اتفاق سعودي صيني لتبادل عملتيهما.. تحول اقتصادي ذو أبعاد إستراتيجية
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون المالي بين الصين والسعودية، أعلن البنكان المركزيان في البلدين اتفاقا يتيح مبادلة العملات المحلية بقيمة 50 مليار يوان (7 مليارات دولار).
يأتي الاتفاق في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين الرياض وبكين تطورا ملحوظا في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، وفي إطار سعي البلدين إلى تعميق التعاون الاقتصادي بينهما، وتعزيز استخدام العملات المحلية، وتحقيق استقرار في السيولة وأسعار الصرف.
ويشير الاتفاق أيضا إلى رغبة البلدين في زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة والاستثمار بينهما، مما يمكن أن يؤدي إلى تقليل الاعتماد على الدولار.
وتعدّ مبادلة العملات بين السعودية والصين خطوة إستراتيجية مهمة تعكس التوجه الاقتصادي والتعاون الثنائي بين البلدين.
وتمثل اتفاقيات مبادلة العملات، المعروفة أيضًا باسم "سواب" في اللغة الإنجليزية، أحد الأساليب التي يستخدمها البلدان لتمويل جزء من التجارة بينهما. وفي هذه الاتفاقيات، يتم دفع قيمة جزء من المبادلات التجارية بين البلدين بعملتيهما المحليتين، دون الحاجة إلى استخدام عملة ثالثة مثل الدولار. ويتم تحديد سعر الصرف لهذه العملات مسبقًا بأسعار محددة.
كما تأتي هذه الاتفاقية بعد نحو عام من اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
أكبر مصدر للنفط وأكبر مستورد لهوتعد السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، في حين تعد الصين أكبر مستورد له على مستوى العالم، ومنذ سنوات تم توسيع العلاقات بين البلدين لتتجاوز مجرد التعاون في مجال الهيدروكربونات، إذ تم التركيز على تعزيز التعاون في مجالات مثل الأمن والتكنولوجيا.
وقبل أيام، أعلن البنك المركزي الصيني في بيان أن الاتفاق الذي سيكون ساريا لمدة 3 أعوام قابلة للتمديد، سيسهم في تعزيز التعاون المالي بين البلدين، وتوسيع استخدام العملات المحلية، وتعزيز التجارة والاستثمار بين الرياض وبكين.
وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان السيولة واستقرار سعر الصرف، مما يقلل من مخاطر تقلبات أسعار العملات للمستوردين والمصدرين والمتعاملين في الأسواق المالية.
وتعليقا على توقيع الاتفاقية بين البنكين المركزيين في السعودية والصين، يقول الخبير الاقتصادي السعودي حسام الدخيل إن الاتفاقية تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية لاسيما الاقتصادية التي توطدت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، بما فيها زيادة حجم التجارة البينية وتوسيع التعاون وتعزيز العلاقات فيما بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
الدخيل يرى أن الاتفاقية بين الرياض وبكين تؤكد متانة وقوة الاقتصاد السعودي (الجزيرة) قوة الاقتصاد السعوديويرى الدخيل، في حديث للجزيرة نت، أن مثل هذه الخطوة ستقلل من مخاطر الصرف وتداعيات ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، وتساعد البنكين المركزيين للبلدين على إدارة السيولة والاحتياطات التي يمتلكانهما من خلال توفير العملتين في النظام المصرفي واستخدامهما دون الحاجة إلى استخدام عملة ثالثة مثل الدولار، واستخدام أسعار صرف ثابتة.
ويرى الخبير الاقتصادي أن هذه الاتفاقية تبيّن مدى متانة الاقتصاد السعودي، الذي جعل الصين تستخدم الريال السعودي في بنكها المركزي وتجعله ضمن سيولتها الأجنبية، مما يؤكد مدى ثقتها في الريال السعودي وفي قوة الاقتصاد السعودي.
ويشير الدخيل إلى أنه بالنسبة للجانب الصيني، فإن هذه الاتفاقية تأتي ضمن إستراتيجية بكين لتعزيز تدويل اليوان الصيني في العالم، وتشجيع الاستخدام الدولي لليوان وتقليل الاعتماد على الدولار.
