الدور الخبيث للأجهزة الأمنية – دارفور نموذجاً !!
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
لقد عم الأمن والسلام والطمأنينة جميع المدن التي تم تحريرها من سطوة فلول النظام البائد، نيالا والجنينة وزالنجي والضعين، والفاشر لا محال لاحقة بسرب المدن المحررة والمستقلة، التي استشعر قاطنوها نعمة الاستقرار، وكما للحرب ثمن فللسلم أيضاً ثمن، وهو الصمود في وجه العدو المتصل إلى حين فك قبضته من رقاب الناس، والعدو المتصل الذي حذر منه الحكماء أكثر من تحذيرهم من خطر العدو المنفصل، هو هذه الأجهزة الأمنية – أمن ومخابرات واستخبارات عسكرية وشرطة أمنية ومباحث مركزية وأمن شعبي وغيرها، وللحريصين على تناول القضايا العامة بالإقليم وعي وادراك ومتابعة وتوثيق، لما قامت به الأجهزة الأمنية في مدن وقرى وأرياف دارفور، بعد مجيء سيئة الذكر الإنقاذ لسدة الحكم، وكان أول نشاط ملحوظ لجهاز الأمن المساهم في تفتيت عضد المجتمع، حينما رفع بولاد السلاح في وجه رفاق الأمس المنتمين لتنظيم الاخوان المسلمين – الجبهة الإسلامية القومية، وكعادة الحكومة الانقلابية الإخوانية أنها لا تثق في الجيش، الذي تعتبره مخترق بالطابور الخامس الأيام ألأولى من عهدها بشئون الحكم، فاتخذت التحشيد القبلي مدخلاً لقتال (المتمرد) بولاد، وبمناسبة هذا المصطلح (المتمرد) نرى لجوء جميع الحكومات المركزية إليه، في حال غضبت أي جماعة سياسية أو اجتماعية من ظلم الحاكم، فالوصمة جاهزة والوصفة العلاجية كذلك محضّرة ولا تختلف عن سابقاتها، منذ تحالف الصفوة المركزية المدنية مع الضباط العظام بالجيش، فحركة بولاد تم دحرها بدعم حكومي لا محدود للقبائل.
من عيوب الأجهزة الأمنية المركزية أن تقاريرها تصنف الحراك الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في دارفور، كأنشطة مشكوك في مقاصدها وأهدافها، فيتم وصم النشاط المعني على أساس المعايير الجهوية والقبلية المنافسة لسلطات واقتصاديات المركز، فكم من مشروع تنموي تكرمت وجادت به البلدان النفطية والدول الغربية للإقليم، تم وأده في مهده بحجة أنه يساهم في نهضة جماعات جهوية وقبلية لا يجب أن تنهض، بزعم أن نهضتها تهدد السلطة المركزية المقبوض عليها من قبل جماعات صفوية صغيرة، لا يتجاوز عدد المؤثرين فيها أصابع اليد الواحدة، ومن المشروعات التنموية التي قضى عليها سيف الدولة المركزية، رتل من سيارات اللاندروفر في ثمانينيات القرن الفائت، جاءت كمنحة من دولة ألمانيا الغربية كمنحة للإقليم استولت عليها سلطان الرئيس الأسبق جعفر النميري، حينما كان العم الراحل أحمد إبراهيم دريج حاكماً على الإقليم، زد على ذلك طريق الإنقاذ الغربي الذي أكل أمواله قادة الدويلة الإخوانية الفاسدة، وللعلم، إن موارد ميزانية الطريق اقتطعت من حصة المواطن في كوتات سكر التموين، ومن جرائم مركز الحكم بحق أصول المؤسسات التنموية في الإقليم جريمة بيع أصول هيئة تنمية غرب السافانا، في مزاد غير علني أثري منه الوالي الفاسد آنذاك عبد الحليم المتعافي ثراءً فاحشاً، ولمن هو غير ملم بخصائص حزب الاخوان، عليه أن يدرك بأنه تنظيم مافيا ماسوني لا يرحم، فقدت دارفور جراء سياساته المنحرفة هذا المشروع التنموي الكبير، الذي كان كفيلاً بتحويل جنوب دارفور لمزرعة عملاقة، من المساحات الشاسعة من الهكتارات المربعة المصدرة للمنتجات الزراعية والحيوانية، ولا ننسى ذلك المشروع الحيوي الآخر للزعيم الراحل معمر القذافي، الذي تم الإجهاز عليه وهو في مهده – الطريق المؤبد للربط بين ليبيا ودارفور – ذلك الحلم الذي استأصلته آلة الدويلة المركزية من عقول الدارفوريين.
