القدس المحتلة- تواجه إسرائيل الكثير من التحديات التي تعصف باقتصادها منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومن ثم بدء الحرب على قطاع غزة، حيث تواجه صعوبات لم تشهدها من قبل، وهو ما دفعها لمطالبة الولايات المتحدة بدعمها بمليارات الدولارات.

فعدا عن كلفة الحرب الأولية التي تقدر بنحو 50 مليار دولار، ألقت الحرب تداعيات وتأثيرات على مختلف القطاعات الاقتصادية بالسوق الإسرائيلي، وهي تأثيرات أسهمت بتعطيل عديد المرافق بدرجات مختلفة، وأبرزها، فروع البناء، والسياحة، والضيافة، والترفيه، والمقاهي والمطاعم، الأمر الذي انعكس بتعطيل مئات الآلاف من القوى العاملة.

وفي ظل هذه التداعيات تشير بعض التقديرات إلى تراجع كبير في النمو الاقتصادي، فيرى كبير الاقتصاديين في وزارة المالية، شموئيل أبرامزون، أن إسرائيل سينخفض نمو اقتصادها إلى 2% فقط.

أما للعام المقبل فيرجح أن النمو سيصل إلى 1.6% فقط، بعد أن كانت التقديرات قبل الحرب تشير إلى نمو 3.4%.

خالدي اعتبر أن إسرائيل تواجه واقع حرب على عدة جبهات وهو ما سيرهقها اقتصاديا (الجزيرة) إطالة أمد الحرب

وتعليقا على الموضوع، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور نايف خالدي، أن إسرائيل تواجه واقع الحرب على عدة جبهات، وعليه يرى أن الحرب ستطول وقد تمتد حتى عام 2024.

ورأى أن إطالة أمد الحرب يعود بالأساس إلى الأهداف المعلنة من قبل المستوى السياسي وكذلك من قبل القيادات العسكرية الإسرائيلية، حيث تلخصت الأهداف في السعي من أجل فرض واقع أمني جديد، وهو ما ستكون له تداعيات وتأثيرات على الاقتصاد الإسرائيلي.

وبشأن التداعيات والتأثيرات الأولية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، نوه خالدي في حديثه للجزيرة نت إلى التغييرات والتعديلات المتوقعة بالموازنة العامة لإسرائيل، بسبب تكلفة الحرب، عبر التوجه لتوسيع إطار الموازنة بنحو 45 مليار شيكل (12 مليار دولار)، وهو يعكس العجز الأولي والمباشر بالموازنة جراء الحرب.

تعطيل عجلة الاقتصاد

وأوضح خالدي أن استدعاء أكثر من 300 ألف إسرائيلي إلى قوات الاحتياط أسهم في تعطيل عجلة الاقتصاد وسوق العمل، علما أن حوالي 20% من قوات الاحتياط هم أصحاب مصالح تجارية وشركات، ناهيك عن أن وزارة المالية رصدت الميزانيات من أجل الصرف على هذه القوات ودفع المخصصات لجنود الاحتياط من أجل تدبير وإدارة شؤون حياتهم اليومية.

ليس هذا وحسب، يقول الخبير الاقتصادي إن "إسرائيل تشهد ولأول مرة حالة نزوح للمدنيين من الجنوب ومن شمالي البلاد، حيث تم إجلاء حوالي 300 ألف إسرائيلي من البلدات القريبة من خط المواجهة والحرب"، وهذا يثقل كاهل الموازنة العامة.

إلى جانب ذلك، يضيف خالدي، تم وبسبب الحرب تأجيل انتخابات الحكم المحلي في إسرائيل والتي كانت مقررة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو التأجيل الذي يمنع إقرار أي ميزانيات للبلدات ويتسبب بتعطيل كافة برامج ومخططات العمل ومشاريع البنية التحتية والبناء والإعمار، ما يعني تعطيل المقاولين والشركات التي تقدم الخدمات للحكم المحلي.

تفاقم التضخم المالي

ولفت خالدي إلى مسألة صرف الشيكل مقابل العملات الأجنبية وخصوصا الدولار، حيث سجل الشيكل تراجعا في بداية الحرب وهو ما دفع بنك إسرائيل للتدخل وبيع جزء من احتياطه من الدولار، بهدف منع تفاقم التضخم المالي.

