في العلاقة بين الثورات المضادة ومشروع التطبيع
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
رغم أن المقايسة بين سورة "التوبة" و"طوفان الأقصى" قد تبدو ضربا من الإسقاط التاريخي، فإن "الطوفان" قد كشف لعموم الناس وجود براديغمات (نماذج تفسيرية) أو خرائط ذهنية كبرى تتحكم في حركة التاريخ وفي العلاقة بين أطرف الصراع فيه. وهو ما يغري بالمقايسة، بل يعطيها شرعية يصعب الطعن فيها، خاصةً عند أصحاب المرجعية الإسلامية التي استعادت الكثير من ألَقِها بحكم خلفية مكونات المقاومة العابرة للطائفية (حماس، الجهاد الإسلامي، حزب الله، الحوثي).
فإذا كان من أسماء "التوبة" أنها "المُخزية" و"الفاضحة" و"المُنكّلة" و"المُبعثرة"، فإن تلك الأسماء تنطبق على "طوفان الأقصى" وكأنها قد تنزّلت فيه. فإذا كان الطوفان -برمزيته القرآنية المعروفة- هو لحظة بدء جديد للتاريخ الإنساني في السردية الدينية، فإن عملية "طوفان الأقصى" قد جاءت تطرح نفسها لحظةَ استئناف لمشروع التحرر من الاستعمار اليهو- مسيحي في شكله "الإحلالي"، أي لحظةَ قطيعة بين زمنيين: زمن التطبيع والتذلل واتفاقيات السلام الخزية، وزمن المقاومة والعزة ومشروع استعادة الأرض بالقوة التي لا تنفصل عن مدد السماء (أي عن العقيدة).
ما يعنينا هنا هو البحث في علاقة بين مشروع "الثورات المضادة" ومشروع "التطبيع" باعتبارهما مشروعا واحدا لا ينفصل عن خدمة الإمبريالية في طورها المتصهين
بحكم الرهانات غير المسبوقة التي وضعت فيها "طوفان الأقصى" الكيانَ الصهيوني، كان من الطبيعي أن تُمثّل لحظة فرز أو مفاصلة جذرية بين جملة من الخطابات الرسمية وغير الرسمية التي كادت تتماثل فيما سبق. فإذا كان ابن خلدون قد قال إن "الناس في السكينة سواء، فإذا جاءت المحن تباينوا"، فإن طوفان الأقصى قد جعلت "المتصهينين" الذين برروا التطبيع بمصلحة الفلسطينيين واشترطوه "نظريا" بحل الدولتين يخرجون من سكينتهم الموهومة (بحكم إيمانهم بالتفوق الصهيوني)، وجعلتهم يعيشون حرجا كبيرا أمام عموم العرب والمسلمين وغيرهم.
فـ"المحنة" الآن لم تعد محنة الفلسطينيين الذين لا يأبهون بهم إلا في بياناتهم الكاذبة، بل انتقلت المحنة إلى الصهاينة ورعاتهم في الغرب الصهيو-مسيحي. وهو ما أسقط "منطقة الأمان" (تأييد خطابي لحل الدولتين وقبول واقعي بـ"الدولة اليهودية" وبصفقة القرن)، تلك المنطقة التي كانت تسمح بتوظيف المفاهيم "الضبابية" التي لا قيمة لها خارج وظيفتها النحوية (مثل الشرعية الدولية وحل الدولتين والأرض مقابل السلام وغيرها) لتثبيت الأمر الواقع والدفع به إلى نهاياته الكارثية: تهجير الفلسطينيين والتعامل مع الكيان الصهيوني باعتباره كما قال كبيرُ سلطة التنسيق الأمني الفلسطينية؛ كيانا وُجد ليبقى.
ليس يعنينا في هذا المقال أن نتتبع مواقف الأنظمة العربية من طوفان الأقصى، فهي مواقف معروفة ولا يمكن لأي شخص منصف أن يخطئ في توصيفها؛ من جهة علاقتها بطوفان الأقصى أو بخيار التطبيع الذي هدّد الطوفان بنسفه وبإسقاط سرديته، وبالتالي تهديد شرعية الأنظمة التي تروّج له. فما يعنينا هنا هو البحث في علاقة بين مشروع "الثورات المضادة" ومشروع "التطبيع" باعتبارهما مشروعا واحدا لا ينفصل عن خدمة الإمبريالية في طورها المتصهين.