وفي ذات السياق هنالك عشرات المشروعات التنموية التي قضت عليها (كرّاكة) الحكم المركزي في أقاليم أخرى، ولا يفوتنا ذكر مشروع الجزيرة ومؤسسات السكك الحديدية والنقل النهري والنقل الميكانيكي، وكما ظل يصفهم رفيق دربهم التائب والآيب النقيب سفيان بريمة وهو يقول (قادة الجيش الفاسدين)، فإنّ جميع من خدم تحت إمرة هذه الأجهزة فهو فاسد، لأن رب البيت لم يتوقف يوماً عن ضرب دف الفساد والإفساد، ولولا هذا الفساد الذي أزكمت روائحه الكريهة الأنوف لما حدث الذي يحدث الآن، فنحن لسنا استثناء ممن سبقونا بالولوغ في إناء هذه الرذيلة من الذين آل بهم الحال لنفس المآل، وها نحن في سودان العزة لم نتقدم قيد أنملة نتيجة لأذى حياكة مؤسساتنا الأمنية للمؤامرات والدسائس المكرسة للفساد والعاملة بسوء ضد مصلحة السكان، ومن أجل إشعال الحروب القبلية بالإقليم لا يتورع المدسوسون بين قطاعات المجتمع من إيقاظ ضغينة قديمة نامت فتنتها بين بني العمومة، ليستريح من هو نائم على حرير إيرادات حقول بترول أبو جابرة وبليلة في الخرطوم، وهل يصدق من هو بعيد جغرافياً عن أرض دارفور أنه وفي سبيل إشعال حرب بين قبيلتين، ما على جهاز الخزي والعار هذا إلّا وأن يوغر صدر ابن القبيلة المعيّنة المصاب بالاضطراب النفسي، ليغرس خنجراً مسموماً في خاصرة زميلته ابنة القبيلة الأخرى في فناء جامعة نيالا، لكي يشتعل فتيل الثأر بين القبيلتين ولتتحقق رغبة نائب الرئيس بقصر غردون، ذلك النائب الذي توعّد الإقليم وسكانه بأن يشعلها فتنة عرقية تقضي على الأخضر واليابس، ونسي أن الدائرة لابد وأن تدور عليه، وأن الله سيفضح عرضه أمام كاميرات العالم، حينما أخرجت عائلته من قصره المنيف وقذف بها على قارعة الطريق، فكم من عائلات أخرجها نائب الحاكم هذا من ديارها في حر الصيف وزمهرير الشتاء؟.
هذا غيض من فيض، أما الصناديق السوداء التي في قبضة الأشاوس، لابد وأنها تحمل الكثير المثير والخطر، ولا مفر من تفريغها في ملفات تحفظ في مأمن من آلة الدمار والانتقام الاخواني، الفاقدة للتركيز والأخلاق معاً في هذه الأيام، والباطشة بالمواطنين الأبرياء من سكان الأحياء والمدن، التي مازالت صامدة أمام القصف الجوي الذي لا يميّز، فسودان ما بعد الحرب من الضرورة بمكان أن يكون خالياً من الأجهزة الحكومية الخادمة ضد المصلحة العامة، فالأمن والأمان الذي غشي مدن نيالا وزالنجي والجنينة والضعين، يجب أن يغشى جميع المدن السودانية التي تلاعبت بسكانها هذه الأجهزة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
23 نوفمبر 2023
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بمنظومة رائدة.. الإمارات ترسخ التسامح والتعايش نموذجاً متكاملاً وفريداً
رسخت دولة الإمارات نموذجاً متكاملاً ونوعياً في كيفية بناء منظومة مجتمعية وسياسية قائمة على التعايش والتسامح، فمنذ تأسيس الدولة وقيم المشاركة والتوافق الإنساني قائمة كركن أساسي من أركان بناء استراتيجيات الإمارات ورؤية قيادتها؛ التي عملت وبشكل متسارع ومدروس لرسم أطر دولة تضم على أراضيها أكثر من 200 جنسية حول العالم بما تمثله من أديان وثقافات متعددة.
