لجريدة عمان:
2024-12-23@05:39:09 GMT

نوافذ :«دس السم...».. محنة دائمة

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

[email protected]

ينتصر جميعنا للكلمة التي نحسبها آمنة، وصادقة، نطمئن إليها باطمئناننا إلى أمانة قائلها، ولا تحتمل أن تتلوى بين دهاليز النفس الأمارة بالسوء، ومع أن ذلك نحتاج إلى معادلة معيارية، نعيش حقيقتها على واقع التعاملات اليومية التي تجمعنا بالآخرين، وإلا كيف يمكننا الاطمئنان إلى كثير من هذا الحجم من الكلمات واللغو الذي يحوم على رؤوسنا من كل حدب وصوب، فأيهما نُصوِّب نحو الاطمئنان، وأيهما نُصنّف نحو الخيانة والبهتان، أليس في ذلك محنة؟ لا تزال الكملة «سهم» مصوب إلى مقتول لا محالة، إن هي خرجت عن سياقها الطبيعي، وحدة هذا السهم بما يختلج في نفس قائلها، فإن صدق في مقولته حلت الكلمة رخاء سخاء على متلقيها، وإن جاوز الصدق الخفي، واستبدله بالصدق المغالط في حقيقته؛ فإن الكملة ذاتها سوف تعبر عن حقيقتها عندما تحل على الطرف الآخر، سهم قاتل يتجرعه في ضعف، ويقلق راحته في استسلام لضعف المواجهة.

وبقدر هذه المحنة التي تعيشها الكلمة مع حاملها، إلا أنه حتى مفارقات الأفعال والسلوكيات قائمة في كثير من ممارساتها على نفس الشاكلة التي تعيشها الكلمة، حيث تفرز مجموعة التفاعلات القائمة بين الأفراد في المجتمع كثيرا من السلوكيات المناقضة لما قد يبديه الفرد من مودة ظاهرية في مواقف معينة، فإذا بسلوكيات أخرى، قد تشهدها بنفسك، وقد تأتيك أخبارها من هنا أو هناك، تمثل لك صدمة قاسية، وتقلب قناعاتك عن فرد ما، رأسا على عقب، وتود أن لو لم تعرف عنه شيئا، أو لا تعرفه على الإطلاق، وبالتالي فمجموعة الممارسات التي يقوم بها الأفراد، سواء التي بالكلمة، أو بالفعل تعيش محنتها الخانقة للعلاقات، والمؤزمة للتواصل مع الآخر، وعلى الرغم من التجربة الإنسانية في تقاربها، وتباعدها مع الآخر، لم تستطع أن تصل إلى نقطة فاصلة لإقامة علاقة آمنة وسليمة، تخلو من المنغصات، ومن المثالب، ومن التناقضات بين مختلف الأطراف، فهل هو قدر تعيشه الإنسانية؛ حيث لا مفر من القدر؟ السؤال الآخر أيضا: متى نستطيع أن نهزم مجمل المنغصات التي نعيشها مع أنفسنا، ومع الآخر من حولنا؟ لأنه كلما حققنا شيئا من الإنجاز في اتجاه التصالح سواء مع الذات أو مع الآخر، فإذا بنتوءة تظهر؛ فتعيدنا إلى مربعنا الأول من جديد، وكأن هذا هو قدرنا، قد ينظر البعض إلى تعاليم الدين، وإلى القيم الإنسانية التي ينادي بها البعض على أن لها دورا في الحد من العودة إلى مربعنا الأول في كل مرة، ولكن الواقع يشير إلى أن حتى هذه المعززات للسلوك ليس لها تأثير مباشر على ترجيح السلوك الإيجابي، وتنحية السلوك السلبي، وإنما المسألة متوقفة على مستوى القناعات التي يؤمن بها الفرد، من ناحية، وعلى مستوى «العَرَضْ» أي الشيء المقبوض من ناحية ثانية، وحتى هذه الأخيرة مرتهن على تأثيرها لفترة محددة فقط، ولا يمكن أن تبقى على طول خط سير الرحلة الإنسانية؛ حتى يمكن الاطمئنان عليها، واعتبارها منهجا آمنا؛ لأنه متى ما انتهى «العَرَضْ» استنفرت النفس مرة أخرى.

وبالتالي لن يكون «دس السم في العسل» أمرا عارضا، أو فعلا غير متعمد أبدا، وإنما هو فعل يقوم على «مع سبق الإصرار والترصد» حيث تبيت نيته، والعزم على تنفيذه، وهذا ما يعكس الجانب الآخر «النقيض» للمعنى الإنساني الذي نحمله بين جوانحنا، ونفاخر به، ونقول في كثير من المواقف: «هذا ما إنسان»؛ لأنه أتى بفعل لا تستسيغه إنسانيتنا كما نعتقد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مع الآخر

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي عن البريكس: أي تعاون مع مصر فيه استفادة للطرف الآخر

تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، عن أسباب انضمام مصر لتجمع «بريكس».

وأوضح الرئيس السيسي، خلال حواره مع أبنائه طلبة أكاديمية الشرطة، أن «أي تجمع اقتصادي سواء كان البريكس أو الدول الثمانِ أو غيره من التجمعات فيه فرص لك ولغيرك».

وأكد الرئيس السيسي، أن الدول التي يتم التعاون معها ترغب في الاستفادة من مصر، كما ترغب مصر أيضا في المقابل أن تستفيد منها.

وتابع الرئيس السيسي: «إذا كانت الدولة والقائمين عليها يقظين، فستكون الاستفادة في أعلى مستوياتها».

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يوفد مندوبين للتعزية

الرئيس السيسي يناقش مع نظيره الإيراني جهود وقف إطلاق النار في غزة

نص كلمة الرئيس السيسي في القمة الـ 11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي

مقالات مشابهة

  • سعودي لديه إقامة دائمة.. تفاصيل جديدة حول هجوم سوق عيد الميلاد في ألمانيا
  • الرئيس السيسي عن البريكس: أي تعاون مع مصر فيه استفادة للطرف الآخر
  • أستون فيلا يضاعف «محنة» مانشستر سيتي!
  • السعودية حذرت منه .. تفاصيل جديدة عن منفذ حـادث الـدهس في ألمانيا
  • مصدر سعودي يكشف مفاجأة مدوية بشأن مرتكب حادث دهس ألمانيا
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب بإرسال بعثات دولية إلى غزة لمتابعة حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها شعبنا
  • الرئيس الروسي يلمح إلى إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة
  • أستاذ بـ «الاستشراق»: بوتين أكد إمكانية تطوير العلاقات مع السلطات السورية الجديدة
  • مَنْ يحرج الآخر بترشيح جوزيف عون؟
  • الصحافة..مهنة في محنة