زنقة 20:
2025-02-01@22:44:36 GMT

أخطاء الفقهاء في تحقير النساء

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

بقلم : أحمد عصيد

ونحن في خضم النقاش حول مراجعة مدونة الأسرة، لا يعرف كثير من القراء من أين جاء احتقار الكثير من الفقهاء والقضاة للنساء في أيامنا هذه، ويعتقدون بأن مواقفهم السلبية ضد  حقوق النساء جاءت من تشدّدهم أو انغلاقهم فقط، والحقيقة أن فقهاء وقضاة اليوم إنما صاروا فقهاء وقضاة لأنهم درسوا وتكونوا على كتب فقهاء الأمس الذين عاشوا في حقب وأزمنة تمتدّ من الأئمة المؤسسين للمذاهب الفقهية إلى القرن العشرين، أي تاريخ فكر ديني  يمتد 12 قرنا، وبما أنهم تلقوا تكوينهم في “علوم” الدين كما لو أنها مقدسة فقد أخذوا تفاسير ومواقف وأفكار الفقهاء القدامى وتشبعوا بها فصارت عندهم هي المرجع في فهم نصوص الدين والعمل بها، وما تقوله هو الحق الذي لا يناقش، فأغمضوا أعينهم عن عيوب تلك الأفكار وعن ضعف مناهجها وفقر مفاهيمها وتحيز مواقفها بسبب تداخل العوامل الذاتية والموضوعية في صياغتها.

والنتيجة أنهم اليوم، وبسبب تلك الأفكار والمواقف والأحكام المعيارية القديمة، نجدهم ما زالوا يعارضون اقتسام الولاية بين الرجل والمرأة، ومنع تزويج الطفلات، ورفض حضانة المرأة لأطفالها بعد زواجها، والتمسك بأعذار مُهينة ومضحكة لحرمان الأم من الحضانة، كما يرفضون اقتسام الأموال المكتسبة والمساواة في الإرث وزواج المسلمة من غير المسلم وإثبات البنوة بالتحليل المختبري للحمض النووي، وغير ذلك من المطالب التي تبلورت بعد 19 سنة من التطبيق العملي للمدونة.

وفيما يلي نماذج لتلك المواقف والتفسيرات والأحكام الفاضحة التي فسّر بها الفقهاء الآيات القرآنية والأحاديث.

من هؤلاء الفقهاء الفطاحل فخر الدين الرازي الذي قيل فيه “سلطان المتكلمين وشيخ المعقول والمنقول”، في كتابه “مفاتيح الغيب” يفسر الآية:”ومن آياته أن خَلق لَكم من أنْفُسكم أزواجا لِتسكُنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكَّرون”، قائلا: “قَولهُ: “خَلق لكم” دَليل عَلى أنّ النِّساء خُلِقن كَخلق الدَّواب والنبات وغَيْر ذَلك مِن المَنافع، كَما قالَ تَعالى: “خَلق لَكم ما في الأرض” البقرة: 29.

ويقصد هذا الفقيه أن الله خلق النساء مثلما خلق الحيوانات والنباتات، أي من أجل الرجال وليس لذواتهن بوصفهن بشرا، لنقرأ المزيد ونتعجب:

“وهَذا يَقتضي أنْ لا تَكون مخلوقة لِلعبادة والتكليف، فَنقول: خَلق النِّساء من النّعم عَلينا وخَلقهُن لنا وتَكْلِيفهنّ لِإتْمام النِّعْمة عَلَيْنا لا لِتَوْجيه التَّكْلِيفِ نَحْوَهُنَّ مِثْلُ تَوْجِيهِهِ إلَيْنا”.

أي أن “التكليف” هو في الأصل للرجال أما النساء فلسن مكلفات باعتبارهن بشرا بل كلفهن الله بهدف إتمام النعمة على الرجال فقط وخدمتهم وإرضائهم. وما الحكمة في ذلك يا ترى ؟ يقول:

“وأما المعْنى فَلِأنَّ المرأةَ ضعيفةُ الخَلق سَخيفةٌ فَشابهت الصَّبيَّ، لَكنّ الصّبيَّ لَمْ يُكَلّف فَكانَ يُناسبُ أنْ لا تُؤهَّل المرأةُ للتَّكليفِ، لكنَّ النِّعمةَ علينا ما كانت تَتمّ إلّا بِتكليفِهنَّ لتَخافَ كلُّ واحدةٍ منهُنَّ العَذاب فَتَنْقاد لِلزَّوْجِ”.