الرؤية الإماراتية لقيمة التعايش الإنساني شكلت محوراً رئيسياً في رسم سياسيات الدولة الداخلية والخارجية، فعملت بشكل متوازي على وضع قوانين ومبادرات تعزز من توافق المجتمع المحلي وحفظ حقوقه عبر منظومة تشريعية متكاملة تكفل للأفراد حرية الفكر والاعتقاد واحترام الآخر، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التعايش والتسامح، على الصعيد الخارجي كان للدولة العديد من المبادرات والحملات والمواقف الداعية للسلام والتعايش والتوافق العالمي. وزارة التسامحوتأكيداً على تلك الرؤية وفي مبادرة هي الأولى على مستوى العالم، أعلنت دولة الإمارات عام 2016 إنشاء وزارة خاصة للتسامح بهدف دعم قيم التآخي والتعايش بين مكونات المجتمع المحلي وعالمي، والعمل على صياغة سياسات وبرامج تدعم هذا التوجه، لا سيما وأن هذه الخطوة كانت مسبوقة بمجموعة من القوانين التي تدعم التنوع الديني والثقافي وتتعامل بشكل صارم مع التمييز والعنصرية والكراهية بوصفها جرائم يعاقب عليها القانون.
#الإمارات تحتفي بـ #اليوم_الدولي_للتسامح https://t.co/376snOilUc pic.twitter.com/EefhZFgDHC
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) November 16, 2024 وثيقة الأخوة الإنسانية وفي رسالة سلام للعالم شهدت الإمارات توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، وقعها البابا فرنسيس نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية وأحمد الطيب نيابة عن الجامع الأزهر في 4 فبراير(شباط) عام 2019، والتي استوحي منها بيت العائلة الإبراهيمية الذي يشكل مجمعاً متعدد الأديان يقع في جزيرة السعديات في العاصمة أبوظبي، ويضم المجمع.. كنيساً ومسجداً وكنيسة بشكل متجاور؛ تأكيداً على رعاية واحتضان الإمارات لأتباع الديانات السماوية المختلفة، وتوفير أماكن عبادة متقاربة تعكس التضامن والتعايش بين الأديان. عام التسامح ومع مجموع المبادرات النوعية التي طرحتها الإمارات لتعزيز التعايش والتسامح العالمي، توجت تلك المرحلة بإعلان عام 2019 عاماً للتسامح شهد إطلاق عدة مبادرات تركز على نشر ثقافة التسامح داخل المجتمع وخارجه، وتمكين المجتمع بمختلف فئاته بكل مكونات بناء علاقات قائمة على الإنسانية والتوافق. فعاليات عالمية كما تستضيف الإمارات سنوياً العديد من الفعاليات العالمية التي تعزز الحوار بين الأديان والثقافات، مثل "القمة العالمية للتسامح" التي تهدف إلى توفير منصة للنقاش والتعاون بين مختلف الثقافات والشعوب، كما أدرجت الإمارات في منظومتها التعليمية قيم التسامح، وذلك بجعلها مادة أساسية ضمن المناهج الدراسية لتعليم الأطفال أهمية تقبل الآخر، والتعايش معه بسلام واحترام، وتشجع الطلاب على العمل المجتمعي لتعزيز هذه القيم. معاهد فكرية وبشكل متتابع بدأت مؤسسات الدولة الرسمية والخاصة الإعلان عن تأسيس مراكز ومعاهد فكرية تسهم في نشر التسامح، أبرزها المعهد الدولي للتسامح، الذي يقوم على أساس تعزيز قيم التسامح من خلال البحث، والتعليم، والأنشطة المجتمعية.ولا تزال الإمارات تلعب دوراً محورياً في نشر قيم ومبادئ التسامح العالمي استناداً لرؤية قيادة تطمح لعالم أكثر أمناً وتوافقاً وتعايشاً؛ تقديراً لقيمة الإنسان وحقه في الحياة على اختلاف ثقافته ودينه وانتمائه.