ويلفت إلى أن هذه الخطوة ستعطي انطباعا للسوق بأن الشراكة السعودية الصينية سيتم تعزيزها بشكل أكبر، وأنها رسالة بأن التعاون بين البلدين مستمر ويتوسّع، مما يشجّع السوق على الاستفادة من التسهيلات التجارية والفرص الاستثمارية الكبيرة في الرياض وبكين.
ويوضح الدخيل أنه خلال العقد الأخير أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للمملكة، وشهدت هذه العلاقة العام الماضي توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة 50 مليار دولار، وصدّرت المملكة ما قيمته 66.6 مليار دولار إلى الصين، واستوردت نحو 40 مليار دولار بفائض بنحو 26 مليار دولار لصالح المملكة، وينوي البلدان زيادة حجم التعاون وتنويع الشراكات الاقتصادية من مثل هذه الاتفاقية المهمة للبلدين.
العساف يرى الاتفاق خطوة مهمة نحو تقليص هيمنة الدولار (الجزيرة) هيمنة الدولارمن جهته، يقول الخبير والمحلل الاقتصادي السعودي سليمان العساف إن اتفاق تبادل العملات بين السعودية والصين بنحو 7 مليارات دولار يعد خطوة هامة في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، معتبرا أن الاتفاق محاولة من الصين لاختبار استخدام عملتها في التجارة العالمية بعيدا عن الدولار، الذي يهيمن على التجارة العالمية منذ أربعينيات القرن الماضي.
ويرى العساف، في حديث للجزيرة نت، أنه على الرغم من أن إزاحة الدولار واستبداله بعملة أخرى ليست مهمة سهلة، فإن هذه الخطوة الأولى نحو التبادل التجاري عبر العملات المحلية يعد أمرا مشجعا.
ويضيف أنه على الرغم من أن مبلغ 7 مليارات دولار يبدو بسيطا مقارنة بحجم التبادل التجاري السنوي بين السعودية والصين البالغ نحو 110 مليارات دولار، فإن هذا الاتفاق من شأنه تشجيع الدول في المنطقة وخارجها على التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية فيما بينها.
كما لفت إلى أن الاتفاق من شأنه تعزيز قوة اليوان، وسيسهم في تسهيل وتسريع عمليات التجارة وزيادة حجم التبادل التجاري، وسيخفف الضغط عن الدول التي تعاني نقصا في الدولار.
تحول مهم
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي عايض آل سويدان إن السعودية من أكبر مصدري النفط للصين، كما أن بكين هي أكبر شريك اقتصادي للمملكة، وبالتالي كان الاتفاق ترجمة لهذه الشراكة المهمة بين البلدين.
ويوضح آل سويدان، في حديث للجزيرة نت، أن اتفاق مبادلة العملات بين الصين والسعودية يمثل تحولا هاما في العلاقات الاقتصادية الدولية، وقد يمهد إلى تحولات كبرى في هيكل النظام النقدي العالمي، مشيرا إلى أن من أهم أسباب توقيع الاتفاق بين الرياض وبكين التوافق في الأهداف الاقتصادية لكل من السعودية والصين.
ويضيف أن الاتفاق بين البلدين يعد خطوة أولى نحو سعي السعودية إلى إبرام اتفاقات مماثلة مع دول أخرى. وبحسب مصادر رسمية سعودية، فإن المملكة تجري حاليا محادثات مع دول مثل الهند وروسيا لمناقشة إمكانية إبرام اتفاقات مماثلة.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تنتهج الكثير من الدول في المنطقة نهج مبادلة العملات المحلية مع الصين، في ظل وجود تحركات دولية تسعى إلى تنويع وسائل التسعير وتبادل النفط، بما في ذلك استخدام العملات المحلية وتشكيل تحالفات تجارية متعددة الأطراف، ويعزز هذا التنويع المحتمل قدرة الدول على تجاوز الاعتماد الكامل على الدولار في تجارة النفط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استخدام العملات المحلیة الاقتصاد السعودی الخبیر الاقتصادی التبادل التجاری السعودیة والصین مبادلة العملات هذه الاتفاقیة ملیارات دولار بین البلدین ملیار دولار أن الاتفاق هذه الخطوة إلى أن
إقرأ أيضاً:
سفير خادم الحرمين: العلاقات العُمانية السعودية "نموذجية".. ومستقبلٌ مشرقٌ للتعاون الثنائي بين البلدين
مسقط- الرؤية
أعرب سعادة إبراهيم سعد إبراهيم بن بيشان سفير المملكة العربية السعودية المعتمد لدى سلطنة عُمان عن تهنئته سلطنة عُمان حكومةً وشعبًا بمناسبة العيد الوطني الـ54 المجيد.