فالمرأة في رأيه ضعيفة الخلقة و”سخيفة” مثل الطفل، وكان لا ينبغي أن يكلفها الله بل أن يعفيها من التكليف ما دامت مثل الطفل، لكن الله حُبّا في الرجال وحرصا منه على إسعادهم وإتمام نعمته عليهم جعل النساء مكلفات لكي تخدمن الرجال مثل الإماء والعبيد، حيث استعمل الفقيه فعل “تنقاد” الذي ينطبق على البهائم والعبيد.

وأما الآية “وجَعَلَ بَيْنَكم مَوَدَّةً ورَحْمَةً” فقال بأنها وردت فيها عدة تفاسير مختلفة ولكن أول تفسير قدمه هو :” قال بَعضهم: مَودّة بالمُجامعة ورحمة بالولد”. أي أن بعض الفقهاء قالوا إن “المودة” المقصودة بين الرجال والنساء إنما هي في العلاقة الجنسية والجماع، وأما “الرحمة” فهي في الولد، وذلك حتى لا يُنزلوا من قيمة الرجل إذا قالوا إن المودة هي الاحترام، والرحمة هي العطف على المرأة ومعاملتها باحترام. وطبعا أورد المعاني الأخرى الإيجابية بعد ذلك مثل العطف والشفقة ولكن ربطها بالشيخوخة والعجز، أي عندما تصبح المرأة عجوزا ينبغي الرفق بها.

ويقول الطبري في تفسير الآية نفسها المذكورة آنفا: “ومن حُججه وأدلته على ذلك أيضا خلقه لأبيكم آدم من نفسه زوجة ليسكن إليها، وذلك أنه خلق حوّاء من ضلع من أضلاع آدم”.

وفسر الطبري الآية “لتسكنوا إليها” قائلا:” فأول ارتفاق الرجل بالمرأة سكونه إليها مما فيه من غليان القوة ، وذلك أن الفرج إذا تحمل فيه هيج ماء الصلب إليه، فإليها يسكن وبها يتخلص من الهياج ، وللرجال خلق البضع منهن، قال الله تعالى : و”تذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم” فأعلم الله عز وجل الرجال أن ذلك الموضع خلق منهن للرجال، فعليها بذله في كل وقت يدعوها الزوج فإن منعته فهي ظالمة وفي حرج عظيم”.

ومعنى ما كتبه الطبري أن سكون الرجال للنساء إنما يُقصد به إطفاء غليان الشهوة الجنسية في فروجهن، ولهذا خلقهن الله للرجال، وبالتالي ليس من حق المرأة أن ترفض عندما يدعوها زوجُها للفراش وإلا أصابتها لعنات السماء.

قال الطبري في تفسير الآية “الرجال قوامون على النساء: “الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن  فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم “ بما فضل الله بعضهم على بعض } يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن، وإنفاقهم عليهن أموالهم، وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن، ولذلك صاروا قواما عليهن، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن” .

ويحكي الطبري في تفسير سياق هذه الآية “أن رجلا لطم امرأته فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقصها منه فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم. فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه وقال : أردتُ أمرا وأراد اللهُ غيرَه”.