فنحن -استئنافا للينين- لا ننكر أن "الإمبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية"، ولكننا نعتبر أن الإمبريالية ليست مرحلة واحدة، بل هي على الأقل -أي إلى حدود زمننا هذا- لحظتان؛ فالإمبريالية قد وصلت من بعد لينين إلى مرحلتها الصهيونية بنواتها اليهو-مسيحية وبأذيالها من العرب والمسلمين وغيرهم. وهي مرحلة كانت تدخل في إطار "ما يستحيل التفكير فيه" زمن لينين، أي قبل الحرب العالمية الثانية وظهور سردية "الهولوكست" وتأسيس الكيان وهيمنة اللوبيات الصهيونية على العالم -ماليا وفكريا وإعلاميا- وتصهين أغلب الأنظمة العربية كما هو واقع الآن.
مهما كان موقفنا من مسارات الثورات العربية ومآلاتها الكارثية (انقلابات عسكرية- مصر، أو ناعمة- المغرب وتونس، حروب داخلية- سوريا، اليمن، ليبيا)، فإن المؤكد هو أن محورا إقليميا معروفا (بقيادة السعودية والإمارات) قد لعب دورا مركزيا في إفشال تجارب الانتقال الديمقراطي وإفساد أي مشروع وطني للتحرر من الاستعمار الداخلي (استعمار المؤسسات العسكرية أو اللوبيات الطائفية أو الجهوية أو الأيديولوجية الملحقة وظيفيا بالغرب)، باعتبار ذلك الاستعمار هو الوكيل المحلي للاستعمار الخارجي في مرحلته غير المباشرة
قبل طوفان الأقصى حصل طوفان آخر سمّاه الناس بـ"الثورات العربية" أو "الربيع العربي"، وهو طوفان هزّ عروش وسرديات ورموز ومنظومات استعمار داخلي ذات شرعيات/ مشروعيات زائفة. ومهما كان موقفنا من مسارات الثورات العربية ومآلاتها الكارثية (انقلابات عسكرية- مصر، أو ناعمة- المغرب وتونس، حروب داخلية- سوريا، اليمن، ليبيا)، فإن المؤكد هو أن محورا إقليميا معروفا (بقيادة السعودية والإمارات) قد لعب دورا مركزيا في إفشال تجارب الانتقال الديمقراطي وإفساد أي مشروع وطني للتحرر من الاستعمار الداخلي (استعمار المؤسسات العسكرية أو اللوبيات الطائفية أو الجهوية أو الأيديولوجية الملحقة وظيفيا بالغرب)، باعتبار ذلك الاستعمار هو الوكيل المحلي للاستعمار الخارجي في مرحلته غير المباشرة.
فمن الصعب -إن لم يكن من المحال- إنكار دور محور الثورات المضادة في تمويل المشاريع الانقلابية وفي إفساد الثورات بالوقوف وراء المجاميع الإرهابية في شكليها المسلّح العنيف (التنظيمات التكفيرية)؛ وفي شكلها المدني المروج للعنف الرمزي ولخطابات البغضاء والحث على التقاتل بين الأهالي (الأحزاب الانقلابية وأذرعها الإعلامية والمدنية والنقابية وغيرها).
لقد حرص محور الثورات المضادة على إظهار تدخلاته في الشؤون الداخلية لدول الثورات العربية باعتبارها نصرة للديمقراطية ودفاعا عن "النمط المجتمعي" المهدد من لدن "الظلاميين" و"المتطرفين" و"الإرهابيين"، بمن فيهم أولئك الإسلاميين (خاصة الإخوان) رغم قبول هؤلاء (في مصر وتونس والمغرب مثلا) بالاحتكام للإرادة الشعبية وانتقالهم من منطق البديل المطلق إلى منطق الشريك للنخب العلمانية.