وأشاد سعادته- في تصريح صحفي- بما تشهده العلاقات السعودية العُمانية المتينة من إخاء وتقدم وازدهار بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظهما الله ورعاهما". وأبرز مدى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين والترابط بين الشعبين الشقيقين، والدور المحوري لمجلس التنسيق السعودي العُماني في تعزيز العلاقات بين البلدين وتحقيق النتائج المأمولة، والتطلع لانعقاد الاجتماع الثاني خلال نهاية العام الجاري.
وقال سعادته إنَّ ما تتميز به العلاقات بين البلدين الشقيقين أنها علاقات نموذجية، وتتمتع بالرصانة والقوة؛ حيث يشترك البلدان في الكثير من الروابط والقواسم والقيم، وفي مقدمتها الدين والجوار واللغة، والمصير المشترك القائم على تحقيق تكامل الرؤى للتعامل مع الحاضر وبناء المستقبل. وأضاف أنَّ النهضة العُمانية تستمد ثوابتها من هويتها العريقة وثقافتها المنبثقة من إرثها الإسلامي وقيمها العربية الأصيلة التي أرساها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ويواصل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- مسيرتها المتجدّدة بتوجيهاته الحكيمة المتمثلة في رؤية "عُمان 2040". وأشاد بيشان بالدور المُهم للسياسة الخارجية والخطوات الطموحة اقتصاديًا وتنمويًا لسلطنة عُمان على الصعيد الإقليمي والدولي، والتي تنعكس ايجابًا لخدمة الأمن والسلام والاستقرار والنمو والازدهار في المنطقة والعالم.
وأعرب سعادته عن فخره واعتزازه بمستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين؛ إذ بلغ حجم التبادل التجاري بنهاية شهر يونيو الماضي نحو 1.14 مليار ريال عُماني، وسجل عبر منفذ الربع الخالي مستوى 334 مليون ريال عُماني في ذات الفترة؛ بما يقترب من إجمالي حجم التبادل التجاري الكلي بين البلدين المسجل عبر المنفذ خلال العام الماضي 2023، وبما يوازي 33% من حجم التبادل التجاري الإجمالي بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان بنهاية يونيو 2024. وأكد سعادة السفير أن هذا النشاط التجاري المتنامي لمنفذ الربع الخالي في أول 3 سنوات منذ افتتاحه، يُشير إلى الأهمية الاقتصادية التي يُمثلها هذا الشريان الحيوي للحركة التجارية المباشرة والقيمة الجيواستراتيجية نحو تعظيم النشاط الاقتصادي والسياحي بين البلدين.
وذكر أن حجم الاستثمار العُماني المباشر في المملكة العربية السعودية بلغ 129.1 مليون ريال عُماني بنهاية عام 2022. وأضاف أن المملكة العربية السعودية تعد من أبرز الشركاء السياحيين لسلطنة عُمان؛ إذ بلغ عدد الزوار السعوديين القادمين لزيارة سلطنة عُمان حتى نهاية شهر أغسطس 2024 نحو 87.7 ألف زائر.
وشدد سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان، على أن النهج الذي تمضي من خلاله المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان لتشكيل ملامح متجددة لمستقبل مشرق في العلاقات الثنائية، كفيلٌ بترجمة الطموحات المشتركة وتحقيق تطورات إيجابية سوف يلمسها أبناء البلدين الشقيقين في الأجل القريب.