ويقصد المفسر بهذا الكلام الغريب أن رجُلا صفع زوجته على وجهها فجاءت مشتكية إلى النبي، فأمر لها النبي بـ”القصاص” أي بمعاقبة زوجها، لكن نزلت في تلك اللحظة (ويا للعجب !) الآية “الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ” التي تبيح للرجل ضرب زوجته لأنه ينفق عليها ويطعمها، فقال النبي معتذرا للمرأة لقد أردتُ شيئا (أي معاقبة زوجك) ولكن الله أراد شيئا آخر وهو إعطاءه الحق في أن يصفعك لأنه ينفق عليك من ماله. ولا يسأل الفقهاء ما علاقة الإنفاق بالضرب، هل السلطة الاقتصادية للرجل تعطيه الحق في الاعتداء والإهانة، وهل كون المرأة لا تربح مالا من عمل خارج البيت يجعلها ملزمة بالخضوع والطاعة والصبر على الضرب والإهانة ؟ فالمرأة لم تشتك بزوجها إلا لأنها شعرت بالظلم، والنبي لم يقرر معاقبة الرجل إلا لأنه رأى بأنه ظلمها بالعنف الذي مارسه عليها، وطبعا لتجنب محاسبة الرجل على أخطائه قام المفسرون بإسناد القرار إلى السماء باعتبار أن ما يقرره الله ينبغي عدم مناقشته.. جاء في تفسير الطبري : “وكان الزهري يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص”. أي لا يمكن معاقبة الرجل بسبب شكاية من امرأته، هكذا يُصنع الظلم باسم الدين وباسم السماء، وقد كتب الطبري هذا التفسير بعد 200 سنة من وفاة الرسول الذي يتحدث عنه، ويسند إليه وإلى أصحابه الأخبار الملفقة، ومثل هذه التفاسير تظهر بوضوح كيف قام الفقهاء بتكييف معاني الآيات مع مصالحهم الذكورية.

ولهذا لا نستغرب إذا رأينا حزب العدالة والتنمية الإخواني اليوم في سنة 2023 ، يصدر بلاغا يُحذر فيه من تعديل القانون الجنائي وتجريم “بعض السلوكات داخل الحياة الزوجية” وهو يقصد ضرب المرأة من طرف زوجها أو اغتصابها عنوة، والذي يعتبرونه شرعيا تماما ومشروعا بقرار إلهي.

ولكن الغريب أن فقهاء اليوم يعلمون بأن الكثير من تلك التفاسير لم يعُد يمكن العمل بها، فلا يمكن لأية سلطة أن تقول للمرأة “من حق زوجك أن يضربك لأنه ينفق عليك ولأن الله فضله عليك”، ورغم ذلك ما زالوا يتشبثون بنفس التفاسير والأفكار التمييزية الخطيرة، لأنّ مضمون التفسير صار ثقافة تشكلت منها العقليات وتطبعت عليها السلوكات عبر الأزمنة والعصور.

ومن مظاهر تبخيس قيمة النساء ما ورد في تحريم زواجهن من غير المسلم، حيث فسر الفقهاء ذلك بتبعية المرأة للرجل وسرعة انقيادها لإرادته، يقول الكاساني في كتابه “بدائع الصنائع”: “فلا يجوز إنكاح المؤمنة الكافر، لقوله تعالى: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤمنوا”. ولأن في إنكاح المؤمنة الكافر خوف وقوع المؤمنة في الكفر، لأن الزوج يدعوها إلى دينه، والنساء في العادات يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال ويقلدونهم في الدين (…) فكان نكاح الكافر المسلمة سبباً داعياً إلى الحرام، فكان حراماً”.

والغريب أن يستمر هذا الاعتبار حتى اليوم في البلدان الإسلامية رغم أن صورة المرأة تغيرت كليا بل انقلبت رأسا على عقب، كما أن شؤون العقيدة صارت شخصية ولا تتبع لوصاية الدولة أو الغير من الأشخاص، والدليل على ذلك أن زواج المغربيات بأجانب في أوروبا وغيرها من بلاد العالم لا يلزمهن باعتناق ديانات الأزواج أو اختيار إلحادهم، لأن الأزواج لا يتدخلون في عقائد نسائهم التي هي اختيار شخصي محض.

ومن الغريب أيضا ما تحدث به الفقهاء من أن الزوج المسلم ملزم باحترام عقيدة الزوجة (الكتابية) غير المسلمة، بينما اعتبروا أن الزوج غير المسلم إذا تزوج من مسلمة، “فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام ولا يعترف به”، (الدكتور على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء بمصر)، وهذا كلام يظهر لنا كيف أن فقهاء المسلمين ما زالوا غارقين في فكر وقناعات العصور القديمة، حيث ما زالوا يعتقدون بأن قضايا الدين والعقيدة على حالها كما كانت منذ ألف عام.

