كان احتفال العالم اليوم 21 نوفمبر باليوم العالمى للتليفزيون اعترافاً من الأمم المتحدة بتأثير التليفزيون المتزايد فى صنع القرار من خلال لفت انتباه الرأى العام إلى كل ما يحيق بالدولة أو العالم من منازعات وتهديدات يتعرض لها السلام والأمن.. ولعل ماتنقله شاشات التليفزيون عبر العالم من الأراضى الفلسطينية من بشاعات دموية إسرائيلية كاشفة للنوايا الإجرامية من جانب محتل جبان غادر ما يؤكد على دور التليفزيون الإعلامى الموثق، ولعل المناسبة الأخرى التى يحتفل فيها العالم بيوم الطفل العالمى ما يشير إلى دور التليفزيون عبر العالم وكشفه لبشاعات جرائم حكومة اغتيال الطفولة فى فضيحة إنسانية وأخلاقية.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، يأتى الاحتفال باليوم العالمى للتليفزيون، تقديراً لدوره المحتمل فى زيادة التركيز على القضايا الرئيسية التى تهم المواطنين فى كل دولة من دول العالم، ومنها القضايا الاقتصادية، والقضايا الاجتماعية..
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت فى الأول من ديسمبر 1996، الاحتفال باليوم العالمى للتليفزيون ليكون يوم 21 نوفمبر من كل عام، وليس اليوم العالمى للتليفزيون احتفاء بأداة بقدر ما هو احتفاء بالفلسفة التى تعبر عنها هذه الأداة، فقد أصبح التليفزيون رمزاً للاتصالات والعولمة فى العالم المعاصر، وجاء هذا بعدما عقد فى يومى 21 و22 نوفمبر من عام 1996، أول منتدى عالمى للتليفزيون، حيث التقى كبار شخصيات وسائل الإعلام العالمية تحت رعاية الأمم المتحدة، لمناقشة الأهمية المتزايدة للتليفزيون فى عالم اليوم المتغير وللنظر فى كيفية تعزيز تعاونهم المتبادل..
ولذلك قررت الجمعية العامة اعتبار يوم 21 نوفمبر يوماً عالمياً للتليفزيون، احتفالاً بذكرى اليوم الذى انعقد فيه أول منتدى عالمى للتليفزيون..
وجاء هذا الحدث بوصفه اعترافاً بالتأثير المتزايد للتليفزيون فى عملية صنع القرار، وهو ما يعنى الاعتراف بالتليفزيون كوسيلة أساسية فى إيصال المعلومة إلى الرأى العام والتأثير فيه، ولا يمكن إنكار أثره فى السياسة العالمية وحضوره فيها وتأثيره فى مجرياتها..
وأكدت الأمم المتحدة أن الاحتفال باليوم العالمى للتليفزيون 2022، يهدف إلى تسليط الأضواء على دور التليفزيون فى نشر المعرفة بين الأشخاص، بالإضافة إلى فاعليته الشديدة فى نشر الأخبار والتقارير المتنوعة التى تهم المواطنين، فضلاً عن كونه وسيلة فاعلة تمارس دوراً كبيراً فى التنشئة الاجتماعية للأجيال الصغيرة..
وهنا، أتذكر برنامجاً تليفزيونياً وقد اقتبست عنوانه عنواناً للمقال «يا تليفزيون يا» ربما لنجاحه الجماهيرى فى التسعينات ولاستمرار بثه على مدار أكثر من 20 عاماً فى شهر رمضان المبارك، وكان يقدمه رسام الكاريكاتير رمسيس زخارى، حيث كان يدمج الحوار مع الكاريكاتير، كما استضاف فيه أشهر الشخصيات فى عالم الفن والصحافة والأدب، ومقدم البرنامج أحد أبناء مؤسسة روزاليوسف ومدرستها النقدية الساخرة الرائعة، وقد حصد رمسيس جائزة أفضل برنامج عام 1990 فى مهرجان الإذاعة والتليفزيون، وبدأ عرض أولى حلقات البرنامج فى 1984، وكانت مع محمد ثروت وحققت الحلقة نجاحاً مبهراً.. والبرنامج يمثل حالة من حالات الريادة التليفزيونية فى تحقيق التواصل مع الجماهير فى زمن تقديمه، وبمعايير لا يمكن أن تمائل معايير الزمن الحالى نظراً لتقدم الجوانب التقنية والإبداعية، وإن كنت أتمنى عودة البرامج التى تحتفى برسامى الكاريكاتير وإبداعاتهم المهمة والمطلوبة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية الأمم المتحدة السلام والأمن الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
الطريق إلى الأمام في سوريا
ترك انهيار نظام الأسد في سوريا - حيث لم يخبر الرئيس بَـشّار الأسد حتى أقرب مساعديه قبل فراره إلى موسكو - القوى الإقليمية والدولية تتدافع لتثبيت الاستقرار في البلاد.
