلك في أعقاب الصدمة الجماعية التي عاشها الإسرائيليون وما زالوا نتيجة هجوم السابع من أكتوبر لعام 2023.
واستهلت الصحيفة في مقال كتبه الطبيب الإسرائيلي جوناثان ليبرمان، الحديث عن اللقطات التي أظهرت لحظات إفراج حركة حماس عن الأسيرات الإسرائيليات الثلاث في أول خطوة من خطوات تنفيذ وقف إطلاق النار، والذي تسبب في "انهيار استقراره العاطفي"، على حد وصفه.
وعبّر ليبرمان عن ارتباك مشاعره التي اختلطت ببعضها البعض، وكأنها "قد وُضعت في خلاط عصير تم تشغيله بكامل قوته"، مضيفا أنه "كان هناك فرح في لم شمل رومي وإميلي ودورون مع أسرهم. كانت هناك رغبة شديدة ومؤلمة تقريباً في أن ينضم إليهم زملاؤهم الرهائن في لم شملهم على أسرهم".
وأشار في الوقت ذاته إلى مشاعره بـ"الاشمئزاز من شهوة الدم التي تحركها وسائل الإعلام التي أظهرها خاطفوهم"، والخوف من عواقب إطلاق سراح العديد من "الإرهابيين المتشددين"، في إشارة للسجناء الفلسطينيين، إلى جانب "الأمل في اقتراب الكابوس من نهايته".
وكتب: "سوف ينصب التركيز الأولي بطبيعة الحال، على الصحة البدنية للرهائن المفرج عنهم، لكن لا ينبغي لنا أن نتجاهل أو نقلل من تأثير أهوال السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، التي شكلت عصراً جديداً، والآثار اللاحقة لها على الصحة النفسية، ليس فقط للرهائن، بل وأيضاً للجرحى والثكالى والنازحين وكل مواطن في البلاد".
وتطرق الكاتب إلى ما سماه "ظل هتلر الطويل" الذي عاناه اليهود بعد الحرب الثانية، و"هو الصدمة المستمرة والعميقة التي شعر بها الجيل الثاني وحتى الثالث، من ضحايا الهولوكوست أو الناجين منه"، ثم ربط ذلك بأحداث السابع من أكتوبر.
وكتب: "الصدمة الجماعية، التي مررنا بها كأمة منذ السابع من أكتوبر وما زلنا نعاني منها، سوف تتوازى مع هذه الصورة، ويجب علينا أن نستعد للظل الطويل لحماس".
ورأى أن "هناك نقصاً حاداً في علماء النفس والمعالجين النفسيين، وغيرهم من المتخصصين في الصحة النفسية في إسرائيل، وقد يكون هذا بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك نقص التمويل، وظروف العمل السيئة، والطلب المرتفع على الخدمات".
وذكر أن "الحلول طويلة الأجل لهذه الأزمة يجب أن تشمل استثماراً أكبر من قبل الدولة في البنية التحتية للصحة النفسية، والموارد اللازمة لمعالجة التأثيرات الطويلة الأجل للحرب".
وأكد أن هناك حاجة ملحة لتدريب المزيد من المعالجين، وخاصة أولئك الذين يتقنون الاستشارة المتعلقة بالصدمات، منوها إلى أنه "على المدى القصير، نحتاج جميعاً إلى تكثيف الجهود والتحول إلى أخصائيين نفسيين هواة".
وختم الكاتب مقاله بتقديم بعض النصائح، التي تساعد الإسرائيليين على تعلم كيفية اكتشاف علامات اضطراب ما بعد الصدمة عندهم وعند الآخرين، وإرشاد أولئك الذين يعانون منها إلى الخدمات المناسبة.