«الوطن» في قلب «جبال توشكى».. مصر تبدأ استصلاح 200 ألف فدان جديدة (صور)
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
في منطقة صحراوية شديدة الحرارة، وعلى بُعد أكثر من 1000 كيلومتر من القاهرة، وقف قرابة ألفى مهندس وعامل فوق مشروع الخير.. وهى محطة عملاقة نفّذتها الدولة، بالتعاون مع القطاع الخاص الوطني الجاد في قلب الصحراء للعبور بالمياه إلى مناطق الاستصلاح الجديدة في توشكى، وذلك بعدما عملوا شهوراً متواصلة في ظروف جوية وصحراوية شديدة الصعوبة، محاولين رفع المياه إلى مستويات عالية توازى 7 أدوار من المباني التقليدية، لتصل المياه إليها في مشهد لم يعلُ فيه صوت على «الله أكبر»، والتي انطلقت على لسان كل مشارك في هذا الإنجاز، بما يعنيه من بدء مرحلة جديدة من استصلاح وزراعة الأراضي، وتوفير الاحتياجات الرئيسية الغذائية للمواطن المصري محلياً، خصوصاً من القمح، بدلاً من استيرادها من الخارج.
بعد 3 سنوات من العمل الجاد دخل مشروع تنمية جنوب الوادي بمنطقة توشكى، المعروف باسم «توشكى الخير»، في مرحلة جديدة لإحياء هذا المشروع المهم في تحقيق الأمن الغذائي للدولة المصرية، عبر بدء استصلاح 200 ألف فدان جديدة لزراعة محصول القمح والمحاصيل الاستراتيجية، التي تُضاف إلى قرابة 450 ألف فدان نجحت مصر في استصلاحها في توشكى خلال آخر 3 سنوات.
أجرت «الوطن» جولة ميدانية في مشروعات الاستصلاح الجديدة، التي تنقسم إلى 100 ألف فدان بدأ استصلاحها للزراعة بالقُرب من المزرعة الرئيسية الأولى في توشكى، والأخرى في منطقة صحراوية جبلية، على بُعد أكثر من ساعة ونصف الساعة من المزرعة الرئيسية بمساحة 100 ألف فدان أيضاً.
منطقة جبليةالتحدي الأكبر في مشروعات الاستصلاح الجديدة كان في المنطقة المعروفة باسم O، وهي منطقة جبلية شديدة الوعورة على جانبيها أراضٍ أثبتت جودتها وصلاحيتها لزراعة القمح بإنتاجية عالية، لكن وجود جبل من الجرانيت والبازلت، وهما من الصخور شديدة الصلابة، أعاق التوسّع في مشروعات الاستصلاح الزراعي في توشكى خلال تسعينات القرن الماضي، لكن تم التغلب على هذا التحدي.
تروى المهندسة رانيا فايز، مدير العمليات في مشروع محطات رفع المياه الرئيسية في توشكى، والمنفَّذة من إحدى شركات القطاع الخاص، أن توصيل المياه إلى الأراضي الزراعية، وشق ترعة جديدة لتوصيل المياه إليها، والمعروفة باسم ترعة 4 داش، كان أشبه بالمستحيل، في ظل وجود الجبل الممتد لمسافة تقارب 10 كيلومترات، لكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عملت على تفجير الجبل.. والتعاون مع شركات القطاع الخاص الوطنية، لشق الترع، وإقامة محطات رفع المياه للأراضي المرتفعة الصالحة للزراعة.
توجيهات رئاسيةوتشير المهندسة رانيا فايز، في تصريح لـ«الوطن» على هامش جولتنا الميدانية في مشروعات الاستصلاح الزراعية الجديدة، التي بدأت قبل أيام قليلة، إلى أن مشروعات إقامة محطات رفع المياه اللازمة لأعمال الاستصلاح والزراعة تم تنفيذها بمعجزة، عقب صدور توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتنفيذ المشروع في أسرع وقت ممكن، ليتم التنفيذ في 8 أشهر فقط، بدلاً من الحاجة إلى 20 شهراً كاملة في مثل هذه المشروعات، عبر ضغط العمل والإنجاز.
وتوضح مدير العمليات في الشركة المنفّذة لمحطة الرفع الرئيسية في المنطقة بتوشكى، أنهم عملوا في ظروف شديدة الصعوبة، لكن دافعهم في العمل والإنجاز وطني، تحقيقاً للأمن الغذائي للمصريين، موضحة أن المشروع يُنفّذ في قلب الصحراء، وبمنطقة جبلية تصل درجة الحرارة فيها أحياناً حتى 55 و60 درجة مئوية، فضلاً عن عدم وجود إنترنت أو اتصالات مدنية عادية، لكن تعاون القوات المسلحة وأجهزة الدولة معهم أسهم في تحقيق معجزة تهيئة الأرض لاستصلاح الأراضي الجديدة.