لقد كان "الإخوان" هم العدو المشترك بين محور الثورات المضادة (وهو نفسه محور التطبيع)؛ وبين النخب الوظيفية من أصحاب "القضايا الصغرى" (الامتيازات المادية والوجاهة الاجتماعية) المتدثرة بمفاهيم "القضايا الكبرى" (مقاومة الصهيونية، التحرير الوطني، العدالة الاجتماعية، التحديث، حقوق الانسان الفردية والجماعية.. الخ). ولكنّ الإخوان لم يكونوا فقط أعداء السعودية الوهابية (بحكم تهديد الإخوان للسردية الوهابية القائلة بـ"الاستثناء الإسلامي"، أي باستحالة التوفيق بين الإسلام والديمقراطية)، ولا أعداء الإمارات فحسب (وهي الرافضة لأي ديمقراطية قد تفسد صفقاتها الاقتصادية المشبوهة مع الأنظمة الاستبدادية)، ولا أعداء النخب العربية الوظيفية دون غيرها (وهي النخب المهددة في مصالحها وامتيازاتها المرتبطة بالأنظمة الفاسدة)، بل كان الإخوان هم العدو الوجودي لطرف أهم منهم جميعا في المستوى الإقليمي والدولي: الكيان الصهيوني.
عندما دافع أغلب "الديمقراطيين العرب" (بمختلف مرجعياتهم الأيديولوجية اليسارية والقومية والليبرالية) عن الانقلاب العسكري المصري، وعندما دمّروا تجربة التعايش السلمي بين الإسلاميين والعلمانيين وباركوا تصنيف الإخوان حركة إرهابية في مصر ونادى بعضهم بتعميم ذلك التصنيف عربيا، فإنهم -بقصد أو دون قصد- كانوا يُقدّمون خدمة عظيمة للكيان ورعاته الغربيين.
فتدمير المسار الديمقراطي لم يكن يعني واقعيا إلا عودة المنظومات القديمة للحكم وإن بوجوه وشرعيات مستأنفة، ولم يكن يعني كذلك إلا انتصار منطق التطبيع. فمنظومات الاستعمار الداخلي لا تمتلك خيارا غيره بحكم هشاشة شرعيتها وخواء إنجازاتها، ولكنّ العقل السياسي للنخب "الديمقراطية" لم يكن معنيا بالتفكير في هذه الوقائع، فكل ما يعنيه هو التخلص من غريم سياسي بصرف النظر عن كلفة ذلك محليا وإقليميا. كما لم يكن ذلك العقل معنيا بالتساؤل عن الرهانات الحقيقية لمحور الثورات المضادة، رغم معرفته بعلاقاته الاستراتيجية بالكيان الصهيوني.
تدمير المسار الديمقراطي لم يكن يعني واقعيا إلا عودة المنظومات القديمة للحكم وإن بوجوه وشرعيات مستأنفة، ولم يكن يعني كذلك إلا انتصار منطق التطبيع. فمنظومات الاستعمار الداخلي لا تمتلك خيارا غيره بحكم هشاشة شرعيتها وخواء إنجازاتها
إن غلبة منطق التناقض الرئيس (مع الإسلاميين، خاصة الإخوان المسلمين) والتناقض الثانوي (مع الأنظمة البرجوازية اللا وطنية)، مسنودا بمنطق الاستئصال الصلب (تحويل الإسلاميين إلى ملف أمني- قضائي) أو الاستئصال الناعم (تهميش الإسلاميين والدفع بهم خارج دوائر اتخاذ القرار أو فرض هوة بين التمثيل الشعبي والتمثيل في السلطة)، كل ذلك يجعل من "الديمقراطيين العرب" حلفاء موضوعيين للمشروع الصهيوني وقاطرته في محور التطبيع العربي. فما قام به محور الثورات المضادة لم يكن في جوهره دفاعا عن الديمقراطية ولا عن حقوق الانسان ولا عن المرأة ولا عن أي "صنم" من أصنام الحداثة المزعومة، بل كان دفاعا عن "الإنسان الأعلى" في زمن الإمبريالية المتصهينة، وتمهيدا لفرض التطبيع على جميع الأنظمة العربية.