ونفس الشيء في الولاية على الأطفال حيث اعتبر الفقهاء القدامى بأن المرأة لا أهلية لها في ذلك لنفس الأسباب العامة التي تحرم عليها تولي المناصب والمشاركة في الحياة العامة وهي: “صعوبة مخالطتها للرجال وضعف شخصيتها وانقيادها لعواطفها وانعدام خبرتها في الأموال”، وبسبب ذلك ما زالت الدولة المغربية تعتمد تحفظات قانونية في مدونة الأسرة المغربية تجعل المرأة محرومة من الولاية على أطفالها رغم أنها هي الأكثر ارتباطا بهم وحرصا على مصالحهم من أي كان، كما أنها فاعلة في كل قطاعات الدولة بما فيها الإدارية والاقتصادية والمالية.

 

تقول المادة 236: “الأب هو الولي على أولاده بحكم الشرع”، كما أن المادة 238 تقيد ولاية الأم بـ”عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية، أو بغير ذلك”؛ أي أن القاعدة في مسؤولية الولاية بالمدونة تبقى في يد الأب، والأم شيء ثانوي وعنصر احتياط وضعت له شروط يصعب إثباتها. ومعلوم أنّ هذه المواد تتعارض مع ذيباجة الدستور ومع المادتين 51 و54 من مدونة الأسرة، اللتان تضعان الأب والأم على قدم المساواة فيما يخص المسؤولية والواجبات المشتركة، مما يعني أنهما معا مؤهلان لمباشرة شؤون الطفل الإدارية والمالية والتربوية.

ومن التناقضات المضحكة اعتبار المشرع أن من حق المرأة الحصول على الولاية بوفاة الزوج، بينما لا يحق لها في حالة تنازله عن الولاية لها في حياته. فما هو الفرق يا ترى سوى الرغبة في الوصاية على المرأة وإهانتها ؟.

ومن العوائق التي وضعها الفقه التراثي القديم ومازالت إلى اليوم ما ورد في المادة 49 في فقرتها الأولى، على أن “لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر”، وهو ما يؤدي في حالة عمل المرأة في البيت خلال سنوات طويلة من الزواج إلى اعتبار أن الزوج وحده الذي راكم الثروة لأنه اشتغل خارج البيت، ولا حقّ للمرأة فيها حيث تُرمى في الشارع بعد الطلاق خالية الوفاض، لأنها لا تملك مالا بذمتها مستقلا عن ذمة الزوج.

ومما نستغرب له أن الكثير من آراء وتفاسير الفقهاء لم تعُد سارية المفعول اليوم في العالم الإسلامي، بينما يتم الإبقاء على أخرى مشابهة لها ولا تنفصل عنها في المنظومة الشرعية، ومن ذلك منع النساء من “الولاية العامة” أي تولي مناصب الدولة فقالوا :”لا يجوز تولي المرأة للمناصب الكبرى، وذلك لما يترتب عليها من مخالطة الرجال والخلوة وتحمل الأعباء الشاقة التي لا تلائم طبيعة المرأة”. و”طبيعة المرأة” هنا يقصد بها ما ورد في فتوى لجنة الأزهر التي أكدت على أن “المرأة بمقتضى الخلق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت لأجلها، وهي مهمة الأمومة، وحضانة النشء وتربيته، وهذه قد تجعلها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة، وهي مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية، وتوهن عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به، والقدرة على الكفاح والمقاومة في سبيله، وهذا شأن لا تنكره المرأة نفسها، ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدلّ على أن شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها.

لهذه الأسباب وضع جمهور الفقهاء القدامى شروطا تعجيزية لخروج المرأة من البيت حتى يبقى الرجل وحده محتكرا للفضاء العام، وهي شروط لم يعُد معمولا بها اليوم، لكنها تركت آثارها في النفوس والعقول، بل وما زال البعض يحنّ إليها من التيار السلفي المتطرف.

وقد أقام الفقه الإسلامي موقفه من خروج المرأة على الآية القرآنية: “وَقَرنَ فِي بُيوتكنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجاهلِيَة الْأُولى”.. وهي آية تتعلق بنساء النبي، إلا أن المفسرين والفقهاء اعتبروها تخص جميع النساء، يؤكد ذلك ما قاله القرطبي في تفسير الآية ﴿وقَرنَ في بيوتكنَّ﴾ قال: “معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة”.