واجب وطنيوتشير إلى أن العاملين في المشروع يشعرون بأنهم يقومون بواجب وطني، لذا يواصلون العمل ليل نهار، بهدف توفير الاحتياجات القومية الغذائية للدولة، وتوفير الدولار لمصر.
وتوضح أنه لدى إطلاق المياه من المنطقة المنخفضة إلى المنطقة المرتفعة عبر محطة رفع المياه الرئيسية بتلك المنطقة، لم يتوقف العاملون في المشروع عن قول «الله أكبر» وسط فرحة مرسومة على الوجوه إيماناً منهم بأنه نصر وعبور جديد لمصر.
معجزة هندسيةويلتقط المهندس حسام سيد، مدير مشروع إنشاء محطة رفع المياه الرئيسية في توشكى، مؤكداً أن إنجاز المحطة في ظرف 8 أشهر فقط هو معجزة بكل المقاييس الهندسية تحقّقت على يد المهندسين والعمال المصريين، كاشفاً عن بدء أعمال استصلاح 100 ألف فدان جديدة لزراعتها بالقمح في توشكى، لتدخل موسم الزراعة الحالي بعد التشغيل التجريبي لمحطة المياه الرئيسية، بالإضافة إلى محطة رفع مياه مماثلة لها، نُفّذت أيضاً في هذا المشروع العملاق.
وعن كيفية ضغط فترة تنفيذ المشروع أكثر من سنة كاملة، يقول المهندس حسام سيد لـ«الوطن»، إن ذلك تحقّق عبر قرابة مليون و400 ألف ساعة عمل، نفّذها المهندسون والعمال خلال 8 أشهر فقط، موضحاً أن المحطة تضم 12 مضحة، بطاقة تسريب مياه من كل منها تبلغ 8 أمتار مكعبة في الثانية الواحدة.
محطة المياه الرئيسية بتوشكىويوضح مدير المشروع أن تشغيل محطة المياه الرئيسية بمنطقة توشكى كان من المخطط أن يتم في أول عام 2024، لكن العمل تم بإحساس وشعور وطني، ودعم القوات المسلحة لشركات القطاع الخاص المنفّذة للمشروع، جعلته يبدأ العمل بشكل تجريبي في 25 سبتمبر الماضي.
ويلفت إلى أن المحطة تعمل على رفع المياه 20 متراً كاملة، بما يعادل 7 أدوار من العمارات السكنية، وذلك للتغلب على ارتفاعات الأراضي، والانطلاق نحو التنمية الشاملة.
دعم الرئيس السيسيأما المهندس مصطفى فهمى، مدير مشروع توفير الكهرباء لـ100 ألف فدان الجديدة بالمنطقة، وهو أحد المهندسين في شركة قطاع خاص وطنية جادة، فيقول إن الإرادة السياسية القوية من الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والدعم الكامل من القوات المسلحة والأجهزة المعنية في الدولة، سهلا كل التحديات والصعاب في تنفيذ المشروع، موضحاً أن المعدات اللازمة للمشروع تمّ نقلها على أكثر من ألف نقلة نفّذتها السيارات على مسافات تزيد على ألف كيلومتر في المرة الواحدة، حتى تم توفير كل الاحتياجات اللازمة للنجاح المبهر للمشروع.
ويوضح المهندس مصطفى فهمي، في تصريح لـ«الوطن»، أن توصيل الكهرباء لمناطق الاستصلاح الزراعي في توشكى تطلب تنفيذ 20 ألف عمود هوائي لتوصيل الطاقة الكهربائية، و1500 كيلومتر من مسارات الكهرباء داخل المشروع، فضلاً عن 160 كشكاً، و110 محولات كهربائية، لافتاً إلى أن مشروعات الكهرباء في هذه المنطقة تم تنفيذها في سنة ونصف فقط، في حين أن المعدل الطبيعي لها هو 4 سنوات في الظروف العادية.
ويشير إلى أن الطاقة الكهربائية الموصلة للمشروع تستخدم في تشغيل محطات المياه، وأجهزة الري المحوري الحديثة، وكامل الاحتياجات والاستخدامات الخاصة بمشروعات الاستصلاح الحديثة بـ«توشكى الخير».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: استصلاح الأراضي الإرادة السياسية التشغيل التجريبي التنمية الشاملة الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس عبدالفتاح السيسي الطاقة الكهربائية العمارات السكنية أجر أجهزة الدولة المیاه الرئیسیة القطاع الخاص رفع المیاه فی توشکى ألف فدان فی مشروع أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
المشاط تتفقد أعمال تطور الري ومحطات الطاقة الشمسية والمدارس الحقلية بغرب سمالوط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
توجهت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور هاني سويلم، وزير الري والموارد المائية، وعلاء فاروق، وزي الزراعة واستصلاح الأراضي، ومحافظ المنيا، لمنطقة غرب سمالوط، لتفقد أعمال تطوير الري بخط طرفا، ومحطات الطاقة الشمسية، وكذا نماذج لعدد من المدارس الحقلية والزراعات، وذلك استمرارًا لزيارتها التفقدية لمشروع الاستثمارات الزراعية المستدامة بالمنيا.