لقد جاءت "طوفان الأقصى" لتثبت لكل ذي بصر وبصيرة أن "الإنسان" الأوحد الذي يعني محور الثورات المضادة (محور التطبيع) هو الإنسان الصهيوني أو المتصهين (نظام التنسيق الأمني الفلسطيني)، أما الإنسان "المقاوم" فهو "حيوان بشري" (كما قال وزير دفاع الكيان) سواء أكان في فلسطين أو في غيرها.
فهل يعتبر "الديمقراطي" العربي نفسه كائنا مقاوما؟ وإذا كان يتمثل نفسه على تلك الشاكلة، فكيف يمكن أن يفسّر عجزه إلى لحظة كتابة هذا المقال عن القيام بأية مراجعات أو نقد جذري لجهازه المفهومي ولعلاقته بمحور الثورات المضادة؛ حتى بعد أن تبين له أنه محور "متصهين" من جهة الرهانات والغايات القصوى، وبعد أن تبين له أن التعامد الوظيفي بينه وبين محور الثورات المضادة لم يكن لفائدة المشروع الديمقراطي ولا لمصلحة الإنسان العربي، بل لمصلحة اليهودي ومشروعه "الإحلالي" في المرحلة الصهيونية من الإمبريالية؟
twitter.com/adel_arabi21
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصهيونية الربيع العربي الاستبدادية الديمقراطية الربيع العربي الديمقراطية الصهيونية الاستبداد طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
انطلاق أعمال المؤتمر العلمي الأول للجامعات اليمنية طوفان الأقصى في صنعاء
وفي افتتاح المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة محلية ودولية واسعة، أكد عضو السياسي الأعلى النعيمي أهمية هذا المؤتمر في تسليط الضوء على التداعيات والنتائج التي أحدثتها معركة "طوفان الأقصى" ودورها في تصحيح الوعي الجمعي والمفاهيم التي كانت متجمدة ومتحجرة على كل المستويات الرسمية والشعبية.
وأشار إلى أن طوفان الأقصى جاء ليوحد المفاهيم حول قضية الأمة والإنسانية والالتفاف حولها، وإبراز الدور اليمني المشرف في إسناد الشعب الفلسطيني والمحافظة على حالة التعبئة العامة للالتحاق بدورات "طوفان الأقصى" في مختلف مؤسسات الدولة.
ولفت إلى النجاحات التي حققها طوفان الأقصى على المستوى الإنساني والقرار الذاتي والجمعي للشعوب والأمم.. داعيا المشاركين لدراسة كل التداعيات والنتائج والتحديات على كل المستويات والخروج بحلول ومقترحات لتلك التحديات.
وقال عضو السياسي الأعلى " إننا بحاجة إلى طوفان في التعليم في اليمن ووضع معايير لمخرجاته وفقا لمتطلبات السوق".. حاثا الجامعات الحكومية والأهلية على التعاون والشراكة مع وزارة التربية والتعليم لوضع المعايير الكفيلة بإحداث نهضة علمية في شتى المجالات.
من جانبه أكد رئيس مجلس الوزراء أن هذا المؤتمر الذي تنظمه ست جامعات يمنية، هو عمل نوعي كبير يجسد مدى ارتباط اليمني بقضيته المركزية "فلسطين" وبمسار معركة "طوفان الأقصى" وإبرازها.. موضحا أن هذا الطوفان كان زلزالاً عنيفا ومريعا على العدو الصهيوني وانتصاراً بارزا للشعب الفلسطيني وأحرار الأمة، وفشلا وإخفاقا استخباراتيا وأمنيا ذريعا للعدو.
ونوه بأهمية وأبعاد المؤتمر الذي يعد بمثابة تجديد لموقف اليمنيين وفي مقدمتهم السيد القائد من معركة "طوفان الأقصى" والقضية الفلسطينية عموما.. مبينا أن موقف اليمن الديني والأخلاقي والإنساني هو موقف مبدئي عبر عنه قائد الثورة في أكثر من خطاب بما في ذلك خطابه يوم الخميس الماضي الذي أكد فيه استعداد اليمن قيادة وحكومة وشعبا مواصلة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومساندته، وكذا التصعيد مجددا في حال قرر العدو الصهيوني معاودة عدوانه على قطاع غزة.
