سرية رسائل السياسة تفضح ميل الهوى
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
طلبت قيادة قوى الحرية و التغيير المركزي من رئيس دولة جنوب السودان أن يكون همزة الوصل بينهم و القائد العام و رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و قائد ميليشيا الدعم، في سعيها لوقف الحرب، دون أن تفصح عن أي برنامج أو رؤية تريد أن تتفاوض عليها مركزية قحت مع الجيش و الميليشيا. و أيضا في القاء الذي كانت قد عقدته قيادتها مع توت قلواك المستشار الأمني لرئيس دولة جنوب السودان في جوبا قال رئيس الوفد عمر الدقير أنهم سوف يقدمون مشروعا للحل بهدف وقف الحرب إلي دولة جنوب السودان، لكي تطلع عليه، و قال الدقير في الاجتماع أنهم سوف يطرحون المشروع إلي اجتماع الجبهة المدنية العريضة " تقدم" ثم بعد ذلك تطرح للشعب، و من خلال هذه المقولات تكون قد حددت "قحت المركزي" أولوياتها في برنامج سعيها لوقف الحرب.
في ذات اللقاء؛ قال توت؛ أنهم بالفعل يريدون الاطلاع على هذا المشروع لكي يطرحونه على بقية القوى السياسية كمسودة للتفاوض، باعتبار أن دولة جنوب السودان تريد أن تقوم بمهمة تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية السودانية، و قال نائب وزير الخارجية لجنوب السودان رمضان محمد عبد الله أنهم لا يريدون تأسيس منبر أخر إضافة للمنابر الموجودة أصلا، و لكنهم يدعمون المنابر القائمة " جوبا – الإيقاد" و بالتالي تكون زيارة "قحت المركزية" لدولة جنوب السودان الهدف الجوهري منها هو السعي من أجل توسط الرئيس سلفاكير لكي يلتقوا بالبرهان و حميدتي، بهدف التحاور معهما لوقف الحرب كما جاء على لسان الدقير في المؤتمر الصحفي. و يصبح هناك سؤلان: الأول لماذا قحت تجعل الشعب دائما في زيل أجندتها و هي درجت دائما أن تتحدث بأسمهو أخر من تقدم له رؤيتها بالحل؟ الثاني هل " قحت المركزي" تريد الرجوع مرة أخرى لذات اجندة " الاتفاق الإطاري" و الحوار مع الذين كانوا مشاركين فيه مع إبعاد " المؤتمر الشعبي و انصار السنة" حسب ما جاء في بيان اجتماع القاهرة " الثاني" إبعاد هؤلاء من أي حل يخص المشكل السوداني.
أليس من الأفضل أن تطرح " قحت المركزي" للشعب و كل المهتمين بشأن السوداني الرؤية التي تريد أن تتحاور على ضوئها مع البرهان و حميدتي، حتى يتعرف الشعب ما هي الخيارات المطروحة و أولوية الأجندة. قبل 15 إبريل كانت الأولوية عند قحت " استلام السلطة" لذلك كانت تردد قياداتها أنها لا تريد أن تغرق العملية السياسية، و هذه شكلت لها عقبة لعدم أتمام الصفقة، فهل ماتزال تحمل ذات المشروع الذي أدى إلي الحرب، أم أن لها رؤية جديدة تقدم في أجندتها عملية التحول الديمقراطي، و هي رؤية تحتاج إلي أدوات مغايرة عن سابقتها. و معرفة التغيير في الأجندة، عندما تقدم قحت رؤيتها للشعب سوف تحاسب بموجبها.
القضية الأخرى؛ أثارها طه عثمان في المؤتمر الصحفي عندما تحدث عن " ميليشيا الدعم" حيث قال " أن الجيش يذهب للثكنات، أم ميليشيا الدعم هي قوى عسكرية و لكن لها قاعدة اجتماعية عريضة كيف نتعامل معها" الأمر الذي يؤكد أن قحت المركزي ماتزال مقتنعة بعودة الميليشيا لذات موقعها السابق، و بالتالي تطرح أسئلة معروفة الإجابة عليها سلفا عندما يطالب الكل أن يكون هناك جيشا واحدا في السودان، و كل الحركات المسلحة تخضع لترتيبات أمنية، أن يجند الذين يتوافقوا مع معطيات القوات المسلحة حسب قانونها، و البعض يسرحوا و مع تقديم بعض الدعم المالي، و قيادات الحركات إذا راغبة في العمل السياسي تتحول إلي أحزاب سياسية، لكن لا يمكن تقديم أي استثنات لقوى مسلحة لكي تحتفظ بسلاحها و مقاتليها، هل قحت تريد في ذلك شرحا. مثل هذه الأسئلة حقيقة تضع قائلها موضع الشك...! معنى ذلك أن قحت تريد أن تساوم في الحل على بقاء الميليشيا عسكريا، الأمر الذي يؤكد أنها لم تغير أجندتها السابقة 15 إبريل 2023م، و هذه تصبح معضلة. و على قيادتها أن تطرح رؤيتها للحل للشعب. باعتبار أن الشعب ربما يكون له رأيا مؤيدا أو مخالفا. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: دولة جنوب السودان قحت المرکزی ترید أن
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟
بروفيسور حسن بشير محمد نور
من الصعب علي أي انسان عاقل مهما كان تقاؤله ان يري نهاية قريبة للمأساة الجارية في السودان، وامكانية وقف الحرب ووصول حكم رشيد يتمكن من تحقيق شروط اعادة الاعمار ومعالجة المشاكل المركبة العميقة التي خلفتها الحرب. جميع المؤشرات تدل علي ان الوضع الداخلي والخارجي والمواقف حول ما يجري في السودان لا تسير في اتجاه ايجاد حل ناجع وسريع لمثل هذه المشكلة، التي هي اكثر تعقيدا مما حدث في العديد من دول الاقليم التي لم تجد الحل حتي الان رغم مضي عقود علي حدوثها.