بطبيعة الحال، بُـذِلَـت محاولات عديدة لاستعادة الاستقرار في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، بعد أن قمع الأسد بوحشية مظاهرات الربيع العربي السلمية. وعلى الرغم من الإخفاقات العديدة، يظل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي اعتُـمِد بالإجماع في ديسمبر 2015، يشكل حجر الزاوية في الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية إلى حل الصراع السوري. فهو يوفر خريطة طريق واضحة للانتقال السياسي بقيادة سورية في ظل دستور جديد، مع انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة وتدابير لضمان الحكم الشامل. الواقع أننا لم نشهد بَـعد سوى أقل القليل من التقدم على أي من هذه الجبهات. ذلك أن اللجنة الدستورية، وهي الهيئة المكلفة بتنفيذ القرار 2254، تجسد الإمكانات والقيود التي تحكم عملية الأمم المتحدة، وتضم ممثلين عن نظام الأسد، والمعارضة، ومنظمات المجتمع المدني، كان من المفترض أن تقوم بصياغة دستور جديد يصلح كأساس لتسوية سياسية، لكن اللجنة لم تحقق شيئا جوهريا يُـذكَـر بعد جولات عديدة من الاجتماعات في جنيف، بسبب العراقيل التي يضعها الوفد التابع للنظام. لم يواجه النظام أية عواقب نتيجة لعرقلة العملية، لأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذاته كان منقسما بشدة. فقد تمكنت روسيا باعتبارها عضوا دائما يتمتع بحق النقض من حماية الأسد من أي عمل دولي أكثر قوة، وكان تدخلها العسكري في عام 2015 سببا في إنقاذ نظام الأسد وتغيير توازن القوى على الأرض جوهريا. وفي حين حاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص جير بيدرسن كسر الجمود من خلال إغراء النظام باحتمال تخفيف العقوبات، فلم يكن لمثل هذه المقترحات أي أثر. الآن، وعلى نحو مفاجئ، أصبح كل شيء مختلفا. وفي حين كان رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين أول مسؤول رفيع أجنبي يسافر إلى دمشق بعد سقوط النظام، كان الثاني (وفقا لما بلغنا من عِـلم) بيدرسن. علاوة على ذلك، تقول حكومات عديدة إنها على اتصال مع جماعة هيئة تحرير الشام، وحكومتها المؤقتة. ولم تمثل حقيقة أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى لا تزال تصنف هيئة تحرير الشام رسميا على أنها منظمة إرهابية أي مشكلة. برغم أن أمورا عديدة تظل غير مؤكدة، فإن خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة في عام 2015 تظل الخيار الأفضل لضمان الحكم الشامل، وهو شرط أساسي للاستقرار في سوريا. لكن السؤال هو ما إذا كانت كل القوى المحلية والإقليمية لتوافق على هذه العملية.
لم تتردد إسرائيل في الدفع بقواتها إلى ما وراء مرتفعات الجولان، لتتخلص بذلك من الترتيب الذي ساد منذ حرب أكتوبر 1973 (عندما أشعلت حتى المكاسب الضئيلة التي حققتها في المنطقة المشاعر في مختلف أنحاء العالم العربي). كما نفذت ضربات جوية استباقية ضد ما تبقى من المعدات العسكرية ومرافق الأسلحة في سوريا.
من منظور تركيا، يتلخص السؤال الأكبر في ما إذا كانت تستطيع قبول إطار الحكم السوري الذي يشمل الأكراد. تتمثل أولوية الحكومة التركية في تهميش أي عناصر مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره جماعة إرهابية (كما تفعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي). من الناحية المثالية، قد تساعد تسوية جديدة في سوريا حتى في نزع فتيل القضية الكردية في تركيا ذاتها. يكمن أحد المخاطر الواضحة في إقدام بقايا تنظيم (داعش) على استغلال حالة انعدام اليقين الجديدة لتعزيز موقفها. لكن كلا من هيئة تحرير الشام والجماعات الكردية المختلفة حاربت داعش لسنوات، وسوف تكون الآن أكثر تصميما على مقاومتها. يتمثل أحد مواطن القوة الرئيسية في عملية الأمم المتحدة في غياب أي بدائل مواتية؛ فإذا انهارت، ستكون النتيجة كارثية لجميع الأطراف المعنية. ويُـظـهِـر تركيز المتمردين المنتصرين على بناء وصيانة مؤسسات الدولة أنهم يدركون المخاطر حق الإدراك. لكي تنجح هذه العملية، يجب أن يتولاها السوريون من أجل السوريين، ولكن بمساعدة خارجية. الواقع أن الوضع الإنساني مروع ويتطلب اهتماما فوريا. وينبغي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن يوضحا لكل القوى الفاعلة ذات الصلة أنهما على استعداد لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا دعما للانتقال السياسي. المخاطر مرتفعة بشكل خاص بالنسبة لأوروبا، التي لا تزال أزمة اللاجئين من عام 2015 تطارد سياساتها. وتكرار تلك الحال سيكون كابوسا. وتركيا، بطبيعة الحال، لديها مصلحة حيوية في الاستقرار على حدودها. فقد استضافت لفترة طويلة ملايين اللاجئين السوريين الذين ترغب في إعادتهم إلى ديارهم، والآن يُـعـرِب كثيرون منهم عن استعدادهم للرحيل. الواقع أن العملية التي تنتظرنا ستكون طويلة ومعقدة. فلم يكن حكم سوريا مسألة بسيطة قط. وإذا بدأت أي من القوى الرئيسية ملاحقة أجندتها الخاصة من جانب واحد، فقد تتدهور الظروف بسرعة. مع ذلك، تمثل عملية الأمم المتحدة أفضل طريق إلى الأمام، وهذا يمنح المنظمة الفرصة لكي تثبت للعالم أنها تظل تشكل عنصرا لا غنى عنه في مثل هذه المواقف.
كارل بيلت هو رئيس وزراء ووزير خارجية السويد السابق.
خدمة بروجيكت سنديكيت