وقال "أظهرت مشاهد عودة النازحين من أبناء غزة إلى مناطقهم في الشمال سيرا على الأقدام مدى ارتباط الإنسان الفلسطيني المتأصل بأرضه وعدم استعداداه التخلي عنها مهما كانت التضحيات".
وأضاف "الفلسطيني عاد إلى بيته المهدوم ومناطقه المدمرة طواعية لأن كل ذرة فيه مرتبطة بترابه وبكل شيء فيه، في الوقت الذي يرفض المستوطنون الصهاينة العودة إلى المستوطنات في دلالة على عدم ارتباطهم بالأرض لأنهم يدركون أنها ليست أرضهم، وأن تواجدهم فيها مؤقت".
وجدد الرهوي التضامن الكامل مع الشعب اللبناني الشقيق في ظل استمرار العدو الإسرائيلي بشن غاراته الاجرامية ضد القرى والبلدات في الجنوب اللبناني.
وأثنى في سياق كلمته على بيان مؤتمر الاتحاد الأفريقي الصادر يوم أمس وما تضمنه من إدانة شديدة اللهجة للعدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وطالبهم بموصلة الوقوف إلى جانب الحق وضد الظلم والطغيان.
ووصف هذا الموقف بالإيجابي الذي يحسب للشعوب الأفريقية وقياداتها إلى جانب الموقف الذي بادرت به جنوب أفريقيا برفع دعوى في محكمة الجنايات الدولية ضد مجرمي الحرب الصهاينة، وإدانتهم بارتكاب جريمة إبادة وإقامة نظام فصل عنصري في فلسطين.
وعبر رئيس مجلس الوزراء عن الثقة بتحقيق المؤتمر الذي يشارك فيه كوكبة من الأكاديميين والباحثين وشخصيات وازنة على مستوى العالم، الأهداف التي أقيم من أجلها وفي المقدمة رفع الوعي في أوساط شعوبنا بالوقوف إلى جانب القضايا العادلة المحقة في أي مكان في العالم وإلى جانب المستضعفين والمضطهدين من الإمبريالية الأمريكية الصهيونية العالمية وطغيانها الكبير.. متمنيا للمؤتمر النجاح والخروج بنتائج مثمرة تخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ونضاله التحرري من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فيما أكد النائب الأول لرئيس الوزراء – رئيس اللجنة العليا لنصرة الأقصى العلامة محمد مفتاح، أن صنعاء المجد والبطولة حاضرة الإسلام وقلعة العروبة، مثلت السند الأكبر للشعب الفلسطيني والرديف الأقوى لمعركة "طوفان الأقصى" التي حولت البحار إلى طوفان ملتهب في وجه الغطرسة الأمريكية والصهيونية وفرضت حصارا مطبقا على الملاحة الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وسددت ضربات قاصمة للغطرسة الأمريكية وكبرياء المجرمين الذين أرادوا إذلال شعوب العالم والأمة العربية والإسلامية.
وأكد أن عاصمة القرار العربي صنعاء تشهد اليوم استضافة المؤتمر العلمي الأول للجامعات اليمنية والعربية والإسلامية حول أهم وأقدس معركة للأمة.. داعيا الجامعات العربية والإسلامية إلى عقد مؤتمرات علمية حول بطولة الشعب الفلسطيني وملحمة "طوفان الأقصى" الأسطورية التي غيرت معادلات كبيرة ثقافية واجتماعية وسياسية سيكون لها أثر كبير في مستقبل وتاريخ البشرية.
وأشار العلامة مفتاح إلى أن مشهد الدمار الذي لحق بغزة ولبنان ويستهدف اليوم الضفة الغربية سينبثق منه نور الحرية والكرامة لاقتلاع رجس تيار الإفساد والانحلال العالمي الذي تقوده أمريكا والصهيونية العالمية.
ولفت إلى أنه في الوقت الذي تستضيف العاصمة صنعاء هذا المؤتمر تستقبل الإمارات السفير الصهيوني الجديد بكل حفاوة، وكأنه إنجاز كبير وليس سفيرا لمجرمين قتلة مدانين من قبل المحاكم الدولية ومطلوبين للعدالة في العالم الحر.