وأشار إلى أن التضخم المالي سيسهم بارتفاع الأسعار، كما أن للحرب دورا في ارتفاع نسبة الفائدة وتعطل المشاريع التجارية، وهي عوامل تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه في ظل الحرب سجل الاقتصاد حالة من الركود والتباطؤ، وأجلت العائلات مشاريعها الاقتصادية والتنموية والتجارية والاستثمارية، وهو ما يعتبر ضربة للنمو الاقتصادي وسط تراجع لمدخولات الدولة من عائدات الضرائب، علما أن 90% من مدخولات خزينة الدولة تعتمد على الضرائب و10% من التجارة الخارجية.

سياسات اقتصادية للحكومة

ووسط تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، أكد خالدي أن سياسات الحكومة الحالية التي تعتمد بالائتلاف على الأحزاب الحريدية واليمين المتطرف تشكل عبئا على الاقتصاد قبل الحرب بسبب الكثير من الوزارات التي أقيمت لأغراض الائتلاف، حيث رصدت ميزانيات لأهداف الائتلاف، فيما يتصاعد الطلب بتحويل هذه المخصصات لدعم الجهد الحربي.

وفي ظل كل هذه العوامل والمحاور والتداعيات التي تلقي بظلالها على الاقتصاد، يقول خالدي إن الجيش الإسرائيلي يطالب بمضاعفة ميزانيته، فالحرب على غزة كشفت أن النظام الإسرائيلي ضعيف إلى حد معين بالدفاع عن الذات، وعليه ستتم مضاعفة ميزانية الجيش مستقبلا.

ويعتقد الخبير الاقتصادي أن العام المقبل وعقب انتهاء الحرب سيشهد الكثير من الإجراءات والتعليمات، بحيث إن المواطن سيدفع الثمن، لافتا إلى أن إسرائيل التي تعتمد في اقتصادها على صناعة التكنولوجيا وتجارة الأسلحة ما كان بمقدورها أن تتحمل وحدها نفقات الحرب على غزة، حيث حصلت على دعم أميركي أولي قدره 14 مليار دولار.


التعويل على أميركا

واعتبر خالدي أن الدعم الأميركي المادي لإسرائيل خلال الحرب كان له الأثر في الحفاظ على الاقتصاد الإسرائيلي بالأسابيع الأولى للحرب، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، يدفع نحو رصد المزيد من الدعم المالي لإسرائيل واقتصادها.

وفي ظل التداعيات والتأثيرات المرتقبة للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، أوضح الخبير الاقتصادي أن إسرائيل طالبت وتطالب أميركا بالمزيد من الدعم وبايدن يدفع لرصد مساعدات غير مسبوقة لإسرائيل لمواجهة أزمتها.

وحيال ذلك يقول خالدي: "لولا هذا الدعم الخارجي الأميركي ومن الجاليات اليهودية لكان حجم الضرر على الاقتصاد الإسرائيلي كثيرا جدا"، لافتا إلى أنه قبل الحرب وبسبب التعديلات على الجهاز القضائي سحبت الكثير من الشركات الأجنبية استثماراتها من إسرائيل.

وتطرق إلى التداعيات السلبية للتصنيف السلبي للاقتصاد الإسرائيلي من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمي، حيث سيؤدي ذلك لتردد البنوك الأجنبية في منح القروض لإسرائيل، أو ستطالب بالمزيد من الضمانات وجباية نسبة فائدة مرتفعة.

وفي ظل اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن حربه في غزة بـ"الوجودية" وتماهى معه المجتمع الإسرائيلي وأبدى استعداده لدفع ضريبة الحرب، وبذلك ستكون الحكومة مطالبة بإعادة ترتيب الأوراق بما فيها سياستها الاقتصادية، حسب خالدي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على الاقتصاد الإسرائیلی الخبیر الاقتصادی أن إسرائیل الکثیر من الحرب على من قبل وفی ظل إلى أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

مع بداية ولايته الجديدة.. أبرز القضايا التي تواجه ترامب

مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية في ولاية الجديدة، يعود الجدل الذي صاحب سياساته في فترته الأولى، حيث يواجه مجموعة من التحديات الملحة التي تعصف بالساحة الدولية.

 يشهد العالم تغيرات عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يتطلب من الإدارة الأمريكية الجديدة رؤية واضحة واستراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه الملفات الحساسة.

1. العلاقات الأمريكية الصينية: صراع القوى العظمى

من أبرز القضايا التي تواجه إدارة ترامب هي العلاقة مع الصين، التي شهدت توترات كبيرة خلال ولايته الأولى. الحرب التجارية التي اشتعلت بين البلدين، إلى جانب الاتهامات المتبادلة بشأن قضايا الأمن السيبراني وحقوق الإنسان، زادت من تعقيد المشهد.
من المتوقع أن تكون المواجهة مع الصين حاضرة بقوة خلال هذه الولاية، حيث تسعى واشنطن للحد من نفوذ بكين في آسيا والمحيط الهادئ ومنعها من توسيع هيمنتها الاقتصادية عالمياً.

