الهدنة فى غزة.. سيناريوهات الجبهة اللبنانية.. دلالات التراجع الإيرانى عن التدخل المباشر فى الحرب
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
فيما يستعد قطاع غزة لالتقاط أنفاسه بعد إعلان الخارجية القطرية، فجر الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٣، توصلها بوساطات مصرية وأمريكية، لهدنة - لم يحدد موعد تنفيذها بعد - فى القطاع تستمر لأربعة أيام، تلتف الأنظار نحو الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وما إذ كان ستشملها الهدنة أم ستشهد سيناريوهات أخرى؟
الجبهة اللبنانية
واشتعلت الجبهة اللبنانية على وقع الحرب القائمة فى غزة منذ ٧ أكتوبر، إذ بادر حزب الله اللبنانى المقرب من حركة حماس الفلسطينية بإطلاق صواريخه على شمال إسرائيل فى ٨ أكتوبر ٢٠٢٣، الأمر الذى أحدث فى البداية ارتباكًا لتل أبيب سرعان ما تجاوزته إسرائيل وبدأت فى الرد.
ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة فى آخر إحصاء نشرته فى ١٦ نوفمبر، فبلغ عدد النازحين من الجنوب اللبنانى منذ ٨ أكتوبر، هو ٤٦ ألفًا و٣٢٥ شخصًا، فضلًا عن سقوط ١٠٠ قتيل بينهم ٦٩ عنصرًا فى صفوف حزب الله، و١٤ مدنيًّا، بينهم ثلاثة صحفيين وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس.
على الجانب الإسرائيلى قدرت تل أبيب إجمالى قتلاها إثر المواجهات مع حزب الله بتسعة أشخاص بينهم ثلاثة مدنيين.
سيناريوهات متفاوتة
رغم نقل موقع "نداء الوطن" اللبنانى عن مصادر سماها بـ"الرسمية" التزام حزب الله بالهدنة "شرط أن تلتزمها إسرائيل أيضًا"، لم يعلن أى من قيادات الحزب أو إسرائيل عن هذه الخطوة.
وتفاوتت التكهنات حول انعكاس الهدنة فى قطاع غزة على الحدود اللبنانية. فنقل موقع "الحرة" عن مسئول بالخارجية الإسرائيلية، قال: «إنه "ليس للاتفاق أى علاقة بحزب الله"، إنما يرتبط "فقط" بالوضع فى غزة»، فى المقابل نقل الموقع عن مصدر إعلامى مقرب من "حزب الله" ربطه بين ما يحدث فى غزة وما يحدث على الحدود اللبنانية الجنوبية، مؤكدًا انعكاس التهدئة على الموقف العسكرى بين إسرائيل وحزب الله.
وبالنظر إلى الهدوء الذى يتسم به خطاب حزب الله، يبدو أن الميل نحو تقليص القاذفات خلال فترة الهدنة هو الأرجح وليس وقفها تمامًا. وعلى مدار ٤٧ يومًا عاشتها غزة فى الحرب لم يصعد المواجهات مع تل أبيب إلى حرب شاملة.
فى الوقت ذاته رغم تأكيدات مقربين من تل أبيب على استمرار المواجهات فى الشمال مع حزب الله، إلا أن كل تفسيراتهم تشير إلى أن إسرائيل ستستمر فى المواجهات ردًا على هجمات حزب الله. وفيما يميل حزب الله إلى التهدئة فيبدو أن تل أبيب ستسير إلى نفس المسار هى الآخر.
تهدئة غير معلنة
ويعنى ذلك أن ثمة تهدئة غير معلنة ستسير، مع استمرار محدود للمناوشات دون ارتفاع فى الوتيرة. ويتفق المحلل السياسى اللبناني، أسعد بشارة، فى تصريحات إعلامية، مع ذلك، مفسرًا بأن إسرائيل لم تحسم قرارها بعد بفتح الحرب فى أكثر من جبهة. وينفى ذلك تكهنات تفيد بأن الهدنة فى غزة قد تسمح لإسرائيل بتكثيف هجماتها على الجنوب اللبناني. ويحيل المحلل اللبنانى استبعاد التصعيد الإسرائيلي، إلى تدخل أمريكى يتوقع حدوثه يصرف تل أبيب عن هذا الخيار.