ونوه بدور القيادة الحكيمة ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي التي شرف الله بها اليمن لاتخاذ الموقف الشجاع لنصرة الشعب الفلسطيني والمشاركة جنباً إلى جنب في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس" لمواجهة طغاة الأرض.. معتبراً انعقاد هذا المؤتمر مقدمة للمؤتمر العالمي الثالث "فلسطين قضية الأمة المركزية" الذي ستقيمه حكومة التغيير والبناء نهاية شهر رمضان بالتزامن مع يوم القدس العالمي.
وأكد النائب الأول لرئيس الوزراء، أن المؤتمر سيشهد مشاركات من مختلف بلدان العالم لمناصرة الشعب الفلسطيني والبحث عن سبل تقديم الدعم له.. داعيا كافة المقتدرين في العالم العربي والإسلامي إلى المساهمة الفاعلة في إغاثة غزة، ووضع التصورات لإعادة إعمارها، وعدم تركها لمن يريد ابتزاز الشعب الفلسطيني والمتاجرة بأوجاعه وآلامه ومعاناته.
وحث المشاركين على جعل موضوع المساهمة الفاعلة في إغاثة غزة وإعادة الإعمار ضمن أوراقهم البحثية والخروج بتوصيات ومقترحات بهذا الشأن، وكذا اعتماد قصيدة الشاعر عبد السلام المتميز ضمن أوراق المؤتمر كونها حملت عمقا ثقافيا وفكريا في منتهى الدقة والأبعاد والدلالات.
ونوه العلامة مفتاح بجهود كافة العاملين واللجان الإشرافية والعلمية والتحضيرية على الإعداد الجيد والعمل بتفان لإنجاح هذا المؤتمر النوعي.
وفي المؤتمر الذي حضره، نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الفريق الركن جلال الرويشان، أشار وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي إلى دلالات وأبعاد هذا المؤتمر وما أحدثه الطوفان من تأثير في الوعي العالمي وإيصال صوت المظلوم إلى العالم، وكذا دوره في تغيير المفاهيم والقناعات وأنماط التفكير التي سادت في الفترة الماضية حول قضية فلسطين وقضايا الأمة.
وأكد أن قضية فلسطين أعادت الأمة إلى الوعي بدينها وقرآنها وإنسانيتها وعزتها وكل ما ينبغي أن تكون عليه كما أراد الله لها.. مؤكداً أن التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني أثمرت عزاً ونصراً وقوة واستطاعت الوصول إلى وعي الناس الذي تراكمت فيه الاشكالات والتداعيات الناتجة عن تحكم الغرب وسطوته وثقافته مقابل تراجع العرب والمسلمين عن قيمهم ودينهم وإسلامهم وقرآنهم وعزتهم.
وأشاد وزير التربية بكل القائمين على المؤتمر والأهداف التي حملها والمحاور التي تضمنها وكذا المشاركة الفاعلة من قيادات الدولة ورؤساء الجامعات اليمنية والنخب الأكاديمية بما يسهم في توظيف البحث العلمي والإنتاج الأكاديمي لما يخدم القضية المركزية للأمة.
وفي المؤتمر الذي حضره وزراء الخدمة المدنية والتطوير الإداري الدكتور خالد الحوالي، والنفط والمعادن الدكتور عبدالله الأمير، والشباب والرياضة الدكتور محمد المولد، والنقل والأشغال العامة محمد قحيم، وأمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري، ونائبا وزيري التربية والتعليم الدكتور حاتم الدعيس، والإعلام الدكتور عمر البخيتي، أكد رئيس اللجنة الإشرافية – رئيس المؤتمر الدكتور عبدالله الشامي أن انعقاد المؤتمر يأتي استجابة للتحديات والمؤامرات الخطيرة التي تواجه الأمة.
وأشار إلى أن المؤتمر يقدم قراءة علمية شاملة لمعركة "طوفان الأقصى" التي تعد من أهم وأقدس معارك الأمة والتي دشنت زمن إذلال إسرائيل وكسر طغيان المستكبرين، وكشف زيف الخونة والمطبعين، ومثلت حدثاً استراتيجياً غير مسبوق وقفزة نوعية في الصراع مع العدو الإسرائيلي، وأسقطت نظريته الأمنية ووجهت البوصلة نحو القضية الفلسطينية، وكرست مشروع المقاومة ومواجهة الاحتلال والاستكبار.