وخلال تفقدها لأعمال تطوير الري ومحطات الطاقة الشمسية؛ أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أهمية المشروعات المنفذة مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذا منظمة الأغذية والزراعة، والتي ساهمت في تعزيز جهود الدولة في تحقيق مفهوم التنمية الريفية الشاملة، ورفع مستوى معيشة المزارعين خاصة أصحاب الحيازات الصغيرة، وإتاحة فرص العمل، موضحةً أن المشروع يأتي في إطار الدعم المتكامل والشراكة بين الحكومة المصرية والأمم المتحدة ووكالاتها من خلال البرامج المشتركة وتنسيق الجهود بين الوكالات الأممية.
وأكدت المشاط أن تطوير أنظمة الري والطاقة الشمسية يعد من الأساسيات لتحقيق الاستدامة الزراعية في مصر، مشيرةً إلى جهود الحكومة المصرية لاستغلال الموارد المائية بشكل فعال ودعم المزارعين بتقنيات حديثة تضمن لهم إنتاجية أعلى.
وتحدثت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن تكامل الجهود بين الجهات الوطنية مُمثلة في وزارتي الزراعة والري، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، من أجل تعزيز الاستدامة بقطاعي الزراعة والري، مشيرةً إلى أنه من بين إنجازات المشروع فقد تم تنفيذ أعمال تطوير الري من ري غمر إلى رى تنقيط لمساحة 1248 فدان بخط طرفا بمنطقة غرب سمالوط بمصر الوسطى باستخدام الطاقة الشمسية، وذلك في إطار المشروع، فضلًا عن بدء الأعمال في محطتي 12 - 13 لمساحة 2160 فدان أخرى بخط طرفا مع البدء في أعمال تطوير لمحطة صفر بواقع 981 فدان، متابعه أن العمل جاري لتنفيذ أعمال تطوير الرى لفرعي على خط طرفا بإجمالي مساحة 1105 فدان.
وفي إطار المشروع، تم توريد 12 وحدة طاقة شمسية مجمعة والخاصة بأعمال تطوير الري بمحطة 14 بالمنيا مع توريد وتركيب 40 مضخة وألواح طاقة شمسية بمنطقة مصر العليا لتحويل نظم الري إلى من ري غمر إلى ري تنقيط لعدد 135 مزارع لمساحة 675 فدان.
وخلال جولتها لتفقد نماذج من المدارس الحقلية والزراعات؛ أوضحت المشاط أن المشروع يركز على منهجية المدارس الحقلية للمزارعين والتي تركز علي الإرشاد الزراعي الجماعي والقائم على السوق والتعلم التشاركي، مشيرةً إلى التعاون مع منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) لتنفيذ 172 مدرسة حقلية جديدة بمناطق عمل المشروع تتضمن مدارس نباتية وحيوانية وأخرى خاصة بتغير المناخ.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أن تنمية محافظات الصعيد يأتي على رأس أولويات الدولة المصرية، لافتةً إلى أن الاستثمارات المخصصة لمحافظات الصعيد في خطة العام المالي الجاري تبلغ 62.4 مليار جنيه، منها 7.4 مليار جنيه لمحافظة المنيا، بنسبة 11%.
ونوهت إلى الدور الكبير الذي قامت به المبادرة الرئاسة "حياة كريمة" على مستوى تحقيق التنمية المتكاملة في الريف خاصة في مناطق الصعيد، حيث تبلغ المخصصات المالية لمحافظات الصعيد بالمرحلة الأولى من المبادرة نحو 237 مليار جنيه من بينها 43.2 مليار جنيه لمحافظة المنيا فقط.
كما تطرقت إلى المساهمة الفعالة لقطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12%، ليعد من أكثر القطاعات مساهمة، موضحة أن تعزيز الاستدامة بقطاعي الزراعة والري يُحفز خلق فرص العمل ويدعم التنمية الاقتصادية.
جدير بالذكر أنه من خلال المشروع يتم تدريب 240 جهة من الأطراف ذات الصلة في المحافظات لزيادة الوعي باحتياجات المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، حيث تم تدريب 125 من المستفيدين من المجتمعات المحلية على كيفية الترويج الفعال لممارسات وتكنولوجيا التقنيات الزراعية الذكية مناخيًا CSA وإدارة الموارد الطبيعية NRM من خلال تنفيذ 66 مدرسة حقلية للمزارعين وعدد من كبار المديرين والمشرفين الزراعيين.