فى الوقت ذته يرتبط المشهد فى لبنان برغبة إيران فيما إذ كانت تريد استمرار المواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية أم لا. ويرجح الباحث فى الشأن الإيراني، محمود جابر، أن إيران لا ترغب فى الصدام مع إسرائيل وأمريكا فى هذه اللحظة، مشيرًا لـ «المرجع» إلى أن طهران من أول أيام الحرب وتدرك سعى أمريكا لتوريطها فى حرب فيما تقطع هى كل الطرق لذلك. وطالما نفت إيران علاقتها بالهجمات التى تتعرض لها القواعد الأمريكية فى العراق وسوريا بالتزمن مع الحرب فى غزة والموقف الأمريكى منها، فضلًا عن تأكيداتها باستقلالية الكيانات المقربة منها مثل حماس وحزب الله والحوثيين. وتسعى إيران من وراء ذلك للتأكيد على عدم معرفتها بعملية ٧ أكتوبر التى بدأت على إثرها الحرب.
فيما شهد الخطاب الإيرانى تحولات كبيرة تجاه القضية الفلسطينية، بعد عملية طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فجر السابع من أكتوبر، ورغم الاستغلال الإيرانى للقضية الفلسطينية طوال العقود الماضية، فإنها سارعت بالتبرؤ من العملية، وفى أول خطاب للمرشد الإيرانى على خامنئى أكد أنهم لاعلاقة لهم بالعملية وأنها فلسطينية القرار والتنفيذ، وهو ما أكده خطاب حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني.
تراجع عن المشاركة المباشرة
رغم التهديدات المستمرة من قيادات إيرانية بالقدرة على نسف إسرائيل إلا أن ثلاثة مسئولين كبار كشفوا أن المرشد الإيرانى على خامنئى وجه رسالة واضحة لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس عندما التقيا فى طهران فى أوائل نوفمبر، قائلًا إن حماس لم تبلغ إيران بهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل ومن ثم فإن طهران لن تدخل الحرب نيابة عن حماس.
كما ذكر مسئول من حماس أن خامنئى حث هنية على إسكات تلك الأصوات فى الحركة الفلسطينية التى تدعو علنًا إيران وحليفتها اللبنانية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل بكامل قوتهما، مشيرًا إلى أن إيران ستواصل تقديم دعمها السياسى والمعنوى للحركة لكن دون التدخل بشكل مباشر.
وفى الوقت نفسه أشاد وزير الخارجية الإيرانى السابق محمد جواد ظريف، فى مقابلة صحفية بموقف المرشد على خامنئى وحسن نصرالله، المتمثل بالامتناع عن الدخول فى الحرب بجانب حماس، واصفًا ذلك بالموقف "الذكي"، قائلًا: «دعمنا للمقاومة لا يشمل الحرب بجانبهم».
توظيف للقضية
الباحث الأكاديمى المتخصص فى الشأن الإيراني، الدكتور مسعود إبراهيم، قال فى تصريحات خاصة لـ«المرجع»، إيران دائمًا تتصدر المشهد فى أى حدث يطول منطقة الشرق الأوسط، فهى دائمًا فى دائرة الصراع، وفى الواقع هى تحب أن تتصدر المشهد وأن يكون لها دور كبير ومهم، وعندما تتعلق الأحداث بفلسطين والقدس تتجه الأنظار نحو طهران.
وأضاف "إبراهيم": ربما يرجع ذلك إلى الشعارات الكثيرة التى سمعنا بها منذ انتصار الثورة الاسلامية وحتى اليوم وربما أيضًا بسبب فيلق القدس الذى أنشئ منذ عام ١٩٨١ لتحرير الأقصى لكنه لم يطلق رصاصة منذ إنشائه لأجل الأقصى رغم الأحداث الجسيمة التى حدثت خلال العقود الماضية وحتى اليوم.