ولفت الدكتور الشامي إلى أن المؤتمر يناقش أكثر من 130 دراسة علمية وورقة بحثية تتوزع على 14محوراً تشمل "القيادي، السياسي، التاريخي، الثقافي، الاجتماعي، الحقوقي والإنساني، الصحي، التعليمي، الاقتصادي، الإعلامي، والمحور العسكري" فضلاً عن تسليط الضوء على دور السيد القائد في معركة "طوفان الأقصى" وإبراز الدور اليمني في إسناد الشعب الفلسطيني والمحافظة على حال التعبئة العامة.
وذكر أن المؤتمر يسعى إلى استنهاض دور الجامعات في القضايا المصيرية للأمة وتعزيز الجهود الهادفة لإسناد وتوثيق معركة "طوفان الأقصى" ومناقشة أبعادها ونتائجها على واقع الأمة العربية والإسلامية.
فيما أشار رئيس الجامعة الإماراتية الدكتور ناصر الموفري في كلمة الجامعات المنظمة إلى أهمية المؤتمر الذي ينعقد في مرحلة مهمة من تاريخ الأمة وبعد صمود أسطوري للمجاهدين في غزة ولبنان وجميع جبهات الإسناد.. مؤكداً أن الشعب اليمني قدم منذ انطلاق الطوفان نموذجاً مشرفاً ومتفرداً في مساندة ونصرة الأشقاء في غزة انطلاقاً من الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
ولفت إلى أن الجامعات شاركت في جميع الأنشطة من مسيرات ومظاهرات ووقفات ودورات وندوات وورش وصولاً إلى تخريج الآلاف من دورات "طوفان الأقصى" والاستمرار في إقامة الأنشطة المساندة لفلسطين.. مؤكدا على أهمية دراسة أبعاد ودلالات وطبيعة الصراع مع اليهود والخروج برؤية ومقترحات عملية.
فيما استعرض نائب رئيس اللجنة الإشرافية الدكتور فؤاد حنش منهجية المؤتمر ومراحل الإعداد والمحاور وأهداف المؤتمر الذي تنظمه جامعات "العلوم والتكنولوجيا، الناصر، آزال للتنمية البشرية، تونتك الدولية، اليمنية، الإماراتية الدولية" لمناقشة مجموعة من الدراسات والأبحاث حول معركة "طوفان الأقصى".
وأكد أن أبحاث ومحاور المؤتمر تسعى إلى تحديد الفجوة بين الواقع القائم والحالة المأمولة والإسهام في ردم الفجوة بين تراث هذه الأمة وأعلامها ورموزا ومجتمعها وواقعها عبر عرض مجموعة من الأبحاث التي ستتناول طبيعة المعركة وأبعادها ومعطياتها والتأكيد على ضرورة الاستفادة منها في الواقع العملي والمعركة المقدسة مع قوى الاستكبار.
تخلل الافتتاح الذي حضره، عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى ورؤساء الجامعات، ومسؤول مكتب حماس بصنعاء عمر السباخي، قصيدة للشاعر عبد السلام المتميز عن أبعاد ودلالات "طوفان الأقصى"، وكذا عرض عن المؤتمر.
إلى ذلك بدأت أعمال المؤتمر بعقد أربع جلسات موازية، تناولت 20 بحثاً وورقة عمل علمية، حول أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في طوفان الأقصى، ويحيى السنوار - دراسة تحليلية لسماته الشخصية ودوره القيادي والجهادي وأثره على المقاومة والسياسة الفلسطينية، وجبهة حزب الله ودورها المتميز في الصراع مع العدو الصهيوني، ودور الشهيد القائد والسيد القائد في دعم وصمود المقاومة الفلسطينية، والمقاومة الإلكترونية ودور الهجمات السيبرانية في اختراق جهاز الشبكات للعدو في المعركة، والأدوار التاريخية للشعوب العربية في مواجهة العدو الصهيوني.