وقال الألوسي في «روح المعاني» مفسرا: “والمراد على جميع القراءات أمرهن رضي الله عنهن بملازمة البيوت، وهو أمر مطلوب من سائر النساء“.

وقال ابن كثير في تفسيره للآية:  “هذه آداب أمر الله بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبّع لهن في ذلك. “

كما استعان الفقهاء بأحاديث منها حديث رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود عن النبي والذي يقول: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»، ومعنى استشرفها أي “أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها ويغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة”. وقال المناوي في شرح معنى أن المرأة “عورة” :”أي هي موصوفة بهذه الصفة، ومَن هذه صفته فحقه أن يُستر، والمعنى أنه يستقبح بروزها وظهورها للرجال، والعورة سوأة الإنسان وكل ما يستحيى منه، كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها”. وهذا ما يفسر أن النساء وسيلة الشيطان وأداته في إغواء الرجال، يقول المناوي في “فيض القدير””: النساء أعظم حبائل الشيطان وأوثق مصائده فإذا خرجن نصبهن شبكة يصيد بها الرجال فيغريهم ليوقعهم في الزنا، فأمرن بعدم الخروج حسماً لمادة إغوائه وإفساده”. فالسبب الرئيسي إذا حسب الفقهاء لأمر النساء بلزوم بيوتهن هو كونهن مصدر الغواية والفواحش.

ويؤكد الفقهاء على هذا التلازم بين المرأة والشيطان باستعمال الحديث التالي:” لا يخلوَنّ رجل بامرأة ، فإن الشيطان ثالثهما” (رواه الترمذي في سننه)، وهو حديث استعمل بطريقة تجعل تواجد امرأة مع رجل أمرا يربط آليا بالممارسة الجنسية، وباستحالة أن يكون لهدف آخر، وهو ما يجعل حديث “رضاع الكبير” المثير للسخرية ذريعة لتحليل هذا “الاختلاط”. وقد وجد الفقهاء ترسانة كاملة من الأحاديث استعملوها لتأكيد موقفهم من ارتباط المرأة  بالغواية الجنسية ومنها “ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء” وكذلك الحديث القائل: “اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” إلخ..

وقد تشدّد الفقهاء في أمر خروج المرأة إلى درجة الهوس أحيانا كما نجد في رأي بن تيمية الذي اعتبر المرأة “أولى من الصبي في الوصاية”، حيث أفتى للرجل الذي يخاف أن تخرج امرأته من غير إذنه قائلا: “إن خاف الزوج خروج زوجته بلا إذنه، أسكنها حيث لا يمكنها الخروج . فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه حبست معه، فإن عجز أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه، ولأن خروجها مظنة للفاحشة صار حقا لله، ويجب على ولي الأمر رعايته”.

هكذا بالتدريج تمّ إحكام قبضة الحريم على المرأة المسلمة وعزلها عن دينامية المجتمع وحركية الواقع قرونا طويلة.

ورغم أن الصلاة في المسجد من الحاجات الشرعية، فقد اعتمد في صلاة المرأة: «وبيوتهن خير لهن»، ولهذا اعتبروا أن الخروج للصلاة في المسجد ليس واجبا على المرأة لأن الصلاة في بيتها أفضل لها، واعتمدوا في ذلك حديث طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عن النَّبِيِّ أنه قَالَ: “الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ، إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ”.

وهكذا اجتمعت المرأة في هذا الحكم مع العبد المملوك والصبي الصغير القاصر والإنسان المريض.

يعني هذا أنّ الفقهاء لم يحرموا على المرأة الخروج للصلاة في المسجد، لكنهم قاموا بما يلزم من تعسير لثنيها عن ذلك.

وأما شروط الخروج لقضاء تلك الحاجات وقد سماها البعض “ضوابط شرعية” فهي :

ـ الشرط الأول ألا يكون قضاء تلك الحاجة ممكنا من طرف الزوج أو الأخ أو قريب من الأقرباء “المحارم”.

ـ الشرط الثاني أن يكون الخروج بإذن زوجها أو وليها ولا يجوز لها الخروج بغير إذنه.

ـ الشرط الثالث أن تلتزم بما سماه الفقهاء “الحجاب الشرعي”.