ويرى الباحث فى الشأن الإيرنى أن كل ما مضى له دلالة واحدة وهى أن قضية فلسطين فى الأجندة السياسية الإيرانية هى ورقة لعب تخرجها وفقًا للظروف وخاصة عندما ترى أنها الورقة الرابحة ثم تعود هذه الورقة كما كانت عندما تتحقق الظروف.
ويشير إلى أن الغريب فى الأمر، أنه منذ "طوفان الأقصى" وانتصارات حماس على العدو الصهيونى وإيران تتنصل من دعم حركة حماس فى هذه الحرب وكأنها شبهة رغم أن أى انتصار عظيم يرفع أى من شارك فيه، لكن لطهران حسابات أخرى فهى تعلم أن اظهار الدعم وتقديمه لحركة حماس يعنى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية التى حذرتها بصورة مباشرة وأرسلت حاملات طائراتها إلى شرق المتوسط.
ويوضح إبراهيم أن إيران تعى جيدًا أن المواجهة العسكرية المباشرة مع واشنطن تعنى خسارة فى كل النواحى وفقد الكثير من قدراتها العسكرية إضافة إلى تردى أكبر للوضع الاقتصادي، وهو ما يعنى مواجهة أخرى مع الشعب الإيرانى المتذمر بطبعه بسبب سوء الأوضاع، مشيرًا إلى أن خامنئى بذل قصارى جهده لينكر أى دور إيرانى مباشر منذ هجمات السابع من أكتوبر.
واختتم الباحث الأكاديمى تصريحاته بالقول: كان خامنئى يشكك فى الحسابات الأمريكية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وربما فى استعداد واشنطن لدخول حرب غزة، لكنه لم يقلل من شأن قوة الجيش الأمريكى إن تحرّك، وتقوض قلّة فرص تملص إيران من المسئولية رغبتها فى المخاطرة ببقائها السياسى لمجرد مساعدة حماس فى حرب أوسع تشمل الولايات المتحدة.
وترتكز كل الاستثمارات الإيرانية فى محور المقاومة وعقيدة "الدفاع الأمامي" على فكرة بسيطة مفادها أنه من الأفضل للبلاد أن تواجه خصومها خارج حدودها من خلال وكلاء مسلحين موالين لها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة هدنة الحدود اللبنانیة حزب الله تل أبیب إلى أن فى غزة
إقرأ أيضاً:
صحيفة: إسرائيل متمسكة باستدامة حرب غزة والمرحلة الثانية غير مطروحة
قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، صباح اليوم الثلاثاء 11 مارس 2025، إن التنصل الإسرائيلي المستمر من استحقاقات المرحلة الأولى من صفقة التبادل يعزز تمسّك حركة " حماس " بمسار الانتقال إلى المرحلة الثانية كخيار وحيد لإطلاق سراح 59 أسيراً إسرائيلياً ما زالوا في قبضة المقاومة".
وأضافت الصحيفة، أنه "تمثل أحدث وجوه ذلك التنصل، بانقضاء يوم أمس من دون أن ينسحب جيش الاحتلال من "محور فيلادلفيا"، والذي يفصل القطاع عن الأراضي المصرية، علماً أن المرحلة الأولى تنص على انسحاب كلي قبل اليوم الـ50 من وقف إطلاق النار".
إقرأ أيضاً: بالتفاصيل - مبعوث ترامب يُغضب إسرائيل بسبب حماس
وتابعت "أما الأوضاع الميدانية فقد شهدت مزيداً من الخروقات، إذ قصفت الطائرات المُسيّرة، أمس، تجمعاً للمواطنين شرق مخيم البريج وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة إخوة، كما أغارت الطائرات المُسيّرة على هدف في المناطق الغربية لمدينة خانيونس جنوباً، في حين أدّى قصف إسرائيلي على طريق صلاح الدين - رفح، جنوب القطاع، إلى سقوط شهيد تحوّلت جثته إلى أشلاء وجريح. كذلك، حلّقت الطائرات الحربية على علو منخفض في سماء غزة ، وسط إطلاق نار متفرق من الآليات العسكرية في المناطق العازلة على امتداد الحدود الشرقية والشمالية للقطاع".