بالرغم من كل ذلك لابد من تسليط الضؤ علي المشاكل التي يعاني منها السودان والتي تشكل تحديا مستقبليا لانسانه ومنها مشكلة البطالة التي تعتبر أزمة قومية مستعصية حتي فبل الحرب.
تعتبر هذه الأزمة معقدة ولا يمكن معالجتها بجهود داخلية فحسب، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها السودان نتيجة الحرب. يمكن للمجتمع الدولي وأصدقاء السودان من الدول المانحة والمنظمات غير الحكومية تقديم مساهمات فعالة للتخفيف من حدة البطالة، في حالة وصول حكومة تجد القبول الداخلي والخارجي الذي يضمن الاستقرار المناسب، الذي يمكن من تنفيذ برنامج انتقالي لتجاوز اثار وتداعيات الحرب المدمرة، كما ان هذا يعتمد ايضا علي (متي سيحدث ذلك؟). عندها يمكن معالجة تلك المشكلة من خلال برنامج يشتمل علي:
1. دعم الاستقرار السياسي والأمني: قبل كل شيء لابد من تكثيف الجهود الوطنية والدولية والعمل علي استقطاب المساعدة في الوصول إلى حلول سلمية للنزاع، حيث إن الاستقرار يعتبر شرطًا أساسيًا لإعادة الاعمار ومن ثم تدوير عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات.
2. يأتي بعد ذلك تقديم برامج تدريب وتأهيل للخريجين والمهنيين: من خلال التعاون مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات السودانية، ويمكن للمجتمع الدولي دعم برامج تدريب وتطوير المهارات. توفر هذه البرامج فرص تدريبية على تقنيات حديثة ومجالات مطلوبة عالميًا مما يرفع القدرات الفردية والمؤسسية ويعزز فرص العمل محلياً وخارجياً.
3. يمكن الاستقرار من استقطاب الاستثمار الأجنبي، الذي لا غناء عنه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المهمة لما بعد الحرب. يمكن لأصدقاء السودان والمنظمات الدولية تقديم الدعم المالي والتقني للمؤسسات العامة ولرجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تسهيلات تمويلية ومنح، ما يساعد في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
4. إعادة تأهيل البنية التحتية: تحتاج هذه المهمة لتوظيف رؤوس اموال وقدرات بشرية ومادية وتقنية هائلة لا تتوفر للسودان في مرحلة اعادة الاعمار. بالضرورة لابد من دعم جهود إعادة بناء البنية التحتية الأساسية كالكهرباء، والمياه، والطرق والجسور وتأهيل المواني البحرية والبرية والمطارات، والخدمات الاجتماعية، مما يساهم في تحسين بيئة العمل، ويتيح للمؤسسات القائمة فرصًا أكبر للعودة للعمل أو توسيع نشاطها مجددًا.
5. مساعدة الشركات المتضررة: من خلال تقديم الدعم المالي والفني للشركات المتضررة أو التي اضطرت للتوقف عن العمل بسبب الحرب، يمكن أن يتم عبر آليات الإقراض الميسر والمساعدات المباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العصب الأساسي لتشغيل العمالة.
6. إطلاق برامج للريادة الاجتماعية: يمكن لمنظمات المجتمع المدني ودول ومنظمات الدعم أن تشجع وتدعم الشباب ورواد الأعمال الجدد لتطوير مشاريع مبتكرة تهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية واقتصادية، وتتيح الفرصة لهم لتوظيف قدراتهم وحل مشاكل المجتمع من خلال مشاريع مدرة للدخل.
7. بالضرورة بالطبع رفع قدرات المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الاقراض التي لا غناء عنها للنشاط الاقتصادي الداعم للعمالة.
هذه خطوط عريضة يمكن ان تطور لبرامج خاصة بالجهات المسؤولة عن اعادة الاعمار وتأهيل البنيات التحتية والمختصة بالعمل، في حالة نجحت الجهود في ايقاف الحرب وتحقيق الاستقرار المطلوب ووضع اساس لحكم رشيد.
إن أزمة البطالة في السودان بعد الحرب ستكون علي درجة كبيرة من الحدة والتعقيد، مما يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية للتخفيف من حدتها، خاصة مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي ستواجه البلاد خلال فترة اعادة الاعمار. لا يمكن للاقتصاد السوداني أن يتعافى دون استقرار سياسي وأمني، بالإضافة إلى الدعم المالي والفني من أصدقاء السودان والمنظمات الدولية بما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية للبلاد. كما أن الاستثمار في الشباب وتدريب الخريجين الجدد على المهارات المطلوبة في سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة المستعصية ويفتح أفقًا أفضل للتنمية المستدامة في سودان ما بعد الحرب.
mnhassanb8@gmail.com