الشرط الرابع أن تخرج متسترة مختفية وألا تظهر متزينة أو متطيبة وأن تتجنب كلما يجعلها بارزة ظاهرة.

ـ الشرط الخامس ألا ينجم عن خروجها اختلاط بالرجال أو إخلال بواجبات ومهام البيت ورعاية الزوج والأبناء.

و لابن قيم الجوزية رأي في ذلك أكثر قساوة إذ يدعو الحكام وأولي الأمر إلى معاقبة المرأة وحبسها إذا هي لم تلتزم بهذا الانمحاء أمام الرجال.

نورد هذه النصوص ونحن نعتذر للقراء عن إضاعة وقتهم في قراءة مواقف وآراء وتفاسير وتأويلات لا تنفع، ولم يعُد لها علاقة بواقع الناس البتة، لولا أنّ لها بقية أصداء في عقول البعض منا، والذين ما زلوا يعتمدونها في النظر إلى المرأة والطفل معا، والحطّ من قيمتهما.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم على المرأة غیر المسلم المرأة فی فی تفسیر ما زالوا أن الزوج ـ الشرط فی ذلک

إقرأ أيضاً:

أجمل ما قيل عن الحجاب في يوم الحجاب العالمي

أجمل ما قيل عن الحجاب يمكن أن تشاركها على مواقع التواصل الاجتماعي كنوع من أنواع الدعم لـ "يوم الحجاب العالمي"، والذي يصادف في 1 شباط من كل عام، والهدف منه تشجيع النساء على ارتداء الحجاب ونشر الوعي حول سبب ارتداء الحجاب وأيضاً تعميق فهم الآخرين عنه وتعزيز التسامح الديني.