وجاءت تلك التطورات في وقت واصلت فيه سلطات الاحتلال إغلاق المعابر في وجه المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية لليوم التاسع على التوالي، كما واصلت قطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه المركزية في مدينة دير البلح والتي تؤمّن 70% من المياه الصالحة للشرب. كذلك، منع العدو دخول المستهلكات الطبية والوقود المخصّص للمستشفيات الحكومية، في سابقة تجاوزت إجراءات التشديد والعقاب الجماعي حتى خلال الحرب.
وعلى المستوى السياسي، لم تفضِ أجواء التفاؤل التي عكستها الإدارة الأميركية بعد تفاوضها المباشر مع "حماس" في الدوحة، إلى أي نتائج تُذكر.
وعلى رغم مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة القطرية لاستكمال المفاوضات، عشية زيارة المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة غداً، أكّدت قناة "كان" العبرية أن "الصلاحيات التي منحها المستوى السياسي الإسرائيلي للوفد المفاوض تخوّله التفاوض على تمديد المرحلة الأولى وليس وقف الحرب"، وهو ما ترفض "حماس" مناقشته، إذ أكّد المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، في تصريحات صحافية، أن "حماس" تعاملت بمرونة مع جهود الوسطاء ومبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتنتظر نتائج المفاوضات المرتقبة، وإلزام الاحتلال بالاتفاق والذهاب إلى المرحلة الثانية من الصفقة.
وأضاف: "المفاوضات التي جرت مع الوسطاء المصريين والقطريين ومبعوث ترامب ترتكز على إنهاء الحرب والانسحاب وإعادة الإعمار. التزمنا تماماً بالمرحلة الأولى من الاتفاق وأولويتنا الآن إيواء شعبنا وإغاثته وضمان وقف دائم لإطلاق النار".
ولفت إلى أن المرونة التي قدّمتها "حماس" شملت بشكل واضح الانسحاب من المشهد الحكومي في غزة، والموافقة على مقترح مصر بتشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" تساهم في تعزيز صمود الأهالي والمضي قدماً في إعادة الإعمار.
على أن نقاط الالتقاء مع "حماس"، والتي أفصح عنها مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، آدم بولر، وتتعلّق بوقف الحرب والتوجّه لإعادة الإعمار، وأزعجت الإسرائيليين، لا تعكس الصورة مكتملة، إذ تشترط الولايات المتحدة مقابل الهدوء المستدام لعشر سنوات، نزع سلاح المقاومة وتحويل "حماس" إلى حركة سياسية، وهو ما ترفضه الأخيرة قطعاً، ما يعني أن سقف ما ستناقشه جلسات المفاوضات في الدوحة، والتي تستمر يومين، هو مقترح ويتكوف، والذي ينص على التمديد المؤقت لوقف إطلاق النار، مقابل تسليم نصف الأسرى الأحياء والأموات في اليوم الأول، والنصف الآخر في حال التوصل إلى اتفاق دائم لوقف الحرب.
ويعني ذلك مقايضة أقوى أوراق القوة التي تمسك بها المقاومة، بالهدوء المؤقت والبضائع والمساعدات الإغاثية، في صفقة خاسرة تعني التوقيع على تعطيل الإعمار واستمرار الحرب بأفق مفتوح.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين آلاف النشطاء يتظاهرون في نيويورك احتجاجاً على اعتقال الطالب محمود خليل مستعمرون يضرمون النيران في كراج سيارات غرب رام الله إصابة ثلاثة شبان برصاص الاحتلال في بيت فجار الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يقرر عدم معاقبة جنود طردوا عائلات فلسطينية شمال الضفة محدث: سلطات الاحتلال تواصل إغلاق معبر كرم أبو سالم لليوم الثالث غزة: بدء تقديم خدمة الأطفال من خلال المستشفى الأندونيسي فلسطين: إعلان مقدار صدقة الفطر ونصاب زكاة المال للعام الجاري عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025