التحدي الأكبر يكمن في تحقيق توازن بين المنافسة الاستراتيجية مع الصين والحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي، خاصة مع اعتماد العديد من الشركات الأمريكية على الأسواق الصينية.


2. الصراع الروسي الأوكراني: اختبار للسياسة الخارجية

يشكل الصراع الروسي الأوكراني تحدياً مباشراً لإدارة ترامب، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا.

خلال فترة حكمه السابقة، تعرض ترامب لانتقادات بسبب موقفه المتساهل تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الآن، يجد نفسه في موقف معقد، حيث يجب أن يقدم دعماً قويًا لأوكرانيا، وهو ما يتطلب استمرار تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية، دون تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.

هذه القضية لا تمثل فقط تحدياً جيوسياسياً، بل اختباراً لتحالفات واشنطن مع حلفائها الأوروبيين الذين يعتمدون على دور أمريكا في مواجهة روسيا.

 

3. التهديد النووي الإيراني: العودة إلى المواجهة

في ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، مما أدى إلى تصعيد التوتر في الشرق الأوسط. عودته إلى البيت الأبيض تعني العودة إلى سياسة "الضغط الأقصى"، التي قد تشمل عقوبات اقتصادية جديدة أو حتى مواجهة عسكرية.
التحدي هنا يكمن في إدارة هذا الملف بحكمة، خاصة أن إيران زادت من وتيرة تخصيب اليورانيوم، مما يثير قلق الدول الغربية وإسرائيل. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستختار الدبلوماسية أو ستواصل التصعيد.


4. التغير المناخي: بين الضغوط الدولية والرؤية المحلية

لطالما كان ترامب متشككًا في قضايا التغير المناخي، حيث انسحب من اتفاقية باريس خلال ولايته الأولى. ومع ذلك، فإن الضغوط الدولية والمحلية قد تدفعه إلى مراجعة مواقفه، خاصة في ظل تزايد الكوارث الطبيعية التي تؤثر على الاقتصاد الأمريكي.

يواجه ترامب تحدياً كبيراً يتمثل في التوفيق بين رؤيته الاقتصادية التي تعتمد على الوقود الأحفوري والضغوط البيئية العالمية التي تطالب بالتحول إلى مصادر طاقة نظيفة.


5. الاقتصاد العالمي بعد الأزمات

تأتي ولاية ترامب الجديدة في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تداعيات جائحة كورونا، ارتفاع معدلات التضخم، واضطرابات سلاسل التوريد.

داخلياً، يواجه ترامب تحديات تتعلق بتوفير فرص العمل، خفض الديون الوطنية، وتحقيق وعوده بزيادة النمو الاقتصادي.
على المستوى الدولي، ستكون واشنطن مطالبة بتنسيق الجهود مع الدول الكبرى لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل صعود دول مثل الصين والهند كقوى اقتصادية منافسة.

 

6. التكنولوجيا والأمن السيبراني

يشهد العالم ثورة تقنية هائلة، مما يفرض تحديات جديدة على إدارة ترامب، خاصة في قضايا الأمن السيبراني. الهجمات الإلكترونية التي تنفذها دول معادية،  تهدد الأمن القومي الأمريكي.
كما أن تطور الذكاء الاصطناعي يفرض على الإدارة وضع سياسات تحكم هذا القطاع المتنامي لضمان تفوق الولايات المتحدة تقنياً.

مقالات مشابهة

  • وزيرة التخطيط: محفز النمو الاقتصادي والتنمية يمكن مصر من الانضمام لمبادرة هامة
  • وزيرة التخطيط: الاستفادة من خبرات المنتدى الاقتصادي العالمي
  • ألمانيا تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ سنوات
  • الغندور عن أزمة تجديد زيزو: "جنون"
  • تكريم رئيس الوفد في مؤتمر الرادار الاقتصادي .. صور
  • متحدث الحكومة: جهود الإصلاح الاقتصادي لها آثار إيجابية على الاقتصاد المصري
  • مع بداية ولايته الجديدة.. أبرز القضايا التي تواجه ترامب
  • هآرتس: إسرائيل تنشئ مصانع لإنتاج السلاح.. مشاريع غير اقتصادية
  • القطاع الاقتصادي والاستثماري بالحديدة يُحيي ذكرى جمعة رجب وتأصيل الهوية الإيمانية
  • عودة ترامب تدفع توقعات التضخم لدى الاقتصاديين إلى الارتفاع