أجمل ما قيل عن الحجابالحجاب قبل الحساب.إن أطعت إلهي في الحجاب وقدوتي نساء نبي العالمين محمد.يا لؤلؤاً زاد العفاف بريقها وهدى الكتاب يظلها ظل المحار.حجاب المرأة فخر لأبيها، وقدوة لأبنائها، وعز لزوجها.المرأة المحجبة مثل الشمس التي تنير الأرض، فلا يستطيع أحد إطالة النظر فيها.الحجاب رداء التقوى والإيمان للمرأة.الحجاب خير حصن للمرأة من نار جهنم وفتن الدنيا.امرأة بلا حجاب مدينة بلا أسوار.الحجاب شعار التقوى والإسلام، الحجاب برهان الحياء والاحتشام، الحجاب سياج الإجلال والاحترام، الحجاب أشرف إكليل لجمالك، وأعظم دليل على أدبك وكمالك.ليقولوا ما يقولوا فليس هناك شيء يحفظ للمرأة كرامتها وعرضها وعزتها مثل الحجاب.حجابك نوع من أنواع النعيم ستسألين عنه.حجابك عنوان طهر ولباس شرف وتقوى.حجاب المرأة تاج فوق رأسها، وزينة لها في قبرها، ويوم العرض على ربها.حجابك زينتك وللجنة وسيلتك.ما تجده المحتشمة في قلبها من لذة طاعة الله والبعد عن الزلل وسلامة القلب لغة لا يفهمها الا العفيفات الحيِّيات فقط. أنت ياقوتة مكنونة بحجابك مصونة.كوني شامخة بحجابك في زمن التبرج.كلما جدّدوا لك العباءة جددي لهم الصمود فأنت في عبادة لا أسيرة عادة.الحجاب برهان ودليل على الاحتشام وليس لزامه، فإن التقوى تبدأ من القلب ثم تنتهي بالحجاب وليس العكس.يحيط الحجاب بالرأس كأنه هالة تحمي من ترتديه فتستر به شعرًا وتبدي به نورًا.الحجاب هو وسيلة لتجاوز الكثير من الفتن، التي نقع بها أو نوقع بها غيرنا.الحجاب هو الخيار الصائب للفتاة المسلمة وخطوتها الأولى على طريق الالتزام.في ارتداء الحجاب عبادة جميلة وراقية لا يدرك جمالها إلا من جربها.لا تخافي من ارتداء الحجاب فَفيه تجدين كرامتك وعزةً نفسٍ ترفعكِ عن الوقوع في الخطايا.ليس العري هو دليل على التقدم والرقي بل إن كل ما يكون مستورٍ يؤكد على العلو والسمو.تذكري أن أنك لا تستحقين لحظة من الوقوف أمام لهيب نار جهنم، فلا تستهيني وعليكي بستر نفسك بالحجاب.ريحُ الجنة كزهر الروحِ يسمو في نفوس الصالحين فكوني منهم وتمسكي بحجابك.لن يضيع العمر في حجاب يستر بهاءكِ، ولكنه قد يضيع إذا رافقتي أصحاب السوء ودسّوا لكِ السم في العسل فلا تُبالي و استزيدي بجمال حجابك.يا حسرةً على فتاةٍ أضاعت من عمرها أجمل السنواتِ ولم تحمي نفسها من أعيُّنِ الشهواتِ.تزيني بحجابك ولا تتزيني بمساحيقً ليس لها جدوى سوى انجذابُ الذئابِ.إن الحجاب هو أشرفُ باقةِ وردٍ تضعينها على رأسك فلا تترددي في ذلك.الحجاب هو خطوة أخرى كبيرة على طريق الجنة، فعليك أن تخطيها.الحجاب ليس قطعة قماش تلتف حول الرأس، بل هو فكرة، تدعو إلى العفاف والصون والحماية من أبصار الأغراب.ليست كل محجبة ملتزمة، وليست كل غير محجبة غير ملتزمة، إنما الحجاب علامة مهمة، وعبادة تنطوي على الإخلاص والتقى، فإما هذا أو لا طائل منه.نحن لا نغطي رؤوسنا بالحجاب خوفًا من البرد، بل خوفًا من الله وطمعًا في رضاه.تبدأ واحدة من الصديقات بارتداء الحجاب، ثم تبدأ الصديقات واحدة تلو الأخرى يتبعونها، ولكل منهم أجر من جاء بعدها بإذن الله.مثل الشمس الساطعة، هكذا تكون المحجبة، نورًا يضيء الكون، ولكن لا أحد يستطيع التحديق بها.أختي المسلمة حجابك هو حشمتك وحيائك وهويتك الحقيقية التي كرمك بها دينك العظيم حافظي على حجابك فهو من يحميك ويمنحك الكرامة والحرية الحقيقية.الإسلام جعل من المرأة ملكة وتاج ملكها هو الحجاب، حافظي على ملكك وتاجك لتكوني بحق ملكة.عزيزتي الفتاة: ليكن حجابك لحجب الأنظار لا لجلبها.الحجاب هو عفة للأنثي وطاهرة لقلبها الطاهر الطيب، جميلتي الغالية عفتك بحجابك وحسن أخلاقك.الخمار أكمل دليل على أدبك وكمالك، كما أنه أكليل لجمالك.اللباس الساتر والحجاب الكامل، هو دليل الرقي والكمال.الحجاب أو النقاب من أفضل الأرزاق الذي يمكن أن يعطيها الله لعبده، أحمدِ الله يا جميلة على الرزق الذي معك.شعر عن الحجاب

أختاه يا ذات الحجاب تحية كم أنت في عفافـك رائعـة 
جميله يا روضة في الأرض فاح عبيرهـا وشريعـة 
الإسـلام دوحتها الظليله تيهي على الأرض فخاراً 
وانسجي ثـوب الإبـاء و جرجري زيـوله و إذا طغى 
الطوفان لا تستسلمي لبواعث الطوفـان و اجتنبي 
سيولـه ما قيمة الخـفـاش في تصخابـه والليل فوق 
جيوشه أرخى سدولـه زرعـت فأنبتت الثمار فكيف لا يزهو 
بها التاريخ أعمـالاً جليـله من روعة القـرآن يغرف قلبهـا 
وبجانب المحـراب تحتضن البطولـه قمر توشحَ بالسَحابْ
غَبَش توغل حالما بفجاجِ غابْ فجر تحمم بالندى وأطل 
من خلف الهضابْ الورد في أكمامه. ألق اللآلئ في الصد فْ
سُرُج تُرفرفُ في السَدَ فْ ضحكات أشرعة يؤرجحها العبابْ
ومرافئ بيضاء تنبض بالنقاء العذبِ من خلل الضبابْ
من أي سِحرٍ جِئت أيتها الجميلهْ ؟ من أي باِرقة نبيلهْ 
هطلت رؤاك على الخميلةِ فانتشى عطرُ الخميلهْ ؟ 
من أي أفقٍ ذلك البَرَدُ المتوجُ باللهيبِ و هذه الشمسُ الظليلَهْ ؟ 
من أي نَبْعٍ غافِل الشفتينِ تندلعُ الورودُ ؟ – من الفضيلَهْ
هي ممكنات مستحيلهْ قمر على وجه المياهِ َيلُمهُ العشب 
الضئيلُ وليس تُدركه القبابْ. قمر على وجه المياه سكونه 
في الإضطراب وبعده في الإقترابْ غَيب يمد حُضورَه وسْطَ الغيابْ
وطن يلم شتاته في الإغترابْ ! روح مجنحة بأعماق الترابْ وهي 
الحضارة كلها تنسَل من رَحِم الخرابْ و تقوم سافرة لتختزل الدنا في كِلْمتين:( أنا الحِجابْ )

