لجريدة عمان:
2025-04-24@09:22:21 GMT

نوافذ :«دس السم...».. محنة دائمة

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

[email protected]

ينتصر جميعنا للكلمة التي نحسبها آمنة، وصادقة، نطمئن إليها باطمئناننا إلى أمانة قائلها، ولا تحتمل أن تتلوى بين دهاليز النفس الأمارة بالسوء، ومع أن ذلك نحتاج إلى معادلة معيارية، نعيش حقيقتها على واقع التعاملات اليومية التي تجمعنا بالآخرين، وإلا كيف يمكننا الاطمئنان إلى كثير من هذا الحجم من الكلمات واللغو الذي يحوم على رؤوسنا من كل حدب وصوب، فأيهما نُصوِّب نحو الاطمئنان، وأيهما نُصنّف نحو الخيانة والبهتان، أليس في ذلك محنة؟ لا تزال الكملة «سهم» مصوب إلى مقتول لا محالة، إن هي خرجت عن سياقها الطبيعي، وحدة هذا السهم بما يختلج في نفس قائلها، فإن صدق في مقولته حلت الكلمة رخاء سخاء على متلقيها، وإن جاوز الصدق الخفي، واستبدله بالصدق المغالط في حقيقته؛ فإن الكملة ذاتها سوف تعبر عن حقيقتها عندما تحل على الطرف الآخر، سهم قاتل يتجرعه في ضعف، ويقلق راحته في استسلام لضعف المواجهة.

وبقدر هذه المحنة التي تعيشها الكلمة مع حاملها، إلا أنه حتى مفارقات الأفعال والسلوكيات قائمة في كثير من ممارساتها على نفس الشاكلة التي تعيشها الكلمة، حيث تفرز مجموعة التفاعلات القائمة بين الأفراد في المجتمع كثيرا من السلوكيات المناقضة لما قد يبديه الفرد من مودة ظاهرية في مواقف معينة، فإذا بسلوكيات أخرى، قد تشهدها بنفسك، وقد تأتيك أخبارها من هنا أو هناك، تمثل لك صدمة قاسية، وتقلب قناعاتك عن فرد ما، رأسا على عقب، وتود أن لو لم تعرف عنه شيئا، أو لا تعرفه على الإطلاق، وبالتالي فمجموعة الممارسات التي يقوم بها الأفراد، سواء التي بالكلمة، أو بالفعل تعيش محنتها الخانقة للعلاقات، والمؤزمة للتواصل مع الآخر، وعلى الرغم من التجربة الإنسانية في تقاربها، وتباعدها مع الآخر، لم تستطع أن تصل إلى نقطة فاصلة لإقامة علاقة آمنة وسليمة، تخلو من المنغصات، ومن المثالب، ومن التناقضات بين مختلف الأطراف، فهل هو قدر تعيشه الإنسانية؛ حيث لا مفر من القدر؟ السؤال الآخر أيضا: متى نستطيع أن نهزم مجمل المنغصات التي نعيشها مع أنفسنا، ومع الآخر من حولنا؟ لأنه كلما حققنا شيئا من الإنجاز في اتجاه التصالح سواء مع الذات أو مع الآخر، فإذا بنتوءة تظهر؛ فتعيدنا إلى مربعنا الأول من جديد، وكأن هذا هو قدرنا، قد ينظر البعض إلى تعاليم الدين، وإلى القيم الإنسانية التي ينادي بها البعض على أن لها دورا في الحد من العودة إلى مربعنا الأول في كل مرة، ولكن الواقع يشير إلى أن حتى هذه المعززات للسلوك ليس لها تأثير مباشر على ترجيح السلوك الإيجابي، وتنحية السلوك السلبي، وإنما المسألة متوقفة على مستوى القناعات التي يؤمن بها الفرد، من ناحية، وعلى مستوى «العَرَضْ» أي الشيء المقبوض من ناحية ثانية، وحتى هذه الأخيرة مرتهن على تأثيرها لفترة محددة فقط، ولا يمكن أن تبقى على طول خط سير الرحلة الإنسانية؛ حتى يمكن الاطمئنان عليها، واعتبارها منهجا آمنا؛ لأنه متى ما انتهى «العَرَضْ» استنفرت النفس مرة أخرى.

وبالتالي لن يكون «دس السم في العسل» أمرا عارضا، أو فعلا غير متعمد أبدا، وإنما هو فعل يقوم على «مع سبق الإصرار والترصد» حيث تبيت نيته، والعزم على تنفيذه، وهذا ما يعكس الجانب الآخر «النقيض» للمعنى الإنساني الذي نحمله بين جوانحنا، ونفاخر به، ونقول في كثير من المواقف: «هذا ما إنسان»؛ لأنه أتى بفعل لا تستسيغه إنسانيتنا كما نعتقد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مع الآخر

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تشدد على استقلالية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة

شددت الأمم المتحدة على ضرورة استقلالية توزيع المساعدات الإنسانية التي تقدمها في قطاع غزة، الذي يتعرض لحصار شديد وحرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال الإسرائيلي.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن "العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في غزة أو في أي مكان آخر في العالم لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال".

وأضاف في رده على سؤال حول تقارير بشأن تصريحات وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس في "الكابينت" بأن المساعدات في غزة سيوزعها الجيش الإسرائيلي أو شركات أمريكية، أنه اطلع على كثير من "المعلومات المسربة" حول اجتماع مجلس الوزراء، لكن ليس لديه وسيلة للتحقق منها.


وشدد دوجاريك على أن إمدادات الغذاء "منخفضة بصورة خطيرة" في جميع أنحاء غزة، لافتا إلى أن حالات سوء التغذية تتزايد بسرعة، حسب وكالة الأناضول.

ولفت المتحدث الأممي إلى أن الظروف المعيشية في جميع أنحاء غزة "مروعة"، قائلا إن 75 بالمئة من السكان معرضون لمياه الصرف الصحي والنفايات المفتوحة، ما يسبب مشاكل صحية شديدة الخطورة.

كما دعا الدول الأعضاء ذات النفوذ إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مرة أخرى وتوزيعها على المحتاجين.


وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.

وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية على أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
  • الأمم المتحدة تشدد على استقلالية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • تمساح يقرع جرس باب منزل في فلوريدا
  • الحكومة تنهي محنة الطلبة المغاربة في الجامعات الفرنسية وتقر المعادلة التلقائية للشواهد
  • بحضور الرئيس بارزاني.. إقامة اليوم الوطني للصلاة في كوردستان
  • تفاقم الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر السودانية
  • جاب من الآخر.. إعلامي لبناني يوضح حقيقة الفيديو المنتشر للنجمة نادين نسيب نجيم
  • ما التحديّات التي تنتظر البابا الجديد؟
  • من الأزمات الإنسانية إلى الملفات الحساسة في الفاتيكان: قراءة في مسيرة البابا فرنسيس