كلام ديني عن الحجابيرتبط الحجاب بالهوية الإسلامية ويظهر التفرد والالتزام الديني للمسلمة.الحجاب فرض ديني وواجب يجب أداؤه كجزء من الطاعة لأمر الله.الحجاب هو جزء من اللباس الشرعي.الحجاب وسيلة للتمييز بين المسلمات وغيرهن من النساء، ويعكس هويتهن الدينية.الحجاب واحدًا من وسائل الحفاظ على العفاف والحياء، وذلك من خلال تحجيب النساء عن الأنظار الغريبة والحفاظ على جمالهن وزينتهن للحياة الخاصة.نصيحة قصيرة عن الحجابيزيد من ثقة المرأة المسلمة في نفسهايمنحها الراحة في الحركة.يمنحها الشعور بالستر وعدم لفت الانتباه لنظرات الإعجاب من الرجال.يحميها من المُقارنات مع غيرها في تقييم جسدها من نُحول وسُمنة، من طول وعرض لأنه يُغطّي الكثير من صفاتها الجسدية.اجمل ما قيل عن الخمارالخمار جمال ينبع من الداخل، يزيّن الروح قبل الجسد. كلمات دالة:أجمل ما قيل عن الحجابنصيحة قصيرة عن الحجابشعر عن الحجاب تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

نادين طاهر مُحررة قسم صحة وجمال

انضمّتْ إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" عام 2013 كمُحررة قي قسم صحة وجمال بعدَ أن عَملت مُسبقًا كمحُررة في "شركة مكتوب - ياهو". وكان لطاقتها الإيجابية الأثر الأكبر في إثراء الموقع بمحتوى هادف يخدم أسلوب الحياة المتطورة في كل المجالات التي تخص العائلة بشكلٍ عام، والمرأة بشكل خاص، وتعكس مقالاتها نمطاً صحياً من نوع آخر وحياة أكثر إيجابية.

الأحدثترند أجمل ما قيل عن الحجاب في يوم الحجاب العالمي حظك اليوم الأحد 2 فبراير/ شباط 2025 دعاء بداية شهر جديد فبراير كلام عن بداية شهر جديد نوفمبر بوستات عن بداية شهر جديد Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • القيادة العامة .. (حيا الله الرجال)
  • دراسة تكشف حقيقة الفرق في الثرثرة بين الرجال والنساء
  • دراسة تكشف: من يثرثر أكثر الرجال أم النساء؟
  • سفير مصر في تونس يعقد لقاء مع وزيرة الأسرة والمرأة التونسية
  • أجمل ما قيل عن الحجاب في يوم الحجاب العالمي
  • هل تتحدث النساء أكثر من الرجال؟.. دراسة تكشف الحقيقة
  • ياسمين عز تثير الجدل بدعوتها النساء لأخذ المال من أزواجهن دون استئذان
  • نهلة الصعيدي: المرأة القوية تحسن تربية الأبناء وتتعامل بإيجابية قادرة على صنع المستحيل
  • نهلة الصعيدي: المرأة القوية التي تحسن تربية الأبناء وتقدر على صنع المستحيل
  • تعديلات قانونية بالإمارات.. يحق للمرأة الطلاق عند تغيب الزوج 6 شهور